- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
بصمت.. كيف تلعب السعودية بكرة النفط من خلف الكواليس؟
بصمت.. كيف تلعب السعودية بكرة النفط من خلف الكواليس؟
- 5 مايو 2022, 4:23:11 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
"السعودية تلعب الكرة من خلف الكواليس من أجل زيادة إيراداتها من النفط"، مستفيدة بشراكة "أوبك+" مع روسيا، التي عادت بثمارها على المملكة، وفي ظل فتور في العلاقات مع الولايات المتحدة.
هكذا كشف تحليل لموقع "فوربس"، مستعينا بأرقام، لم تنشرها "أرامكو" بل تعد متاحة للصحفيين من زبائن المملكة، مشيرا إلى أن الأرقام المتوفرة للمستهلكين لا تعكس السعر الحقيقي، بل تقوم "أرامكو" بتحديد أسعار "مختلفة" للنفط، وفقا لنوع الخام المخصص لأوروبا وآسيا والولايات المتحدة.
ومنذ بدء الاجتياح الروسي لأوكرانيا، أوضحت السعودية موقفها بأنها لن تغير من سياساتها النفطية، ورفضت مرارا طلبات الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، برفع معدلات الإنتاج، وكان ذلك سببا أساسيا في إعلان الولايات المتحدة وغيرها من الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية، اللجوء إلى مخزون احتياطي النفط للحفاظ على توازن الأسعار في الأسواق.
ومع ذلك، ارتفعت أسعار النفط، حيث قال التحليل الذي أعده الباحث في قطاع الطاقة الدولية والنفط بمعهد بيكر "مارك فينلي"، إن ارتفاع أسعار النفط، ساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي السعودي، بنسبة سنوية بلغت 9.6%، خلال الربع الأول من العام، وهو أسرع معدل نمو خلال أكثر من 10 سنوات.
فعلى سبيل المثال، يقول الباحث في تحليله، إن سعر خام "العربي الخفيف" الواصل إلى أوروبا، كان أقل من 90 سنت للبرميل الواحد خلال مارس/آذار.
وأشار إلى أن "أرامكو" لديها مكاتب إقليمية في عدد من المدن الأساسية حول العالم، تحرص على مراقبة التطورات في أسواق النفط عن كثب، ما يسمح لها بتعديل الأسعار وفقا للتغيرات التي تشهدها المناطق المختلفة.
ويضرب تحليل "فوربس" مثالا على ذلك، فإن احتاجت آسيا إلى المزيد من "الديزل" قد تلجأ "أرامكو" إلى منح الأولوية للديزل ذو القيمة الأكبر.
ويؤكد "فينلي"، أن لدى "أرامكو" شبكة واسعة من المعلومات تمكنها من الحصول على آخر المستجدات، ما يسمح لها برفع رصيد الأرباح ضمن إطار السياسات التي رسمتها وزارة الطاقة السعودية.
ويعبر الكاتب عن التناقض ما بين الموقف العلني للسعودية من الحرب الأوكرانية وبين الصورة التي ترسمها أسعار "أرامكو"، في المنطقة عقب الاجتياح الروسي.
إذ بلغت أسعار النفط السعودي في آسيا خلال شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان مستويات قياسية، لكن ذلك لا يعكس الطلب المرتفع في القارة، بالأخص مع انخفاض المبيعات في الصين في ظل قيود صارمة بسبب تفشي (كوفيد-19)، بالإضافة إلى ارتفاع مبيعات النفط الروسي في الهند كما ذكر سابقا.
ويشير التحليل إلى أنه في ظل هذه الظروف، كان من المفترض أن تؤدي السياسة التسويقية المتمثلة في الحفاظ على المبيعات في سوق آسيوي إقليمي ضعيف إلى خفض المملكة لفروقها الإقليمية مقارنة بأوروبا والولايات المتحدة.
ورغم أن فروق أسعار "أرامكو" الأوروبية والأميركية قد زاد، إلا أنها لم ترتفع بنفس السرعة التي شهدتها الفوارق الآسيوية - خاصة بالنسبة لخام "العربي المتوسط"، وهو النفط السعودي الذي يعد أقرب بديل لمزيج الصادرات الروسية الرئيسي "الأورال".
يشير الباحث، إلى أن "أرامكو" تعمل ضمن إطار تشريعات وزارة الطاقة السعودية، فإن أراد صانعو القرار في المملكة نقل النفط من سوق لأخرى، سيتحتم على "أرامكو" تعديل الفروقات الأقليمية لتحقيق ذاك الهدف.
وينوه إلى أن المملكة قامت بذلك مع الولايات المتحدة، حيث منحت خصما لتصبح أكبر مزوديها منذ منتصف السبعينيات وحتى أوائل الألفية الجديدة.
ويلخص الباحث قصده، بأن الفروقات في تغيير الأسعار قد تشير إلى نية المملكة توجيه خامها "بصمت إلى أوروبا لاستبدال النفط الروسي، دون أن تخاطر بأن تأخذ موقفا علنيا ضد شريك مهم في "أوبك+".
ويشير المحلل، إلى أن الإمارات أيضا سعت "بصمت" إلى شحن المزيد من خامها إلى أوروبا.
ويضيف "فينلي"، أنه ورغم الطبيعة المتذبذبة لأسواق النفط، والتي قد يبادر اللاعبون الأساسيون فيها إلى ابتكار طرق إبداعية، إلا أن " قرارات التسعير التي تتخذها المملكة العربية السعودية تشير أيضا إلى أن هذا لا يحدث بشكل طبيعي فحسب، بل هو خيار متعمد اتخذته المملكة".
ويرجح الباحث أن الخطوة السعودية في أوروبا تهدف إلى "مساعدة المشترين الأوروبيين على الانتقال بسلاسة أكبر في جهودهم بتقليل الاعتماد على النفط الروسي"، ويضيف "بهذا المنطق، يبدو وأنه جهد يركز على منع تذبذب أكبر في الأسعار، عوضا عن خفضها".
ومع وجود الكثير من التساؤلات التي قد لا تجد إجابة إلا مع مرور الوقت، بالأخص مع غياب تعليق رسمي من المملكة أو "أرامكو" في هذا الصدد.
ويختتم "فينلي": "ولكن في الوقت الحالي، مع قيام الكونجرس والإدارة الأمريكية بدراسة تشريعات عقابية تستهدف المملكة وحلفاءها لارتفاع أسعار النفط العالمية، قد يكون هذا علامة على تعاون هادئ من جانب السعوديين.. علامة هادئة لدرجة يسهل إغفالها".