- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
بعد 39 يوماً: مفاوضات على وقع الحرب ولي أذرع حول الطاقة
بعد 39 يوماً: مفاوضات على وقع الحرب ولي أذرع حول الطاقة
- 3 أبريل 2022, 12:58:08 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يدخل الهجوم الروسي على أوكرانيا هذا الأحد يومه التاسع والثلاثين وسط اتهام موسكو لكييف بشن غارة جوية على أراضيها، وذلك في وقت استأنفت فيه المحادثات بين الوفدين الروسي والأوكراني، فيما يجد الأوروبيون أنفسهم في مواجهة خطر فقدان الغاز الروسي، أكثر من أي وقت مضى.
وعلى وقع اشتداد المعارك في شمال وشرق أوكرانيا حيث أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الوضع العسكري ما يزال صعبا للغاية وأن روسيا تستعد لشن هجمات جديدة في منطقة دونباس ومدينة خاركيف، اتهمت موسكو كييف بشنّ غارة جوية عبر الحدود شنتها طائرات هليكوبتر أوكرانية يوم الجمعة على الأراضي الروسية، في تطور هو الأول من نوعه في الحرب المستمرة منذ خمسة أسابيع. لكن الحكومة الأوكرانية رفضت، حتى اللحظة، تأكيد الضربة من دون أن تنفيها رسميًا، مكتفية بالتشديد على أن الجيش الأوكراني يقاتل ضمن الأراضي الأوكرانية.
وقد أدى هذا القصف إلى اشتعال النيران في مستودع وقود بأحد أهم مراكز الإمداد والتموين للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، بحسب الجانب الروسي، الذي اعتبر أن ما حصل من شأنه التأثير على المفاوضات بين الطرفين، بألا يوفر الظروف الملائمة لمتابعتها، كما جاء على لسان دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين.
القرم ودونباس مفتاح المفاوضات؟
فبعد لقاء الوفدين الروسي والأوكراني بشكل مباشر يوم الثلاثاء في إسطنبول التركية، واصل الطرفان المفاوضات يوم الجمعة، لكن عبر الفيديو، وفق ما أعلن فلاديمير ميدينسكي، كبير المفاوضين الروس، مشددا على أن مواقف بلاده بشأن شبه جزيرة القرم ودونباس لن تتغير، فيما رأى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن هناك «تقدما» في المفاوضات مع الأوكرانيين، مؤكدا أن موسكو تحضر رداً على المقترحات التي قدمتها الوفد الأوكراني في إسطنبول، بما في ذلك الموافقة على «الحياد» والتخلي عن مساعي الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو» بشرط أن يضمن اتفاق دولي أمنها، بالإضافة إلى تأجيل طرح موضوع شبة جزيرة القرم وإقليم دونباس في مباحثات لاحقة.
وفي مقابلة مع قناة «فرانس24» بالفرنسية، يوم الأربعاء، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن هذه المفاوضات الروسية الأوكرانية «لم تحرز أي تقدم في أي موضوع حتى الآن». لكن الحكومة الأوكرانية، أعلنت بعد ذلك بيومين أنها تبادلت مع روسيا أسرى في صفقة تم بموجبها الإفراج عن 86 من أفراد الجيش الأوكراني، من دون تحديد عدد الجنود الروس الذين تم الإفراج عنهم بموجب الصفقة، مكتفية بالتأكيد أن عملية التبادل كانت نتيجة مباحثات السلام الجارية بين الجانبين.
يبدو، بحسب مراقبين ومحللين، أن روسيا ماضية في استراتيجيتها إلى غاية تحقيق الأهداف التي رسمها الرئيس فلاديمير بوتين، والمتمثلة في «تحييد المؤسسة العسكرية الأوكرانية واستبدال نظام الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي بنظام متفهم للحاجيات الأمنية الروسية وارغام المجموعة الدولية على الاعتراف بسيادة روسيا على شبة جزيرة القرم واستقلال جمهوريتي الدونباس» كما يوضح لـ«القدس العربي» المحلل السياسي، المقيم في باريس، مصطفى الطوسة، معتبراً، في الوقت نفسه، «أننا دخلنا في أزمة طويلة، إذ لا يبدو أن العقوبات الاقتصادية التي فرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على روسيا سترغم بوتين على الرضوخ للضغوطات الغربية ووقف إطلاق النار والدخول في مفاوضات حقيقية».
زيارة أممية إلى موسكو
في خضم ذلك، يزور وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، البريطاني مارتن غريفيث، موسكو اليوم الأحد لمحاولة التوصل إلى «وقف لإطلاق النار لأسباب إنسانية» في أوكرانيا. فحتى الآن، رفضت روسيا أي زيارة يقوم بها مسؤول كبير في الأمم المتحدة موضوعها الرئيسي أوكرانيا، حيث فشل الأمين العام للأمم المتحدة منذ اندلاع الحرب في الوصول إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الغاضب من تصريحات أنتونيو غوتيريش بأن روسيا انتهكت ميثاق الأمم المتحدة بغزو أوكرانيا.
بدوره، واصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الرئيس الدوري للاتحاد الأوروبي، جهوده الدبلوماسية، حيث تحدث مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الجمعة، مجددا له تأكيد «تصميمه على العمل بغية التوصل إلى وقف لإطلاق نار يسمح بإجراء عمليات إجلاء المدنيين من ماريوبول ويسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى المدينة المحاصرة».
أصداء الحرب على الطاقة
وفي الوقت الذي يواجه فيه الجيش الروسي مقاومة شديدة من الجيش الأوكراني، لعب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإحدى أهم أوراقه الوازنة ضد الأوروبيين، معتمدا على ارتفاع الطلب لدى مشتري الطاقة الأوروبيين. حيث هدد الرئيس الروسي بوقف امدادات الغاز إلى الدول «غير الصديقة» في حال لم تفتح حسابات بالروبل في مصارف روسية، فيما يعد أقوى رد اقتصادي له حتى الآن على العقوبات المشددة التي فرضها الغربيون على روسيا منذ بدء هجومها على أوكرانيا.
هذه التهديدات الروسية، قابلتها الحكومات الأوروبية برفض المهلة التي حددها الكرملين حتى يوم الجمعة. وتقول الحكومات الغربية إن مطالبة بوتين بدفع مقابل الغاز الروسي بالروبل هي بمثابة خرق للعقود التي تنص على أن عملة السداد هي اليورو أو الدولار.
ألمانيا، التي تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي، وصفت تهديدات بوتين بأنها «ابتزاز» فيما قالت فرنسا إنها «لا تتوقع مبدئيا توقف امداداتها» من الطاقة. ومع أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تريد التخلي عن موارد الطاقة الروسية، لكن هذا الخيار يهدد بزيادة أسعار الوقود المرتفعة أصلا في الدول الأوروبية. غير أن روسيا هي الأخرى تخاطر بفقدان مصدر هام وضخم للعائدات، لا سيما في الذي تئن فيه تحت وطأة العقوبات الغربية.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان قد زار منطقة الخليج هذا الأسبوع لبحث مسألة تنويع إمدادات الأوروبيين بالطاقة بهدف خفض اعتمادهم على روسيا، حيث يطالب الأوروبيون دول الخليج بزيادة إنتاجها من النفط للحد من ارتفاع أسعار النفط بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا وخفض حصة النفط الروسي في السوق العالمية. كما يعمل الاتحاد الأوروبي الذي يعتمد على المحروقات الروسية، على تنظيم نفسه لخفض مشترياته من الغاز من روسيا بمعدل الثلثين اعتبارا من هذه السنة.
تحذير الصين
وخلال قمتهم الافتراضية الجمعة مع الصين، حذر الأوروبيون الصين من مغبة أن دعمها لروسيا «سيشوه» سمعتها في أوروبا بشكل كبير، داعين إياها في الوقت نفسه إلى «عدم التدخل» في العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، كما جاء على لسان رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين، طالبة مساعدة الصين لوضع حد للحرب في أوكرانيا.
في المقابل، شدد وانغ لوتونغ المدير العام للشؤون الأوروبية بوزارة الخارجية الصينية على «بكين لا تتحايل عمدا على العقوبات المفروضة على روسيا» مؤكدا أن بلاده تساهم في الاقتصاد العالمي من خلال مباشرة تجارة طبيعية مع روسيا.
ويعتبر المحلل السياسي مصطفى الطوسة أن «روسيا تلقت إشارات تضامن من الصين والهند، التي زارها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجمعة، ستشجعها على المضي قدما في هجومها العسكري على أوكرانيا، لأن هذه الإشارات الإيجابية بالنسبة للروس ستساعدهم على عدم الخضوع للعقوبات الاقتصادية الغربية وعدم البقاء معزولة كما يريد لها الغربيون». غير أن وزارة الخزانة الأمريكية تؤكد أن الاقتصاد الروسي «محاصر» بسبب هذه العقوبات الأمريكية والأوروبية التي فرضت عليها.