إسلام الغمري يكتب: سوريا في مواجهة التحديات: مسؤولية وطنية وإقليمية ودولية

profile
د إسلام الغمري سياسي مصري
  • clock 25 فبراير 2025, 4:18:48 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في خطابه أمام مؤتمر الحوار الوطني السوري اليوم، 25 فبراير 2025، أطلق الرئيس السوري أحمد الشرع صرخة قوية تعكس حجم المعاناة التي مرت بها سوريا، واصفًا إياها بأنها “تحملت أوجاعًا وآلامًا اقتصادية وسياسية واجتماعية”، لكنه أكد أن الثورة المباركة أعادتها إلى أهلها بعد أن نهشتها الضباع. هذا الخطاب لم يكن مجرد استعراض للماضي، بل رسم خارطة طريق لمواجهة تحديات داخلية وخارجية غير مسبوقة، أبرزها الاحتلال الإسرائيلي لأراضٍ سورية عقب سقوط نظام بشار الأسد، وتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي تؤكد استمرار هذا الاحتلال، إلى جانب العدوان الغاشم الذي استهدف مقدرات الجيش السوري، وهي ملك للشعب وليست رهينة لأي نظام.

 

التحديات أمام الرئيس الشرع

 

نجاح الرئيس أحمد الشرع في تخطي هذه العقبات يتطلب رؤية شاملة واستراتيجية متعددة الأبعاد. داخليًا، يواجه تحديات مثل:

- تعزيز السلم الأهلي وبناء مؤسسات الدولة في ظل تنوع المجتمع السوري.

-مواجهة النزعات الانفصالية في السويداء وشمال شرق سوريا.

-ملاحقة فلول النظام السابق واستكمال عملية تفكيك منظومة الاستبداد.

 

أما خارجيًا، فإن الاحتلال الإسرائيلي يشكل تهديدًا مباشرًا للسيادة السورية، لا سيما مع تدمير مقدرات الجيش الذي كان يفترض أن يكون خط الدفاع الأول. لكن الشرع، بتأكيده على “عقلية الدولة وليس عقلية الثورة”، يظهر وعيًا بضرورة الانتقال من مرحلة الصراع إلى مرحلة البناء. هذا النجاح يعتمد على:

-تشكيل حكومة وطنية شاملة تضم كافة القوى الفاعلة.

-إطلاق عدالة انتقالية تحاسب المجرمين وتعيد الحقوق.

-إعادة بناء جيش وطني موحد يحمي الأرض والشعب ويكون قادرًا على استعادة الأراضي المحتلة.

 

دور تركيا وأردوغان

 

تركيا، بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، تظل الشقيقة والصديقة التي يقع على عاتقها دور حاسم في دعم سوريا. العلاقات التركية-السورية شهدت تقاربًا ملحوظًا، حيث تعهد أردوغان بالتعاون مع الشرع ضد التهديدات المشتركة، بما في ذلك الجماعات الانفصالية والإرهابية. الواجب على تركيا اليوم هو:

-تعزيز التعاون العسكري والاقتصادي عبر إعادة تسليح الجيش السوري وتدريبه لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

-فتح أسواقها أمام الاقتصاد السوري لإنعاشه بعد سنوات من الحرب والحصار.

-نقل صوت سوريا إلى المجتمع الدولي، والمطالبة بإدانة العدوان الصهيوني ورفع العقوبات التي تثقل كاهل الشعب السوري.

 

مسؤولية العالمين العربي والإسلامي

 

أمام الغطرسة الصهيونية التي تجلت في تصريحات نتنياهو، والعنجهية الترامبية التي قد تدعم هذا الاحتلال في ظل إدارة دونالد ترامب القادمة، يقع على العالمين العربي والإسلامي واجب تاريخي. المطلوب اليوم:

-موقف موحد يرفض الاحتلال الإسرائيلي ويطالب بانسحاب فوري من الأراضي السورية.

-دعم سياسي واقتصادي للإدارة السورية الجديدة، وعدم تركها وحدها في مواجهة التحديات.

-استثمارات عاجلة في إعادة الإعمار، وخاصة من دول الخليج مثل السعودية وقطر، اللتين أبدتا استعدادًا للتعاون.

-ضغط دبلوماسي على الأمم المتحدة لتفعيل قرارات الشرعية الدولية ضد إسرائيل.

-تصدي الدول الإسلامية للخطاب الصهيوني ودعم سوريا كرمز للصمود العربي والإسلامي، من خلال منظمة التعاون الإسلامي.

 

الخلاصة

 

سوريا اليوم تقف على مفترق طرق. نجاح الرئيس أحمد الشرع يتوقف على قدرته على توحيد الجبهة الداخلية واستعادة السيادة الوطنية، لكن هذا لن يتحقق دون دعم إقليمي ودولي. تركيا مدعوة لتكون الدرع والسيف، والعالم العربي والإسلامي مطالب بمواجهة الغطرسة الصهيونية والعنجهية الترامبية بكل الوسائل المتاحة.

 

إن سوريا التي عادت إلى أهلها، كما قال الشرع، تستحق أن تكون قوية موحدة، وهذا لن يتحقق إلا بتضافر الجهود لإنهاء الاحتلال وإعادة بناء ما دمرته سنوات الظلم والعدوان.

التعليقات (0)