- ℃ 11 تركيا
- 21 يناير 2025
السفير معصوم مرزوق يكتب : من هنا نبدأ
السفير معصوم مرزوق يكتب : من هنا نبدأ
- 25 ديسمبر 2021, 3:05:21 م
- 953
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ربما ينبغي ألا نرهق عقولنا في هذه المرحلة من التيه بحثا عما نريد ، إكتفاء بمحاولة تحديد ما الذي لا نريد ..
بدلا من طرح الخيارات المختلف عليها حول تصورات المستقبل المختلفة ، قد يجدر بنا جمع ما يمكن أن نتوافق عليه كمجتمع .
وبدون الدخول في تفاصيل لن تغني شيئا ، من الواضح أن أغلب قوي المجتمع ( إن لم يكن كلها ) ترفض الإستبداد والظلم والقبح والكذب والنفاق ، ولا بد أنها أيضا يمكن أن تتوافق حول عناصر إنتقالية ذات طبيعة مؤقتة ريثما يثمر حوار جدي عن الإقتراب من تخوم ما نريد ، أو ما يمكن أن نريد .
القفز أو توهم القفز فوق معطيات الواقع والزمن ليس إلا نوع من الوهم ، ولا يزيد عن قفز في المكان نفسه ، فهو وهم يرفض رؤية حقيقة أن الإنتقال بمجتمع من مكان إلي آخر ومن مكانة إلي أخري ( إيجابا أو سلبا ) يشتمل بالحتم والضرورة علي فكرة التدرج والمرحلية وبشكل حسابي دقيق ..
أو بمعني آخر ، لا يوجد شئ اسمه ( إحراق المراحل ) ، لأن كل مرحلة هي في التحليل الأخير مسافة وزمن وجهد ، يستحيل علي تجربة بشرية أن تخترق هذه الحواجز دون خسائر فادحة ..
لقد حاول محمد علي باشا ذلك ظنا منه أن جيشا كبيرا جيد التسليح يكفي لبناء إمبراطوريته ، متغافلا عن حقائق المجتمع المصري في عصره وأبعاد الوضع الدولي ، وكلاهما كان يتطلب بناء تدريجي قد يستغرق عشرات السنين .. ولقد وقع الخديو إسماعيل في نفس الخطأ ولكن من زاوية أخري ، حيث تصور أن العمارة المرصعة بمظاهر وقشور العصر تكفي كي يقف كتفا بكتف مع أباطرة وملوك أوروبا ، فكأن الأول كان يريد الإقتحام بالسيف في ميادين القتال ، والثاني بالجيتار في ساحة الأوبرا ! .
وبنفس المقياس " إحراق المراحل" ، وقع عبد الناصر في الخطأ وإن كان أكثر إدراكا ووعيا ، فقد كان الرجل يمتلك ملكات شخصية ، ومكتسبة كضابط أركان حرب تتيح له إدراك " المعضلة " التي حاول تفادي آثارها السلبية ، إلا أن حماسه وثوريته ، وطبيعة النظام الديكتاتوري كان يدفع بإتجاه عدم الإلتفات إلي مخاطر عدم التدرج ، وأهمية التمهيد الصبور لبناء الإنسان المصري أولا .. وهكذا قيل " أنها كانت إشتراكية بلا إشتراكيين " ، و " عدالة توزيع الفقر " ، و " دولة المخابرات " ..إلخ ، والتي أدت في النهاية إلي النتيجة المنطقية التي تمثلت في هزيمة 1967 العسكرية .
قد يصعب فهم ما تقدم أو التسليم به علي إعتبار أن العصر الحالي يمتلك أدوات أتاحتها التكنولوجيا تسمح بالفعل " حرق المراحل " والقفز عبر الزمن بأشكال لا تتحدي العلم أو تخترق طبيعة الأشياء ، وأن التحدي الماثل هو " اللحاق بالعصر " ولن يتسني مواجهة هذا التحدي بنفس أدوات وأفكار عصور مضت ..
ولكن .. هل يمكن لأي مجتمع أن يتقدم خطوة للأمام دون أن يتسلح بالعلم ؟ ، العلم الحقيقي الذي ينير العقول ويزيح الظلام عن الإدراك والوعي ..هل يستطيع إقتصاد مريض ، يفتقد إلي فلسفة حاكمة قابلة للتطبيق أن يتحمل أسلوب " الصدمات الكهربائية " من أجل " حرق المراحل " ؟.. بل هل يمكن أن يتحرك المجتمع دون أن يتوفر له مناخ الإستقرار والأمن والحرية بشكل يسمح بالمبادرة والإبتكار وممارسة النقد الذاتي البناء والضروري ، كعناصر لا غني عنها للإنتقال من وضع الجمود إلي وضع الحركة ؟.
وعلي هذا المنوال يمكن أن نطرح أسئلة كثيرة، تعيدنا إلي مقدمة هذا المقال :" لماذا نصر علي البحث عما نريد في هذه المرحلة ، ألا يكفي بذل الجهد في التعرف علي ما لا نريد .." ، فمن المؤكد أن لا أحد يريد الجهل أو المرض أو الظلم أو القبح ..إلخ ، فلتكن خطة التوافق حول ما لا نريد تمهيدا ضروريا للوصول تدريجيا إلي ما نريد ...
هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
كلمات دليلية
التعليقات (0)
إقرأ أيضا
أحدث الموضوعات
ثلاثاء, 21 يناير 2025
6 شهداء ونحو 35 إصابة جراء عدوان الاحتلال على جنين ثلاثاء, 21 يناير 2025
استقالة قائد المنطقة الجنوبية بجيش الاحتلال ويعترف بالفشل في 7 أكتوبر ثلاثاء, 21 يناير 2025
ميليشيا "قسد" ترفض تسليم سجون مقاتلي "داعش" للإدارة السورية الأكثر قراءة
جمعة, 08 أكتوبر 2021
مصادر: إبراهيم منير يتخذ قرار بإيقاف ٦ من الشورى العام اثنين, 21 يونيو 2021
كيف تحول نشطاء وسياسو الربيع العربي إلى موظفين بإسطنبول سبت, 18 سبتمبر 2021
د. أيمن منصور ندا يكتب : عندما تلقيت اتصالاً من الرئيس السيسي خميس, 30 سبتمبر 2021
طارق مهني يكتب : بزنس المعارضة - سبوبة الزنازين اثنين, 01 نوفمبر 2021
تقرير : كيف ساهم " أبو دية " عبر أذرعه المالية في تدجين المعارضة المصرية بالخارج وثائقيات
ثلاثاء, 28 فبراير 2023
مخزون قبو يوم القيامة يتضخم.. وعينات البذور تتجاوز 1.2 مليون خميس, 05 يناير 2023
تعرف على " هيتتي غرين " أبخل امرأة في التاريخ