- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
الدبلوماسية الإنسانية لدول الخليج في تركيا.. الزلزال يعيد إعمار العلاقات
الدبلوماسية الإنسانية لدول الخليج في تركيا.. الزلزال يعيد إعمار العلاقات
- 1 مارس 2023, 10:43:45 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
كانت مشاركة دول الخليج في "الدبلوماسية الإنسانية" لإغاثة المتضررين من الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا في 6 فبراير/شباط المنصرم، ذات بعد سياسي مهم، ومن شأنها أن تعزز ثقة من نوع مختلف بين تركيا وتلك الممالك الخليجية، بعد سنوات من التباعد والتوتر، لتكون تلك الثقة أساسا مهما في أية محادثات مستقبلية.
ما سبق كان خلاصة تحليل نشره "منتدى الخليج الدولي"، وترجمه "الخليج الجديد"، بعنوان: "دعم دول الخليج لتركيا بعد الزلزال يعكس شراكة متنامية".
واستعرض التحليل "الفزعة" الخليجية لمساعدة تركيا بعد كارثة الزلزال الذي أسفر عن مقتل وإصابة عشرات الآلاف ولقب بـ"كارثة القرن"، مشيرا إلى أن ما ميز تلك "الفزعة" أنها لم تأت من المستوى السياسي الخليجي فقط، بل شاركت فيها المستويات الشعبية بتلك الدول بفاعلية، وهي مشاركة لم تكن لتأتي بهذه القوة إلا بضوء أخضر واضح من الحكومات، ما يعد أمرا له دلالة.
تفاصيل "فزعة" الخليج
في 7 فبراير/شباط، انضم فريق البحث والإنقاذ الدولي التابع لقوة الأمن الداخلي القطرية (لخويا) إلى فرق الطوارئ الكويتية والإماراتية في تركيا للمشاركة في عمليات البحث والإنقاذ مع السلطات المحلية.
وصلت فرق البحث والإنقاذ من عُمان والمملكة العربية السعودية بعد يومين، وكان الأخيرة تحمل معها مخازن كبيرة من الإمدادات الطبية، ووصل الحرس الملكي البحريني المنطقة في 11 فبراير/شباط.
وأنشأ فريق الإنقاذ الإماراتي مستشفى رعاية الطوارئ الذي يضم قسمًا للحوادث، وغرف عمليات ووحدات عناية مركزة وأجهزة فحص تعمل مع 15 طبيباً و40 ممرضاً.
وعندما ضربت موجة ثانية من الهزات المنطقة في 20 فبراير/شباط، أرسلت الرياض فرقة بحث وإنقاذ ثانية إلى محافظة هاتاي على الحدود التركية مع سوريا، يقول التحليل.
وبصرف النظر عن المساعدة في البحث والإنقاذ على الأرض، أشار التحليل إلى تخصيص كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي مساعدات مالية وحزم إغاثة للضحايا والمتضررين.
وأقامت دول الخليج جسورًا جوية لنقل المواد الغذائية ومواد الإيواء والإمدادات الطبية، بينما تلقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مكالمات من قادة دول مجلس التعاون الخليجي لتقديم تعازيهم ودعمهم.
أيضا أطلقت السفارات التركية في دول الخليج حملات علاقات عامة للحث على التعاون مع المقيمين والمواطنين في هذه الدول.
وبعد فترة وجيزة، بدأت السفارات التركية والمنظمات غير الحكومية الإقليمية في شحن مساعدات الإغاثة مباشرة إلى تركيا.
وقد أطلق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في السعودية برنامج مساعدات خاص لتركيا وسوريا، وحققت منصة "ساهم" المحلية أكثر من 100 مليون دولار من التبرعات من 1.6 مليون فرد وشركة.
لم تكن السعودية الدولة الوحيدة التي استفادت من قوة الكيانات التي تديرها الدولة لمساعدة ضحايا الزلازل، فقد قام تلفزيون قطر والمؤسسة القطرية للإعلام (QMC) ببث حدث مباشر لجمع التبرعات بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر القطري، و"قطر الخيرية"، وهيئة تنظيم الأعمال الخيرية (RACA).
وجمع البث 46 مليون دولار من التبرعات، وتبرع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد شخصياً بمبلغ 14 مليون دولار للناجين من الزلزال.
وخطت الدوحة خطوة أخرى إلى الأمام، حيث خصصت 10 آلاف كابينة متنقلة ومنزل متنقل تم استخدامها خلال كأس العالم لكرة القدم 2022 إلى تركيا.
من جهته، تعهد مجلس الوزراء الكويتي بتقديم 30 مليون دولار لجهود الإغاثة، بالإضافة إلى الدعم الشعبي من خلال السفارة التركية في الكويت، حيث قامت جمعية "نماء" الخيرية الكويتية بتوزيع المواد الغذائية والبطانيات على أهالي منطقة الكارثة.
وبالإضافة إلى التعهد بتقديم 100 مليون دولار، أجرت الإمارات دبلوماسية مكوكية بين تركيا وسوريا لإيصال المساعدات إلى شمال سوريا.
رد الجميل لأنقرة
ويلفت التحليل إلى أن تدفقات الدعم العربي والدولي لتركيا عقب الزلزال، يمكن اعتباره "رد جميل" على تفاني أنقرة الطويل في الدبلوماسية الإنسانية، عبر مؤسساتها غير الحكومية التي تستجيب بفاعلية للكوارث والنزاعات في الصومال وميانمار وسوريا وفلسطين وباكستان.
وتستضيف تركيا حاليًا أكبر عدد من اللاجئين السوريين، وهو واقع يعزز صورتها كلاعب إنساني رئيسي.
هذا المعنى أكده المنسق المقيم للأمم المتحدة في تركيا، ألفارو رودريجيز، حينما فسر الدعم الدولي للناجين من الزلزال على أنه اعتراف بكرم تركيا في الماضي.
ويقول التحليل إنه حتى اليمنيين المقيمين في تركيا نجحوا في جمع ما يقرب من مليون دولار لمتضرري الزلزال رغم ظروفهم الحساسة بسبب تداعي اقتصاد بلادهم التي ترزح تحت حرب مدمرة؛ وهو ما يفسر أيضا مدى قوة الدبلوماسية الإنسانية لتركيا في اليمن، حيث كانت مساعدات أنقرة لهذا البلد العربي "غير مسيسة"، رغم تبني الأتراك رواية مناهضة للحوثيين، ومتفهمة – ولو جزئيا – لوجهة نظر السعودية والتحالف الذي تقود ضد الجماعة المدعومة من إيران.
ولم يقتصر الأمر على الشتات اليمني في تركيا، بل إن اليمنيين أرسلوا من بلادهم 10 شاحنات مليئة بإمدادات الإغاثة إلى المنطقة الجنوبية في تركيا.
ويختم التحليل بالقول إن الجولة الحالية من الدبلوماسية الإنسانية الخليجية، رسميا وشعبيا، تجاه تركيا، تأخذ بعدا سياسيا في إطار استعادة العلاقات التي أنهكتها سنوات من التوترات، على خلفية ملفات حصار قطر عام 2017 وتحرك أنقرة لدعم الدوحة عسكريا وسياسيا، ومقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول وما تلاه من تفجر للخلافات بين أنقرة والرياض، وهناك أيضا اختلاف وجهات النظر حول مستقبل سوريا، والجدل حول دعم أنقرة لجماعة الإخوان المسلمين.
ويردف: "في الوقت الحالي، تتميز العلاقات بشكل أفضل بخطوات دبلوماسية واقتصادية صغيرة لكسر الجمود، بدلاً من إعادة بناء سريعة للعلاقات الثنائية، لكن دبلوماسية الخليج الإنسانية في تركيا عقب الزلزال من شأنها تعزيز ثقة أفضل بين الطرفين وتشجع التقارب في المستقبل".