- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
اقتصاديا وسياسيا.. لماذا تتسابق الدول على استضافة البطولات الرياضية؟
اقتصاديا وسياسيا.. لماذا تتسابق الدول على استضافة البطولات الرياضية؟
- 25 فبراير 2023, 5:33:19 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
مع تعاظم دور كرة القدم واحتلالها المكانة الأولى بين الألعاب الجماعية بين الجماهير في أنحاء العالم، تتسابق الدول للحصول على حقوق استضافة البطولات الدولية الكبرى، بل وامتد التنافس إلى استضافة بطولات قارية لتحقيق أهداف اقتصادية وسياسية.
هذه المنافسة زادت إثر نجاح دول عربية في استضافة بطولات كبرى تجمع لاعبين من المستوى الأول عالميا.
ولتعظيم مكاسبها، نجحت دول مضيفة في تغيير أنظمة بعض البطولات مثلما حدث مع السوبر الإسباني الذي تستضيفه السعودية، حيث تحول نظام البطولة من مباراة واحدة إلى 3 مباريات تجمع 4 أندية (قبل نهائي ونهائي)، ليرتفع عدد الجماهير وبالتالي تزداد العوائد المالية والدعاية المجانية للمملكة.
وعلى أمل تحقيق هذه الأهداف، تنفق الدول الكثير من الأموال على الاستعدادات لاستضافة البطولات وبينها بناء ملاعب أو تحديثها وإنشاء فنادق ووسائل نقل ركاب وغيرها من مكونات البنى التحتية.
كأس العالم
لم تبتعد السياسة أحيانا عن أكبر بطولات كرة القدم بهدف الدعاية لنظام حاكم عبر الساحرة المستديرة.
ويتضح ذلك جليا في بطولة 1978 التي استضافتها الأرجنتين في ظل حكم عسكرى بقيادة الجنرال خورخى فيديلا، بعد عامين من قيادته انقلابا عسكريا ضد رئيسة الجمهورية إيزابيل بيرون.
وكان فيديلا متهما بالزج بمعارضيه فى السجون واختطاف أطفالهم، مما دفع النجم الهولندى يوهان كرويف إلى الامتناع عن المشاركة مع منتخب "الطواحين" فى البطولة، إثر تعرضه لتهديدات بالاختطاف هو وأسرته حال مجيئه إلى الأرجنتين؛ بسبب انتقاداته لسياسات فيديلا.
اقتصاد الدولة المضيفة
أما اقتصاديا، فتفيد تقديرات بأن عدد من يشاهدون كأس العالم يبلغ نحو مليار شخص، وعلى مدى شهر كامل تتحول الملاعب والمدرجات إلى مؤثر فاعل في اقتصاد الدولة المضيفة والاقتصاد العالمي، وتقدم البطولة المتعة لمريديها وتضخ المال في القنوات الاقتصادية.
وفي عام 2012، خلصت دراسة للخبير الاقتصادي في جامعة ميرلاند الأمريكية دينيس كوتس إلى أن ملفات استضافة المونديالات تبالغ في التأثير الإيجابي لكأس العالم على اقتصاد الدولة المضيفة.
واستند في نتائجه على أرقام وبيانات لتوضيح هذا التأثير، واستحضر مونديال 1994 الذي توقعت اللجنة المنظمة له في الولايات المتحدة أن يُدر 4 مليارات دولار على الاقتصاد الأمريكي.
لكن ما حدث هو أن واشنطن خسرت 9.6 مليار دولار، مع الأخذ في الاعتبار أن الربح الذي كان متوقعا هو رقم ضئيل جدا قياسا بالاقتصاد الأمريكي.
ولم تتوقف الدراسة عند مونديال 1994، بل حللت تكاليف وعوائد مونديال ألمانيا 2006، والذي بلغت أرباحه 194 مليون دولار، وهو رقم لا يُذكر بجانب الناتج القومي الألماني وقتها والبالغ 3 تريليونات دولار.
وذكرت دراسة لجامعة هامبورج الألمانية أن المونديال نجح جماهيريا وتنافسيا وخرج بالصورة المذهلة التي تابعها المشجعون، لكن لم يساهم في إنعاش الاقتصاد والسياحة، فالسياح أنفقوا 60 مليون يورو فقط بينما يتجاوز دخل ألمانيا من السياحة مليار ونصف مليار يورو.
وفي مونديال كوريا الجنوبية واليابان 2002 لم يزد عدد السياح في عام كأس العالم في كوريا عن العام الذي سبقها بشكل كبير.
مونديال قطر
أما مونديال قطر 2022 فيعد استثناء لقاعدة خسائر استضافة نهائيات كأس العالم، لكون تطوير الملاعب والبنية التحتية من فنادق ووسائل نقل ركاب وخدمات وغيرها تم كجزء من رؤية قطر التنموية الوطنية 2030.
وتلك الرؤية تهدف إلى تحويل قطر إلى مجتمع عالمي وتوفير مستوى معيشة أعلى للمواطنين من خلال زيادة حجم الاقتصاد، حيث تطمح الدوحة إلى أن تصبح مركزا تجاريا وسياحيا في المنطقة، واستخدمت استضافة البطولة كجزء من تحقيق هذا الطموح.
وعلى الرغم من النفقات الضخمة بين عامي 2010 و2022، والتي قُدرت بـ220 مليار دولار، إلا أن قطر استردت جزءا منها بلغ 17 مليار دولار خلال المونديال، بحسب ناصر الخاطر الرئيس التنفيذي للبطولة. وهو العائد الأعلى بين جميع نسخ المونديال منذ بدايته في أورجواي عام 1930.
والاستثمار الأكبر في استضافة مونديال قطر (32 منتخبا) تتحقق عوائده عقب فعاليات البطولة، حيث الدعاية المجانية إذ يروج مشجعو المنتخبات للدولة المضيفة سياحيا وربما سياسيا.
ويضاف إلى ذلك الاستثمار الأمثل للمنشآت ولاسيما الملاعب حيث جرى تفكيك بعضها وإعادة استخدامها مكوناتها في أغراض أخرى، إلى جانب إهداء تجهيزات ومستلزمات رياضية لدعم لدول نامية، وهو ما يعود بالنفع أيضا على قطر لاسيما عبر الدعاية لها.
مثل هذه الحلول القطرية تهدف إلى عدم تكرار تجارب فاشلة، منها ما حدث مع ملعب الماراكانا الذي استضاف نهائي لكأس العالم 2014، حيث تحول إلى موقف للحافلات بعدما كلف البرازيل أكثر من 550 مليون دولار.
وقطر هي أول دولة عربية وذات أغلبية مسلمة وفي منطقة الشرق الأوسط تستضيف المونديال وهو الحدث الكروي الأبرز في العالم.
الأولمبياد
استضافة دورات الألعاب الأولمبية تختلف عن بطولات كرة القدم لكونها تجمع رياضيين في ـنحو 50 لعبة بجماهيرها داخل مدينة واحدة فقط، لذا فقد تتسبب في اضطرابات جماهيرية وإفلاس وتراكم ديون.
وفي 2004 كانت استضافة اليونان لأولمبياد أثينا أحد أسباب إعلان إفلاس البلد الأوروبي في أزمته المالية الشهيرة، حيث وصل صافي الدين لنحو 11.5 مليار دولار، بعد بيع ثلثي تذاكر البطولة فقط وهبوط عدد السياح الذين يزورون البلاد بنسبة 12%.
فيما أكد اقتصاديون أن استضافة مدينة سوتشي الروسية لأولمبياد 2014 الشتوية كلفت المواطنين الروس دافعي الضرائب نحو مليار دولار.
كما اضطرت البرازيل إلى إنفاق 20 مليار دولار لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو 2016، وبعد عامين فقط من كأس العالم مما أثار غضبا جماهيريا وأحداث عنف في الشوراع.
فيما استدانت كندا بأموال طائلة لاستضافة أولمبياد مونتريال 1976، وظلت تسدد في الديون الناتجة عنها حتى 2006.
السوبر الكروي
بطولات السوبر الإسباني والإيطالي والمصري انتقلت خارج أوطانها نحو السعودية والإمارات لأهداف تسويقية ومالية وسياسية أيضا.
وحصلت المملكة على حق استضافة السوبر الإسباني حتى 2029 مقابل من 240 إلى 320 مليون يورو سنويا مع حضور 4 أندية للبطولة بدلا من ناديين فقط.
كما استضافت السوبر الإيطالي 3 مرات، وتطمح في تغيير نظامه إلى 4 أندية على غرار نظيره الإسباني.
وأكثر من مرة استضافت الإمارات السوبر الكروي المصري بين الأهلي والزمالك وسط حضور جماهيري حاشد من المصريين في الدولة الخليجية.
انتقال بطولات محلية إلى دول أخرى أثار استنكار جماهير الأندية الإسبانية والإيطالية والمصرية لحرمانهم من تشجيع أنديتهم على أراضيهم وإضافة عبء السفر إلى الخارج.
ووفق تقارير فإن اهتمام السعودية باستضافة البطولات يهدف إلى تصدير صورة إيجابية عن تغييرات وانفتاح المملكة، بالإضافة إلى تحقيق مكاسب اقتصادية حتى إن لم يكن على المدى القريب.
مونديال الأندية
مثال آخر هو بطولة كأس العالم للأندية، فهي لا تتطلب تجهيزات كبيرة لأن عدد المباريات 7 فقط يستضيفها ملعبان، وبالتالي تكون العوائد المادية مناسبة إلى حد ما، بالإضافة إلى الترويج للدولة المضيفة ودعم جهودها لاحتضان تظاهرات رياضية كبرى مستقبلا.
كما تسعى الدول إلى استضافة نهائيات أخرى، مثل دوري أبطال أوروبا ونظيره الأفريقي، ويكون الهدفه الأكبر هو تنشيط السياحة وإظهار مميزات الدولة المضيفة بتكلفة ليست كبيرة.