المونيتور: بعد لقاء بوتين وأردوغان.. هل التحالف الأمريكي التركي على حافة الانهيار؟

profile
  • clock 3 أكتوبر 2021, 6:35:25 م
  • eye 560
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تتراجع الثقة بحقيقة أن الولايات المتحدة وتركيا "حلفاء" و "شركاء" في الناتو، حيث تقترب العلاقات الثنائية من نقطة الانهيار بسبب الخلافات حول روسيا وسوريا.

وقال الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، الذي التقى في 29 سبتمبر/أيلول نظيره الروسي "فلاديمير بوتين"، إن تركيا لا تتقدم فقط في شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية "إس-400" (الأمر الذي أدى إلى فرض عقوبات أمريكية) لكنها تفكر في تعاون دفاعي أعمق مع روسيا بما في ذلك تطوير محركات الطائرات وبناء السفن والطائرات الحربية.

أما بالنسبة لدور تركيا في برنامج الطائرات المقاتلة الأمريكية "إف35-"، الذي كلف تركيا 1.4 مليارات دولار، فقد قال "أردوغان" في 30 سبتمبر/أيلول: "إما سيعطوننا طائراتنا أو سيعطوننا المال".

وجاء اجتماع "أردوغان" مع "بوتين" عقب ما اعتبره "أردوغان" ازدراء من الرئيس الأمريكي "جو بايدن" خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الشهر الماضي.

وتجدر الإشارة إلى أن "بايدن" لم يقض حتى ليلته في نيويورك وأنه التقى بعدد قليل جدًا من قادة العالم، حيث ألقى العديد من رؤساء الدول خطاباتهم عن بعد هذا العام.

وكان "أردوغان" سيكتفي بالتقاط صورة مع "بايدن" للاستفادة بها في لعبة التوازن قبل لقائه مع "بوتين" الذي يتضمن مناقشة بعض القضايا الشائكة بما في ذلك أوكرانيا وسوريا.

وقال "أردوغان" في نيويورك: "بصفتنا دولتين في حلف شمال الأطلسي، أتمنى أن نتعامل مع بعضنا البعض بصداقة لا عدائية.. لكن المسار الحالي لا يبشر بالخير، النقطة التي وصلنا إليها في علاقاتنا مع الولايات المتحدة ليست جيدة... لا أستطيع أن أقول إن الأمور بدأت بداية جيدة مع بايدن".

وربما يكون اجتماع "أردوغان" مع "بوتين" في أعقاب اجتماعات الأمم المتحدة المخيبة للآمال، قد عززت مزيدًا من الميل نحو الشرق في سياسة تركيا الخارجية.

وفي عهد "أردوغان"، تتجه تركيا بثبات نحو مسار غير غربي في عالم متعدد الأقطاب حيث تبرز الصين في الشرق، وتعكس لهجة "أردوغان" الحذرة بشأن قضية الإيجور خلال خطابه أمام الأمم المتحدة أيضًا محاولة عدم إغضاب بكين. ولكن عندما يتعلق الأمر باستهداف الولايات المتحدة والعالم الغربي فإن "أردوغان" يتحدث بلا مواربة.

وقال "بوتين" قبل قمة سوتشي: "المفاوضات مع تركيا صعبة في بعض الأحيان، لكن دائما نغادر سوتشي بنتائج إيجابية.. نحن نعلم كيف نتصالح".

لكن حتى الآن يبدو من الصعب التوفيق بين "أردوغان" و"بوتين" بشأن أوكرانيا.


وقال محلل الشؤون الخارجية التركية "فهيم تستكين" إن مبيعات تركيا طائرات بدون طيار لأوكرانيا وتعهد "أردوغان" بعدم الاعتراف أبدًا بضم روسيا لشبه جزيرة القرم تغضب الجانب الروسي الذي يعتبر كلا المسألتين حاسمتين لأمنه القومي ووحدة أراضيه.

وأشار "تستكين" إلى أن "أردوغان" كرر موقفه الخاص بشبه جزيرة القرم خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد أن أعلنت وزارة الخارجية التركية أن انتخابات مجلس الدوما التي أجريت في شبه جزيرة القرم هذا الشهر"غير شرعية".

علاوة على ذلك، قال وزير الخارجية الأوكراني "دميترو كوليبا" إن بلاده تخطط لإنشاء مصنع للطائرات بدون طيار للإنتاج المشترك للطائرات بدون طيار تركية الصنع "تي بي 2".

واعتبر "تستكين" أنه "كان بإمكان تركيا أن تستخدم ضم روسيا لشبه جزيرة القرم كوسيلة ضغط في مفاوضاتها مع روسيا لكن أنقرة حافظت على موقفها الصفري".

وفيما يتعلق بسوريا يدرس "بوتين" فيما إذا كان الوقت مناسبًا لهجوم عسكري سوري على إدلب، التي تعد المعقل للمعارضة السورية المدعومة من تركيا.

ومنذ أسابيع، تنفذ القوات الجوية الروسية هجمات على مواقع المتمردين في إدلب ومحيطها، مما ينذر باحتمال توسيع نطاق الهجوم ليشمل المناطق التي تسيطر عليها تركيا في منطقة عفرين وبالقرب من تل تمر فيما يسمى بـ"منطقة نبع السلام" التي سيطرت عليها تركيا في آخر حرب لها ضد "قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة من الولايات المتحدة.

وقد يشجع انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان "بوتين" باعتبار أن ذلك دليل على تخلي واشنطن عن "الحروب التي لا نهاية لها"، وبالفعل، انتعشت الاتصالات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن سوريا مؤخرًا.


والتقى "بوتين" بـ"الأسد" في 13 سبتمبر/أيلول، قبل أسبوعين من اجتماعه مع "أردوغان"، ويود "الأسد" المضي قدمًا في إدلب، لكن "بوتين" لاعب أكثر حرصًا ويسعى إلى قدر أكبر من اليقين حول رد الفعل في أنقرة وواشنطن.

ووفقًا لاتفاقها مع روسيا، فإن تركيا مكلفة بتقليل نفوذ الجهاديين في إدلب، وبالرغم من أن "هيئة تحرير الشام" تواصل تغيير صورتها السابقة، فإن روسيا ترى أن تركيا فشلت في مهمتها لتطهير إدلب، ومن وجهة نظر تركيا، فإن الهجوم السوري المدعوم من روسيا على إدلب سيؤدي إلى تفاقم أزمة اللاجئين السوريين.

وبالنسبة "لأردوغان"، أصبحت الحرب التي لا نهاية لها في سوريا بمثابة تهديد رئيسي لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا.

ويتصاعد الاستياء تجاه ما يقدر بنحو 3.7 ملايين لاجئ سوري في تركيا حاليًا، ويتم استغلال هذه المشاعر من قبل المعارضة في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في عام 2023.

وتشير بعض الاستطلاعات إلى تراجع شعبية "أردوغان" إلى مستويات غير مسبوقة، وبالتالي فإنه حريص على الحفاظ على الوضع الراهن في إدلب، على الأقل حتى ذلك الحين.

وتشير "بينار تريمبلاي" بشأن الانتخابات المقبلة، إلى أن "أحزاب المعارضة، مثل حزب الشعب الجمهوري قد استفادت من المشاعر المعادية للمهاجرين واللاجئين والضعف الأمني المتزايد".

وقال "سلطان الكنج" من إدلب: "أوقفت تركيا مؤخرًا إصدار بطاقة الحماية المؤقتة -المعروفة باسم كيمليك- للاجئين السوريين الذين يحتاجون إلى العلاج الضروري داخل الأراضي التركية، واستبدلتها بوثيقة السياحة العلاجية".

وأفاد المحلل "متين غورجان"، الذي عمل كمستشار للجيش التركي في آسيا الوسطى والعراق وأفغانستان، أن العديد من طلبات التقاعد من قبل العسكريين الأتراك يمكن أن تكون علامة أخرى على الاستياء المتزايد من سياسة "أردوغان" تجاه سوريا.

من جهته، يشعر "بوتين" أيضا بالقلق من أن الهجوم السوري المدعوم من روسيا على إدلب قد يكون بمثابة نقطة لإشعال الهجوم التركي ضد قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، بحسب الكاتب الروسي "كيريل سيمينوف".

وتعتبر تركيا "وحدات حماية الشعب"، وهي الجماعات المسلحة الكردية السورية التي تشكل الجزء الأكبر من "قوات سوريا الديمقراطية"، إرهابية لارتباطها بحزب العمال الكردستاني.

وقد أثبتت الخلافات الأمريكية التركية بشأن "قوات سوريا الديمقراطية" أنها مريرة وغير قابلة للتوفيق.


في 29 سبتمبر/أيلول، أشار "أردوغان" إلى "بريت ماكجورك"، منسق مجلس الأمن القومي الأمريكي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا باعتباره "يدعم الإرهاب فعليا... وأنه مدير لحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب".

ويفضل "بوتين" متابعة خطة طويلة الأمد لهندسة اتفاق بين الأكراد السوريين ودمشق بحيث يكون مقبولاً لأنقرة ويشمل مراجعة لاتفاقية أضنة لعام 1998، والتي نزعت فتيل التوترات التركية السورية بشأن حزب العمال الكردستاني.

وتحاول موسكو بالفعل دفع الأكراد السوريين إلى حوار مع دمشق دون تدخل أمريكي على أمل أن يدرك الأكرادضرورة إبعاد أنفسهم عن الولايات المتحدة التي لا يمكن الاعتماد عليها بعد ما حدث في أفغانستان.

لا يبدو أن "بايدن" أو "بوتين" أو "أردوغان" على استعداد لقلب الوضع الراهن دون معرفة ما سيحدث بعد ذلك، ولكن ذلك يمثل نوعا من الجمود الهش الذي يمكن أن ينهار في أي وقت.

وإجمالا، لا يمكن لـ"أردوغان" أن يتخلى عن الولايات المتحدة بشكل كامل لأنه ليس على وفاق مع "بوتين" بشأن سوريا وأوكرانيا، ويحتاج "أردوغان" على الأقل إلى وجود خيار آخر أثناء التعامل مع "بوتين" للبقاء في اللعبة.

التعليقات (0)