إيمان الصيرفي يكتب مذكرات مسرحي

profile
إيمان الصيرفي مخرج وممثل مسرحي
  • clock 8 أبريل 2021, 1:48:09 ص
  • eye 846
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

حكايات عم الصيرفي 

 * الحاج إبراهيم الصيرفي إبن الأسكندرية القديمة ، كان بيته أيضا من دور واحد فهو أول بيت فى حارة الست نعيمه المتفرع من شارع السكة الجديدة بالمنشية وسميت الحارة بإسم الست نعيمه نسبة لإحدى سيدات الله وكان لها ضريح يتوسط الحارة ولم يزل قائما حتى الأن ويقال أنها كانت صاحبة كرامات وكأبي الدرداء لم يستطع أحد نقل الضريح من مكانه وتحكى أساطير عن هذه الظاهرة ومنها مثلا أنه قد صدرت الأوامر بإزالة الضريح لتوسيع الحارة ولكن عندما بدأ العمال فى رفع فؤوسهم أن ثبتت الفؤوس و المعاول فى الهواء فهرب العمال فزعا وكما أصبح الترام بخطين يلتفان حول ضريح أبى الدرداء أصبحت الست نعيمه تتوسط الممر فى الحارة .. المهم أن بيتنا هذا كان يطل على ناصيتين شارع السكة الجديدة و باب البيت من حارة الست نعيمه ، وهو أقل فى المساحة عن بيتنا بالمنصورة ويبدأ من أول الشارع ويفضى إلى سلم حته واحده أى بدون بسطة  ومكون من ٣٦ درجه وصولا للدور الأول علوى ، على اليمين شقة الست أم حسين وفى مواجهة السلم مباشرة شقتنا ثم يسارا يكتمل السلم حتى السطوح والشخشيخة .. عندما تدخل من باب الشقة تجد صالة متوسطة الإتساع و إلى اليمين باب يؤدى إلى صالة أصغر تفضى إلى المطبخ والحمام ويبدو أن معظم البيوت كان هذا شكلها وعلى اليسار غرفة متوسطة المساحة وفى مواجهة باب الشقة باب أكبر لغرفة الجلوس يمينها توجد الغرفة الكبيرة وبجوارها باب لغرفة أصغر نسبيا ، ولا أعرف حتى الأن كيف كان يتسع هذا البيت لكل هذا العدد من الخالات والأخوال إضافة لسيدي إبراهيم وستي أمينه .. كان جدى لأمي كثير العيال ، سبعة بنات وولدين وكان قد زوج أربعة من بناته فاطمه التى رحلت إلى بارئها بعد عامين من زواجها ، ونعمه ، وزينب التى زوجها لزوج الأخت المتوفاة ، وسعاد التى صارت أمى فيما بعد والخمسة الباقيين لم يتزوجوا بعد .

وكان الحاج إبراهيم صاحب سيارات نقل يقود إحداها فى رحلات الشتاء والصيف ويعمل عنده بعض السائقين للسيارات الأخرى وكان لديه سيارة ملاكي سبور لإنتقالاته ولفسح أولاده فى أيام الإجازات .. كان كريما جدا فيوميا كانت بناته يجهزون المحمر والمشمر وصواني السردين والأسماك وتنزل الصواني والأطباق إلى الشارع حيث الكل معزوم فقد كان يتغدى ومعه من يتواجد من الصنايعية وأصحاب المحال ساعة الغداء ، وكانت أجمل رحلاته إلى ومن مرسى مطروح والتى كانت تسمى وقتها برحلة الصحراء فعندما كان يسأل عن وجهته يجيب ( مسافر الصحرا بأمر الله بعد الفجر ) وعند عودته كان البيت يمتلئ بحبات البطيخ الشيليان والنمس و أقفاص العنب البناتى والتين البرشومى ، وبعد توزيع الأنصبة على بناته المتزوجات والأهل والأقارب والجيران كان أسفل السراير يمتلئ بحبات البطيخ و أقفاص العنب البناتى  والتين البرشومى الذى كان يتحول جزء كبير منه إلى مربى لأن التين قصير العمر ويفسد بسرعه ، ولكن العدد الكبير لبناته وأولاده وأحفاده لم يكن يبقى شيئا للتلف ، وكانت ستي أمينه تعانى من المرض بسبب كثرة الحمل والإنجاب ، ولكن بناتها الكثيرات كن يعوضن كل ما يلزم من خدمة وطبخ وغسيل وتنظيف وهى تقوم بالإشراف عليهن من مكانها . 

وظل الحاج مصطفى وأخوه الحاج إبراهيم يدعم كل منهما الأخر ويسانده خاصة بعد زواج مصطفى إبن الحاج مصطفى من سعاد إبنة الحاج إبراهيم الذين أصبحا أمي وأبى فيما بعد .

* تنقل مصطفى أفندي وعروسه سعاد فى أكثر من سكن حتى إستقرا فى ٢ حارة محمد موسى _ خارطة الشيخ مبارك بحى مصر عتيقه ( مصر القديمة ) بالقاهرة ، وأنعم الله عليهما ببنتين لم تكتب لهن الحياه وتوفاهن الله فى سن الرضاع ، كان مصطفى يعمل موظفا للحسابات بإحدى وحدات الجيش المصري بمنطقة حلوان ، وسعاد التى تركت مدرسة التربية النسوية فى السنة الأخيرة بسبب الزواج ، كانت تجيد التطريز وشغل الإبره والكانافاه والرسم الزخرفي وفنون تفصيل وخياطه الملابس ولها خط جميل وصوتها الموسيقى يردد الأغنيات السائدة فى هذا الزمن باحترافيه ملفته .. تقاسما الحياة بحلوها ومرها برضا تام وقناعة أصيله بتأثير النشأة وعاشا فى هذا البيت البسيط الصغير ذو الطابقين شقة بالدور الأرضي تسكنها الست أم محمود وثلاثة من أولادها أصغرهم صبى فى الثانية عشر من عمره ثم سلم  بدرابزين حديدي ( كريتال ) يؤدى إلى الدور الأول العلوى وبه شقتنا وبجوارها شقة صاحب المنزل الأستاذ عبد الغنى وزوجته أم حافظ التى لم يكن لها أولاد لكنها إكتسبت الإسم نسبة لأخيها الأصغر الذى ربته  (حافظ ) والمتزوج من الست سيده شقيقة عبد الغنى الصغرى ، ثم السطح وكان به شقة أبو أمال وكان له ثلاثة بنات كبراهن أمال فى سن الثامنة وتشكل باقى المساحة السطح وفى ركن منه فرن فلاحي صغير ، شقتنا عباره عن غرفتين وصاله ومطبخ وحمام وبإعتبارهما ما زالا عروسين خصصت الغرفة الكبرى للنوم والثانية للصالون ووضعت السفرة والبوفيه وملحقاتهم فى الصالة .. المهم حملت سعاد فى بداية سنة ١٩٥٣ وظلت طوال فترة الحمل تطرد من مخيلتها صورة الموت عن الطفل  القادم ، فقد جربت الفقد بعد التعلق مرتين من قبل فشغلت نفسها بتفصيل وتطريز ملابس المولود والدعاء لله أن يكتب له الحياه ، وفى يوم الأربعاء الرابع من نوفمبر ١٩٥٣ وصل المولود وأستقر مصطفى أفندي على تسميته محمد نور الدين تأسيا بإخوته فى تسمية أولادهم أسماء مركبه فأخاه الأكبر محمد كان قد رزق بولد أسماه ( محمد وفاء ) وعبد العزيز أنجب هو الأخر ولدا وأسماه ( مصطفى كمال ) تيمنا بالزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك ، ولكن حكومة الثورة أصدرت قرارا بإلغاء الأسماء المركبة التى كانت تمثل مشكلة فى قضايا الميراث ، ولأن مصطفى كان قارئ نهم إستقر على تسميته ( إيمان ) رغم غرابة الإسم فى عالم الذكور مع  إنه إسم مذكر ، فهل هناك بديل لإسم محمد نور الدين أكثر من معنى الإيمان الذى يحمل التبجيل للدين وحامل رسالته محمد ( صلعم ) ، فكان إيمان ومازال ..  يحكى .


التعليقات (0)