- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
بالاتفاق مع إيران.. السعودية تتجاهل بايدن وتتحول نحو أوراسيا
بالاتفاق مع إيران.. السعودية تتجاهل بايدن وتتحول نحو أوراسيا
- 5 أبريل 2023, 8:47:04 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لا تعد الاتفاقية السعودية الإيرانية مهمة للتخفيف المتبادل للتوترات في غرب آسيا فحسب، ولكن أيضًا للأهمية المتزايدة للمملكة في عملية التكامل الأوراسي بقيادة الصين وروسيا.
يتناول مقال أغا حسين في موقع "ذَ كرادل"، والذي ترجمه "الخليج الجديد"، هدف السعودية بعد الترحيب بالوساطة الصينية، حيث وضعت المملكة نفسها كجهة فاعلة مستقلة قادرة على فتح الأبواب أمام بكين وموسكو في منطقة طغى عليها تقليديًا منافس قوي؛ هو الولايات المتحدة.
وفقا للكاتب، تعزز هذه الخطوة أهمية السعودية في المشهد الجيوسياسي وتقوي علاقاتها مع بكين وموسكو.
تراجع الثقة
كان الشعور بعدم الثقة بين واشنطن والرياض متبادلاً وأجبر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على طلب المساعدة من دول أخرى للمساعدة في خفض التوترات على الحدود السعودية.
وبين عامي 2021 و 2022، انخرطت الرياض في عدة جولات من الحوار الذي استضافه العراق مع إيران للتفاوض على مساعدة طهران في منع حلفائها باليمن والعراق من مهاجمة الأراضي السعودية.
ويرى الكاتب أن الأمر الجدير بالملاحظة بالنسبة للصين وروسيا بشكل خاص هو أن بن سلمان لم يستخدم هذه الدبلوماسية كوسيلة لاستعادة المركزية التقليدية للولايات المتحدة في السياسات الإقليمية والأمنية للمملكة، بل أكد نقطة التعاون مع بكين وموسكو بينما كان يتجاهل واشنطن في نفس الوقت.
وظهر ذلك في خفض إنتاج النفط وبترحيب بن سلمان بشكل كبير بالرئيس الصيني شي جين بينغ في الرياض.
وفي ظل هذه الخلفية، فُسر القرار السعودي بتوقيع صفقة بوساطة صينية مع إيران دون تدخل واشنطن على أنه تجاهل للرئيس جو بايدن. وبالمثل، فإن انفراجة الرياض الناشئة تجاه سوريا، توضح أيضًا استعداد السعودية للابتعاد عن موقفها التقليدي المؤيد لأمريكا.
ويؤكد الكاتب أن تحركات بن سلمان هذه تعني أكثر من مجرد انتصارات دبلوماسية على الولايات المتحدة، بل تمثل دعم السعودية لجهودهم في تشكيل الديناميكيات في الخليج، حيث ظلت كلتا القوتين الأوراسيتان حتى الآن غير ظاهرتين بسبب الهيمنة الغربية التي استمرت عقودًا طويلة على المنطقة، وهي الآن في طريقها للخروج.
وبتيسير من السعودية وبكين وموسكو، يمكن إشراك الخليج كجسر لتوسيع نفوذها في منطقة غرب آسيا الأوسع وبالتالي تعزيز خطط التكامل الأوراسي.
وعليه عملت الصين على دمج منطقة الخليج العربي بشكل جيد بالفعل مع مبادرة الحزام والطريق بفضل تجارة الطاقة المزدهرة مع دول مجلس التعاون، واستثمارات بكين المتزايدة في المجمعات الصناعية والموانئ عبر دول الخليج.
ولكن الصراعات والاضطرابات في بقية أنحاء غرب آسيا أعاقت حتى الآن قدرة الصين على القيام باستثمارات كبيرة في مبادرة الحزام والطريق في المنطقة.
ولتحقيق الاستقرار دعمت الصين جهود حل النزاعات التي يقودها مجلس التعاون الخليجي في اليمن، كما طرحت مبادرة النقاط الخمس في 2021، داعية إلى جهود تحقيق الاستقرار على مستوى المنطقة وإنشاء هيكل أمني محلي.
ويؤكد المقال أن شراكات بكين في الخليج العربي يمكن أن تكون بمثابة نقطة انطلاق لجهود الاستقرار في منطقة غرب آسيا بأكملها، حيث أثر تنافس إيران والسعودية على كل المنطقة.
لم تكن اتفاقية بكين تطورًا إيجابيًا فقط لمبادرة الحزام والطريق، ولكن أيضًا لممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب بقيادة روسيا تمامًا، كما تدعم موسكو المبادرة الصينية كوسيلة لتعزيز التعددية القطبية وتقليل الهيمنة الأمريكية، فقد عملت بنشاط على تعزيز الممر الذي يربط الهند عن طريق البحر بإيران ثم إلى شمال أوروبا عبر أذربيجان وروسيا.
ووفقا للمقال، يمكن لروسيا استكشاف احتمالات مثل زيادة تجارتها الخاصة مع الخليج عبر إيران من خلال الممر المذكور، وكذلك مع بقية غرب آسيا. وبالتالي، فإن الانفراج بين طهران والرياض هو بشرى سارة لمشاريع الاتصال الروسية وجهود التكامل الإقليمي.
منظمة شنغهاي
لطالما نظرت موسكو إلى منظمة شنغهاي للتعاون كمنصة مثالية لتقديم جبهة صينية روسية موحدة ضد المصالح الأمريكية، ومن الأمثلة المبكرة على ذلك إعلان قمة أستانا الصادر عن المنظمة في 2005، والذي يطالب بسحب الوجود العسكري الأمريكي من آسيا الوسطى.
وبالتالي، فإن تمديد تفويض منظمة شنغهاي للتعاون ليشمل قضايا غرب آسيا يوفر لموسكو الفرصة للدفع من أجل التعاون الصيني الروسي ضد الولايات المتحدة في غرب آسيا أيضًا، والاستمرار في روح شراكتهما الأوراسية على النحو المنصوص عليه في المنظمة.
ويرى الكاتب أنه يمكن القول إن تحرك السعودية تجاه منظمة شنغهاي للتعاون مفيد للغاية لكل من الصين وروسيا.
ومن خلال إثبات فائدتها في الجهود الأخيرة من أجل مجتمع أوروبي آسيوي أكبر وأكثر ترابطًا، فإن المملكة أيضًا في وضع جيد لمتابعة غاياتها الخاصة في أوراسيا التي تتعلق بالمصالح الوطنية السعودية.
ويقترح المقال أنه يمكن للمملكة مضاعفة خططها لاستثمارات كبيرة في آسيا الوسطى، وهي جزء من الفضاء الأوروآسيوي الذي تراقبه روسيا عن كثب بحثًا عن أي علامات على نشاط من قبل الدول التي تراها معادية للتصاميم الأوراسية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للسعودية الاستفادة من سمعتها المرموقة مع الصين وروسيا لردع أي معارضة محتملة من المنافسين لتحركاتها في أوراسيا.
ومن الأمثلة على ذلك استثمارات الرياض في مشروع خط أنابيب الغاز بين تركمانستان وأفغانستان وباكستان والهند، وهو منافس لطموحات إيران المجاورة لاختراق سوق الغاز الكبير في جنوب آسيا.
يعتقد الكاتب أنه بالرغم من فشلها العسكري الكبير في اليمن وما نتج عنه من مخاوف أمنية، نجحت المملكة في إيجاد شركاء جدد.
من خلال تبني النموذج الأوراسي الذي تروج له الصين وروسيا، فإن السعودية قادرة على سد الفجوات المكشوفة في سياستها الخارجية بعد انهيار علاقتها الاستراتيجية مع واشنطن في المنطقة.