- ℃ 11 تركيا
- 23 ديسمبر 2024
بعد أن فقد "رأس ماله".. هل دفع العدالة والتنمية ثمن التطبيع مع إسرائيل؟
بعد أن فقد "رأس ماله".. هل دفع العدالة والتنمية ثمن التطبيع مع إسرائيل؟
- 9 سبتمبر 2021, 3:50:21 م
- 3058
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
شكلت نتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت بالمملكة المغربية الأربعاء 8 سبتمبر/أيلول الجاري مفاجأة كبيرة، فقد مني حزب العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحكومي الحالي بخسارة مدوية.
بعد مرور نحو عشر سنوات على وصوله إلى السلطة يتذيل حزب "العدالة والتنمية" المغربي ترتيب الأحزاب الفائزة في الانتخابات التشريعية التي انتظمت بالمملكة المغربية الأربعاء 8 سبتمبر/أيلول الجاري.
وكشفت نتائج الفرز الأولية لصناديق الاقتراع حصول العدالة والتنمية على 12 مقعداً، بعد أن كان ممثلاً في المجلس المنتهي بـ125 مقعداً سمحت له بترؤس الائتلاف الحكومي المنتهي ولايته. وتعد هذه النتيجة أقل نتيجة يتحصل عليها الحزب منذ مشاركته في الانتخابات عام 1997.
فيما تصدر حزب "التجمع الوطني للأحرار" نتائج الانتخابات بـ97 مقعداً من أصل 395 مقعداً، يليه حزب "الأصالة والمعاصرة" بـ82 مقعداً، وحزب "الاستقلال" بـ78 مقعداً، وحزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" بـ35 مقعداً.
وبينما تتجه القراءات والتحليلات للنتائج الأولية للانتخابات إلى تفسير السقوط المدوي لحزب العدالة والتنمية بعدم الرضا الشعبي عن منجزات الحزب وأدائه ضمن الائتلاف الحكومي وعدم وفائه بتعهداته بتحسين الظروف المعيشية ومحاربة الفساد وغيرها من أمهات القضايا العالقة، تشير آراء ناشطين وخبراء ومحللين إلى إشكالية ملف التطبيع مع إسرائيل الذي ساهم بشكل كبير في قصم ظهر الحزب وزعزعة وحدته وتآكل قاعدته الشعبية.
الموقف من التطبيع.. موقف ملتبس؟
على الرغم من أن توقيع المملكة المغربية اتفاقية التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي في 22 ديسمبر/كانون الأول 2020 كان حدثاً صادماً للرأي العام المغربي والعربي حينها فإن تماهي حزب العدالة والتنمية المغربي ذي المرجعية الإسلامية مع هذا القرار ومشاركته فيه كان المفاجأة الكبرى حينها والضربة الموجعة للأنصار والمؤيدين.
ولعل المشهد الذي حفر في ذاكرة المغربيين للأمين العام للحزب ورئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني الذي فشل بدوره اليوم في الظفر بمقعد نيابي، وهو يوقع حينها الاتفاقية، كان أكثر المشاهد التي أثارت غضب القاعدة الشعبية الواسعة المؤيدة للعدالة والتنمية، الحزب الذي لطالما رفع الشعارات المناهضة للتطبيع منذ تأسيسه عام 1967، وشدد دائماً على عدالة القضية الفلسطينية.
وواجه العدالة والتنمية منذ ذلك الحين انتقادات حادة لتناقضه مع أدبياته ومبادئه التي قام عليها، حتى بدأ يتآكل رصيده المبدئي. فيما عزا خبراء ومحللون ذلك إلى مجموعة الإكراهات والإملاءات التي فرضتها السياسة والبراغماتية على الحزب، حتى بات طرفاً مشاركاً في قرار التطبيع بعد أن كان قد أدان في أغسطس/آب 2020 تطبيع دولة الإمارات العلاقات مع إسرائيل.
وعقب مراسم توقيع سعد الدين العثماني الاتفاقية صرح في لقاء تلفزي بأن الموقف لم يكن سهلاً عليه، وبدا كأنه يتحدث حينها بلغة اعتذارية، موضحاً موقفه وموقف المؤسسة الملكية ومركزاً على منجز الصحراء المغربية.
ثم تلا ذلك بيان رسمي صادر عن حزب العدالة والتنمية في يناير/كانون الثاني الماضي يحذر فيه من مخاطر التطبيع على النسيج السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للبلاد، مؤكداً مواقفه المبدئية الثابتة والراسخة ودعمه اللا مشروط ومساندته القوية لكفاح الشعب الفلسطيني ونضاله ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وقد يبدو بذلك للجميع أن موقف العدالة والتنمية المغربي من ملف التطبيع موقف ملتبس وغير حاسم وضع مصداقيته على المحك. واعتبرت في السياق ذاته القاعدة الشعبية الواسعة المناصرة للحزب والمؤيدة له أن العدالة والتنمية ذا المرجعية الإسلامية فشل في امتحان مبادئه وقيمه عندما تعلق الأمر بالسلطة، فكان الخاسر الشعبي الأكبر، وربما تبدو نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة إحدى ترجمات هذا الموقف.
تصدع داخلي للحزب
بينما تسبب قرار التطبيع في زلزال شعبي خاض في الأثناء قيادات حزب العدالة والتنمية ومستشاروه نقاشات ومحاورات مكوكية تمخضت عن بروز خلافات حادة وانقسامات أسفرت عن الإعلان عن عدة استقالات. وكان من بينها إعلان النائب البرلماني البارز عن "العدالة والتنمية" المقرئ الإدريسي أبو زيد في 18 يناير/كانون الثاني قرار تجميد عضويته في الحزب، وذلك احتجاجاً على قرار التطبيع، تلا ذلك إعلان عدة قيادات بالحزب ومنها مشاركة في الائتلاف الحكومي عن استقالتها.
وبات الحزب يعيش تصدعاً داخلياً غير مسبوق، وذلك قبل فترة وجيزة من تنظيم الانتخابات التشريعية، أضعفت تأثيره وصداه في الشارع المغربي.
وعلى الرغم من أن سعد الدين العثماني الأمين العام للحزب حاول تبرير موقفه خلال دورة المجلس الوطني للحزب الذي ناقش حينها قرار التطبيع، وأكد أن توقيعه الاتفاق على تطبيع القرار مع إسرائيل كان من إملاءات المسؤولية التي يشغلها باعتبارئه رئيساً للحكومة، فإن ذلك لم يكِف لامتصاص غضب قيادات الحزب وأنصاره.
وتعليقاً على ذلك صرح حينها نبيل الأندلسي عضو مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان) عن "العدالة والتنمية" قائلاً: "الحزب يمر بمنعطف مفصلي يحتاج إلى بلورة أطروحة جديدة للحفاظ على وحدته".
فيما أشار في السياق ذاته الأكاديمي سلمان بونعمان في حديث خاص سابق للأناضول إلى أن: "الحزب يعيش منذ فترة أزمة كبيرة وعميقة على مستوى العلاقة مع المرجعية والهوية وعلى مستوى فاعلية الفكرة الإصلاحية، وأيضاً على مستوى تدبير الملفات المتوترة والحرجة".
وبالتالي فإن انخراط حزب العدالة والتنمية المغربي في قرار التطبيع مع إسرائيل تجاوزت تداعياته بيته الداخلي الذي باتت تعصف به الخلافات الحادة والانقسامات التي تشق صفوفه، إلى تآكل رصيده البشري التي لعبت عدة عوامل أخرى هامة من حيث النجاعة والوفاء بالعهود في تراجعه الكبير في الانتخابات التشريعية.