المعونة الآمريكية وفخ التبعية

profile
  • clock 9 يونيو 2021, 12:32:05 م
  • eye 1044
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

اذا أستعرضنا تاريخ مصر الحديث ,وجدنا مراحل التحرر الوطني والوعي بأهمية مصر توافرت لدي حاكمين :هما مرحلة دولة محمد علي 1805-1840 ودولة عبد الناصر 1952-1970ولاحظ المفكر الكبير جلال أمين أن التآمر الدولي علي التجربتين لا تخطئه عين ,ولاحظ أيضآ أن خلفاء الرجلين متشابهان.


وجدير بالذكر أن الغرب الآستعماري حين أنتبه لمخاطر تكرار تجربة محمد علي ,تآمروا في برلين 1844 (الآمبراطورية النمساوية المجرية وبروسيا وفرنسا وبريطانيا العظمي وروسيا القيصرية ) اتفقوا علي توطين اليهود في فلسطين المحتلة ,تمهيدآ لانشاء دولة لهم لتحقق هدفين :

الآول :هو عزل مصر عن المشرق العربي وبالتالي انكماشها داخل حدودها 

الثاني هو هذا الكيان الغريب (الآوربي آثنيآ والمدعوم استعماريآ يهاجم مصر كلما حاولت أن تتقدم او تنهض .

وكان روتشيلد صاحب بيت المال اليهودي البريطاني هو صاحب هذه النظرية ,اذ عرض الآمر علي جلادستون رئيس وزراء بريطانيا تخفيفيآ لأضطهاد اليهود ولوضع حد لمعاناتهم ,ولكن لم ينتبه جلادستون الا حين قال روتشيلد ان مصلحة بريطانيا العظمي هو هذا الخيار, واستخدام اليهود هذه الجماعة الوظيفية .

وكان نابليون نبي السياسة والحرب هو اول من تنبه لآهمية موقع مصر حين غزاها في العام 1798 وهتف علي شواطئها يا آلهي انها اهم بلد في العالم ,وعلي اسوار عكا 1799 وجه النداء الشهير لبني اسرائيل للعودة لفلسطين للسيطرة علي مصر .

وليس غريبآ ان يرفض الآستعمار الآوروبي  طلب محمد علي بعد هزيمة نافارين أن يضم سوريا للحكم المصري .

وبعد قناة السويس تم توريط الخديوي اسماعيل في مستنقع الديون وانتزاع قناة السويس منه, وبلغت ديون مصر 126 مليون جنيه و354 ألف ويبرر المفكر جلال أمين سياسة القروض الآستعمارية بأنها نتيجة للوفرة المالية لدي البنوك وبيوت المال الغربية ,وأري أنها استمرار بشكل آخر لدبلوماسية البوارج البحرية .

وكلنا يعرف قصة صندوق الدين والمراقبة الثنائية, ثم احتلال مصر عسكريآ حين ظهرت المقاومة علي يد احمد عرابي ورفاقه منذ 1881 

وظلت مصر تسدد الدين وفوائده مائة عام ,وفي الحرب العالمية الثانية كانت بريطانيا العظمي تستخدم مرافق الدولة المصرية ,وتنهب ثرواتها وقدرت ما أستخدمته ب 450 مليون جنيه وفي العام 1952 حين قامت ثورة يوليو كان الدين وصل الي 80 مليون جنيه رفضت بريطانيا دفعهم حتي جاء السادات وتمت التسوية.

وفي المرحلة الناصرية أدرك عبد الناصر القارئ الجيد للتاريخ , أدركأهمية موقع وموضع مصر ,وآمن بأهمية مصر العزيزة القوية القادرة كما يقول جمال حمدان أنه أول وأخر حاكم للأسف يدرك ذلك, فقامت سياسته علي التوسع في الصناعات التحويلية ,وبني ألف ومائتي مصنع ,وبني السد العالي للسيطرة علي نهر النيل وأمم قناة السويس وتحرك عربيآ وأفريقيآ ودوليآ وساند حركات التحرر, وأنشأ كتلة ثالثة (عدم الآنحياز ضد القطبية الثنائية ) .

وخاض حروبآ فرضت عليه وخرجنا منها بمليار ومائتي مليون دولار, ديونآ عسكرية للأتحاد السوفيتي ,لم نسددها حتي الآن ,وترك قطاعآ عامآ تقدر قيمته السوقية  وقت بيعه في اول التسعينيات بمئة مليار  واربعمائة مليون دولار.

وجاء السادات المؤمن بأن 99% من أوراق اللعبة في يد الآمريكان ,والذي سعي لوضع مصر تحت مظلة التبعية لآمريكا والغرب الآستعماري ,والذي ارسل رسالة يوم 7 أكتوبر لكسينجر يخبره فيها أنه لا ينتوي تعميق الآشتباكات, والتي  وصفها المشير الجمسي فيما بعد بعشرين عامآ حين أذيع السر ,بأنه لآول مرة في التاريخ ,قائد يطلع عدوه علي نواياه المستقبلية اثناء الحرب .

واختار السادات طريق خلفاء محمد علي ,واقترض من الغرب رغم أن المساعدات العربية وصلت الي 20 مليار دولار بعد حرب أكتوبر, لا أحد يعرف أين أنفقت وكيف ,كما رصد المفكر رشدي سعيد ذلك .

وبعد زيارة السادات للقدس واختياره نهج التبعية ,وكانت كامب ديفيد 1978 ومعاهدة السلام 1979 كان نصيب مصر من المعونات الآمريكية سنويآ 2 مليار ومائة مليون دولار ,ونصيب الكيان الصهيوني 3 مليار, وتم تخفيض المعونة الآقتصادية مرات عدة حتي وصلت الي 650 مليون دولار, بالآضافة الي المعونة العسكرية السنوية الثابتة ,مليار وثلاثمائة مليون دولار, وألتزام مصر بشراء معدات واسلحة أمريكية ,والمعونات الآقتصادية معروف اوجه انفاقها في البنية التحتية والصرف الصحي ,ومنظمات المجتمع المدني والديمقراطية والتعليم والصحة .

ومعروف أن السفارة الآمريكية في القاهرة تضم أكثر من عشرة الآف موظف وهي أكبر سفارة  أمريكية في العالم ,ومعروف ان ثلثي المعونة الآقتصادية يبقي في امريكا ,اذ يكون علي شكل مرتبات ومكافآت الخبراء والموظفين.

والكارثة الكبري في قصة المعونات الآمريكية ,انها رهنت القرار السياسي المصري ,بداية بالتعاون الآستخباراتي واشهرها (نادي السفاري ) الذي كشفته واقعة احتلال الطلبة الآيرانيين للسفارة الآمريكية في طهران ابان الثورة الآيرانية  1979 والتي كشفت التعاون المصري الآمريكي الصهيوني الآيراني السعودي لمحاربة النفوذ السوفيتي في المنطقة منذ العام 1975 .

ويتجلي أيضآ في التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح امريكا وحلفاءها, والموافقة علي التخلص من المشروع النووي المصري ,وبيع القطاع العام تحت اسم (التكيف الهيكلي ) والتخلي عن القومية العربية ,مما يعني انكماش مصر داخل حدودها .

وكانت مظاهر السيطرة الآمريكية علي القرار السياسي المصري تجلي في السماح للطائرات الآمريكية بعمل 35 ألف طلعة جوية لضرب العراق في العام 1991 ,وأكثر من 15 ألف طلعة جوية لضرب الصومال, والسماح للطيران الآمريكي بأستخدام الآجواء المصرية دون أذن مسبق وكذلك التصريح الي 861 سفينة وبارجة امريكية بعبور قناة السويس في الآعوام 2001-2005

واستطاعت الولايات المتحدة خلق طبقة رأسمالية كمبرودارية في مصر, ترتبط مصالحها بمصالح امريكا , وكذلك بعد اتفاقية الكويز المفروضة علي مصر, رغبة في ادخال العدو الصهيوني طرفآ اقتصاديآ  ,ورغم أن امريكا اسقطت او ضغطت علي نادي باريس لآسقاط جزء من ديون مصر بعد ضرب العراق 1991 الا أنه بعد ثلاثين سنة من حكم مبارك أصبحت ديون مصر 34 مليار دولار .

ولآن حكم الآخوان كان استمرارآ لنظام السادات-مبارك اذ أنه يمثل اليمين التابع في الآطراف للمراكز الاستعمارية الغربية ,فأن مصر تحت حكم مرسي اقترضت أكثر من عشر مليارت دولار لتصبح اجمالي الديون اكثر 45 مليار دولار في سنة واحدة.

صارت اليوم ساعة كتابة المقال أكثر من مائة مليار دولار .

هل التبعية للمراكز الرأسمالية  قضاءو قدر بالنسبة للأطراف ؟ كان هذا هو تساؤل يوهان جالتونج  المفكر الآقتصادي الشهير, والآجابة لا بالطبع اذ أن نموذج التنمية المستقلة موجود في ايران بشكل او بآخر. 

ونحن نعرف أن المعونة الآمريكية لا تمثل سوي 2% من الناتج القومي المصري 

ولدي مصر بدائل عدة للخروج من فخ التبعية ولديها امكانات هائلة اذ أن 60% من شعب مصر في سن الشباب , ولديها قاعدة استهلاكية عريضة وقطاع مصرفي راسخ ,ولديها شركات القطاع العام التي ينبغي أن تستردها ,وأن تطورها وكذلك فرض ضرائب تصاعدية علي الرأسماليين ورفع دعم الطاقة عن مصانع الآسمنت والحديد والسماد والآهم هو تحركها في اقليمها العربي بما يسمح بتوظيف عوائد النفط العربي في دورة الآنتاج العربي .

موضوعات قد تهمك:

صحيفة: وفد من كتائب القسام برئاسة مروان عيسى يصل القاهرة


حشود عسكرية إثيوبية على الحدود الشرقية


التلفزيون المصري يبث مباشر من غزة الأربعاء المقبل


التعليقات (0)