- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
الصومال.. خريطة الانحسار الجغرافي لحركة "الشباب"
الصومال.. خريطة الانحسار الجغرافي لحركة "الشباب"
- 3 يناير 2023, 7:08:24 ص
- 500
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بعد نحو 5 سنوات من التمدد الجغرافي والعسكري لحركة "الشباب" المتمردة جنوبي ووسط الصومال، إلا أنها تواجه ضغطا عسكريا غير مسبوق أفقدها زمام المبادرة في القتال، ما أدى إلى انحسار في مناطق سيطرتها وفاعليتها.
ويخوض الصومال منذ سنوات حربا ضد الحركة التي أُسست مطلع 2004 وتتبع فكريا لتنظيم "القاعدة" وتبنت عمليات إرهابية عديدة أودت بحياة مئات الأشخاص.
وبدعم جوي أمريكي وتركي وبالتعاون مع مسلحي العشائر يشن الجيش الصومالي منذ يوليو/ تموز 2022 عملية عسكرية لتحرير وسط البلاد من عناصر الحركة.
وبينما تتوسع العمليات العسكرية الحكومية تتراجع الحركة عن مناطق سيطرتها الرئيسية وتلك التي كانت تتواجد فيها كانتشار تنظيمي إستراتيجيي دون سيطرة فعلية.
لكن ما غيَّر موازين المعركة التقليدية، بحسب خبراء، هو الثورة الشعبية والتغير المناخي (الجفاف) اللذان ساهما بشكل كبير في خسارة الحركة مناطق شاسعة خلافا لما كان متوقعا نظرا لقدرة مقاتليها والتكيف مع إستراتيجية الحرب الحكومية في السنوات الماضية.
لم تشمل العمليات الحكومية بالتعاون مع العشائر المسلحة جميع أقاليم الوسط والجنوب، لكنها ركزت على إقليمي شبيلى الوسطى وهيران وأجزاء من إقليمي شبيلى السفلى وجلدود، فيما تستعد الحكومة لفتح جبهات جديدة في الأقاليم الأخرى، بحسب الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مؤخرا.
رون نيرغود هي آخر مدينة إستراتيجية خسرتها الحركة في 22 ديسمبر/ كانون الأول 2022، لتعلن الحكومة سيطرتها بالكامل على شبيلى الوسطى الذي كانت الحركة تسيطر على 43 بالمئة منه، فيما تكاد الحركة تخسر هيران أيضا فلا تسيطر حاليا سوى على 5 بالمئة فقط من الإقليم بعد أن كانت 55 بالمئة.
** الحركة في 10 أقاليم
ووفق الخبير الأمني محمد سومني، في حديث للأناضول، فإن "تراجع العمليات العسكرية الحكومية في السنوات الخمس الماضية ساهم في تزايد نفوذ حركة الشباب وتوسيع مناطق انتشارها، ما وفر لها مصادر دخل اقتصادية جديدة ودفعها إلى مزيد من الإرهاب".
سومني أوضح أن "مقاتلي الحركة ينشطون في 10 أقاليم من أصل 18، مع اختلاف وتيرة الأنشطة من إقليم إلى آخر".
وإقليم جوبا الوسطى بولاية جوبالاند هو الوحيد الذي تسيطر عليه الحركة بالكامل، فهو أكثر إقليم يضم غابات تتحصن فيها قيادات الحركة كملاذ آمن من غارات المسيّرات.
ويأتي إقليم جوبا السفلى في جوبالاند بالمرتبة الثانية من حيث انتشار مسلحي الحركة، فهي تسيطر على نحو 60 بالمئة منه، أي 3 مدن من أصل 5 يتكون منها الإقليم، بحسب رصد مراسل الأناضول لبيانات رسمية منذ بدء العملية العسكرية.
فيما يحتل إقليم هيران بولاية هيرشبيلى المرتبة الثالثة من حيث انتشار عناصر الحركة، فقبل العملية العسكرية الحكومية كانت تسيطر على نحو 55 بالمئة منه، أي 5 مدن من أصل 9.
بينما يأتي كل من إقليم جلدود وشبيلى الوسطى وبكول في ولايات جلمدغ وهيرشبيلى وجنوب غرب الصومال في المرتبة الرابعة من حيث التمدد الجغرافي للحركة حيث تسيطر على نحو 45 بالمئة من هذه الأقاليم.
أما أقاليم مدغ وجدو وباي وشبيلى السفلى بولايات جلمدغ وجنوب غرب الصومال وهيرشبيلى فتأتي في المرتبة الخامسة من حيث الانتشار، إذ تسيطر الحركة على حوالي 20 بالمئة منها فقط.
وباستثناء إقليمي جوبا السفلى والوسطى اللذين لم تتغير مناطق سيطرتهما منذ سنوات، فإن بعض المناطق في الأقاليم الأخرى تتناوب الحكومة والحركة في السيطرة عليها، رغم أن الحركة توسعت في هذه الأقاليم خلال السنوات الخمس الماضية.
ووفقا لوزارة الخزانة الأمريكية، تجمع الحركة نحو 100 مليون دولار سنويا عبر تمويلات متعددة بينها الضرائب وابتزاز الشركات والتجار المحليين، ما يساهم في دعم أنشطتها الإرهابية.
** انحسار سيطرة "الشباب"
ردا على تزايد هجماتها الانتحارية في مقديشو، أعلن الرئيس شيخ محمود الحرب ضد الحركة، ووجدت نفسها أمام جبهات قتال في محاور عديدة ما أربك حساباتها.
وبجانب العمليات العسكرية الحكومية، وفق خبراء، فإن الضربات الجوية وثورة العشائر المسلحة جراء عجزها عن دفع الضرائب بسبب الجفاف، منحت الحكومة تفوقا عسكريا ميدانيا، فتراجع مسلحو الحركة بشكل كبير في بعض الأقاليم.
وقال الخبير العسكري الضابط المتقاعد شريف روبو، للأناضول إن "إستراتيجية الحكومة العسكرية ضد الشباب هذ المرة تختلف تماما عن العمليات السابقة التي تكيفت الحركة معها".
ربو أوضح أن "الحكومة فتحت جبهات قتال من محاور عديدة بالتعاون مع العشائر المسلحة التي تعرف جيدا وأكثر من الجنود جغرافية الأرض وتكتيكات مقاتلي الشباب، ما شكل ضربة عسكرية غير متوقعة للحركة".
وتابع أن "الضربات الجوية للمسيّرات الأمريكية والتركية جعلت المعارك محسومة لصالح الجيش، ما دفع مقاتلي الشباب إلى الانسحاب من مدن وقرى دون مواجهات تذكر مع الجيش".
وفي 24 ديسمبر/ كانون الأول 2022، قال الرئيس شيخ محمود إن الجيش حقق مكاسب كبيرة، وتمكن من طرد الإرهابيين وتحرير ولاية هيرشبيلى بالكامل، وهي تتكون من إقليمي شبيلى الوسطى وهيران.
وتابع: "أكملنا نشر وحدات من الجيش في ولاية جنوب غرب الصومال، وسنكمل نشر المزيد في جوبالاند لفتح جبهات قتال جديدة ضد الإرهابيين استعدادا لبدء عمليات تحرير جميع الأقاليم".
ومنذ بدء العملية العسكرية، خسرت الحركة أكثر من 40 مدينة وبلدة وقرية جنوبي ووسط البلاد، بجانب مقتل ما يزيد عن 500 من عناصرها، بحسب وزارة الإعلام.
وإقليما شبيلى الوسطى وهيران في مقدمة المناطق التي خسرتها الحركة بالكامل، بعد أن كانت تسيطر على 45 بالمئة من شبيلى الوسطى و55 بالمئة من هيران اللذين كانا يشكلان رئتها الاقتصادية ونقطة الربط بين الأقاليم الوسطى والجنوبية.
ومدينتا أدن يبالي ورون نيرغود آخر معقلين خسرتهما الحركة وكانتا تشكلان مركز تدريب عسكري ومنطلقا لهجماتها ضد الأقاليم الوسطى وإقليم بنادر وموقعا مهما لجمع الإتاوات والضرائب.
كما خسرت الحركة مناطق شاسعة من أقاليم جلدود ومدغ بولاية غملدغ وجدو بولاية جوبالاند، ولا يزال مسلحوها ينشطون في نحو 30 بالمئة فقط في جلدود و20 بالمئة إقليمي مدغ وجدو.
وفي شبيلى السفلى، حيث دارت مواجهات شرسة، خسرت الحركة مناطق كانت تحت سيطرتها لكنها لا تزال تتواجد في حوالي 20 بالمئة من الإقليم.
بينما لم يشهد إقليما باي وبكول بولاية جنوب غرب الصومال أي عملية حكومية ضد الحركة، وتقتصر سيطرتها في باي على قرى وبلدات بنحو 10 بالمئة، فيما تسيطر على 40 بالمئة من بكول.
أما بالنسبة لإقليمي جوبا الوسطى وجوبا السفلى بولاية جوبالاند، فتسيطر الحركة بالكامل على جوبا الوسطى و60 بالمئة من جوبا السفلى.
** 3 سيناريوهات للحركة
وتمهيدا لبدء عملية عسكرية ضد الحركة، أعلنت الحكومة مؤخرا نشر الجيش في ولايتي جنوب غرب الصومال وجوبالاند، ومن المتوقع بحسب متابعين أن تقاوم الحركة بشراسة في الولايتين لأنهما المركز الإداري الأكبر لقيادتها العليا.
وقال المحلل السياسي عبد الرحمن معلم، في حديثه للأناضول إن "طرد حركة الشباب من إقليمين في وسط البلاد لا يعني نهاية وجودها، في ظل لجوء مقاتليها إلى القرى والمناطق النائية ما سيجعل المدن هدفا لعملياتها الإرهابية".
و"سيلجأ مقاتلو الشباب إلى واحد من 3 سيناريوهات منها حرب العصابات والتخلي عن السيطرة الفعلية على المناطق حتى لا يكونون هدفا للعملية العسكرية الحكومية المدعومة بالعشائر المسلحة"، وفق معلم.
والسيناريو الثاني، بحسب معلم، أن الحركة "ستحاول تفعيل إستراتيجية اغتيالات في المناطق التي خسرتها من خلال خلايا نائمة تابعة لها واستهداف شيوخ القبائل والأفراد العسكريين".
أما السيناريو الثالث فهو أن "الحركة ستخفف نظامها الراديكالي في مناطق تواجدها وتقلل الإتاوات المفروضة على السكان في محاولة لكسب القبائل لوقف التمرد القبلي ضدها في الأقاليم الأخرى"، وفق معلم.