- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
إعلان الجزائر للمصالحة الفلسطينية.. مساعٍ رغم العراقيل
إعلان الجزائر للمصالحة الفلسطينية.. مساعٍ رغم العراقيل
- 24 نوفمبر 2022, 10:07:23 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
غزة- نور أبو عيشة: بعد مرور أكثر من شهر على توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية في الجزائر، يقول محللون سياسيون إن الفصائل لم تحرز تقدمًا على صعيد تطبيق بنود الاتفاق أو حلحلة نقاط الخلاف بينهم.
ويستبعد محللون سياسيون في تصريحات منفصلة، حدوث أي تقدم ملموس في تنفيذ الاتفاق على المدى القريب؛ رغم الاهتمام الجزائري الرسمي بهذا الملف.
ويُرجع المحللون ذلك إلى وجود فجوة كبيرة في “الرؤى والمواقف والبرامج السياسية”، لطرفي الانقسام حركتي التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، والمقاومة الإسلامية “حماس”.
والإثنين قال رئيس مجلس الأمة الجزائري صالح قوجيل، في تصريح نقله بيان لحركة “حماس”، إن رئيس البلاد عبد المجيد تبون يسعى – بشكل شخصي ومباشر- من أجل “لمّ الشمل الفلسطيني”.
ورغم التصريحات الإيجابية التي تطلقها قيادات من الحركتين حول جهوزيتهم لتنفيذ الاتفاق، إلا أن المحللين يرون ذلك غير كافٍ لدفع مسار المصالحة.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، زعيم حركة “فتح”، قال في مقابلة مع قناة “القاهرة الإخبارية” في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، إن “كل الأبواب مفتوحة للمصالحة، وقد تم التوصل لاتفاق في الجزائر فيما بقي -الآن- التطبيق”.
وأضاف: “سنجلس لنُطبّق ما اتفقنا عليه”، دون أن يذكر أي تفاصيل حول برنامج العمل أو آليات التطبيق.
فيما تقول حركة “حماس”، في تصريحات لبعض قياداتها، إنها “جاهزة لتنفيذ اتفاق المصالحة الموقّع في الجزائر”.
ولم تطرح الفصائل في تصريحاتها تصورًا واضحًا حول بدء تنفيذ إعلان الجزائر للمصالحة، فيما لم تعلن عن سقف زمنيّ لبدء اجتماعات تضع أولى خطوات التطبيق، وفق المحللين.
وفي 13 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وقّعت فصائل فلسطينية على وثيقة “إعلان الجزائر” في ختام أعمال مؤتمر “لم الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية” الذي تم تنظيمه في الجزائر على مدار يومين.
مسار إيجابي
قال حسين حمايل، الناطق باسم “فتح”، إن حركته أجرت اجتماعات مع قيادات فصائل قبل نحو أسبوعين لبحث ملف المصالحة.
وأضاف إن حركته اجتمعت مع وفد من “حماس” في العاصمة اللبنانية بيروت، للتباحث حول مستجدات المصالحة.
وكان موسى أبو مرزوق، القيادي في “حماس”، قال في 13 نوفمبر في بيان عقب لقاء جمعه مع عضو اللجنة المركزية لـ”فتح”، عزام الأحمد في بيروت، إن الحركتين (فتح وحماس) اتفقتا على تعزيز الجهود لترتيب البيت الفلسطيني، لمواجهة إسرائيل.
في السياق، أوضح حمايل أن اجتماعا آخر جمع حركته مع وفد من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في العاصمة السورية دمشق لمناقشة هذا الملف.
وجدّد حمايل التزام الحركة “بكافة البنود التي تم التوقيع عليها في الجزائر”، قائلا: “بالنسبة لنا لن يكون هناك أي تعطيل لأي بند من بنود الاتفاق، والمطلوب منا كفلسطينيين امتلاك الإرادة والقرار كي تكون مصلحة الشعب هي العُليا”.
وأوضح متحدث “فتح” أن الاتصالات مع كافة الأطراف سواء الفصائل الفلسطينية، أو اللجنة العربية الجزائرية، ما زالت مستمرة في إطار إنهاء الانقسام.
وذكر أن “كافة الأمور تسير باتجاهات إيجابية”، معربًا عن أمنياته في “حدوث مستجدات خلال الفترة القادمة”.
وأشار إلى أن اتفاق إعلان الجزائر مثّل “خارطة طريق واضحة تسير عليها الفصائل في خطوات إيجابية لإنهاء الانقسام”.
جهود فصائلية
من جانبه، قال ماهر مزهر، عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية، إن الجبهة بمشاركة عدد من فصائل فلسطينية تسعى لإجراء زيارة رسمية للجزائر، للضغط في إطار تنفيذ اتفاق المصالحة.
وأضاف: “الاتصالات مع قيادة الجزائر وباقي الأطراف الفلسطينية مستمرة من أجل الضغط باتجاه البدء بخطوات عملية لتنفيذ الاتفاق”.
وأوضح أن هذه الزيارة من المقرر أن تُعقد قبل حلول مارس/آذار المقبل.
وذكر أن وصول “اليمين الصهيوني الفاشي للحكومة الإسرائيلية يتطلب من كافة الفصائل تحمّل المسؤولية الوطنية وإنهاء الانقسام وتشكيل القيادة الموحّدة للمقاومة الشعبية لمواجهة التحديات والاعتداءات”.
وأشار إلى أن الكشف عن “حسن النوايا فقط غير كافٍ لدفع مسار المصالحة (..) المطلوب البدء بتنفيذ بنود الاتفاق”.
قضايا عالقة
يقول المحلل السياسي أحمد رفيق عوض، مدير مركز القدس للدراسات التابع لجامعة القدس، إن عجلة التنفيذ لم تتحرك بعد في إعلان الجزائر للمصالحة الفلسطينية، مستبعدًا حدوث ذلك في المنظور القريب.
وأضاف: “لم يتجسّد هذا الاتفاق على أرض الواقع، من خلال جلسات للحوار أو عبر سلوك للحركتين، فالخلافات بينهما ما زالت قائمة، وهناك تباعد وتناقض في وجهات النظر”.
وأوضح أن إعلان الجزائر “لم يعالج القضايا الأساسية العالقة بين الحركتين، فضلًا عن عموميّته في تناول البنود”.
واستكمل قائلاً: “لم تتفق الحركتان حتى اليوم على الخطوة الأولى للمصالحة، والعتبة المطلوبة لدخول بوابة إنهاء الانقسام”.
إضافة إلى ذلك، فإن القضايا العالقة، بحسب عوض “ليست بسيطة، إنما مرتبطة بالأطر الكبيرة، كالتحالفات، والسلاح، والبرامج السياسية، وشكل العلاقة المستقبلية بين الحركتين، والانتخابات، هذه كلها لم تطرح ولم تُحلّ الخلافات حولها”.
ويرى عوض أن مطالبة الرئيس الفلسطيني عباس حركة حماس بالاعتراف بالشرعية الدولية، “تعيد إلى الأذهان العراقيل التي كانت في اتفاقات المصالحة السابقة، واختلاف الحركتين في المرجعيات”.
ويعتقد أن الحديث الجاد عن المصالحة والبدء بتنفيذ بنود الاتفاق يجب أن يكون دون “أن يدخل في ذلك أي اشتراطات (من الجانبين)”.
عراقيل خارجية
من جانب آخر، يشير عوض بوجود عراقيل خارجية تمنع حدوث أي تقدّم في ملفات المصالحة، منها أطراف إقليمية أو دولية.
وقال: “على رأس تلك الأطراف إسرائيل”، التي يقول مراقبون ومسؤولون في تصريحات مختلفة إن “استمرار الانقسام يعود بالمنفعة على إسرائيل”.
ويتفق مع عوض، المحلل السياسي مصطفى إبراهيم قائلاً: “بعض الأطراف الإقليمية والدولية تحاول عرقلة المصالحة، كما أفادت تصريحات سابقة لحركة فتح”.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قالت اللجنة المركزية لحركة “فتح”، في اجتماع عقدته بمدينة رام الله، إن “أطرافًا إقليمية ودولية – لم تسمّها- لا تريد تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام”.
وأضاف إبراهيم: “على الفصائل القفز عن هذه العراقيل الموجودة والمستمرة منذ أكثر من عقد ونصف حيث بات تجاوزها ضرورة لإنجاح هذا الملف”.
واستكمل قائلاً: “التحديات والصعوبات كثيرة، بينها المواقف العربية والإقليمية المساعدة في استمرار الانقسام، لكن وجود نوايا حقيقة للمصالحة من شأنه أن يبدّد كل ذلك”.
وأوضح أن الواقع الذي يعيشه الفلسطينيون يتجه نحو الأسوأ، وقال: “القادم خطير جدًا، وقد يرتكب رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلّف بنيامين نتنياهو حماقات كبيرة في ظل استمرار المشاريع الاستيطانية وتصاعد التهديدات بتعزيز عملية الضمّ، ما يتطلب مواجهة موحّدة لها”.
واستبعد إبراهيم وجود أمل لإنجاز ملفّ المصالحة على المدى القريب، مرجعًا ذلك إلى “انقسام الرؤى بين الفصائل وتباعدها”.
وأردف: “يدور طرفا الانقسام في الدائرة ذاتها منذ 16 عامًا، دون أن يقدّم أحدهما أي تنازل للوصول إلى رؤيا وطنية جامعة”.
وعلى مدار سنوات، عُقدت لقاءات واجتماعات عديدة بين الفصائل الفلسطينية، توصّل بعضها إلى اتفاقات، كان آخرها “إعلان الجزائر”.
ومنذ صيف 2007، تعاني الساحة الفلسطينية من انقسام سياسي وجغرافي، حيث تسيطر حركة “حماس” على قطاع غزة، في حين تُدار الضفة الغربية من جانب حكومة شكّلتها حركة “فتح” بزعامة الرئيس محمود عباس.
(الأناضول)