- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
استثمارات خليجية واسعة في العراق.. ما الهدف؟ ومن المستفيد؟
استثمارات خليجية واسعة في العراق.. ما الهدف؟ ومن المستفيد؟
- 29 يناير 2023, 6:29:32 ص
- 359
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لم يكن إعلان شركة قطر للطاقة استثماراتها الكبيرة في العراق، إلا حلقة من مسلسل متصاعد للاستثمار الخليجي في الدولة الجارة، التي تسعى إلى جلب الاستثمار والمستثمرين لتكرار التجربة الخليجية في بناء اقتصاد ناجح وتطوير البنية التحتية وتوفير الخدمات والإسكان للشعب.
فالعراق ذو اقتصاد ضخم جداً، يحتاج إلى بناء وعمل وضخ استثمارات تقدر بمئات المليارات، ولكن البنوك العراقية لا تستطيع وحدها تقديم هذه السيولة، كما تحتاج الحكومة كذلك إلى تبادل الخبرات.
وكانت البداية، وفق "سهى نجار" رئيسة الهيئة الوطنية للاستثمار بالعراق عبر النقاش مع دول خليجية كالإمارات والسعودية، لتطوير النظام التشريعي والقانون في العراق، للخروج بقانون استثمار محدث بالتعاون مع دول الجوار.
كما جاءت استضافة العراق لبطولة "خليجي 25" تساؤلات عدة عن انعكاساتها على واقع الاستثمار والاقتصاد في البصرة، التي تعدّ بوابة العراق البحرية، والمصدر الرئيس للنفط الخام الذي يعتمد العراق على بيعه لرفد الموازنة المالية للبلاد.
وحقق العراق انفتاحا غير مسبوق على دول الخليج بعد تنظيم "خليجي 25"، مما عكس صورة إيجابية تؤكد استعداد العراق حكومة وشعبا للحفاظ على علاقته الودية مع العرب ودول الجوار كونه لاعبا أساسيا بالمنطقة.
قطر
وفي إطار جهودها التنموية الطموحة، تخوض قطر مفاوضات للاستحواذ على حصة في مجموعة من مشاريع الطاقة في العراق بقيمة 27 مليار دولار تابعة لشركة "توتال إنرجيز" الفرنسية.
ونقلت "رويترز" قبل يومين، عن مصادر مطلعة (لم تسمها) أن شركة "قطر للطاقة" الحكومية تتطلع إلى الاستحواذ على حصة بنحو 30% في المشروع.
وكشفت المصادر أن "قطر للطاقة" و"توتال إنرجيز" تجريان محادثات في هذا الشأن، وأن هناك ثقة كبيرة بأن الصفقة ستتم رغم عدم التوصل لاتفاق نهائي حتى الآن.
وتشير التقارير إلى أن هذه الصفقة قد تعيد تفاؤل السلطات العراقية بشأن إثناء شركات الطاقة الغربية عن الخروج من البلاد؛ فبعد مجموعة كبيرة من الصفقات أعقبت الغزو الأمريكي في 2003، سعت عدة شركات نفط عالمية إلى مغادرة العراق نتيجة لضعف العائد من اتفاقيات تقاسم الإيرادات.
واعتبرت "رويترز" حصول العراق على استثمار بهذا الحجم من دولة خليجية بمثابة فوز مهم لرئيس الوزراء العراقي "محمد السوداني"، الذي تولى منصبه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عقب أشهر من الاضطرابات السياسية، وسيكون ذلك خطوة نحو تحجيم النفوذ الإيراني.
السعودية
يأتي ذلك في الوقت الذي تسعى السعودية للاستثمار في 5 دول من بينها العراق، وتعتزم تأسيس شركات إقليمية لاستثمار 90 مليار ريال (24 مليار دولار)، وفق ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان"، رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، في تصريحات صدرت عنه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ومن المقرر أن يكون الاستثمار في عدة قطاعات إستراتيجية من ضمنها: البنى التحتية والتطوير العقاري والتعدين والرعاية الصحية والخدمات المالية والأغذية والزراعة والتصنيع والاتصالات والتقنية، وغيرها من القطاعات.
وكان وزير الاستثمار السعودي "خالد الفالح"، الذي يترأس مجلس التنسيق السعودي-العراقي، توقع أن يصل حجم الاستثمارات السعودية إلى 2.6 مليار دولار تقريبا في قطاعات عراقية مختلفة، خاصة في مجال الطاقة والصناعة والثروة المعدنية والزراعة.
وتشير أحدث الإحصاءات إلى أن حجم التبادل التجاري بين السعودية والعراق عام 2020 ارتفع إلى 3.88 مليارات ريال (1.34 مليار دولار)، فيما كان عام 2019 نحو 3.41 مليارات ريال (909 مليون دولار)، موزعة بين 3.37 مليارات ريال (898 مليون دولار) صادرات سعودية، و41.8 مليون ريال (11.2 مليون دولار) صادرات عراقية، مما يعني أن العراق يحتل المرتبة 11 بين الدول العربية في حجم التبادل التجاري مع السعودية.
الإمارات
وليس بعيدا عن السعودية، أعلنت الإمارات في أبريل/نيسان 2021، استثمار مبلغ 3 مليارات دولار في العراق، في إطار تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية وخلق فرص جديدة للتعاون والشراكة.
وفي ختام زيارة لرئيس الوزراء العراقي السابق "مصطفى الكاظمي"، لأبوظبي، أكد الجانبان، في بيان مشترك، على أهمية تطوير وتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية، وتنمية التجارة وزيادة التبادل التجاري، وتشجيع حركة الاستثمار بين البلدين، ودعوة رجال الأعمال من البلدين لتبادل الزيارات، وتأسيس مجلس الأعمال العراقي الإماراتي، وتسهيل جميع الإجراءات التي تخدم مصلحة البلدين.
واتفق الجانبان على توسيع التعاون في مجال الطاقة، وخاصة مجالات الطاقة النظيفة.
وتطرق الجانبان إلى ضرورة التعاون الأمني والعسكري، وتبادل المعلومات لمكافحة الإرهاب.
كما ثمّن العراق مبادرة دولة الإمارات إعادة بناء منارة الحدباء وجامع النوري وعدد من الكنائس في محافظة نينوى.
تعميق علاقات
في هذا الإطار يقول الخبير الاقتصادي "صلاح عريبي العبيدي"، أن تعميق العراق لعلاقاته مع دول الخليج يأتي ضمن أجندة الحكومة الحالية ببغداد.
ويضيف: "جميع الاتفاقات التي من الممكن أن تتم في هذا الاتجاه سيكون لها أثر كبير على العراق".
ويتابع "العبيدي" أن "كل خطوة باتجاه تطوير العلاقات الثنائية بين العراق وأشقائه العرب وخصة الخليجيين خطوة موفقة ولها فوائد متعددة، وبالأخص الدول الخليجية التي تمتلك رؤوس أموال ضخمة وخبرة كبيرة في الاستثمارات بسبب الهدوء التي تتمتع به، فأصبحت منطقة جذب للشركات والمستثمرين".
ويزيد: "إذا استطاع العراق أن ينفذ هذه الاتفاقيات ستتغير أمور كثيرة، وسنرى مشاريع عملاقة تغطي كل البلاد تمتص جزءًا كبيراً من البطالة".
ويشدد "العبيدي" على أن "كل دولة تبحث عن مصالحها وهذا حق طبيعي وزيادة التعاون الخليجي العراقي لها منافع ممتازة للجميع وتمحو أو تساعد في تغيير وجهة النظر التي تحمّل الدول العربية ظلماً ما جرى للعراق وتركه من دون مساعدة طيلة الفترة السابقة".
وفيما يخص فوائد هذه المشاريع للبلدين، يرجح الخبير الاقتصادي أنه فيما يخص دول الخليج تتمثل الفوائد في استثمار الفوائض المالية وزيادة العوائد المتأتية منها لاحقاً، وللعراق أيضاً تتجسد المنفعة في تفعيل الاستثمار وسد النقص الحاصل في مجال المشتقات النفطية، وتفعيل الصناعات المرتبطة بالقطاع النفطي، وزيادة مستوى الخبرات المحلية.
استثمار الفرص
ويتفق معه الباحث الاقتصادي "إيفان شاكر"، وهو يشير إلى تحركات "السوداني" وما تحقق خلال الفترة الماضية من توليه السلطة واستثمار "خليجي 25" وما نتج عنها من تحسن غير مسبوق في العلاقات العراقية العربية، ولاسيما مع دول الخليج، فضلا عن الفرص الاقتصادية الكبيرة التي باتت البلاد تحظى بها، وتغير النظرة العامة عنها كبلاد تحت الخطر الدائم.
ويضيف: "السوداني نجح في استخدام (دبلوماسية الكرة) التي تضمنت استغلال الرياضة كوسيلة مناسبة لخلق تفاعل إيجابي مباشر بين العراق وبلدان الخليج العربي بعد سنوات من العزلة، حيث وفرت البطولة بيئة دمج بين مجتمعات هذه البلدان لتسهيل التواصل السياسي كونها قدمت كحركة عامة شعبية، وليست سياسية أو دبلوماسية".
مواجهة إيران
وبعيدا عن الشق الاقتصادي، تقول المديرة التنفيذية ورئيسة الباحثين في منتدى صنع السياسات بلندن "رنا خالد"، إن "العراق بجميع طوائفه وأطيافه متفق على ألا يخضع مستقبله وثرواته لأي إرادة خارجية، وأن من مصلحته أن يكون أرضا آمنة وجاذبة للاستثمار، لأن هذه هي الوسيلة الوحيدة لإخراج البلاد من الفقر والبطالة".
لكن "الميليشيات وبعض الأحزاب السياسية العراقية تعبر عن وجهة النظر الإيرانية.. والاستثمار في العراق يخضع لهيمنة القوى الموالية لإيران، بصرف النظر عن المصالح العراقية"، بحسب ما تقول.
وتضيف: "الحلول الخليجية تسعى لإنهاء هيمنة إيران على العراق غير القادرة على تقديم فرص استثمارية قيمة للعراق بسبب أوضاعها الاقتصادية الصعبة".
وتزيد "رنا": "كل المؤشرات في المنطقة بدأت تدعو إلى التهدئة والتفاهمات، وذلك بسبب وجود رغبة سعودية- إيرانية بهذا الإطار، وبحكم ما يملكه رئيس الوزراء العراقي من معلومات متكاملة عن الطرفين، الأمر الذي ساعده على فتح الكثير من الملفات بعيدا عن التسويق الإعلامي لكلا الطرفين".
ويضيف: "الاستثمار الخليجي كان يصطدم بصورة أو بأخرى بالتأثير الإيراني القوي في العراق، والدول الخليجية تدرك تماما أن إيران تسيطر على شمال الخليج، لكن الاستراتيجية الإيرانية اليوم قد تغيرت وأدركت أن التصعيد لا يجدي نفعا".