- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
اسماعيل جمعه الريماوي يكتب: نفاق الغرب و المحرقة الجديدة
اسماعيل جمعه الريماوي يكتب: نفاق الغرب و المحرقة الجديدة
- 21 أكتوبر 2023, 9:05:13 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متداول
في هذه الأوقات العصيبة التي تمر على شعبنا من قتل و إبادة وتطهير عرقي ، لا يزال الغرب وعبر أذرعه الإعلامية، يفصل في عملية “طوفان الأقصى” و يجتهد في إظهار أوجه “بشاعتها” حسب تعبيره. القنوات الغربية بأمريكا و فرنسا و بريطانيا و ألمانيا … مليئة بالتباكي على قتلى هجوم حماس ورهائنهم، مع زيادة بهارات كثيرة “لقد قطعوا رؤوس الأطفال و اغتصبوا النساء و قتلوا العجزة بدون شفقة ولا رحمة”، هكذا خاطب جون بايدن الشعب الأمريكي بجرعة تدغدغ المشاعر ، ليعود مكتبه بعد ساعات ليقول أن تلك الأوصاف هي أخبار غير مؤكدة ومصادرها إسرائيلية، و فيما تقول حماس أنها أخبار زائفة متحدية أي كان أن يقدم حجة واحدة عنها !
ورغم تراجع البيت الأبيض و اعتذار صحفية التي كانت أول من روج لتلك الأكاذيب، ظلت قنوات الدول الغربية تكرر على مدار الساعة ذرائعها وتقول
أولاً، وحشية المقاومة وقتلها للأبرياء و قطع الرؤوس و الاغتصاب.
ثانياً، المقاومة لا تمثل الشعب الفلسطيني و أن سكان غزة رهائن تحت رحمة المقاومة ويتم استخدامهم كدروع بشرية. الغريب أنهم يعتبرون سكان قطاع غزة ضحايا المقاومة و في نفس الوقت يغضون النظر عن قتلهم من طرف إسرائيل فيما يعتبرون الفلسطينيين بشكل عام أقل إنسانية من باقي البشر ، وحاشا أن يكون الفلسطينيون كذلك ، وفي نفس الوقت، ينقلون من عين المكان بحماس زائد، تدفق الحشود العسكرية الإسرائيلية على الحدود مع غزة و بث عمليات إبادة سكان غزة بذريعة “حق الدفاع عن النفس”.
عن أي دفاع عن النفس تتحدثون؟ بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية ام بمحاولة إبادة شعب عن بكرة أبيه؟ و كم من ضحية تكفيكم لإشفاء غليلكم، خمسة آلاف، عشرة آلاف أو أكثر وبدون عدد؟ و هل تعتبرون الإنسان الإسرائيلي أكثر قيمة من الإنسان الفلسطيني بصفة خاصة و الإنسان العربي بصفة عامة؟ و حتى إذا استشهد مليوني “فلسطيني” فهل تعتقدون أنكم قبرتم القضية الفلسطينية الى الأبد؟
للأسف، هذا الغرب المنافق هو في الواقع شريك في جرائم الحرب التي يرتكبها المحتل الإسرائيلي.
وهذا الغرب المنافق يتحمل المسؤولية التاريخية في خلق هذا الكيان الصهيوني بفلسطين.
هذا الغرب المنافق لم يفعل أي شيء بعد أن احتقرت إسرائيل 226 قراراً أممياً ضدها و رمتها في القمامة دون أي محاسبة.
هذا الغرب الإسرائيلي ترك إسرائيل تأخذ من اتفاقية السلام اعترافاً عربياً بوجودها و داست بالأقدام التزامها بحل الدولتين. هذا فقط غيضٌ من فيضِ نفاق الغرب الذي يذرف اليوم الدموع عن دولة مارقة و موغلة في الوحشية اتجاه السكان العزل الذين يعيشون الظلم و القهر على أيدي جنود الإحتلال و المستوطنين المتطرفين .
فيما يحتقر موقف العرب من مجزرة غزة و لا يولي أدنى اهتمام لنداءات القيادات العربية بحماية المدنيين بغزة.
الغرب المنافق يحتقر الإنسان العربي و في نفس الوقت يبحث من بينهم عمن يضغط على المقاومة لإطلاق سراح الرهائن!
الغرب المنافق يلهث وراء أموال الخليج ولا يتردد في نعت ذاته بتمويل الإرهاب.
الغرب المنافق يشير بصوت يكاد لا يُسمَع عن تجنب استهداف سكان غزة، و يدعم إسرائيل علانية في مخططها بتهجير جماعي لسكان المدنيين لبسط سيطرتها كلياً على كل الأراضي الفلسطينية.
الغرب المنافق هو ليس إلا واحداً من عوامل التصعيد و دعم الإحتلال الصهيوني.
الغرب المنافق يعرف أن إسرائيل تقود حرباً دينية و يقول أن حرب إسرائيل هي حرب الديموقراطية ضد الإرهاب.
الغرب المنافق يعتبر إسرائيل مُعتدى عليها لأنه يبدأ القصة من “طوفان الأقصى” متناسياً بحار الدماء التي أسألها العدو الصهيوني قبل ذلك.
لكني أجد في الأخير خِصلة واحدة في نفاق الغرب هذا ، كونه عرى عن نفاقه و أبان عن وجهه القبيح كذبة الديموقراطية والتغني بحقوق الإنسان وحرية التعبير فيما يمنع اي مظاهرات مساندة لغزة وكأنهم يردون أن يمسحوا عن أنفسهم عار المحرقة و لو بدعم محرقة أخرى.
ها نحن قد وقفنا على نفاق الغرب، فكيف نثق في أنظمة اصطفت مع احتلال صهيوني متوحش؟ و كيف لها أن تلعب بعد اليوم دور الوسيط و هي خصم مع العدو قلباً و قالباً؟