- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
السودان.. رموز عهد البشير يستعيدون تأثيرهم مع استمرار الحرب
السودان.. رموز عهد البشير يستعيدون تأثيرهم مع استمرار الحرب
- 8 أغسطس 2023, 1:42:22 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سلط موقع "ميدل إيست آي" الضوء على دخول حرب في السودان بين الجيش، بقيادة، عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، شهرها الرابع، مشيرا إلى أن كلا من الطرفين لايزال مقتنعا بقدرته على الانتصار، ما أتاح الفرصة لاستعادة رموز عهد ديكتاتور البلاد السابق، عمر البشير، تأثيرهم.
وذكر الموقع البريطاني، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن الأطراف المتحاربة سعت للحصول على دعم من قوى خارجية، بينما كانت تتطلع إلى تصوير نفسها على أنها الممثل العسكري الشرعي الوحيد للشعب السوداني، مشيرا إلى أن المعركة قد تُحسم بمساعدة من الخارج، لكن التحركات المدنية داخل السودان ستكون مهمة أيضًا، سواء أثناء استمرار القتال أو لأي غرض يتبع وقف إطلاق النار.
وفي هذا الإطار، يتودد الجيش وقوات الدعم السريع إلى مجموعات مدنية مختلفة، بينما تتطلع تلك المجموعات أيضًا إلى فرض سيطرتها على الطرفين المتحاربين.
ويتنامى نفوذ عهد الشير والحركات المرتبطة به في السودان، حيث يتخذ الفاعلون المدنيون في البلاد مواقف مختلفة إزاء الحرب التي شهدت نزوح 3.5 مليون شخص منذ 15 أبريل/نيسان، عندما اندلع القتال في الخرطوم.
ويقف السياسيون المرتبطون بالإخوان المسلمين، وشخصيات بارزة من حزب المؤتمر الوطني الحاكم السابق، الذي تم حظره رسميًا في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 بعد الإطاحة بالبشير من السلطة في أبريل/نيسان من ذلك العام، خلف القوات المسلحة السودانية، بقيادة البرهان.
وفي غضون ذلك، اتُهم قادة تحالف قوى الحرية والتغيير المؤيدة للديمقراطية بالوقوف إلى جانب قوات الدعم السريع، التي نصبت نفسها بوعي ذاتي منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022 على أنها مدافعة عن الديمقراطية.
وقال مصدران منفصلان مقربان من التحالف السياسي المدني إن بعض شخصيات قوى الحرية والتغيير يعتقدون أن القوات شبه العسكرية هي أفضل أمل لهم في تولي السلطة بالسودان.
وفي السياق، يخوض كلا الجانبين المدنيين معركة، سعياً وراء إثبات روايته للأحداث على أنها الحقيقة.
وكان الوجود المزعوم لشخصيات من الحركة الإسلامية السودانية داخل صفوف الجيش سمة رئيسية لدعاية قوات الدعم السريع، حيث قال أحد مستشاري القوات شبه العسكرية إن الجيش شكّل "تحالفًا مع تنظيم الدولة والكتائب الإسلامية".
وتدرك قوات الدعم السريع أن العديد من السودانيين يعتقدون أن النظام القديم لم يختف أبدًا، وأن رجال البشير ومن يدعمهم كانوا ينتظرون طريق العودة إلى السلطة.
وفي خطاب نشرته قوات الدعم السريع على منصات التواصل الاجتماعي، الأسبوع الماضي، قال حميدتي، لقواته إن عدوهم هو "الدولة العميقة والإسلاميون"، مضيفا: "يجب أن نكون واضحين أن هؤلاء (الجيش) يعملون تحت قيادة أحمد هارون وعلي أحمد كرتي وأسامة عبد الله وغيرهم من الإسلاميين"، في إشارة إلى 3 من كبار الشخصيات في عهد البشير.
وتقف لجان المقاومة بين الأطراف المتحاربة، وهي الجماعات الديمقراطية الشعبية التي قادت الحركة الثورية المستمرة في السودان والتي كانت جزءًا لا يتجزأ من الإطاحة بالبشير في عام 2019.
وتعارض تلك اللجان بشدة قوات الدعم السريع لكنها لا تدعم الجيش، ولا تدعو إلى حل قوات الدعم السريع فقط، ولكن أيضًا إلى إصلاح واسع النطاق داخل قيادة الجيش وعودته إلى الثكنات.
وفي غضون ذلك، تستمر الحرب مع حدوث انتهاكات في الأراضي التي يسيطر عليها الجانبان. ولا تزال حملة الاعتقالات مستمرة في مناطق الجيش، مقابل أنباء عن فظائع، بما في ذلك حالات اغتصاب ونهب وقتل ارتكبتها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها، لا سيما في دارفور.
تجنيد الجيش
وافتتح الجيش عشرات المعسكرات في أنحاء السودان بعد أن دعا البرهان الشباب للتجنيد. وتحتوي منصات القوات المسلحة السودانية على مئات مقاطع الفيديو لشبان يقومون بتمارين وتدريبات على استخدام الأسلحة النارية، وأغانٍ وشعارات وطنية وهتافات مناهضة لقوات الدعم السريع.
وشوهد قادة الجيش وهم يلقون خطب نارية تندد بحالات الاغتصاب والنهب وغيرها من الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع.
لكن مصادر لجنة المقاومة في ولايات نهر النيل والشمال والبحر الأحمر قالت إن مسؤولين سابقين في حزب المؤتمر الوطني يشاركون في حملة التجنيد، وأن عملاء استخبارات وأمن سودانيين سابقين يشاركون في التدريب.
وقال أحد المصادر، الذي يخضع حاليا لتدريب الجيش في قاعدة جبل أولياء العسكرية، إنه يعتقد أن قيادة الجيش والإخوان المسلمين يعملان معا على حملة التجنيد.
وأضاف: "ما رأيته في مناطقنا هو أن المواطنين وخاصة الشباب لديهم رد فعل عفوي على انتهاكات قوات الدعم السريع، فالتحق المئات منهم بمعسكرات الجيش، لكنني لاحظت أن الإسلاميين يستغلون الغضب للتعبئة".
وقال رعد إبراهيم، المتحدث باسم لجان المقاومة، إن اللجان ترفض حملة التجنيد الواسعة، ووصفها بأنها إحدى جرائم القوات المسلحة السودانية.
وأضاف: "يقوم الجيش بإخماد دعاية شعبوية وقومية واسعة النطاق ويستخدم الزعماء المحليين والقبلية للتجنيد في القوات المسلحة السودانية. نحن نحذر من أن هذا سيجر البلاد إلى حرب أهلية أوسع. منذ استقلال السودان، قامت القوات المسلحة السودانية بحماية من هم في السلطة فقط".
يأتي ذلك فيما قال مصدر عسكري إن الجيش فتح أكثر من 50 معسكرا في أنحاء السودان، ويستقبل آلاف الأشخاص من ولايات من بينها الخرطوم.
وأضاف المصدر أن بعض هؤلاء الخريجين الجدد يشاركون بالفعل في حماية المواقع الاستراتيجية الرئيسية.
وقال الخبير العسكري، أحمد عثمان، إن المجندين الجدد أصغر من أن ينضموا إلى الحرب ضد قوات الدعم السريع، وأن الجيش يريدهم فقط لتعزيز شرعيته، وليس للقتال الفعلي.
وأضاف أن "الجيش يبحث عن شرعية أكبر لحربه وليس قوات برية شابة غير مدربة"، محذرا: "إذا وضعهم الجيش في المعركة، فقد يتسبب ذلك في خسائر كبيرة".
قادة البشير
وفي الوقت نفسه، عادت شخصيات مهمة من حزب المؤتمر الوطني المحظور إلى الظهور في جميع أنحاء السودان، بما في ذلك ولايتي كسلا والقضارف في شرق البلاد.
وأصدرت السلطات في كسلا مذكرة توقيف بحق قادة هاربين، بمن فيهم أحمد هارون، الوزير في حكومة البشير والحاكم السابق لولايتي جنوب وشمال كردفان.
وهارون، الذي كان رئيس حزب المؤتمر الوطني، مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وفي أيام الفوضى، التي أعقبت اندلاع الحرب، أطلق سراحه مع آلاف آخرين من سجن كوبر بالخرطوم.
وبعد إطلاق سراحه، أعرب هارون عن دعمه للجيش، وأشار إلى حميدتي وإخوته عندما وصف قوات الدعم السريع بأنها "مشروع عائلي" لحكم السودان.
ويشير الباحث بالمركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام، محمد بدوي، في هذا الصدد، إلى أن "الجيش حصل على دعم واضح ومفتوح من جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما يمكن رؤيته بوضوح في 24 أبريل/نيسان عندما تم تمكين قادة حزب المؤتمر الوطني من الفرار من سجن كوبر وحتى ألقوا خطابًا يدعمون فيه الجيش.
وقال متحدث لجان المقاومة: "نعتقد أن الجو الفوضوي الحالي هو الوقت المناسب لظهور أعوان النظام القديم"، مشيرا إلى أنهم يستخدمون الزعماء المحليين ويؤججون القبلية لشن حملات لصالح الجيش.
وأضاف: "الوضع الحالي لا يثير استغرابنا، فنحن نعتقد أن الإسلاميين يقودون المشهد من داخل السجن وبمساعدة قيادة الجيش".
وفي الفيديو الذي نشرته قوات الدعم السريع، اتهم حميدتي شخصيات حزب المؤتمر الوطني بقيادة الحرب ضد قواته شبه العسكرية وتعبئة "الإسلاميين" للقتال في صفوف الجيش.
وإلى جانب هارون، ظهر اسم: علي أحمد كرتي، وزير الخارجية في عهد البشير، أحد أغنى الرجال في السودان والزعيم السابق للحركة السياسية الإسلامية في البلاد.
ويُعتقد أن كرتي، قائد القوات شبه العسكرية التابعة لقوات الدفاع الشعبي في التسعينيات، استعاد بعض النفوذ حتى قبل بدء الحرب.
فيما نفى خوجالي حمد، والي ولاية كسلا، لقاءه بأعضاء حزب المؤتمر الوطني، الذي تم حظره رسميًا بعد عزل البشير من السلطة.
الحرية والتغيير
يأتي ذلك فيما تتهم لجان المقاومة والقادة المرتبطين بحزب المؤتمر الوطني قوى الحرية والتغيير بالانحياز إلى قوات الدعم السريع.
وأنشأت قوى الحرية والتغيير "جبهة مدنية" من أجل إنهاء الحرب، لكن مصادر في لجان المقاومة قالت إن هناك دلائل على أن قوى الحرية والتغيير تدعم قوات الدعم السريع، لأن التحالف المدني السائد لا يدين بوضوح انتهاكات القوات شبه العسكرية.
وقال متحدث اللجان: "ما يفعلونه (قوى الحرية والتغيير) هو دعم قوات الدعم السريع من خلال صفقة سياسية، وهذا سيضفي الشرعية على قوات الدعم السريع وسلطات الثورة المضادة".
وأضاف: "هذا ليس موقفا جديدا من الأحزاب السياسية السودانية. لقد حدثت انتفاضات عديدة في التاريخ السوداني وانتهى الأمر بالأحزاب السياسية بالتحالف مع القوات المسلحة لقطع الطريق على الثورة".
وقالت قوى الحرية والتغيير في بيان صحفي عقب اجتماع لمختلف الأطراف في القاهرة: "نحن ضد الغارات الجوية التي تشنها القوات المسلحة السودانية وفي نفس الوقت ندين نهب المنازل وغيرها من الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع".
شارك مسؤولون سابقون في الحكومة الانتقالية، التي تأسست عام 2019 وتم حلها في الانقلاب العسكري بقيادة البرهان وحميتي في أكتوبر/تشرين الثاني 2021، مؤخرًا في ورشة عمل في لومي، عاصمة توجو.
وشارك في الورشة وزير العدل السابق، نصر الدين عبد الباري، وعضو مجلس السيادة السابق، محمد حسن التعايشي، وكلاهما ذو صلات بقوى الحرية والتغيير.
وفي وثيقة حصل عليها "ميدل إيست آي"، أوصت الورشة بتوحيد القوة السياسية والعسكرية في دارفور كوسيلة لتجنب الانزلاق إلى الحرب الأهلية.
ويرى بدوي أن "الحركات الإسلامية وقوى الحرية والتغيير تحاول الوصول إلى السلطة باستخدام أدوات وتكتيكات مختلفة"، مضيفا: "هناك مؤشرات كثيرة واضحة على دعم الحركة الإسلامية والدولة العميقة للجيش، حتى منذ الإطاحة بالبشير وتشكيل مجلس السيادة"، مشيرا إلى أن هذا الأمر زاد بعد انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
وأضاف: "الجيش والحركة الإسلامية استغلا الخطاب الوطني في هذه الحرب، ما سمح للبرهان بإعلان فتح المعسكرات والتجنيد للقوات المسلحة السودانية".
ويرى بدوي أن قوى الحرية والتغيير "لا تدعم قوات الدعم السريع بشكل علني، لكن لكل منهما أرضية مشتركة عندما يتعلق الأمر بكيفية اكتساب القوة".