- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
المنافسة الأمريكية مع روسيا والصين.. أين تقف الدول النامية؟
المنافسة الأمريكية مع روسيا والصين.. أين تقف الدول النامية؟
- 30 أبريل 2023, 9:07:14 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
رغم مرور أيام على أزمة تسريب الوثائق في الولايات المتحدة، فإن عشرات الوثائق السرية التي شقت طريقها إلى مواقع التواصل الاجتماعي، ما زالت تبوح بالكثير من أسرارها.
إحدى تلك الوثائق، ما نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، يوم السبت، كاشفة عن أن الدول النامية الكبرى تسعى إلى تجنب المواجهة المتصاعدة بين الولايات المتحدة وروسيا والصين، فيما تحاول في بعض الحالات، استغلال هذا التنافس لتحقيق مكاسب خاصة بها.
وتقول الوثيقة التي كشفت ملامحها الصحيفة الأمريكية، إن الأجندة العالمية للرئيس الأمريكي جو بايدن، تكشف عن تحديات كبيرة، بينها سعي الدول النامية الكبرى؛ بينها الهند والبرازيل وباكستان، جاوز الولاءات في عصر لم تعد فيه أمريكا القوة العظمى في العالم بلا منازع.
وتكشف الوثيقة التي لم يتم الكشف عنها سابقًا، رؤى جديدة حول العقبات التي يواجهها بايدن في تأمين الدعم العالمي لجهوده، لاحتواء روسيا ومواجهة توسع النفوذ الصيني، مشيرة إلى أن القوى الإقليمية تحاول البقاء على مسافة بين أمريكا في مواجهتها مع الصين وروسيا.
وقال ماتياس سبكتور، الباحث في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إن الدول النامية تعيد ضبط التوازن في الوقت الذي تواجه فيه أمريكا منافسة جديدة قوية، من الصين التي يزيد نفوذها الاقتصادي وروسيا.
وأوضح سبكتور: "من غير الواضح من الذي سينتهي به المطاف في مركز الصدارة في غضون 10 سنوات، لذا فهم بحاجة إلى تنويع مخاطرهم والتحوط من رهاناتهم"، في إشارة إلى الدول النامية.
يتضح هذا في باكستان، التي تلقت مليارات الدولارات من المساعدات الاقتصادية والأمنية الأمريكية بعد 11 سبتمبر/أيلول 2001، لكنها الآن تعتمد بشدة على الاستثمارات والقروض الصينية.
ووفقًا لإحدى الوثائق المسربة، جادلت هينا رباني خار، وزيرة الدولة الباكستانية للشؤون الخارجية، في مارس/آذار الماضي، بأن بلادها "لم تعد تحاول الحفاظ على نقطة وسط بين الصين والولايات المتحدة".
ففي مذكرة داخلية بعنوان "الخيارات الباكستانية الصعبة"، حذرت خار، التي شغلت سابقًا منصب وزيرة خارجية باكستان، من أن إسلام أباد يجب أن تتجنب الظهور بمظهر استرضاء الغرب، مشيرة إلى أن غريزة الحفاظ على شراكة باكستان مع الولايات المتحدة ستضحي في النهاية بالفوائد الكاملة لما اعتبرته شراكة "استراتيجية حقيقية" للبلاد مع الصين.
وتصف وثيقة أخرى، مؤرخة في 17 فبراير/شباط الماضي، مداولات رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف مع أحد مرؤوسيه بشأن تصويت قادم للأمم المتحدة بشأن النزاع في أوكرانيا، وما توقعته الحكومة أن يكون ضغطًا غربيًا متجددًا لدعم قرار يدين العملية العسكرية الروسية.
خطر يواجه العلاقات
ونصح المسؤول الباكستاني، رئيس الوزراء، بأن دعم هذا الإجراء من شأنه أن يشير إلى تحول في موقف باكستان بعد امتناعها السابق عن التصويت على قرار مماثل، مشيرًا إلى أن باكستان لديها القدرة على التفاوض بشأن اتفاقيات التجارة والطاقة مع روسيا، وأن دعم القرار المدعوم من الغرب قد يعرض تلك العلاقات للخطر.
وعندما صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 23 فبراير/شباط على قرار يدين العملية العسكرية الروسية، كانت باكستان من بين 32 دولة امتنعت عن التصويت.
وبينما اجتمع حلفاء الولايات المتحدة الأساسيون في أوروبا وشرق آسيا لدعم حملة بايدن في أوكرانيا، حيث قدموا مجموعة متزايدة من الأسلحة وفطموا أنفسهم عن الطاقة الروسية، واجهت واشنطن مقاومة في أماكن أخرى.
إلا أن إدارة بايدن أبلغت تلك الدول أنها لا تطلب منهم اختيار جانب الولايات المتحدة من جهة أو الصين وروسيا من جهة أخرى، وهي رسالة أكدها وزير الخارجية أنتوني بلينكن في رحلاته. لكن الدول، بما في ذلك جنوب إفريقيا وكولومبيا، تلجأ إلى ما تعتبره خيارًا ضمنيًا.
وعندما قام بلينكن برحلة العام الماضي إلى جنوب إفريقيا، وهي قوة ناشئة أخرى أجرت مؤخرًا تدريبات عسكرية مع روسيا وقد ترفض طلبًا من المحكمة الجنائية الدولية باعتقال بوتين إذا كان سيزورها خلال قمة هذا العام، قال مسؤولون هناك أنهم لن يتعرضوا للتنمر لاتخاذ قرارات لا تناسبهم.
تجنب الانحياز
وبالمثل، يبدو أن الهند تتجنب الانحياز إلى جانب واحد بين واشنطن وموسكو؛ فإحدى الوثائق المسربة تشير إلى محادثة أجريت في 22 فبراير/شباط الماضي بين مستشار الأمن القومي الهندي أجيت كومار دوفال ونظيره الروسي نيكولاي باتروشيف.
وتقول الوثيقة إن دوفال أكد لباتروشيف دعم الهند لروسيا، مشيرة إلى أن نيودلهي كانت تعمل لضمان عدم اندلاع الحرب خلال اجتماع مجموعة العشرين برئاسة الهند، على الرغم من "الضغط الكبير" للقيام بذلك.
وفي اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين في نيودلهي بعد أسبوع، أدى الخلاف حول أوكرانيا إلى الفشل في صياغة إجماع حول التحديات العالمية الأوسع.
وتظهر الوثيقة المسربة أن دوفال أشار أيضًا إلى مقاومة الهند للضغط لدعم قرار الأمم المتحدة المدعوم من الغرب بشأن أوكرانيا، قائلاً إن بلاده "لن تحيد عن الموقف المبدئي الذي اتخذته في الماضي".
ويقول الأشخاص المطلعون على موقف الهند إنها لا تدعم الحرب الروسية - مشيرين إلى إدانة وجهها رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى بوتين شخصيًا - لكنها اعتمدت منذ فترة طويلة على دعم موسكو في الأمم المتحدة وليس لديها خيار سوى الحفاظ على علاقات الطاقة والاقتصاد مع روسيا.
استغلال المنافسة
في السياق نفسه، تقول "واشنطن بوست"، إن دول آسيا الوسطى "تتطلع إلى استغلال" هذه المنافسة والاستفادة من الاهتمام المتزايد من الولايات المتحدة والصين وأوروبا في سعيها لتقليل اعتمادها على روسيا، وفقًا لتقييم صادر في 17 فبراير/شباط الماضي، من مكتب مدير المخابرات الوطنية.
ولم تحدد الوثيقة تلك الدول، لكنها على الأرجح تشمل دولًا مثل كازاخستان التي تسعى لتقليص النفوذ الروسي وتطوير شراكات جديدة في الطاقة والتجارة.
وتقول الوثيقة إن القادة في المنطقة "حريصون على العمل مع من يقدم التسليمات الفورية، وهي الصين في الوقت الحالي".
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن بعض المسؤولين في الجنوب العالمي، وهو مصطلح يستخدم لوصف أجزاء من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، يضعون أنفسهم كجسر دبلوماسي بين الخصوم الثلاثة؛ بينهم الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي سعى إلى اكتساب دور عالمي رائد لبلاده بعد فترة من التحركات الانعزالية في عهد سلفه جايير بولسونارو.
تكتل سلام عالمي
وتعرض الوثائق المسربة اقتراح لولا للوقوف على "تكتل سلام عالمي" للتوسط في المصالح الأمريكية والصينية والتوسط لإنهاء القتال في أوكرانيا، قائلة إن الزعيم البرازيلي ذي الميول اليسارية يعتزم مناقشة المبادرة مع الرئيس شي جين بينغ خلال زيارة الصين، والتي أجراها في أبريل/نيسان الجاري.
أثار لولا غضب دول الناتو عندما أشار إلى أنها تطيل أمد الصراع الأوكراني من خلال إمداد كييف بالسلاح واقترح أنه لتحقيق السلام، قد تتنازل روسيا عن بعض الأراضي التي تسيطر عليها في أوكرانيا لكنها تحتفظ بشبه جزيرة القرم المحتلة ، وهو احتمال رفضه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وبعد وقت قصير من عودته من الصين، استضاف لولا وزير الخارجية الروسي في برازيليا، بحسب الوثيقة التي قالت إن مبادرة لولا كانت تتبلور في نفس الوقت الذي رحبت فيه حكومته بسفينتين حربيتين من عدو الولايات المتحدة اللدود إيران، والخاضعتين للعقوبات الأمريكية.
في غضون ذلك، خطط رئيس الأرجنتين، ألبرتو فرنانديز، لاستخدام تحالف متجدد لدول أمريكا اللاتينية بما في ذلك الأرجنتين والمكسيك والبرازيل لتأمين المزيد من القوة في المفاوضات مع الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي، وفقًا لوثيقة مسربة أخرى.