العراق: مساعٍ جديدة لإقرار قانون العنف الأسري

profile
  • clock 12 نوفمبر 2022, 6:31:02 ص
  • eye 808
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

مع استمرار جرائم العنف الأسري في العراق، تقول ناشطات وصحافيات ومعنيات بالشأن الإنساني والحقوقي إن الوقت قد حان لإقرار قانون حماية الأسرة من العنف، المعطل في البرلمان العراقي منذ سنوات. وأمام الأخير مدة عام كامل لعرضه وقراءته ومناقشته قبل الموافقة عليه، بهدف إلزام السلطات القضائية والأمنية به وصولاً للحد من استمرار العنف. 
وعلى الرغم من أن معظم مدن العراق تسجّل جرائم دموية داخل العائلة الواحدة نتيجة خلافات بسيطة قد تتطور إلى استخدام السلاح الناري أو غيره، أو نتيجة خلاف على الإرث، أو فسخ خطوبة أو انفصال بين زوج وزوجته وغير ذلك، إلا أنه ليس في البلاد أيّ قانون يحمي المرأة والطفل من العنف الأسري. وتُقتل الكثير من النساء من جرّاء العنف، وإن كان هناك مبررات تندرج تحت مسميات عدّة، منها جرائم الشرف أو الموت المفاجئ وغيرهما للإفلات من العقوبات القضائية.
وبحسب بيان صادر عن وزارة الداخلية العراقية في سبتمبر/ أيلول الماضي، فإن الأشهر الماضية شهدت "معالجة 754 حالة تعنيف للنساء، و233 حالة تعنيف مماثلة لرجال، و55 حالات تعنيف أطفال، بالإضافة إلى إعادة 62 فتاة هاربة، ورصد ومتابعة 22 طفلاً هارباً، فضلاً عن إنقاذ 22 من كبار السن وأربعة أطفال نتيجة التعنيف". أضاف البيان أن "العنف أحد الأسباب التي تقع فيها الفتيات ضحية الهرب. وفي بعض الأحيان يكون السبب هو المال أو الرخاء أو لأسباب حقيقية أخرى، من بينها عدم قدرة الأسرة على التربية الصحيحة وبناء إنسان بشخصية متزنة، وغيرها".
في هذا السياق، تقول الناشطة العراقية إيناس العزاوي إن "البرلمان العراقي مطالب حالياً بفتح ملف العنف الأسري وقانونه وقراءته وإقراره، وخصوصاً أن جرائم العنف متفشية في البلاد. وفي معظم الأحيان، يحمل مرتكب الجرم كل مواصفات المجرم الذي يفعل فعلته بعد أن يترصد لضحيته أو يعذبها". وتوضح في حديثها لـ "العربي الجديد" أن "الفترة المقبلة ستشهد تصعيداً من قبل الناشطات العراقيات من خلال بيانات موحدة ووقفات بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني للضغط على الحكومة والبرلمان والدفع بالقانون نحو الإقرار والتنفيذ".
من جهتها، تقول عضوة منظمة "لأجلها" في العاصمة بغداد سهى الداوودي، لـ "العربي الجديد"، إن "ضحايا العنف الأسري في العراق إلى تزايد، ولا يقتصر الأمر على النساء فقط، إذ شهدت الفترة الماضية قتل أزواج من قبل زوجاتهم بوسائل بشعة. لكن بسبب غياب قانون حماية الأسرة، فإن الجاني دائماً ما يستغل الثغرات القانونية للإفلات من العقاب أو تخفيف العقوبة". وتشير إلى أن "أي تقاعس من البرلمان العراقي الحالي بملف قانون العنف الأسري يعني تورطه بما يحدث في البلاد من جرائم. لذلك، فإننا ننتظر هذا القانون من دورة البرلمان الحالية".

في المقابل، يشير النائب معين الكاظمي إلى أن "البرلمان العراقي سيكون أمام تحديات كبيرة خلال الفترة المقبلة، ويسعى إلى إقرار قوانين معطلة ومصيرية مثل قانون النفط والغاز وقانون المحكمة الاتحادية، بالإضافة إلى مراقبة الوزارات والفعاليات الحكومية من أجل تحقيق الأهداف المشتركة وحل الخلافات بين بغداد وأربيل (عاصمة إقليم كردستان العراق)، وهذا لا يعني عدم الاهتمام بقانون حماية الأسرة. لكن في الحقيقة، لدينا قوانين هامة تنتظر السلطة التشريعية".
ويؤكد في حديثه لـ "العربي الجديد" أن "العنف الأسري في العراق تفشى بشكلٍ كبير. نسمع عن حالات مروعة تؤدي إلى تفكك الأسر، وهذا الملف يحتاج إلى تركيز أكبر من قبل الجهات القضائية والأمنية المرتبطة بالمواطنين،على غرار الشرطة المجتمعية لتوعية العراقيين".
ونتيجة الضغط الذي مارسه الحقوقيون، أقرّ مجلس الوزراء العراقي في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2020 مشروع قانون "مناهضة العنف الأسري"، ومرّره إلى البرلمان. لكن القانون لم يشرّع حتى الآن بسبب معارضته من قبل جهات سياسية في البرلمان، وخصوصاً تلك المنتمية إلى الأحزاب الدينية التي ترى أن فيه مخالفة للشريعة الإسلامية، وأنه سيؤدي إلى حدوث تفكك أسري، ولجوء إلى القضاء من قبل الزوجات والأطفال ضد رب الأسرة. وأبرز الجهات المعارضة لإقرار القانون، هما حزب الدعوة الإسلامية العراقي وحزب الفضيلة الإسلامي العراقي، اللذان يجدان في القانون تعارضاً مع مبادئ الإسلام في تربية الزوجة والأولاد.

نساء العراق (صافين حامد/ فرانس برس)

تتعرض كثيرات للعنف في العراق (صافين حامد/ فرانس برس)

وفي بيان نشره في وقت سابق، أوضح القيادي في حزب الفضيلة الإسلامي عمار طعمة أن "مشروع قانون العنف الأسري يحتوي مضامين خطيرة على استقرار العائلة المسلمة العراقية ويستنسخ تجارب غربية لتطبيقها، وأنّ رعاية الأولاد وحمايتهم يترتب عليهما فصل الابن أو البنت القاصرَين من مسكن أبوَيهما ونقلهما إلى مركز إيواء بعيداً عن متابعة ورعاية والديهما، ويجعلهما في معرض خطر سيطرة الغرباء وأخطار الانخراط في علاقات مريبة مع ذوي الشذوذ الأخلاقي ومدمني المخدرات ومرتادي أماكن الرذيلة". أضاف أنّ "القانون ينص على تحويل أيّ خلاف أو إشكال بين أفراد العائلة إلى موضوع في المحكمة. وهل تستقر العائلة المبنية علاقتها على المودة والتراحم إذا استبدلت مساعي الصلح والإصلاح الأسري بشكاوى ومراكز الشرطة؟".

وما زال العراق يعتمد على مواد تشريعية ضمن القانون 111 لسنة 1969، والتي تسمح للزوج والأب بـ "تأديب الأبناء أو الزوجة ضرباً ما دام لم يتجاوز حدود الشرع". وتورد المادة الـ 41 من قانون العقوبات أنّه "لا جريمة إذا وقع فعل الضرب استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون". ويعتبر القانون ذلك استعمالاً لحق تأديب الزوج لزوجته، وتأديب الآباء والمعلمين للأولاد القُصَّر. وعادة ما تلجأ الشرطة إلى فرض تعهدات على المسبب للضرر إن كان والداً أو والدة أو زوجاً، وتكتفي بإجراء "مصالحة" بين الطرفين في بعض الأحيان، وإن كان الطرف المسبّب هو الأب، تُلزم الأطفال بالعودة إلى المنزل.

 

 

كلمات دليلية
التعليقات (0)