- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
المشجعون المكفوفون كيف يعيشون شغفهم بكرة القدم في العالم العربي رغم الإعاقة
المشجعون المكفوفون كيف يعيشون شغفهم بكرة القدم في العالم العربي رغم الإعاقة
- 5 سبتمبر 2023, 4:26:27 م
- 570
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعتبر كرة القدم لغة عالمية تتحدثها الجماهير حول العالم بمختلف جنسياتهم وثقافاتهم، وتثير مشاعر الحماس والولاء تجاه الفرق والمنتخبات، وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها، يظل الشغف بمشاهدة المباريات ومتابعة الأخبار السائد بين الناس من مختلف الأعمار والخلفيات، ولكن هل سألنا أنفسنا من قبل هل المكفوفون بصرياً يستطيعون متابعة كرة القدم ؟ وكيف يمكن للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية الاستمتاع بمتابعة كرة القدم على الرغم من إعاقتهم البصرية ؟ وكيف ؟
قبل أيام وأنا أشاهد أحد البرامج الرياضية " مان تو مان" وضمن فقرة ضيف البرنامج ، تم تقديم متابعين من دمشق من محبي كرة القدم وممن على اطلاع جيد بكرة القدم بالرغم من إنهم مكفوفون بصرياً ، حقيقة لطالما أثار فضولي مع رؤية صور عديدة انتشرت وبشكل كبير لمكفوفين يتابعون كرة القدم من داخل المدرجات، أو حماسهم في منازلهم أثناء المباريات ، وكان البعض منهم يكون بجوارهم أحد الأصاقاء ليشرح لهم تفاصيل المباراة، وكنت أسأل نفسي وهل يستطيع هؤلاء الأشخاص حقيقةً من الاستمتاع بكرة القدم مثلنا ؟ وكيف ذلك ، وهل هنالك عدد كبير منهم أصلاً يتابع كرة القدم ؟
وهنا بدأت بالبحث عن أعداد المكفوفين في العالم والذي يتجاوز حالياً نحو 39 مليون شخص، وعدد ضعاف البصر، أي الذين لديهم درجة الرؤية محدودة في إحدى العينين، 285 مليون شخص، و90% من المكفوفين وضعاف البصر ويعيش معظمهم في البلدان النامية ذات الدخل المنخفض؛ الهند في المقدمة تليها أفريقيا ثم العالم العربي في المركز الثالث والصين ، فيما بتجاوز عدد المكفوفين في الوطن العربي حوالي 9 ملايين .
وفي هذه المقالة، سنكتشف كيف يتابع المكفوفون بصرياً كرة القدم في العالم العربي، وسنلقي نظرة على الأدوات والتكنولوجيا التي تمكنهم من متابعة المباريات وفهم أحداثها، بالإضافة إلى الجهود التي تقوم بها الجمعيات الخيرية والمنظمات لدعم هذه الفئة من المشجعين وتمكينهم من المشاركة بفعالية في مجتمع الرياضة.
وبالعودة إلى إحدى الحلات ممن يعانون من الإعاقة البصرية وفي خلال مشاركتهم في برنامج مان تومان ،ومع بدء الضيوف حديثهم من دمشق ، وهما علي أسعد ،طالب علوم سياسية وممثل سوريا بالألعاب الاولمبية والحاصل على العديد من الميداليات، وبالرغم من إعاقته البصرية فهو عاشقاً لكرة القدم ومتابع لها بشغف كبير منذ سنوات كثيرة ، حاله كحال زميله عبد الوهاب خريج كليه الحقوق .
وعن سؤالهم عن كيف يستطيعون متابعة كرة القدم كون ليدهم إعاقة بصرية ، كان جوابهم : أن هنالك العديد من الطرق التي يلجؤون إليها لمتابعة المباريات ، والركيزة الأساسية حالياً بالتأكيد هي معلق المباراة أي الصوت ، ولكن في بادئ الأمر كان لا بد من توفر العديد من الأمور ليصبحوا قادرين على متابعة المباريات ،أهمها مساعدة شخص يشاهد المباراة ليصف لهم مجرياتها وأحداثها، فيما الآن أصبحوا بإمكانهم لوحدهم متابعة المباريات والوصول إلى حوالي 70 % من الإلمام بشكل دقيق من متابعة المباراة وللوصول إلى هذه المرحلة كان لابد أيضاً من توفر أدوات عديدة أخرى لتسهل متابعتهم للمباريات بشكل عام .
أدوات وأساسيات للمكفوفون لمتابعة كرة القدم
من خلال متابعة العديد من المقابلات كحالات علي وعبد الوهاب ، وبالاستعانة بالوثائقي الذي تم إنتاجه سنة 2021 ، من قبل قناة الجزيرة تحت اسم وثائقي اللاعب رقم 12 ، والذي يروي حياة ثلاثة أشخاص عاشقين ومتابعين لكرة القدم ويأخذنا الفيلم في رحلة لمعايشة وطرق تفاعلهم ومشاهدتهم لكرة القدم إن كان في الملعب أو داخل المنزل أو حتى في إحدى الكافيهات ، وصولاً إلى المشاكل التي يتعرضون لها وأمنياتهم تجاه المجتمع للحصول على أفضل طريقة لمتابعة كرة القدم .
ومما سبق يمكننا تلخيص أهم الأدوات والركائز التي يعتمد عليها المكفوفون لمشاهدة كرة القدم هي
- الاستفادة من مساعدة أشخاص حاضرين لوصف دقيق للمبارة ، وشرح أهم لحظات المبارات من أهداف وفرص وأخطاء مما يساعد الكفيف على معرفة مجريات اللقاء ورسم صورة في عقله لتكونقريبة من الواقع .
- الاطلاع المسبق عن تكتيكات كرة القدم الجديدة ومعرفة خطط اللعب في المباريات ، ومعرفة أساسيات اللعبة بشكل عام .
- الاجتهاد الشخصي : وهنا نقصد معرفة اللاعبين داخل كل نادي على حدا، ومراكزهم وعن خطط الفريق في المباراة وتكتيكات الحديثة لكرة القدم لرسم صورة واضحة وتسهيل المتابعة في أثناء المباراة .\
- وجود التعليق الوصفي السمعي لذوي الإعاقة ، وهي الخدمة التي استخدمت مؤخراً في مونديال قطر 2022، وهو الأمر الذي شكل إضافة مهمة لذوي الإعاقة مما يسهل عليهم متابعة المباريات والحصول على صورة أفضل لمعرفة تفاصيل اللقاء .
- المعلق الرئيسي للمباراة ، وهنا كان الإختلاف في تفضيل معلق دون أخر ، وذلك بسبب السرد التفصيلي الذي يقوم فيه المعلقون أثناء المباراة مما يسهم في مساعدة ذوي الإعاقة من تبسيط المتابعة لهم قدر الإمكان ، وهو الحال عند أكثر من شخص ضرير أشاد على سبيل المثال بالمعلق الجزائري حفيظ دراجي ، وذلك بسبب الوصف الدقيق لأهم المجريات الحاصلة في المباراة ، والأمر الذي جعل قناة بي أن سبورت توجه له شكر في منشور نشر قبل ثلاث سنوات وبالتحديد في يورو 2020 ، بمنشور تشيد به بلفته التي اشار إليها دراجي من خلال التعليق على إحدى المباريات ،
https://twitter.com/beINSPORTS/status/1409949488970702856
أو
https://twitter.com/derradjihafid/status/1409980841103704077
التحليل بين شوطين المباراة ، أوبعد نهايتها وذلك ضمن الاستديو التحليلي المرافق للمباراة ، حيث يتم شرح طريقة لعب الفريقين ،من إيجابيات وسلبيات كل فريق على حدا ، والحلول المقترحة ، وبالإضافة إلى الإضاءة على أهم أحداث المباريات .
متابعة البرامج الرياضية المنوعة ، لشرح أهم الاحداث الكروية ، ومجريات أهم المباريات ، وإعطاء حصاد لسرد أهم الاحداث والأخبار، بالإضافة إلى المعلومات الخاصة بتلك الأندية والتحديثات المرافقة لها
الإستفادة من أهم الإبتكارات التقنية والتكنلوجية ، التي تساعد ذوي الإعاقة من متابعة المباريات بشكل أسهل ، مثل " خوذة الرؤية " والتي مكنت العديد من أصحاب الإعاقة الجزئية من متابعة المباراة ، كما حدث وعلى سبيل المثال مع أحد المشجعين لنادي ليفربول وهو إيان وود صاحب 44 والذي وبمساعدة هذه الخوذه من متابعة المباريات بشكل دقيق جداً ، وقد أطلق على الخوذة اسم RooVision على اسم المصمم روبرت "Roo Powell، وهو مهندس كهربائي يساعد الجمعية الخيرية في تطوير العديد من الأعمال والاختراعات، كما تم تمويل هذه المعدات من قبل Remap، وهي مؤسسة خيرية تقوم بتصميم المنتجات لمساعدة المعوقين على العيش بشكل أكثر استقلالية.
وعلى الرغم من أن كرة القدم تعتمد بشكل أساسي على المشاهدة لضمان تفاعل مع مجريات المباراة ، والوصول إلى صورة واضحة لفهم أحداثها ، وبالرغم من ذلك لم يكن هذا العائق مشكلة كبيرة للمكفوفين بصرياً وتمنعهم من متابعة المباريات وفهم تفاصيلها، بل وتعدى الأمر إلى محاولة بعضهم مثل علي أسعد وعبد الوهاب إطلاق قناة للإضاءة قريباً والقيام بتحليل لمباريات كرة القدم كما وأعلن عنها من خلال البرنامج ،كما وأنه وخلال سنوات عديدة شاهدنا العديد من المشجعين الذين كانوا حاضرين في المدرجات لمتابعة المباراة وكانوا يعتمدون على أصدقاء لهم يصفون لهم أحداث المباريات وعلى السماعات الخاصة لهم .
تحديات وتطلعات
لا بد من وجود العديد من الصعوبات لشريحة كبيرة من المجتمع ومن ذوي الإعاقة البصرية الكلية أو الجزئية ، والتحديات التي تواجه المكفوفين بصرياً أثناء متابعتهم لكرة القدم العديدة ومن أهمها ، مثل نقص المعلومات المتاحة باللغة البرايل والتحديات التي ترتبط بالتفاعل مع الأصدقاء والزملاء المشجعين، عدم توفير برامج رياضية خاصة لهم ، عدم وجود تعليق صوتي خاص لهم أثناء المباريات ، ضعف توفير المعدات التقنية الحديثة والتي تساعد على توفير بيئة مشاهدة مقبولة لهم ، وتوفير معدات مساعدة لهم .
وبالرغم من كل تلك المعوقات والصعوبات لم تمنع هذه الامور المكفوفين بصرياً من الاستمتاع بكرة القدم ومتابعتها بشغف، وذلك من خلال الأدوات والتكنولوجيا المتاحة وبفضل الدعم المستمر من المجتمع والمنظمات، وهي بالتأكيد رسالة لأهمية الكرة وهذه اللعبة من جهة ، وإلى أن تجربتهم تعكس قوة الإرادة والشغف الذي يمكن أن يتغلب على أي تحدي وعائق مهما كان .