- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
احتراب حميدتي والبرهان.. 3 خلفيات استراتيجية وراء معركة السيطرة على السودان
احتراب حميدتي والبرهان.. 3 خلفيات استراتيجية وراء معركة السيطرة على السودان
- 21 أبريل 2023, 11:12:18 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سلط الزميل بالمركز العربي في واشنطن، والأستاذ المشارك في العلوم السياسية بمعهد الدوحة للدراسات العليا، خليل العناني، الضوء على تطورات الاحتراب في السودان بين قوات الجيش، بقيادة عبدالفتاح البرهان، قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف بـ "حميدتي"، مشيرا إلى أن هذا الاحتراب بدد آمال الأسابيع القليلة الماضية بشأن توصل الفصائل السياسية والعسكرية السودانية لاتفاق نهائي لتمهيد الطريق أمام حكومة مدنية انتقالية.
وذكر العناني، في تحليل نشره بموقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الصراع على السلطة بين الفصيلين العسكريين، المدعومين من قبل لاعبين إقليميين ودوليين مختلفين، يتصاعد منذ عام 2021، ولم يكن الأمر يتعلق سوى بمتى سيوجهون الضربات لبعضهما البعض، مشيرا إلى أن شدة واتساع نطاق العنف إلى أن ثالث أكبر دولة في إفريقيا تنحدر بسرعة إلى الفوضى.
وأضاف أن أصل هذه الفوضى يعود في الأصل إلى ميليشيات الجنجويد (الدعم السريع لاحقا) سيئة السمعة في غرب السودان، التي نشرتها حكومة الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، لسحق تمرد بمنطقة دارفور في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، واكتسبت، بقيادة حميدتي، قوة وتأثيرًا بمضي عقد من الزمان.
الدمج بالجيش
ويشير العناني إلى 3 خلفيات رئيسية تكمن وراء الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، أولها الخلاف حول اندماج قوات حميدتي في الجيش، الذي يسعى الجيش للحد من قوة ونفوذ الدعم السريع، بينما تريد قوات حميدتي الحفاظ على استقلاليتها وتوسيع نفوذها.
وضغط الجيش السوداني من أجل فترة اندماج مدتها عامين ومراجعة ضباط قوات الدعم السريع ورتبهم، بينما تريد قوات الدعم السريع تمديد فترة الاندماج إلى 10 سنوات على الأقل والحفاظ على الرتب الحالية لضباطها.
بالإضافة إلى ذلك، يريد الجيش أن تكون القوة المشتركة خلال فترة الدمج بقيادة هيئة مؤلفة من 4 ضباط في الجيش وعضوين من قوات الدعم السريع، بينما طالبت الأخيرة بأن ترفع القيادة المؤقتة تقريرًا إلى رئيس مدني.
لكن بعض القوى المدنية الشعبية تعارض أي دمج لقوات الدعم السريع، خشية أن يعرض ذلك المكاسب الهشة لثورة 2019 للخطر ويديم ثقافة الإفلات من العقاب التي ميزت حكم البشير الذي دام 26 عامًا.
الفترة الانتقالية
وبحسب العناني، فإن الخلفية الثانية تتعلق بمدى وإدارة الفترة الانتقالية، وكذلك العلاقة بين القوات العسكرية والمدنية في السودان.
ففي حين يعارض كل من البرهان وحميدتي حكومة مدنية وديمقراطية قوية، إلا أنهما على خلاف فيما يتعلق بإدارة المرحلة الانتقالية، ووتيرتها، والقوى التي يجب تضمينها في الحكومة الانتقالية.
وأصر البرهان على أن الاتفاق الإطاري، الموقع في ديسمبر/كانون الأول الماضي بين جنرالات الجيش وقوى الحرية والتغيير، غير ملزم للجيش بسبب رفض بعض القوى السياسية له، إذ يريد أن يضم حلفاءه المدنيين إلى الاتفاقية للاحتفاظ بنفوذه بعد نقل السلطة إلى حكومة مدنية.
من ناحية أخرى، يرى حميدتي، المتحالف مع فصيل رئيسي في قوى الحرية والتغيير، الاتفاق الإطاري كحزمة متكاملة يجب تنفيذها دون أي تعديل، وذلك بهدف القضاء على سيطرة البرهان على مجلس السيادة الانتقالي، الذي يدير البلاد منذ الإطاحة بالبشير قبل اندماج قوات الدعم السريع في الجيش.
القوى الإقليمية
أما الخلفية الثالثة، الكامنة وراء الصراع الحالي في السودان، فتتعلق، حسبما يرى العناني، بتدخل قوى إقليمية مختلفة في السودان، لكل منها أجندتها السياسية ومصالحها، مشيرا إلى أن مصر والإمارات والسعودية وإسرائيل شاركت جميعًا في تخريب الانتقال إلى الحكم المدني؛ لأغراضها الخاصة.
فمصر، على سبيل المثال، أعاقت تشكيل حكومة مدنية قوية واختارت الوقوف إلى جانب البرهان في الصراع، بحسب العناني، مشيرا إلى أن قوات الدعم السريع أسرت مجموعة من الجنود المصريين خلال اشتباكات مع الجيش السوداني في قاعدة مروي الجوية، شمال شرق الخرطوم.
ودفعت نفس الاعتبارات القاهرة إلى دعم انقلاب البرهان ضد حكومة عبد الله حمدوك المدنية في أكتوبر/تشرين الأول 2021.
ورغم إصرارها على أنها تريد المساعدة في استقرار جارتها الجنوبية، عملت مصر أيضًا على زرع الفتنة والانقسام بين المدنيين والعسكريين، ما ساهم في استمرار حالة عدم الاستقرار في البلاد.
من ناحية أخرى، أقامت الإمارات والسعودية علاقات قوية مع كل من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لا سيما بعد ثورة 2019 التي أطاحت بالبشير. وبفضل مواردهما المالية الهائلة وخوفهما من انتشار التطلعات الديمقراطية في جميع أنحاء المنطقة كما حدث في عام 2011، دعم كلا البلدين الجيش السوداني في منع إقامة حكم مدني في السودان.
لكن في العامين الماضيين، دعم البلدان فصيلين مختلفين، فبينما دعمت الإمارات حميدتي ماليًا ودبلوماسيًا، دعمت السعودية البرهان.
وبينما أعرب البرهان وحميدتي عن دعمهما لتطبيع العلاقات مع إسرائيل بموجب اتفاقيات إبراهيم لعام 2018، كان حميدتي أكثر صراحة في دعوته للانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم، وتفيد التقارير أنه التقى بمسؤولي الموساد بمناسبات متعددة في السنوات الأخيرة.
وفي غضون ذلك، تسلط الأزمة المستمرة في السودان الضوء على الدور المتناقص للولايات المتحدة في المنطقة.
فرغم الأهمية الاستراتيجية للسودان وخطاب إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، حول دعم الديمقراطية في الخارج، إلا أن واشنطن ركزت اهتمامها على التنفيذ الكامل للخرطوم لاتفاقات إبراهيم مع إسرائيل أكثر من تركيزها على تعزيز انتقال ديمقراطي حقيقي في البلاد.
ومكّن الافتقار إلى التزام الولايات المتحدة اللاعبين الإقليميين من متابعة مصالحهم الخاصة في السودان، حتى لو تعارضوا مع التطلعات الديمقراطية للشعب السوداني أو المصالح الأمريكية. وقد مكّن هذا بالمثل روسيا من بسط نفوذها في السودان وبناء علاقات قوية مع حميدتي وقوات الدعم السريع، التي عملت مع مجموعة فاجنر الروسية في جمهورية إفريقيا الوسطى وليبيا، حسبما يشير العناني.
علاوة على ذلك، فإن فشل اللجنة الرباعية الدولية، التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا والإمارات والسعودية، في حل الخلافات بين البرهان وحميدتي خلال الأسابيع الماضية، يسلط الضوء على ضعف واشنطن في الأزمة.
ويرى العناني أن اعتماد واشنطن على لاعبين إقليميين، مثل الإمارات والسعودية، لإنهاء الصراع الحالي يتحدث كثيرًا عن خياراتها المحدودة.
ويشدد الزميل بالمركز العربي في واشنطن على ضرورة لعب الولايات المتحدة دورًا أكثر نشاطًا في دعم التحول الديمقراطي بالسودان والضغط على اللاعبين الإقليميين في هذا الاتجاه، مشيرا إلى أن عدم القيام بذلك قد يؤدي إلى انتشار الصراع، ليس فقط داخل السودان، ولكن خارج حدوده أيضًا.