- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
التايمز: الهجرة من تونس إلى أوروبا تشهد أرقاما قياسية
التايمز: الهجرة من تونس إلى أوروبا تشهد أرقاما قياسية
- 29 أغسطس 2022, 6:24:38 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بلغت الهجرة من تونس إلى أوروبا أرقاما قياسية، وشملت فئات من المجتمع لم تكن من قبل تضطر للهجرة، مثل العاملين ذوي الياقات البيضاء والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، وحتى الأطفال والفتيات.
ووفق تحليل لصحيفة "التايمز" البريطانية الأحد، فإن نحو 13 ألف مهاجر أبحروا من تونس نحو إيطاليا بعد عبور مياه البحر المتوسط منذ بداية العام الجاري ولغاية منتصف أغسطس/ آب الجاري، مشيرة إلى من بينهم 10 آلاف تونسي.
وأوضح كاتب التقرير "توم كينغتون" أن الاقتصاد المتدهور دفع عددا قياسيا من الأشخاص لمحاولة العبور إلى أوروبا، حيث يخاطرون برحلات مميتة عبر البحر الأبيض المتوسط.
وأضاف أنه مع ركود الأجور، وتصاعد الأسعار بشكل كبير، وما وصفته الصحيفة بتضييق الرئيس التونسي "قيس سعيّد" على الحقوق المدنية، تجاوزت الهجرة السرية من جميع فئات المجتمع التونسي إلى أوروبا الموجة الهائلة من الشباب الذين أبحروا من البلاد خلال الربيع العربي 2011.
ونقل "كينغتون" عبارة ساخرة لأحد مهربي البشر في ميناء صفاقس التونسي تلخص كل شيء، إذ قال المهرب: "الأمور سيئة للغاية، لدرجة أننا قد نتلقى طلبات من الجدات للهجرة العام المقبل".
وقال مهرب آخر من صفاقس نفسها، إن الفقراء والأغنياء والنساء الحوامل جميعهم يغادرون، "فعملي ارتفع بنسبة 30-50% منذ العام الماضي".
والعام الماضي، بلغ العدد الإجمالي للمغادرين والوافدين الذين تم اعتراضهم إلى إيطاليا من تونس 43 ألفا، وهو رقم أعلى بكثير من 27 ألف تونسي غادروا إلى إيطاليا عام 2011 عندما انهارت ضوابط الحدودية التونسية.
وحكى أحد المهربين في تونس للصحيفة أن المزيد من الأمهات يعهدن بأطفالهن إليه للاستفادة من قانون إيطالي يحظر إعادة القصر غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى شواطئ إيطاليا، وهي خدعة يستخدمها الآباء المصريون منذ فترة طويلة لإرسال أطفالهم إلى الخارج.
وقال المهرب إن إحدى الأمهات عرضت عليه مجوهراتها الذهبية لأخذ طفلها.
وقال "عماد سلطاني" الناشط المقيم في تونس الذي يعمل مع مؤسسة "تير بور توس" الخيرية إنه سمع حتى عن ضغط بالغين على أطفال الشوارع للسفر معهم، للظهور كوالديهم والحصول على حق البقاء في إيطاليا.
وأورد التقرير أن عدد المهنيين الذين غادروا تونس منذ 2011 يقدر بنحو 100 ألف، وأن عدد الذين لقوا حتفهم في أثناء العبور من ليبيا وتونس بلغ هذا العام نحو ألف.
كذلك أورد التقرير أن "محمد علي شلبي" (18 عاما) حارس مرمى فريق الشباب بفريق كرة القدم الصفاقسي استقل قاربا هذا الشهر، ولم تردعه المخاطر المحتملة رغم أنه من الطبقة الوسطى، ولديه مسيرة مهنية واعدة.
وعلق المدير الفني لنادي الصفاقسي لكرة القدم "ميز الطريفي"، محذرا من أنه إذا رحل شباب مثل "شلبي" فمن الممكن أن يتبعهم كثيرون، مضيفا: "لقد عاملناه مثل الابن، لقد أنشأ منتخب الشباب ولم يتوقع أحد رحيله".
وتابع "الطريفي": "لقد أضر بالروح المعنوية في النادي. ينتظرنا عمل شاق لإقناع اللاعبين الآخرين الذين يفكرون في الهجرة.. ربما يجب أن أذهب أنا أيضا".
وقالت مجموعة من مشجعي الصفاقسي إن الفريق يفتقر إلى جماعته "المتحمسة" من المؤيدين، لأنهم جميعا هاجروا بشكل غير قانوني إلى فرنسا.
فيما لفت "يوسف جلاسي" (25 عاما) وهو عاطل عن العمل، بالقول: "كنا نتسكع مع الأصدقاء من أحيائنا في صفاقس، لكن المدينة أصبحت خالية الآن، وعليك تكوين صداقات جديدة في أماكن أبعد".
وقال التقرير إن الفتيات المراهقات في مقاهي صفاقس يلتصقن بهواتفهن لمراجعة حسابات "شيماء بن محمود" و"سابي سعيدي"، وهما مؤثرتان محليتان استقلتا القوارب العام الماضي، وأصبحتا الآن تتباهيان بحياتهما الجديدة في إيطاليا وفرنسا.
وقال أحد مواطني المدينة إنه منذ أن غادرت هاتان الفتاتان، تقوم الكثير من الفتيات الأخريات بالاستعداد للمغادرة.
وأوضح التقرير أن الأسعار في تونس مرتفعة والخبز أكثر ندرة، والطبقة الوسطى تعاني من أجل شراء اللحوم والأسماك، وموسم احتجاجات الخريف والشتاء قادم، مضيفا أن الأمور استمرت في التدهور منذ أن تولى "سعيّد" زمام الأمور، مشيرا إلى أن الهجرة ربما تساعد في نزع فتيل الاحتجاجات داخل البلاد.
وتمر تونس حاليا بأزمة اقتصادية خطيرة، أبرز ملامحها انخفاض النمو الاقتصادي (أقل من 3%)، وارتفاع معدلات البطالة (ما يقرب من 40% لدى الشباب)، وزيادة الفقر (نحو 4 ملايين شخص).
هذه الأزمة الاقتصادية، المتزامنة مع أزمة سياسية حادة منذ أكثر من عام، تهدد بإفلاس الدولة التونسية، فيما يشترط البنك الدولي تنفيذ إصلاحات قد تقود إلى "انفجار اجتماعي".