- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
إياد الشوربجي يكتب: (إسرائيل) قاعدة عسكرية أمريكية: المخزون الحربي الاحتياطي
إياد الشوربجي يكتب: (إسرائيل) قاعدة عسكرية أمريكية: المخزون الحربي الاحتياطي
- 19 فبراير 2022, 6:35:07 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
عمدت الولايات المتحدة إلى تخزين كميات كبيرة من السلاح والذخيرة الأمريكية؛ كاحتياطي حربي استراتيجي, في قواعد عسكرية في (إسرائيل). يتكون هذا المخزون من الصواريخ والقذائف المدفعية والآليات المدرعة وغيرها, تستخدمها الولايات المتحدة في حالة الحرب, وذلك بموجب (استراتيجية التعاون) التي سعى القادة الصـ هاينة إلى توسيعها مع الولايات المتحدة منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي.
وفيما بعد سمحت الولايات المتحدة لـ(إسرائيل) باستخدام هذا الاحتياطي الحربي عند اللزوم بعد الحصول على إذن منها, كما حصل خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان صيف 2006. وقد بدأ هذا المخزون بما قيمته 100 مليون دولار, ثم ما لبث أن وصل إلى 800 مليون في العام 2010, وفي نفس العام أقر الكونجرس قانون التعاون الأمني الذي يمنح الرئيس بموجبه صلاحيات زيادة قيمة المخزون الحربي إلى 1.2 مليار دولار.
وهذا المستوى من التحالف والشراكة الاستراتيجية يجعل من (إسرائيل) قاعدة عسكرية أمريكية متقدمة في منطقة المشرق العربي والإسلامي, ومخزن سلاح أمريكي, أو كما وصفها شارون بأنها حاملة طائرات ثابتة.
كما كشف الخبير والمحلل العسكري من مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية محمد عبد السلام؛ النقاب عن «وجود تسهيلات عسكرية أمريكية في أكثرية المواقع العسكرية في (إسرائيل)، وخاصة في ستة مواقع، وبالتحديد في المواقع التي تحمل الارقام 51، 53, 54، حيث يتم تخزين أسلحة وعتاد للقوات الجوية والبحرية والقوات الخاصة الأمريكية, لاستعمالها في حالات الطوارئ. وفي نفس الوقت، يمكن أن تستعملها القوات الإسرائيلية نفسها عند الضرورة، كما حصل فعلاً في حرب اكتوبر 1973».
ثالثاً: التطوير وضمان التفوق وبرامج الدفاع المشترك:
تُشكل الولايات المتحدة درع حماية قوي لـ(إسرائيل) يحميها من أي مخاطر وتهديدات من قبل محيطها الإقليمي, فقد قامت الولايات المتحدة بتدمير العراق واحتلاله سنة 2003, كأقوى دولة عربية عسكرياً بعد تحييد مصر عقب اتفاقية السلام. كما تقوم بتهديد إيران بشكل مستمر بسبب برنامجها النووي. وفي هذا السياق أكد الرئيس جورج دبليو بوش «أن الهدف المشترك بين أمريكا والأوروبيين يتمثل في حرمان إيران من أي سلاح نووي … وأنه سيعمل مع (إسرائيل) والأوروبيين من أجل تطوير استراتيجية احتواء فعالة ضد إيران». بينما ذهب نائب الرئيس ديك شيني Dick Cheney أبعد من ذلك عندما ألمح إلى «امكانية قيام (إسرائيل) بتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران من أجل القضاء على برنامجها النووي». وقد تجسد هذا التوجه بزيارة وزير الدفاع الأمريكي في إبريل 2007 لـ(إسرائيل) وتأكيده على موقف إدارته الثابت بقوله: «لا زالت أمريكا ملتزمة بالحفاظ على قوة الردع الإسرائيلية, وتفوق جيشها على كل جيرانه».
أما أوباما فقد أكمل في نفس الاتجاه, ومحافظاً على نفس الغايات؛ لكن باستراتيجية مختلفة, ضمن خطة ما يسمى بإعادة هيكلة الدور الأمريكي في الشرق الأوسط. حيث توصل في نهاية مسيرة طويلة من المفاوضات؛ إلى اتفاق مع إيران يقضي بتجميد برنامجها النووي مقابل رفع الحصار الاقتصادي عنها, والعمل على دمجها في الإقليم, ما يعني توسيع وتقوية نفوذها ودورها الإقليمي.
كما تحرص الولايات المتحدة بشكل كبير على تطوير قدرات (إسرائيل) الحربية وضمان تفوقها المطلق في بيئتها الاستراتيجية, فقد ساهمت الولايات المتحدة بشكل كبير في تطوير مجال الصناعات التقنية والعسكرية الإسرائيلية, حتى احتلت (إسرائيل) المرتبة الثامنة عالمياً بين الدول المُصَدِّرة للسلاح, فقد بلغت صادراتها في الفترة (2003 – 2010) نحو 12 مليار دولار. كما التزمت الولايات المتحدة بشراء ما قيمته 4 مليارات دولار من (إسرائيل), ضمن صفقة (F-35), وذلك لدعم وتشجيع الصناعات العسكرية الإسرائيلية وتطويرها. كما تقوم الولايات المتحدة بتمويل العديد من برامج الدفاع المشترك بينها وبين (إسرائيل), مثل منظومات (آرو), والقبة الحديدية ومقلاع داود, وقد بلغ حجم الإنفاق الأمريكي على هذه المنظومات الدفاعية الإسرائيلية ما يصل إلى 3.5 مليار دولار خلال الأعوام 2006-2016.
ويمكن التطرق إلى شيء من التفصيل لتبيان أهم المجالات التي ساهمت الولايات المتحدة فيها لتطوير الصناعات العسكرية الإسرائيلية؛ من خلال المنظومات الدفاعية الصاروخية المتعددة, كما يلي:
1. منظومة الدفاع الصاروخي (أرو) (Arrow missile defense system):
(Arrow) ومعناها السهم, وتسمى (حيتس) بالعبرية, هي منظومة دفاع جوي تهدف إلى إسقاط الصواريخ البالستية البعيدة المدى التي قد تتعرض لها (إسرائيل). بدأ العمل على هذا المشروع المشترك بين الولايات المتحدة و(إسرائيل) منذ عام 1988, بالاشتراك مع شركة بوينغ الأمريكية, وشركة (إسرائيل لصناعات الطيران والفضاء) الإسرائيلية. وأظهر جهاز أبحاث الكونغرس في تقرير صدر في 12 مارس 2012 أن الولايات المتحدة ساهمت بما يزيد على المليار دولار لإنتاج نسخ مطورة من نظام (أرو).
وفي ميزانية 2013 طلبت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما 99.8 مليون دولار لمشاركة (إسرائيل) في تطوير منظومة الدفاع الصاروخي، وهو مبلغ عمل أعضاء الكونغرس على زيادته لأكثر من الضعف خلال المساعي التي جرت لوضع الميزانية. وقد ساهمت الولايات المتحدة بحوالي نصف تكاليفه, ويجري العمل في المشروع على ثلاث مراحل, المرحلة الأولى هيِArrow 1) ), والثانية هي Arrow 2)), والثالثة (Arrow 3). تتميز كل مرحلة بإدخال تحسينات وتطويرات إضافية على المدى والدقة وغيرها, ويبلغ حجم التمويل الأمريكي للمشروع بمراحله المختلفة مند العام 1990 حتى العام 2015 نحو 2.5 مليار دولار.
2. منظومة القبة الحديدية (Iron Dome):
منظومة القبة الحديدية هي نظام دفاعي صاروخي متحرك, طورته شركة رفائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة بتمويل أمريكي إسرائيلي مشترك بهدف اعتراض الصواريخ قصيرة المدى والتي يتراوح مداها بين 4 – 70 كم. بدأ العمل في تطوير النظام واعتماده من قبل وزارة الجيش الإسرائيلي في عام 2007, ودخل الخدمة في منتصف 2011. وتبلغ التكلفة الاجمالية للمنظومة 2.3 مليار دولار تساهم (إسرائيل) فيها فقط بمبلغ 200 مليون دولار, والباقي تتعهد الولايات المتحدة بتغطيته, وحتى العام 2015 حولت الولايات المتحدة فعلياً نحو 1.28 مليار دولار لتمويل المشروع.
3. مقلاع داود (David's Sling):
وهو ما يطلق عليه العصا السحرية, وهي منظومة دفاع جوي صاروخي, يهدف إلى اعتراض الصواريخ ذات السرعة البطيئة, والتي يتراوح مداها بين 100 - 200 كم أو الطائرات أو صواريخ كروز التي تحلق على ارتفاع منخفض. أي أن هذه المنظومة تقوم بسد الفجوة الدفاعية بين منظومتي القبة الحديدية قصيرة المدى, و(أرو) بعيدة المدى. ويجري تطوير هذه المنظومة أيضاً بالشراكة بين الولايات المتحدة (شركة رايثيون) و(إسرائيل) ( شركة رفائيل). ومن المتوقع أن تحل منظومة مقلاع داود محل صواريخ هوك الأمريكية التي تستخدمها (إسرائيل) منذ حوالي نصف قرن.