الجري في المكان.. هل تتجه إيران وأمريكا لإعادة إحياء مفاوضات الاتفاق النووي؟

profile
  • clock 20 ديسمبر 2022, 3:16:01 ص
  • eye 391
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تشبه مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني سلسلة أفلام الهالوين، حيث تظهر كل يوم أحداث وشخصيات جديدة بشكل مثير.

وقبل أقل من أسبوعين، قال "روب مالي"، مبعوث إدارة "بايدن" بشأن إيران، إن طهران "غير مهتمة" بالاتفاق النووي، لذلك فإن الولايات المتحدة "تركز على أشياء أخرى"، مثل "محاولة منعها من توفير الأسلحة لروسيا وكذلك محاولة دعم التطلعات الأساسية للشعب الإيراني".

لكن ماذا لو كانت إيران مهتمة مرة أخرى؟

في 9 ديسمبر/كانون الأول، عقب اتصال مع الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية "جوزيب بوريل"، غرد وزير الخارجية الإيراني "حسين أمير عبد اللهيان" قائلاً: "نحن في طريقنا إلى المرحلة النهائية. مرحلة الاتفاق الجيد والقوي والدائم".

وبعد 3 أيام، قال "بوريل"، في إحاطة لمجلس الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، "ليس لدينا خيار أفضل من الاتفاق النووي لضمان عدم تطوير إيران لأسلحة نووية". وأضاف: "ما زال ذلك في مصلحتنا".

وقال "بوريل" إن الاتحاد الأوروبي يجب أن يفصل بين ملفات حقوق الإنسان والطائرات بدون طيار التي يتم تقديمها إلى روسيا والاتفاق النووي، داعيًا إلى استمرار التواصل مع إيران "قدر الإمكان" بشأن الملف النووي، بالرغم من المأزق الحالي.

وقد ردت وزارة الخارجية الإيرانية على الاتحاد الأوروبي بشأن الاتفاق النووي بالقول إن "هدف إيران هو توقيع اتفاق دائم" وأكدت أنها "على استعداد لاختتام المحادثات بما يتماشى مع مسودة مفاوضات فيينا، والتي كانت نتيجة شهور من العمل الشاق والمناقشات المكثفة".

وقد وافقت إيران بعد فترة وجيزة على زيارة وفد من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 18 ديسمبر/كانون الأول لمحاولة حل نزاع طويل الأمد بشأن الانتهاكات الإيرانية المحتملة لاتفاقية الضمانات النووية.

ويخبرنا المسؤولون الإقليميون أيضًا أن إيران تشير بالفعل إلى اهتمام متجدد بإبرام الاتفاق النووي. وقد يكون هناك شك في نوايا إيران، لكن المخاطر أكبر من أن نأخذ في الاعتبار ما يبدو أنه تحول محتمل في موقف طهران.

ومع استمرار الاحتجاجات في إيران، تجد الجمهورية الإسلامية أنه من الأسهل الإشارة إلى الأعداء في الخارج، لتحويل الاهتمام عن الاضطرابات. ويُنظر إلى الانتقادات والعقوبات من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أنها جزء من حملة، تشمل بشكل خاص إسرائيل والسعودية، لزعزعة استقرار الجمهورية الإسلامية.

لا يمكن النظر إلى أن طهران ستستسلم في الداخل أو الخارج لسياساتها وهي تحت الحصار.

وستظل الحكومة في حالة توتر وصراع دائمة مع قطاعات واسعة من الشعب، خاصة النساء والشباب، لكن من غير المتوقع أن يستسلم النظام. لذلك قد يكون الوقت حان لإعادة الحديث عن الاتفاق النووي، فالمكاسب الاقتصادية لإيران، من خلال الأصول المجمدة ورفع العقوبات المالية والطاقة، ستكون كبيرة.

وقد يكون هناك أيضًا شعور بين بعض القادة الأكثر براجماتية في إيران بأنهم تجاوزوا الحدود في أغسطس/آب، قبل شهر من اندلاع الاحتجاجات بعد وفاة "مهسا أميني". وكان الاتفاق قريبًا في الصيف الماضي، لكن المحادثات انهارت بعد أن طلبت إيران المزيد من الضمانات لمنع انسحاب الولايات المتحدة مرة أخرى من الصفقة، كما فعل الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" في عام 2018.

وقد تكون عودة "بنيامين نتنياهو" كرئيس لوزراء إسرائيل، حافزًا لطهران للعودة إلى المفاوضات. وقال "نتنياهو" هذا الأسبوع إنه سيفعل كل ما في وسعه لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، حتى من دون موافقة واشنطن.

ولن يدفع ذلك قادة إيران للتراجع، وسيعتبرون أن تعميق التنسيق الأمني بين إسرائيل والسعودية تهديدا خطيرا يستوجب حشد كافة القدرات للتعامل معه.

وكانت كل من إيران وإسرائيل أظهرت بعض الواقعية هذا العام عندما جرى توقيع اتفاق الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان بوساطة أمريكية في أكتوبر/تشرين الأول. وكما قلت سابقا فإن هذا الاتفاق هو في الأساس صفقة إسرائيلية إيرانية عبر الحكومة اللبنانية وحزب الله.

وقد جدد "نتنياهو"مؤخرا التزامه بالصفقة رغم انتقاده لها خلال الحملة الانتخابية.

وقال الكاتب الإسرائيلي "بن كاسبيت" هذا الأسبوع إن قيادة المخابرات الإسرائيلية ترى تأثيرا كبيرا للاحتجاجات في إيران، لكن لا توجد إشارات على أن الحكومة على وشك السقوط.

ويعد تغيير النظام هدفا ذا سقف عالٍ، ونادرا ما تنتهي الدول الاستبدادية الواقعة تحت الحصار الممتد بتحول ديمقراطي. لذلك هل يمكن أن يتبنى "بايدن" الواقعية في التعامل مع إيران؟

وجعل "بايدن" العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني أولوية قصوى لإدارته، وقال مرارًا وتكرارًا إنه لن يسمح لإيران بتطوير سلاح نووي في عهده، وإن الدبلوماسية هي أفضل نهج لتحقيق هذا الهدف.

ولم تكن الدبلوماسية النووية تتعلق أبدًا بمكافأة الحكومة الإيرانية أو الاستثمار في تغييرها للأفضل، لكن تتعلق بمنع إيران من الحصول على القنبلة النووية وتبعات هذا الاحتمال بما في ذلك سيناريو حدوث سباق تسلح نووي إقليمي.

وتشعر الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجتمع الدولي بالقلق من رفع إيران مستوى تخصيب اليورانيوم لديها إلى 60%، وهي خطوة تقترب من مستوى 90% اللازم لصنع قنبلة نووية.

وحرصت إدارة "بايدن" مؤخرا على القول إنها لم تتخل عن الاتفاق تماما، وفقط أفادت أن لديها "أولويات أخرى".

إن الصفقة التي كانت مطروحة على الطاولة في أغسطس/آب، والتي لا تزال قائمة من الناحية الفنية، تعد المسودة الواقعية التي يمكن البناء عليها خاصة مع موافقة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عليها.

وبالطبع، يجب أن تكون الخطوة الأولى من جانب إيران. لكن إذا أصبحت إيران مهتمة مرة أخرى، ينبغي على الولايات المتحدة أن تعيد وضع الاتفاق النووي ضمن "الأولويات الأخرى".

 

المصدر | المونيتور

التعليقات (0)