- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
الغارديان: تكشف تورط الجميع.. أمريكا ولندن في خدمة الملاجئ الضريبية
الغارديان: تكشف تورط الجميع.. أمريكا ولندن في خدمة الملاجئ الضريبية
- 4 أكتوبر 2021, 2:36:22 م
- 10359
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
كشفت صحيفة “الغارديان” مع المجموعة الدولية للصحافيين الاستقصائيين الأسرار الداخلية لعالم الظل المالي وقدمت لنا العمليات الخفية لاقتصاد الملاجئ الضريبية فيما وراء البحار.
وكشفت ما صارت تعرف بـ “أوراق باندورا” عن نشاطات 100 ملياردير و30 زعيم دولة و300 شخصية عامة. وقالت الصحيفة إن الصفقات والأرصدة المخفية لعدد من أثرى أثرياء العالم وأكثر الشخصيات تأثيرا كشف عنها في خزينة من الوثائق التي سربت في أكبر عملية تسريب بيانات في التاريخ.
وتضم المجموعة 11.9 مليون وثيقة من شركات استأجرها العملاء الأغنياء لخلق بنى مالية فيما وراء البحار وصناديق في الملاجئ الضريبية في بنما ودبي وموناكو وسويسرا وكيمان أيلاندز.
وتفضح الوثائق الشؤون المالية لـ 35 زعيما في نشاطات بما وراء البحار. وتلقي أيضا الضوء على تعاملات 300 شخصية عامة، بما فيها وزراء وقضاة ورؤساء بلديات وجنرالات عسكريين في أكثر من 90 دولة. وتفضح الوثائق تعاملات متبرعين كبار لحزب المحافظين الذي يتزعمه رئيس الوزراء بوريس جونسون في وقت التقى مع قادته في المؤتمر السنوي العام.
وتم الكشف عن تعاملات أكثر من 100 ملياردير في البيانات المسربة وكذا نجوم ومغني روك ورجال أعمال. ويستخدم الكثير منهم شركات وهمية للحفاظ على ممتلكات خاصة وباهظة الثمن مثل العقارات واليخوت وحسابات بنكية سرية. وهناك لوحات فنية رسمها بيكاسو وبانسكي.
وتكشف “أوراق باندورا” عن العمل الداخلي لعالم الظل المالي وتقدم رؤية نادرة عن العمليات الخفية لاقتصاد الملاجئ الضريبية فيما وراء البحار والتي ساعدت أغنى الأغنياء في العالم على إخفاء أموالهم وتجنب دفع ضرائب عالية.
وتضم الوثائق رسائل الكترونية ومذكرات وسجلات شركات وشهادات أسهم وتقارير التزام بالشروط ورسوم بيانية معقدة تكشف عن متاهة من بنى الشركات. وتسمح ولأول مرة بالكشف عن هوية المالكين الحقيقيين للشركات الوهمية. وتم تسريب الملفات لأول مرة للمجموعة الدولية للمحققين الاستقصائيين في واشنطن وشاركت بها الغارديان وبرنامج “بانوراما” في بي بي سي ولوموند وواشنطن بوست وأكثر من 600 صحافي عمل على الملفات كجزء من تحقيق دولي.
وتمثل أوراق باندورا التسريب الأخير والأكبر في تسريبات البيانات التي كشفت عن عالم الملاجئ الضريبية منذ عام 2013. وفتح شركات وهمية في هذه الملاجئ ليس خروجا عن القانون وربما كانت هناك أسباب قانونية تستدعي القيام بهذا مثل الأمن، ولكن السرية التي توفرها الملاجئ الضريبية عادة ما جذبت الغشاشين والمتهربين من دفع الضريبة والباحثين عن طرق لغسل الأموال وتم الكشف عن بعضهم. وكانت أوراق بنما هي التسريب الأكبر قبل التسريب الأخير. ففي ذلك العام 2016، تم تسريب ملفات بحجم 2.6 تيرابايتس من شركة موساك فونيسكا البنمية. وتبع ذلك بعد عام “أوراق براديس” التي تم تسريب أوراق من أبلباي التي أنشئت في بيرمودا وبحجم 1.4 تيرابايتس.
لكن أوراق باندورا جاءت بحجم 2.94 تيرابايتس تعتبر الأضخم حجما، وجاءت من مزودي خدمة ملاجئ ضريبية حول العالم، وعددها 14 في أمكنة تتراوح من فيتنام إلى بيليز وسنغافورة وباهاماس وجزر السيشل.
وقام عدد آخر من الأثرياء والشركات بوضع أرصدتهم فيما وراء البحار من أجل تجنب دفع الضريبة في أمكنة أخرى، وهو نشاط قانوني كلف الحكومات خسارة بمليارات الدولارات من الدخل.
وبعد 18 شهرا من تحليل البيانات من أجل الصالح العام، قامت “الغارديان” وغيرها من وسائل الإعلام بنشر النتائج بدءا من الكشف عن تعاملات الأقوياء والمؤثرين. وتضم النتائج الملك عبد الله الثاني الذي كشفت الوثائق عن ملكيته إمبراطورية عقارية بمئة مليون جنيه استرليني تمتد من ماليبو وواشنطن ولندن.
ورفض الملك الرد على أسئلة معينة ولكنه قال إنه لا يوجد شيء غير قانوني بملكيته بيوتا عبر شركات فيما وراء البحار. ويبدو أن الأردن قام بحجب موقع “المجموعة الدولية للصحافيين الاستقصائيين” بعد ساعات من الإعلان عن أوراق باندورا.
وتشير أوراق باندورا إلى أن عائلة علييف الحاكمة في أذربيجان اشترت عقارات بـ 400 مليون جنيه في السنوات الماضية، وإحدى العقارات تم بيعها إلى ممتلكات الملكة والتي تنظر في الطريقة التي دفعت فيها 67 مليون جنيه إلى شركة واجهة للعائلة التي تتهم وبشكل روتيني بالفساد. ورفضت العائلة التعليق. ومن المتوقع أن تثير الأوراق جدلا للاتحاد الأوروبي، فرئيس الوزراء التشيكي أندريه بابيس الذي سيواجه انتخابات هذا الأسبوع عرضة للأسئلة حول استخدامه شركة في ملجأ ضريبي للحصول على فيلا بـ 22 مليون دولار في جنوب فرنسا. ورفض التعليق. وفي قبرص، والتي هي ملجأ ضريبي، يواجه الرئيس نيكوس اناستاسياديز أسئلة حول شركة قانونية أنشأها متهمة بإخفاء أموال لمليارديرات روس وراء شركات وهمية. وتنفي الشركة القانونية ارتكاب خطأ وأن الرئيس القبرصي لم تعد له علاقة بها بعدما أصبح زعيما للمعارضة في 1997.
وليس كل من ورد اسمه في الأوراق متهم بارتكاب أخطاء، فالأوراق المسربة تكشف أن شيري بلير وزوجها توني بلير، رئيس الوزراء العمالي السابق وفرا 312.000 جنيه بضرائب على عقار اشترياه في لندن ومملوك جزئيا من وزير بحريني معروف. واشترى بلير وزوجته المبنى في شارع مارليبون بمبلغ 6.5 مليون جنيه من خلال تملك شركة في بريتش فيرجين أيلاند، ومع أن التحرك لم يخرق القانون ولا يوجد دليل أنهما حاولا التهرب من الضريبة. ولكن الثغرة القانونية سمحت لملاك العقارات الأثرياء التهرب من دفع الضريبة وهو أمر معروف لدى الناس العاديين في بريطانيا.
وتظهر الوثائق الدور المركزي الذي تلعبه لندن من أجل تنسيق عالم الملاجئ الضريبية. وتعتبر العاصمة البريطانية مقرا لمدراء الثروات والشركات القانونية وعملاء تشكيل الشركات والمحاسبين. وكلها موجودة لخدمة الأثرياء. ومعظهم أغنياء ولدوا في خارج بريطانيا ولا يحملون “المواطنة” وهذا يعني أنهم لا يدفعون الضريبة على أرصدتهم فيما وراء البحار.
ومن الأسماء الأخرى، الرئيس الأوكراني فولدومير زيلنسكي الذي انتخب عام 2019 على وعد بتنظيف الفساد والحد من سيطرة طبقة الأثرياء على الإقتصاد. وفي أثناء الحملة حول زيلنسكي 25% حصته في شركة بما وراء البحار إلى صديق يعمل الآن كمستشار للرئيس. ورفض زيلنسكي التعليق ولا يعرف إن كان منتفعا من الشركة أم لا.
ولا يظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تعتقد الولايات المتحدة أن لديه ثروة سرية بالاسم في الملفات ولكن مقربين له، بمن فيهم أصدقاء الطفولة، مثل بيتر كولبين الذي أطلق عليه النقاد “المحفظة” لثروة بوتين وامرأة يعتقد أن الرئيس الروسي أقام علاقة عاطفية معها.
وتكشف أوراق باندورا الضوء على نظام الملاجئ الضريبية، وهو تطور سيكون محرجا للرئيس جو بايدن الذي تعهد بقيادة جهود دولية للتأكيد على الشفافية في النظام المالي الدولي، وبخاصة أن الولايات المتحدة تظهر من التسريبات كأكبر ملجأ ضريبي. وتكشف الملفات أن ساوث داكوتا، هي ملجأ لمليارات الدولارات المرتبطة بأفراد اتهموا سابقا بجرائم مالية خطيرة. ويمتد طريق الملاجئ الضريبية من أفريقيا إلى أمريكا اللاتينية وآسيا ومن المتوقع أن تثير أسئلة صعبة على الساسة في العالم. ففي باكستان، اتصل مونيس إلهي، الوزير المعروف في حكومة عمران خان، مع شركة في سنغافورة بشأن استثمار 33.7 مليون دولار.
وفي كينيا التي صور فيها الرئيس أوهورو كينياتا نفسه بعدو الفساد ولكنه سيتعرض للفساد لكي يوضح علاقته وأقاربه بثروة 30 مليون دولار في ملاجئ ضريبية، وتشتمل على عقارات في لندن.
وأخبر كينياتا في 2018 بي بي سي “يجب الكشف عن رصيد أي موظف عام ولهذا يمكن للناس طرح سؤال: ما هو المشروع؟” ولم يرد كينياتا على أسئلة حول ثروة أقاربه وإن كانوا أخبروا السلطات المعنية عنها في كينيا.
وتكشف أوراق باندورا عن بعض التداعيات غير المرئية لتسريبات سابقة، أدت لإصلاحات متواضعة كما في بريتش فيرجين أيلاندز والتي تحتفظ بسجلات تشير للمالك الحقيقي للشركات المسجلة فيها. لكن التسريبات تظهر كيفية نقل الأموال إلى أماكن أخرى حيث يحاول الملاك ومستشاريهم التأقلم مع الواقع الجديد. وقام بعض عملاء موساك فونيسكا، التي توقفت وكانت في مركز تسريبات عام 2016 بنقل شركاتهم إلى مزودين منافسين مثل صناديق دولية أو إدارات تجارية لها مكاتب كبيرة في لندن، كما تكشف التسريبات الحالية.
وقال عميل معلقا على سبب نقله إلى شركة جديدة ” قرار تجاري للخروج بعد أوراق بنما” وقال آخر إن التجارة “تتأقلم” دائما مع الضغوط الخارجية. وتظهر أوراق بنما أن الصناعة حاولت التحايل على تنظيمات الخصوصية. فقد رفض محام سويسري إرسال أسماء عملائه المهمين عبر البريد الإلكتروني وأرسلها بالبريد العادي إلى مزود خدمات في بريتش فيرجين أيلاندز. وأكد على أهمية عدم تخزينها إلكترونيا. وقال المحامي “الهدف للعمل بهذه الطريقة هو مساعدتك على الالتزام بالقوانين في بريتش فيرجين أيلاندز”. وفي إشارة لموساك فونيسكا “أنت مجبر بالحفاظ على سرية عملائنا وعدم الكشف عنها كعميل لنا”. و “قصة بنما التي حدثت لواحد من منافسيك”.
وقال جيرارد رايلي، المدير التنفيذي للمجموعة الدولية للصحافيين الاستقصائيين أن الساسة الذين نظموا ماليتهم حول الملاجئ الضريبية يهمهم بقاء الوضع الراهن على ما هو وسيظلون عقبة أمام أي إصلاح حقيقي “وعندما يكون لديك قادة عالميين وعندما يكون لديم ساسة ومسؤولين كلهم يستخدمون السرية ويعملون من داخل هذا العالم وعندها لن نرى نهاية لهذا”. ويتوقع أن تترك أوراق باندورا أثر أكبر من التسريبات السابقة وليس أقل إنها ظهرت وسط وباء عالمي فاقم من التفاوت الاجتماعي وأجبر الحكومات على الاقتراض بمستويات غير مسبوقة ويتحمل كل هذا دافع الضريبة. وهناك 11.3 تريليون دولار على الأقل محفوظة في ملاجئ ضريبية وهذه هي الأموال التي خسرتها الميزانيات حول العالم وكان يمكن استخدامها للتعافي من كوفيد كما يقول رايلي و “ببساطة، نخسر لأن البعض يكسب. وهذا عقد بسيط يجري هنا”.
القدس العربي