الاحتلال الإسرائيلي يتمنى تقسيم سوريا إلى جيوب طائفية يسهل السيطرة عليها

profile
  • clock 21 ديسمبر 2024, 4:08:57 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

ناحوم برنياع - يديعوت أحرونوت:

السيطرة الإسرائيلية على أراضٍ في داخل سوريا حذرة وعاقلة. هكذا في هذه الأثناء. إذا سرنا من الشمال إلى الجنوب على طول الخريطة سنجد تواجدا للجيش الإسرائيلي في سلسلة جبل الشيخ السوري والسفوح الشرقية للجبل، حتى أطراف قرية الحضر الدرزية.

سيطرة الجيش الإسرائيلي على مفترقين في مدخل القنيطرة، لكنه لم يدخل القنيطرة القديمة أو الجديدة. قوة أخرى تموضعت في تل كدنه أمام البلدتين حسينية وكيشيت في هضبة الجولان. قوة ثالثة تموضعت قرب مثلث الحدود سوريا – الأردن – إسرائيل، فوق حمات غدير (الحمة السورية). في كل المناطق التي تمت الاستيلاء عليها لا يوجد سكان، باستثناء بضع عشرات السوريين الذين تبقوا في قريتين صغيرتين غربي القنيطرة.

توجد رؤيا؛ توجد أماني؛ لا يوجد احتمال عملي. الأمنية هي أن نرى سوريا تنقسم الى بضعة جيوب من الحكم الذاتي، كل جيب وطائفته. الأكراد في الشمال الشرقي، الدروز في الجنوب، العلويون في الشمال الغربي. المرشحون الأوائل للانقسام هم الدروز.

أول من طرح الرؤيا الدرزية كان يغئال ألون، قاد البلماخ وأحد المبادرين الكبار في علاقات إسرائيل والمنطقة. ألون اقترح بعد حرب الأيام الستة أن تشجع إسرائيل الدروز في جبل الدروز على إقامة دولة خاصة بهم، ترتبط بالجيب الدرزي، قرية الحضر ومحيطها، في شمال الهضبة. هذه رؤيا، بالتوافق مع 2024. في جبل الدروز (منطقة السويداء) يعيش نحو 300 ألف درزي. حافظوا على ولائهم لنظام الأسد، لاعتبارات البقاء. الحكم السوري الجديد، الجهادي، لم يعين بعد حاكما للمحافظة فهو مشغول بالتثبت وبالشرعية.

لكن توجد احتكاكات أولية. درزي من الحضر نزع قبل بضعة أيام إلى كرم الزيتون خاصته، حاجز للنظام الجديد أوقفه على الطريق. إلى أن تسافر، سألوه. الى كرم زيتوني، قال. كان لك في النظام السابق، قالوا، لكنه تركوه.

قافلة من 200 سيارة، تندرات وجيبات كلهم من رجال هيئة تحرير الشام، الحكام الجدد للدولة، نزلت يوم السبت الماضي من دمشق جنوبا. وصلت القافلة الى درعا، قرب الحدود الأردنية. في جبل الدروز سجل قلق: فهم من شأنهم أن يتوجهوا يسارا اليهم. في النهاية اكتفوا باظهار السيادة وعادوا الى دمشق.

الدروز، كما هو الحال دوما منقسمون فيما بينهم. يوجد دروز يتطلعون للمساعدة والحماية من إسرائيل ويوجد من يبتعدون عنها كالنار. مصدر في الجيش ذكر لي هذا الأسبوع بان كل اعمال الإرهاب التي خرجت من سوريا الى إسرائيل، بما في ذلك عملية سمير قنطار، بدأت في الحضر. لا يوجد اليوم حضور للنظام السوري الجديد في القرية. كما لا يوجد حضور إسرائيلي.

الاكراد ردوا على انهيار نظام الأسد بتوسيع المنطقة بسيطرتهم، في شمال سوريا. حرب بين فصيليهم وضغط تركي دفعهم لان يعودوا ليتقلصوا. هم يتطلعون الى مساعدة إسرائيلية. المنطقة الأكثر اقلاقا من ناحية إسرائيل، هي جنوب هضبة الجولان. في الماضي كان فيه حضور لمنظمة جهادية مقربة من داعش. رجالها امتنعوا عن الصدام مع إسرائيل. هم لم يختفوا: الان، حين يكون الجهاديون يسيطرون في دمشق. هم كفيلون بان يفاجئوا من جديد. ويوجد أيضا فلسطينيون في الجنوب. نحو الف من الجهاد الإسلامي ومئات الحماسيين. بعضهم مسلحون بالصواريخ. يوجد مخربو حماس بين أولئك الذين حررهم النظام الجديد من السجن. الحدود السورية من شأنها أن تفتح للارهاب. القلق الأكبر، الجدي، هو على مستقبل الأردن. في نهاية 2026 يفترض بالامريكيين ان يغادروا العراق. ترامب سيسره الانسحاب من هناك قبل ذلك. ان الضغط الداخلي على النظام الهاشمي سيضاف الضغط من العراق والضغط من الحكم الجديد في سوريا. سيتعين على إسرائيل أن تخصص فرقة لحماية حدود الأردن. لن يكون مفر من استثمار المليارات في بناء عائق.

في الخلاصة، إسرائيل راضية عن انهيار النظام في سوريا ومن تداعياته على لبنان وعلى المنطقة كلها لكنها قلقة من تثبت النظام الجديد. مغازلات الجولاني، رئيس النظام الجديد، لحكومات غربية، تصريحاته المعتدلة تجاه إسرائيل لا تهديء روع احد. تعلمنا في 7 أكتوبر بان ليست النوايا هامة – هامة هي القدرات. قال لي مصدر عسكري. تصور انه مثلما نزل نحو 60 الف جهادي من ادلب الى حمص ومن هناك الى دمشق سينزل 60 الف جهادي من دمشق ومن هناك الى هضبة الجولان. في رأسه، وفي رأسي أيضا، جاءت الصور من الغلاف.

الحدث المغطى إعلاميا على احدى قمم جبل الشيخ السوري سعى لان يطلق رسالة للنظام الجديد ولانظمة عربية أخرى: إسرائيل هناك. في الوضع الناشيء الرسالة ضرورية، بل وربما حتى حيوية. لكن نتنياهو مثل نتنياهو: لا يمكنه أن يفعل شيئا صحيحا دون أن يرفق به مناورة صغيرة لانزال الايدي للقضاة في محاكمته ودون أن ينظم حوله احتفال احتلال زائد. لا يوجد ما يدعو الى تزوير مداولات لساعات على قمة جبل أجرد: المداولات الجدية تجرى في الغرف المغلقة. امام الشاشات والعروض. لا يوجد ما يدعو الى جر رئيس الشباك ورئيس الأركان الى هناك. الحياة ليست نزهة منظمة.

يوجد شرق أوسط جديد، لكن أحدا لا يعرف ماذا ستكون عليه طبيعته، وماذا سيكون مكان إسرائيل فيه وماذا ستكون احتياجاتها الأمنية. الحكومة اقامت لجنة برئاسة يعقوب نيغل، رجل ثقة نتنياهو، لفحص ميزانية الدفاع في العهد الجديد. تواصل الحرب يثير توقعا لميزانية دفاع موسعة. الماضي يفيد بدرس آخر: تضخيم ميزانية الدفاع الى حجوم وحشية بعد حرب يوم الغفران تبين كخطأ فتاك. فتح عشر سنوات ضائعة في اقتصاد إسرائيل.

يوم الاحد مثل امامها نائب رئيس الأركان امير برعم. وقال للجنة ان الأساس الأفضل هو ميزانية دفاع بمعدل 5.8 في المئة من الناتج القومي الخام، 148 مليار شيكل. الأساس الحالي هو ميزانية بحجم 5.1 في المئة من الناتج، 132 مليار شيكل. لا تتحدثوا فقط عن احتياجات الامن الجاري. تحدثوا عن أمن أساسي، عن الازمة الخطيرة في القوى البشرية، عن التردي في مكانة مقدمي الخدمة الدائمة. عن عالم فقد استقراره، آخذ في التسلح، عن الحاجة لانتاج الكثير جدا من الذخيرة هنا، عن الفرص التي تفتح.

حجم ميزانية الدفاع لن يتقرر في المقالات في الصحف. كل رقم في هذا الحديث يبدو خياليا، كبير على الدولة وعلى مواطنيها. الامن الأساس هو تعليم ورفاه وعمل. في النهاية البطانية قصيرة: جميل أن يعترض صاروخ حيتس 3 صاروخ حوثي، لكن كل صاروخ كهذا يكلف 4.5 مليون دولار.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)