الرياضة السورية بين ذكريات الماضي ، وخيبات الحاضر

profile
  • clock 24 مارس 2023, 12:49:08 م
  • eye 403
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

"ذكريات خالدة لإنجازات رياضية مازلنا نتغنى بها ، وحاضر رياضي كالمسافر بين البلدان دون أي جديد على مستوى الإنجازات"

لايكاد يخفى على أحد حجم المعاناة التي تعيشها الرياضة السورية على كافة الأصعدة من كرة القدم إلى السلة مروراً بالألعاب الفردية وألعاب القوى والتي لطالما كنا ننجح بها إلى حد ما "وقد يكون لكونها فردية فقط " .

فمع استمرار الأزمة السورية ودخولها العام العاشر ، كان المجال الرياضي مثل غيره من القطاعات، لابد له من التضرر والتأثر مخلفاً بذلك التراجع بالرياضات المحلية والجماعية على المستوى العالمي بشكل كبير ، ومعمقاً الفجوة مابين رياضاتنا على المستوى العالمي ،فأصبح أكبر ذكرياتنا في العقد الأخير مقتصرة على عارضة السومة أمام أستراليا ، أو أنجازات فردية لنجوم لطالما تغنينا بذكرهم .

محطات تاريخية في مسيرة كرة القدم السورية لم تتكرر

 

  1. تصفيات مكسيكو 86

لا ينسى محبو الكرة السورية تصفيات مونديال المكسيك 1986 و التي كاد منتخب سوريا فيها أن يحقق لأول مرة في تاريخه حلم العبور إلى نهائيات المونديال، وبعد أن بات حلم السوريين ببلوغ المونديال قاب قوسين أو أدنى، إلا أنه كان على الفريق السوري أن يتجاوز العراق في المباراة الأخيرة والحاسمة للتصفيات، مباراة الذهاب انتهت في دمشق بالتعادل 0-0 في حين دارت مباراة العودة في مدينة الطائف السعودية حيث لم يكن بمقدور العراق اللعب على أرضه بسبب ظروف الحرب العراقية الإيرانية، المباراة جرت يوم 29 تشرين الثاني نوفمبر 1985 و انتهت بنتيجة 3-1 لصالح العراق الذي صعد إلى المونديال في حين تبخرت آمال محبي المنتخب السوري.

 

  1. دورة المتوسط 1987 :

في عام 1987 استضافت مدينة اللاذقية عروس الساحل السوري الدورة الحادية عشرة لألعاب البحر الأبيض المتوسط، و قد كان عشاق الكرة السورية على موعد في هذه الدورة مع واحد من أهم إنجازات منتخب سوريا لكرة القدم.

و في المباراة النهائية التي أقيمت على أرض استاد الأسد باللاذقية يوم 25 أيلول سبتمبر 1987 التقى منتخب سوريا بنظيره الفرنسي في مباراة مثيرة انتهت بفوز سوريا 2-1 بهدفين سجلهما نزار محروس و وليد أبو السل، و بذلك فازت سوريا بالميدالية الذهبية لمسابقة كرة القدم في ما اعتبر واحداً من أهم إنجازات الكرة السورية على الإطلاق.

 

  1. مونديال البرتغال 1991:

ما عجز عنه منتخب الرجال نجح في تحقيقه منتخب الشباب حين تأهل لمونديال الشباب لأول مرة في السعودية عام 1989 ثم أتبعها بثلاث مشاركات أخرى في البرتغال عام 1991، قطر عام 1995، و أخيراً في هولندا عام 2005.

إنجاز منتخب الشباب الأفضل في مشاركاته المونديالية هذه كان في في مونديال البرتغال عام 1991، منتخب سوريا استهل مشاركته في البطولة بالفوز على الأرغواي 1-0 ثم التعادل مع إنكلترا 3-3 و مع اسبانيا 0-0 ليحتل المركز الثاني في مجموعته و يصعد إلى الدور الربع نهائي حيث التقى منتخب أستراليا في مباراة قوية أقيمت في مدينة براغا يوم 23 حزيران يونيو 1991 و انتهى وقتها الأصلي و الإضافي بالتعادل 1-1 ليحتكم الفريقان إلى ضربات الترجيح التي فازت بها أستراليا 5-4 ليودع منتخب سوريا البطولة بعد أن قدم عروضاً قوية و لم يخسر أي مباراة و احتل المركز السادس في الترتيب الإجمالي لفرق البطولة.

  1. كأس آسيا للشباب 1994 :

شهدت نهائيات كأس الأمم الأسيوية للشباب التي أقيمت في العاصمة الأندونيسية جاكرتا عام 1994 إنجازاً غير مسبوق لكرة القدم السورية حين نجح منتخب الشباب في الظفر بكأس البطولة بعدما قدم عروضاً قوية بدأها بالفوز في الدور الأول على العراق 2-1 و على أندونيسيا 4-0 و كازاخستان 6-1 و التعادل مع قطر 1-1 ليتأهل إلى الدور نصف النهائي الذي تجاوز فيه تايلاند بنتيجة 1-0، ليلتقي في المباراة النهائية التي أقيمت يوم 25 أيلول سبتمبر 1994 مع منتخب اليابان و يفوز عليه 2-1، و بذلك حمل منتخب شباب سوريا كأس أمم آسيا للمرة الأولى في تاريخه و الأخيرة حتى يومنا هذا. 

 

  1. بلوغ الملحق النهائي لتصفيات كأس العالم 2018

 

من جديد انتهى حلم المنتخب السوري بالتأهل لنهائيات كأس العالم بعد الهزيمة أمام أستراليا بهدفين مقابل هدف وحيد في إياب الملحق الآسيوي المؤهل للبطولة التي استضافتها روسيا 2018.

وبعدما حققت سوريا نصف إنجاز بتأهل منتخبها إلى ملحق قاري إثر تعادلها الصعب مع مضيفتها ايران 2-2، وبلغت كوريا الجنوبية النهائيات التاسعة تواليا بتعادلها سلبا مع أوزبكستان، في الجولة الأخيرة من الدور الثالث الحاسم لتصفيات آسيا إلى مونديال 2018 الثلاثاء (الخامس من أيلول/ سبتمبر 2017).

وكان المنتخب السوري يأمل ببلوغ كأس العالم في كرة القدم للمرة الأولى في تاريخه. إلا أن تعادله مع ايران في المباراة الحاسمة اليوم، حرمه من التأهل المباشر، إلا أنه أبقى على آماله بحال تخطيه الملحق ، والذي انهزم أمام المنتخب الاسترالي في الوقت الإضافي وبعدما تعادل الفريقين في الوقت الأصلي بهدف لكل فريق امتدت المباراة للوقت الإضافي ، وفي بداية الشوط الإضافي الأول، تلقى اللاعب السوري محمود المواس بطاقة حمراء بعد حصوله على بطاقة صفراء ثانية، ليكمل المنتخب السوري الوقت المتقبي بعشرة لاعبين.

واستغل المنتخب الأسترالي النقص العددي لسوريا وضغط بكل قوة، وكاد أن يسجل هدف التقدم في أكثر من مرة لولا تألق الحارس السوري.

وفي الدقيقة 109، تمكن المنتخب الأسترالي من إحراز الهدف الثاني عن طريق تيم كاهل.

المشاركات السورية في الألعاب الأولمبية

شاركت سوريا لأول مرة بعد استقلالها عام 1946 في أولمبياد لندن 1948 لأول مرة.

وحصلت سوريا على أول ميدالية لها في الألعاب الأولمبية الصيفية 1984 وكانت فضية عن طريق اللاعب جوزيف عطية في رياضة المصارعة، وحققت الميدالية الثانية في الألعاب الأولمبية الصيفية 1996 وكانت ذهبية عن طريق اللاعبة غادة شعاع في رياضة ألعاب القوى السباعي، كما حققت الميدالية الثالثة في الألعاب الأولمبية الصيفية 2004 وكانت برونزية عن طريق اللاعب ناصر الشامي في رياضة الملاكمة.

صور لمعن أسعد أثناء مشاركته في أولمبياد بكين 2020

وأخيرا حصلت على الميدالية البرونزية في رفع الأثقال بوزن 109 كيلوغرام عن طريق الرباع السوري معن أسعد ضمن منافسات رفع الأثقال للرجال في أولمبياد طوكيو 2020 مانحاً بلاده أول ميدالية في هذه الدورة.

يسرى مارديني الشابة السورية الصغيرة التي وصلت الجزر اليونانية سباحة أثناء رحلة هروبها من الحرب، ألهمت الملايين وانتشرت قصة حماسها حول العالم عبر عشرات التقارير التلفزيونية والمقابلات الصحفية، حيث استطاعت لاحقاً الوصول إلى ألمانيا لتحطم الرقم القياسي للسباحات السوريات في السباق المزدوج 400 متر والتأهل للمشاركة في الأولمبياد العالمي للسباحة بالبرازيل ضمن اللاجئين المشاركين في النهائيات، إلى جانب السباح السوري الشاب رامي أنيس الذي كان قد لجأ إلى بلجيكا قبل ان يترشح لنهائيات أولمبياد السباحة في ريودي جانيرو عام 2016.

نافست الشابة بيان جمعة عشرات السباحين في الألعاب الاولمبية الصيفية عام 2012 ثم حصلت على ميدالية ذهبية وأخرى فضية في سباقي 50 و100 متر حرة في بطولة التشيك خلال آذار الماضي.

مجد الدين غزال الذي أحرز الميدالية البرونزية بالوثب العالي في فرنسا، وبرونزية العالم في لندن وجوائز عديدة حصدها حول العالم، فيما احترف الشاب عمار رمضان كرة القدم في نادي يوفنتوس الإيطالي، وحصل عمر خريبين ابن نادي الوحدة الدمشقي ولاعب نادي الهلال السعودي لقب أفضل لاعب في آسيا عام 2017.

 

غادة شعاع تحصل على ذهبية في أولمبياد 1996

 

ولاننسى اللاعب السوري والهداف عمر السومة ويعد من أبرز المهاجمين العرب الذين يلعبون في الدوريات العربية، لما يملكه من حس تهديفي عالي سواء بالرأسيات أو الركلات الحرة أو ركلات الجزاء، كما يجيد السومة اللعب بكلتا قدميه. كانت بدايته مع نادي الفتوة السوري والذي انضم إليه في عام 2001 عندما كان يبلغ من العمر 12 عام. وفي موسم 2009–10 ساعد السومة فريقه الهابط إلى الدرجة الثانية بالتتويج بالمركز الأول والعودة إلى دوري الأضواء.

وفي أغسطس 2011 انتقل السومة إلى نادي القادسية الكويتي. خلال الفترة التي قضاها في القادسية حقق معهم العديد من الألقاب، وفي الموسم الأخير له في الدوري الكويتي حقق السومة لقب الهداف بتسجيله 23 هدفا ليساعد فريقه بالتتويج بلقب الدوري.

انتقل السومة إلى النادي الأهلي السعودي في يوليو 2014 في عقد مدته عامين. في أول لقاء للسومة وفي أولى جولات دوري عبد اللطيف جميل أمام نادي هجر والتي انتهت بنتيجة 6–1 لصالح الأهلي، تمكن من تسجيل ثلاثة أهداف ليكون أول هاتريك يسجله مع النادي وأول هاتريك يُسجل في ملعب الجوهرة، واستمر تألق السومة مع الأهلي ليحقق لقب هداف الدوري لثلاث مواسم متتالية بعد ذلك. وبقيادة السومة استطاع النادي الأهلي تحقيق لقب الدوري والذي كان غائباً عن الفريق منذ أكثر من 32 سنة.

وحصل عشرات الرياضيين السوريين الآخرين على ميداليات وجوائز مميزة مشاركين في تصفيات رياضية عالمية، ليرسموا خطوات الرياضة السورية اليوم، وليكونوا مثالاً يحتذى للعزيمة والإصرار على متابعة الحياة رغم صعوبتها.

مرافق غير جاهزة وملاعب غير صالحة للاستخدام 

 

ملعب محافظة طرطوس

سوء الملاعب السورية ليست وليدة هذا الموسم، ولم تكن سوريا يومًا قادرة على استضافة أي بطولة، وإذا ما أراد الاتحاد الآسيوي لكرة القدم أو الاتحاد الدولي (فيفا) وضع شروط الاستضافة التي توضع على دور الجوار، فلن تكون سوريا مؤهلة لاستضافة أي بطولة وذلك لضعف البنية التحتية للمنشئات الرياضية ،ولإن الملاعب السورية التي في البلاد تكاد لاتصلح في معظمها لاستضاف البطولات المحلية حتى  .

 

ملعب العباسيين في دمشق 2020
 

ويعود ضعف هذه المنشئات إلى ضعف البنى التحتية للبلاد إجمالاً، وضعف شبكات المواصلات العامة والطرقات، والخدمات كالفنادق وغيرها، إذا أن الرياضة السورية لطالما كانت من أواخر الأمور التي التي تحظى باهتمام الجهات المسؤولة في البلد ، ومع بداية الأحداث ومما زاد الأمور سوءاً قرار الجهات الرسمية في النظام بتحويل بعض الملاعب والمنشئات الرياضية إلى ثكنات عسكرية .

وهو الشيئ الذي أدى إلى تراجع الأداء الفردي للاعبين على أرضية الملعب ، وهو ماأكد عليه نزار المحروس المدرب الحالي للمنتخب السوري لكرة القدم ، فقد تحدث على أن من أهم أسباب تراجع الأداء الفردي للاعبين هو عدم وجود ملاعب رياضية بمواصفات عالمية مما ينعكس ذلك على أداء العام للاعبين على أرضية الملعب والمنتخب أيضاً .

 

غياب التخطيط وضعف الاستعدادات 

مع بداية كل بطولة عالمية أو منافسة قارية تبدء كل الفرق بحصد مجهود استمر لفترات زمنية طويلة ، الأمر الذي يوضح مستوى التحضير العام للفرق المشاركة من جهة ومن جهة أخرى تكشف عمل الاتحاد المعني في أي رياضة كانت .

وهنا تبدء جوهر المشكلة وقبل انطاقة أي بطولة عربية أو قارية ،تبدء المبررات والحجج لدى القيادات الرياضية والجهاز الفني للفرق ، وتعود لتذكرنا بأننا نعيش حرب وأزمة خانقة، تلك التخبطات تجعل المشاركين باسم المنتخب يخرجون خاليي الوفاض من جديد .

لايكاد اثنين يختلفوا على صعوبة الأزمة التي عصفت ببلادنا ، ولكن بنفس الوقت ندرك تماماً أن هذه الحجة أصبحت الشماعة التي يتم تبرير الفشل و غياب التخطيط والمعسكرات والتحضير الجيد على كافة البطولات والإكتفاء بإطلاق التصاريح الرنانة كما حصل في كأس أسيا الأخير ، وعندها دخلنا البطولة بوعود كبيرة، وطموح أكبر ،وتصاريح رنانة من قبل الجهات الرياضية ، قبل أن نخرج وكالعادة من الدور الأول من دور المجموعات مكتفيين" بشرف المشاركة" .

غياب المعسكرات الخارجية التي تعمل على تحقيق التقدم ورفع الكفائة للمنتخبات  وتمنح عامل الخبرة الذي لطالما كنا مفتقدين لها ، والتهرب من التقدم بطلبات للموجهات الودية مع منتخبات من الصف الأول لتجهيز الفرق والمنتخبات ووجعلهم يستفيدون من مثل هذه المباريات.

عدم وجود خطة حقيقية لإنشاء منتخبات ذو قاعدة واضحة، وللاعبين قادرين على مجابهة المنتخبات ذات الصف الأول .

  • عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب : 

وهو الأمر الذي لطالما كنا نعاني منه في مختلف ألعابنا الجماعية والفردية ، ورغم امتلاكنا للعديد من الأسماء اللامعة والقادرة على إنجاح منتخباتنا ورياضاتنا بشكل عام ، نتفاجأ بأن المدرب الفلاني أستلم تدريب المنتخب الأول أو الأولمبي، والأمر يتعدى ذلك ليشمل رئيس الاتحاد الرياضي العام أو رئيس أتحاد كرة القدم أو السلة أو ألعاب القوى ، الأمر الذي ينتج عنه عدم وجود خطة احترافية وصحيحة للمنتخباتنا وللاعبينا .

عدم وجود أكاديميات لتنشئة جيل محلي قد تم تنشئته بشكل صحيح ليكون الدعامة الأساسية التي تستند عليه المنتخبات والفرق .

 

  • الواسطة أو المحسوبية

 

وهي من أهم الأمور التي تجعلنا متخلفين بمراحل عن بقية البلدان الأوربية وحتى بعض الدول الأسيوية ، فنرى للاعبين فقط لإنهم يمتلكون "واسطة كبيرة " يلعبون بشكل أساسي على حساب للاعبين أجدر وأحق منهم ، أو يتم منحهم الإمكانيات والاولولية بالمشاركات بالمحافل والبطولات وهنا تتجدد المشكلة بغياب الرقابة والحساب وإعطاء كل ذي حقٍ حقه .

 

ومع سرد كل هذه الأسباب والتفاصيل لابد من وجود أمور كثيرة آخرى  ، لم يتم ذكرها لانتشار الفساد في كل مفاصل الرياضة السورية ، الأمر الذي بالتالي يحد من قدرة رياضاتنا وتمنعنا من التقدم ومواكبة التطور الرياضي الحاصل وحتى التطور العربي الحديث .

ويبقى السؤال المطروح : إلى متى سنبقى نستذكر ذكريال وإنجازات قد تم تحقيقها منذ أكثر من عقد من الزمان ولا نستطيع أن نحتفل بإنجازات جديدة ،ورسم فرحة على وجوه ملايين أنهكتهم الحرب وهم مازالوا يمنون النفس بفرحة بسيطة تنسيهم واقعهم المرير .

 

التعليقات (0)