- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
التيار الصدري.. الغائب الحاضر في خلافات الإطار التنسيقي بالعراق (مقال تحليلي)
التيار الصدري.. الغائب الحاضر في خلافات الإطار التنسيقي بالعراق (مقال تحليلي)
- 14 ديسمبر 2022, 9:13:17 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
- يشير مراقبون إلى خلافات بين القيادات السياسية حول إجراء انتخابات جديدة لمجالس المحافظات والانتخابات المبكرة..
- تتركز معظم الخلافات داخل الإطار التنسيقي على قانون الانتخابات والتغييرات المنتظرة بتعيين محافظين جدد لعدد من المحافظات يديرها أفراد تابعون للإطار أو التيار الصدري..
- تحرص قوى الإطار التنسيقي رغم خلافاتها على تجنب أي مساس بمصالح أو مكاسب التيار الصدري في مؤسسات الدولة لتفادي أي تداعيات محتملة..
تشير وسائل إعلام عراقية إلى خلافات "حادة" على مستويات عدة بين عموم القوى السياسية للمكونات الأساسية الثلاثة الشيعة والسنة والأكراد، وفي داخلها، من بينها وأهمها قوى "الإطار التنسيقي" الذي يقود حكومة محمد شياع السوداني.
وتأتي الخلافات داخل الإطار التنسيقي في صدارة اهتمام العراقيين حيث يمثل "الحزب الحاكم" ويستحوذ على معظم قرارات السلطة التنفيذية.
ولهذا، فإن أي خلافات داخل الإطار التنسيقي ستكون لها تداعيات على الحياة اليومية للعراقيين.
وتعكس صيغة بيان اجتماع الإطار التنسيقي الذي عُقد في منزل رئيس "هيئة الحشد الشعبي" فالح الفياض في 11 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، جزءا من الخلافات "غير المعلنة" داخل الإطار.
وحول مخرجات الاجتماع، ذكر البيان أن الاجتماع عقد "لمناقشة آخر التطورات السياسية والأمنية في البلاد"، حيث استمع المجتمعون إلى ملخص عن مشاركة العراق في القمة الصينية العربية بالرياض، ومستقبل العلاقات العراقية الصينية.
لكن البيان لم يذكر أي تفاصيل أخرى تتعلق بموضوع المناقشة، أي التطورات السياسية والأمنية في البلاد، عدا ما يتعلق بالعلاقات مع الصين.
رغم أن حكومة السوداني جاءت بتوافق قوى تحالف "ائتلاف إدارة الدولة" الذي يضم إلى جانب الإطار التنسيقي جميع القوى الأساسية الأخرى التي شاركت في تشكيل الحكومة وفق "المحاصصة السياسية" بين الشيعة والعرب السنة والاكراد، فإن الحكومة في حقيقتها هي حكومة الإطار التنسيقي، و"اللون الشيعي الواحد" بعد إقصاء التيار الصدري عن المشهد السياسي، وإن السوداني جزء أصيل من قوى الإطار وهو ملزم بحضور اجتماعاته الدورية، وآخرها اجتماع ديسمبر الأخير.
وفي 28 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عقد ائتلاف إدارة الدولة اول اجتماعاته، وهو الاجتماع الوحيد بعد تشكيل حكومة السوداني، في منزل رئيس العراق الأسبق جلال طالباني، بحضور رئيسي مجلسي الوزراء والنواب وعدد من قادة الكتل والأحزاب السياسية لمناقشة الجوانب السياسية والفنية لقانون انتخابات مجالس المحافظات ومجلس النواب.
ووفق متابعين، ثمّة خلافات بين القيادات السياسية في ائتلاف إدارة الدولة حول رؤية قوى الإطار التنسيقي من جهة، والقوى السياسية الأخرى من جهة ثانية بما يتعلق بإجراء انتخابات جديدة لمجالس المحافظات.
كما أن هناك خلافات أخرى حول إجراء الانتخابات المبكرة وفق توقيتات زمنية أعلن عنها السوداني تبدأ بتعديل قانون الانتخابات في غضون 3 أشهر من منح حكومته ثقة مجلس النواب، وإجراء الانتخابات بعد عام من ذلك على أن لا تتجاوز في سقفها الزمني نهاية العام 2023، وعلى أن تسبقها انتخابات مجالس المحافظات المعطلة منذ عام 2018.
وتسعى قوى متنفذة في الإطار التنسيقي إلى التراجع عن التعديلات الأخيرة في قانون الانتخابات الذي اعتمد نظام الدوائر المتعددة والعودة إلى النظام الانتخابي القديم، أي نظام الدائرة الانتخابية الواحدة لكل محافظة.
أنتج النظام الانتخابي الجديد الذي اعتُمد في انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول 2021، معادلة جديدة في توازن القوى السياسية وضع التيار الصدري في المقدمة، فيما تراجع التمثيل النيابي لقوى الإطار التنسيقي مجتمعة مقارنة بانتخابات عام 2018 إلى مستويات بعيدة عن أي إمكانية لإعلان نفسها الكتلة النيابية الأكثر عددا وتقديم مرشحها لتشكيل الحكومة.
وفي الواقع، فإن قوى الإطار التنسيقي التقت على حرمان التيار الصدري من تشكيل حكومة أغلبية وطنية كان من شأنها أن تقصيهم عن المشاركة في الحكومة التي كان الصدر يريد لها أن تكون عابرة للمحاصصة السياسية التي لا مكان فيها للخاسرين في الانتخابات، أي لا مكان فيها لقوى وأحزاب الإطار التنسيقي.
لكن الإطار التنسيقي الذي خسر انتخابات عام 2021 نجح في تشكيل هذه الحكومة بعد قرار غير مدروس لرئيس التيار الصدري بسحب أعضاء كتلته من مجلس النواب وإعلان استقالتهم في يونيو/ حزيران الماضي، بعد 8 أشهر من المحاولات الفاشلة لتشكيل حكومة أغلبية وطنية أو تقويض العملية السياسية بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.
ولذلك، فإن قيادات الإطار التنسيقي تخشى من خسارتها الانتخابات مرة أخرى في حال الذهاب إلى انتخابات مبكرة مع استمرار العمل بالنظام الانتخابي متعدد الدوائر الذي يعطي أهلية التمثيل النيابي للمرشح الحاصل على أعلى عدد من أصوات الناخبين في دائرته الانتخابية.
وتتركز معظم الخلافات داخل الإطار التنسيقي على قانون الانتخابات والتغييرات المنتظرة بتعيين محافظين جدد لعدد من محافظات وسط وجنوبي العراق، وهي 9 محافظات يديرها محافظون تابعون للإطار التنسيقي أو التيار الصدري.
وتتخوف القوى السياسية من أن تؤدي التغييرات في مناصب المحافظين إلى مزيد من الخلافات بين قيادات الإطار والسوداني الذي يريد استبعاد المتورطين منهم بالفساد، أو الذين تدور حولهم شبهات بالفساد أو سوء الإدارة والمحسوبية وفق توصيات لجنة تقييم أداء المحافظين التي شُكلت نهاية الشهر الماضي بقرار من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
ولتجاوز أي خلافات محتملة، قد يلجأ السوداني إلى استبدال المحافظين بآخرين من نفس الكيانات أو الأحزاب السياسية، فيما ستظل الخلافات قائمة على استبدال محافظ أو أكثر من أعضاء التيار الصدري في حال أقدم السوداني على استبدالهم بمحافظين من كيانات سياسية أخرى.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن أعضاء في الإطار التنسيقي نفيهم أن تكون هناك أي خلافات بين قوى الإطار ورئيس الحكومة، وأن التأخير في اجراء تغيير المحافظين لا علاقة له بما يجري داخل الإطار التنسيقي، بل يعود ذلك لقضايا قانونية وإجراءات فنية تتعلق بتنفيذ الاتفاق بين السوداني وقيادات الإطار خلال مفاوضات تشكيل الحكومة على إجراء مثل هذه التغييرات.
غير أن متابعين ومقربين من قيادات الإطار التنسيقي أفادوا لوسائل إعلام محلية، بوجود تباين في وجهات النظر حول آليات استبدال المحافظين بين رئيس الحكومة محمد شياع السوداني الذي يحاول عدم المساس بمواقع أتباع التيار الصدري، ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي الرجل الأقوى والأكثر نفوذا في الإطار التنسيقي، وهو الذي يرى أن يأخذ السوداني بالحسبان ما يتعلق بالثقل السياسي للكتل السياسية، أي استبعاد أتباع التيار الصدري الذي هو الآن خارج العملية السياسية.
من الواضح أن معظم القوى السياسية المتنفذة تعمل جاهدة على تجنب أي مساس بمصالح أو مكاسب التيار الصدري في مؤسسات الدولة عموما لتفادي أي تداعيات محتملة لقرارات أو خطوات يتخذها السوداني يمكن أن تثير حفيظة قيادات التيار التي ليس من المؤكد بعد أن رئيسها سيواصل اعتزال العمل السياسي أو أنهم سيغيبون تماما عن المشهد العام.
وخلال المرحلة الراهنة، فإن رئيس التيار الصدري بات يتخذ وضع "المراقِب" لتطورات الساحة السياسية وأداء حكومة محمد شياع السوداني التي يبدو أنها لا تبتعد كثيرا في الخطوط العامة عن توجهات رئيس التيار في قضايا جوهرية تتعلق بالانتخابات المبكرة وعدم تعديل قانون الانتخابات ومكافحة الفساد.
كما يبدو كذلك حرص السوداني على عدم المساس أو الاقتراب من مصالح أتباع التيار الصدري في الدرجات الوظيفية الخاصة أو نفوذ التيار في مؤسسات الدولة الأمنية والاقتصادية والخدمية، وهي معادلة حرجة سيكون على السوداني فعل ما أمكن لعدم الإخلال بها حفاظا على الأمن والاستقرار الذي سيظل رهن قرارات "قد" يتخذها رئيس التيار الصدري.