الدكتور طارق عباس :مجرد دردشة قانونية

profile
  • clock 17 يونيو 2021, 7:25:28 م
  • eye 858
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

من ١٠٠ ألف حتى ٣٠٠ ألف جنيه تصوير أو تسجيل كلمات او مقاطع او نشر وقائع محاكمة في دعوى جنائية بدون اذن من رئيس المحكمة المختصة.

من المقرر قانونا أن نشر ما يجري في المحاكمات بواسطة وسائل الإعلام ما هو إلا امتداد لمبدأ علانية المحاكمات، 

حيث تستمد مشروعية نشر الإجراءات القضائية من علانيتها. مبدأ قانوني استقر عليه قضاء محكمتنا العليا.

 إلا أنه صدر قانون اضاف المادة ١٨٦ مكررا من قانون العقوبات، نصت على أنه «يُعاقب بغرامة لا تقل 

عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثمائة ألف جنيه كل من صور أو سجل كلمات أو مقاطع أو يث أو نشر 

أو عرض بأي طريقة من طرق العلانية لوقائع جلسة محاكمة مخصصة لنظر دعوى جنائية دون تصريح من رئيس المحكمة المختصة وبعد أخذ رأى النيابة العامة».

وإذا كان التجريم والعقاب آلية من آليات الرد الاجتماعي على انحراف يستوجب التدخل وعقاب مرتكبيه. 

فما هي علة التجريم وهل كان النص رد فعل لمقطع الفيديو الذي نشر على وسائل التواصل

 الاجتماعي بشأن المشادة التي وقعت بين سيدة وضابط شرطة بسبب تصويرها قاعة محكمة،

 وأحيلت السيدة على إثرها للمحاكمة في واقعة الاعتداء على الضابط (وقضي ببراءتها).

جاء بتقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية أن فلسفة التجريم هي مواكبة الظروف المستجدة التي أفرزها الواقع 

العلمي هادفاً إلى المحافظة على النظام العام والآداب العامة. واستعرض التقرير عدة نصوص تتعلق بقرينة 

البراءة (المادة ٩٦ فقرة ١ من الدستور) ومنها ما يتعلق بسلطة المحكمة في حظر نشر جلسات المحاكمة مراعاة للنظام 

العام والمحافظة على الآداب (المادة ١٨٧ من الدستور والمادة ٢٦٨ إجراءات والمادة ١٨ من قانون السلطة القضائية) 

وفات اللجنة الإشارة إلى نص المادة ١٩٠ من قانون العقوبات.

وإذا كان الأمر كذلك فنرى بداية أنه كان يجب أن يحتل النص موضعا آخر في قانون العقوبات بأن يحمل (رقم ١٩٠ مكررا) بدلا من (١٨٦ مكررا)،

 حيث إن المادة ١٨٦  (السابقة عليها) تجرم الاخلال بمقام قاضي أثناء الجلسة بينما تعاقب المادة ١٩٠ كل من نشر المرافعات القضائية 

أو الأحكام التي قررت المحاكم حظر نشرها في سبيل المحافظة على النظام العام والآداب. فالمكان الأنسب يكون بعد المادة ١٩٠ مباشرة.

لا يشك أن هذا النص يسهم في تدعيم قرينة البراءة إلى حين صدور حكم بات، إلا أنه لا يكفل حماية كاملة فلا يسري مثلا في حالة نشر أخبار المحاكمات التي قد تنال من هذه القرينة...

 وكنا نأمل أن يكون حظر العلانية مرتبطا هنا بالمساس بقرينة البراءة..... وكان مشروع القانون يشترط بالإضافة 

إلى اذن رئيس المحكمة وموافقة النيابة العامة موافقة المتهم أيضاً والمدعي المدني علي النشر. فكان المتهم يقف علي قدم مساواة مع ممثل الادعاء (النيابة العامة) 

ولا أدري ما سبب الحذف، وكان النص في صورته الأولى أيضا يقصر التجريم على نشر الصور والكلمات ومقاطع الفيديو قبل صدور حكم بات في الدعوى،

 بينما صياغة النص في صورته النهائية يمد نطاق التجريم إلى ما بعد الحكم البات... فباتت اباحة النشر التي تستلزم اذن من 

رئيس المحكمة المختصة محل نظر بعد خروج الدعوى من حوزته باصداره حكم فيها، فضلا عن تغيير تشكيل الدوائر بصورة مستمرة..

أما المحافظة على النظام العام والآداب العامة فقد تم معالجتها في العديد من النصوص التشريعية الأخرى وهي كفيلة ببسط الحماية اللازمة دون حاجة إلي نص اضافي. 

• ولعل القانون الفرنسي ضرب مثلا في هذا الشأن حينما اصدر حزمة من النصوص تحقق حماية قرينة البراءة، 

فبدأ باستبدال كلمة (متهم) أينما وجدت بكلمة (الشخص الموضوع تحت الملاحظة). ونصت المادة الأولى (اصدار) من قانون 

الإجراءات الجنائية الفرنسي يُفترض أن أي شخص مشتبه به بريء حتى تثبت إدانته. 

ويتم منع انتهاكات قرينة البراءة ومعالجتها ومعاقبتها بموجب الشروط التي ينص عليها القانون.

• فضلا عن أحقية كل شخص موضوع تحت الملاحظة في اللجوء إلى القضاء لوقف انتهاك افتراض البراءة، بل طلب تعويض عن الأضرار التي لحقت به.

 فنصت المادة ١٩ من القانون المدني الفرنسي «لكل فرد الحق في احترام افتراض البراءة. إذا كان الشخص،

 قبل إدانته، قد قدم علناً على أنه مذنب في الوقائع الخاضعة للتحقيق أو تحقيق قضائي، يجوز للقاضي، حتى في الإجراءات الموجزة،

 دون المساس بالتعويض عن الضرر الذي لحق به ، أي تدابير، مثل إدراج تصحيح أو تعميم بيان صحفي ، 

من أجل وضع حد لانتهاك قرينة البراءة ، على حساب الشخص الطبيعي أو الاعتباري المسؤول عن ذلك تم التوصل إليها». 

وعليه أجاز القانون للقاضي طلب تصحيح أي خبر ينال من قرينة براءة المشكو في حقه أو المشتبه فيه. 

ولا يجوز أن يحمل الشخص أغلالاً أو أثقالاً إلا إذا كان يمثل خطورة كبيرة على الغير أو على نفسه أو كان من المحتمل هروبه،

 وفي حالة تقييده يجب اتخاذ كافة لإجراءات اللازمة للحيلولة دون تصوير الشخص أو إجراء تسجيل بالصوت والصورة وهو مقيد بأغلال.

التعليقات (0)