- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
باستراتيجية الضفدع المغلي.. أمريكا تقترب من اختراق خط روسيا الأحمر في أوكرانيا
باستراتيجية الضفدع المغلي.. أمريكا تقترب من اختراق خط روسيا الأحمر في أوكرانيا
- 12 سبتمبر 2023, 9:16:36 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سلط الخبير في شؤون الأمن القومي والعلاقات الدولية، مارك إبيسكوبوس، الضوء على إفادة مسؤولين أمريكيين بأن الولايات المتحدة تستعد لتزويد أوكرانيا بصواريخ ATACM، ما يمثل خرقا جديدا لأحد خطوط روسيا الحمراء، المتعلقة بالمساعدات العسكرية من واشنطن لكييف.
وذكر إبيسكوبوس، في تحليل نشره موقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" وترجمه "الخليج الجديد"، أن شبكة ABC الأمريكية نقلت عن مسؤول بإدارة الرئيس، جو بايدن، (لم تسمه) أن أنظمة الصواريخ التكتيكية ATACMS، "مطروحة على الطاولة"، مشيرا إلى أن مداها يبلغ 190 ميلاً أو 300 كيلومتر، ويمكن أن تساعد القوات الأوكرانية في ضرب أهداف بشبه جزيرة القرم.
وأضاف أن المسؤولين الأوكرانيين وعديد المراقبين الغربيين يعتبرون تضاريس شبه الجزيرة حاسمة في الحرب الأوكرانية، وأن قرار إرسال صواريخ ACAMS إلى أوكرانيا، حال تأكيده، سيكون بمثابة عكسا لاتجاه غربي طويل الأمد يتمثل في رفض تزويد كييف ببعض الأسلحة، وذلك تحت ضغط الحاجة إلى عكس مسار ككيف في الحرب، بعدما لم يؤت الهجوم الأوكراني المضاد ثماره.
وكان كبار المسؤولين الأمريكيين قد أكدوا، في الأسابيع الأولى للغزو الروسي عام 2022، أنه لا توجد خطط لإرسال بطاريات صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا، وأشاروا إلى أن هذه الأنظمة ستحتاج إلى تشغيلها على الأراضي الأوكرانية من قبل القوات الأمريكية، ما يجعل الولايات المتحدة مشاركًا نشطًا ومباشرا في الحرب.
وفي أواخر يناير/كانون الثاني 2023، أوردت تقارير غربية أن وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، ورئيس هيئة الأركان المشتركة، مارك ميلي، عارضا إرسال دبابات "إبرامز إم1" إلى أوكرانيا وسط مخاوف من كونها لا تخدم احتياجات الجيش الأوكراني وأنها معقدة للغاية بحيث لا يمكن تشغيلها أو صيانتها.
لكن البيت الأبيض تراجع لاحقا عن موقفه بشأن كلا الملفين، وقام بتزويد كييف بنظام باتريوت واحد ووافق على نقل 31 دبابة من طراز "إبرامز إم1".
ويدور الجدل الدائر حول تسليم الولايات المتحدة أوكرانيا طائرات مقاتلة من طراز F-16 بطريقة مماثلة، وهي الطائرات التي استبعد الرئيس بايدن وكبار مسؤولي الإدارة الأمريكية إرسالها إلى كييف على مدى الأشهر الـ 18 الماضية، مكررين مخاوفهم بشأن التصعيد إذا تم استخدام الطائرات لضرب أهداف داخل روسيا.
وأعلن البيت الأبيض، في أغسطس/آب الماضي، أنه سيبدأ تدريب الطيارين الأوكرانيين على طائرات F-16 في وقت لاحق من هذا العام، في تغيير جذري يهدف إلى إرساء الأساس لأوكرانيا لتلقي وتشغيل طائرات F-16 المقدمة من حليفتي الولايات المتحدة: الدنمارك وهولندا.
ويرى إبيسكوبوس أن التقرير بشأن تزويد الولايات المتحدة أوكرانيا بأنظمة ATACM يمكن أن يتبع هذا النمط الراسخ لأشهر من التردد أو حتى الرفض التام الذي يتبعه انعكاس صارخ ومفاجئ.
لكنه أشار إلى أن عديد الخبراء لا يعتقدون أن هكذا توجه يمثل فكرة جيدة، ومنهم جورج بيبي، من معهد كوينسي، الذي عبر عن رأيه قائلا: "بينما تزداد يأس إدارة بايدن لإظهار التقدم في الحرب، فإنها تواجه مخاطر أكبر وأكبر في تحدي موسكو للانتقام من الغرب (..) الخطر هو أننا لن نكتشف أين رسمت الخطوط الحمراء لروسيا إلا بعد أن تجاوزناها".
وأوضح أن نهج "الضفدع المغلي" الذي يتبناه الغرب في التعامل مع مساعدات أوكرانيا يرتكز على مجموعة من الحسابات المتعلقة بالسلوك الروسي والديناميكيات الأساسية للحرب، مشيرا إلى أن صناع القرار الغربيين يتشاطرون القلق بشأنهها.
و"الضفدع المغلي" هو مصطلح يشير إلى قصة شائعة تقول بأن الضفدع سيقفز فوراً عندما يوضع في ماء حار، بينما إذا وضِع في الماء وهو معتدل الحرارة ثم تم تسخينه ببطء فإن الضفدع لن يقفز وسيبقى في الماء حتى بعدما يصير حاراً جداً لأنه لن يشعر بالخطر التدريجي الحاصل وبذلك يموت عندما تبلغ درجة حرارة الماء قدراً مميتاً.
ولذا فالزيادة المفاجئة والجذرية في المساعدات، وحشد القوة الكاملة لترسانة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في حزم مساعدات ضخمة تعلن عن جميع الأسلحة المتاحة خلال فترة زمنية قصيرة، يمكن أن تؤدي إلى تصعيد كارثي يصل إلى استخدام الأسلحة النووية في الحرب الأوكرانية، مواجهة مباشرة بين روسيا والحلف، بحسب الخبراء.
ومن خلال المباعدة بين عمليات تسليم أنظمة الأسلحة الرئيسية، وفقا لهذا التفكير، يمكن للغرب أن يخفف ببطء الخطوط الحمراء لروسيا ويزيد من المساعدات لأوكرانيا بأقل قدر من المخاطر، بحسب إبيسكوبوس، مشيرا إلى أن حجم المساعدات التي يمكن للقوات الأوكرانية استيعابها محمدودة "في ضوء متطلبات التدريب والخدمات اللوجستية والصيانة".
وأضاف: "يمكن للحكومات الغربية أن تتعهد بكل شيء دفعة واحدة، ولكن الأمر قد يستغرق سنوات قبل أن يتم تسليم الأسلحة ونشرها واستخدامها بكميات كبيرة".
ويأتي التقرير الخاص بتسليم صواريخ ATACM لأوكرانيا في أعقاب الإعلان المفاجئ للرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بأن القوات الأوكرانية بدأت في استخدام صواريخ طويلة المدى المنتجة محليًا.
وقال زيلينسكي إن الصواريخ الغامضة تم استخدامها بنجاح لمدى يصل إلى 700 كيلومتر، فيما أشار أمين مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني، أوليكسي دانيلوف، إلى أن السلاح الجديد يتمتع بمدى أطول.
وفي حين أن الأسلحة التي يقدمها الداعمون الغربيون لكييف تأتي مع حظر على توجيه ضربات ضد أهداف داخل الأراضي الروسية، فإن أوكرانيا تستطيع استخدام صواريخها محلية الصنع دون أي قيود من هذا القبيل.
ولم يخف المسؤولون الأوكرانيون خططهم لهذا السلاح الجديد، حيث قال دانيلوف، وفقًا لصحيفة واشنطن بوست: "صدقوني، قريبًا جدًا سيتم حرق شخص ما [في روسيا]، وسيُحرق بالمعنى المباشر للكلمة".
ورغم أن مدى صواريخ ATACM يبلغ 4 أضعاف مدى أنظمة الصواريخ المدفعية عالية الحركة، أو HIMARS، وهي الصواريخ التي تنقلها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا، إلا أنه لا يوجد دليل يشير إلى أنها تفوق صواريخ Storm Shadow بشكل كبير، وهي الصواريخ التي زودت بها بريطانيا كييف في وقت سابق من هذا الصيف.
وأصرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في سبتمبر/أيلول 2022 على أن توفير أسلحة بعيدة المدى لكييف هو "خط أحمر" من شأنه أن يجعل الولايات المتحدة "طرفًا في الصراع".
وبحسب تهديد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، فإن رد موسكو على مثل هذه الشحنات، سيكون بالاستيلاء على المزيد من الأراضي الأوكرانية.
وهنا يشير إبيسكوبوس إلى أن الإشارات تشير إلى أن الولايات المتحدة تقترب من إعطاء الضوء الأخضر لتوفير صواريخ ATACM بدافع من التطورات المخيبة للآمال في ساحة المعركة.
فمع استمرار التوجه الرئيسي للهجوم المضاد الصيفي لأوكرانيا بمنطقة زابوريزهيا الجنوبية في تحقيق مكاسب هامشية بوتيرة "أبطأ من المتوقع"، يناقش المخططون وصناع السياسات الغربيون الهجمات الأوكرانية القادمة في عام 2024 وما بعده.
ورغم عدم قدرة أي من المنصتين على الوصول إلى أوكرانيا في الوقت المناسب للهجوم المضاد في الصيف، يعتقد بعض المراقبين العسكريين أن طائرات F-16 وATACMS يمكن أن تلعب دورًا رئيسيًا في محاولات أوكرانيا المستقبلية لاستعادة الأراضي التي تحتلها روسيا في جنوب وجنوب شرقي البلاد.