- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
بيسان عدوان تكتب: الحرب العالمية الثالثة شرارة غزة تشعل بحر الصين الجنوبي
بيسان عدوان تكتب: الحرب العالمية الثالثة شرارة غزة تشعل بحر الصين الجنوبي
- 26 أكتوبر 2023, 7:48:31 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متداول
تدخل المدمرة يو إس إس كارني الثالثة للولايات المتحدة الأميريكية سواحل البحر المتوسط لتنضم إلى أكبر مدمرتي أمريكتين فورد وأيزنهاور بقواتهما قبالة إسرائيل منذ اندلاع الحرب في غزة بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.، ومع وجود أسطول روسي قبالة طرطوس السورية، وها هي الصين تدخل لعبة البحر وتوجه 6 مدمرات نحو الشرق الأوسط، ليجمع "البحر المتوسط" أكبر 3 قوى نووية في العالم. فهل اكتملت عدة الحرب العالمية الثالثة بقدوم مدمرات الصين؟
لنعود إلى ما قبل البداية الحرب بقليل، لم يكن ذلك التجمع لتلك الحاملات مجرد نزهة أو حفلة شاي يتحدثون بها عبر فوهات المدافع عن شمس البحر المتوسط أو زرقته أو يتبادلون أطراف الحديث عن صيدهم أثناء الرحلة للوصول إلى البحر المتوسط. بل لتقاسم البحر والسماء والأرض، كل حسب قوته.
هنا بعيدا عن حدودهم على أرض غير أرضهم، ليصنع كل منهم أسطورته علي جثث وأشلاء شعوب المنطقة. تحركت تلك القطع البحرية الأكثر تطورا والأكثر تدميرا من جهات متعددة، فجاءت الأميريكية الأولى تلو الثانية في الأيام الأولى، تلك التي كانت مرابطة في قواعدها العسكرية منذ الحرب علي العراق في 2003، و2011، ثم بدأت المدمرات الصينية تصل إلى المنطقة بدواع مختلفة تقول إنها اعتيادية وتقوم بذلك بشكل دوري، فزارت سواحل سلطنة عمان عدة أيام، ثم انتقلت لزيارة سواحل الكويت إي رست في الخليج العربي بجانب القواعد الأميريكية في قطر والبحرين والعراق.
يأتي ذلك بعد تقرير رسمي أميركي يتحدث عن ضرورة استعداد الولايات المتحدة لحروب محتملة ومتزامنة مع روسيا والصين من خلال توسيع قواتها التقليدية وتحالفاتها وبرنامجها لتحديث الأسلحة النووية. فالشراكة الروسية الصينية تبرز بقوة مواقف البلدين إزاء الحرب الوحشية التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وهي مواقف في مواجهة الخصم الأصيل الولايات المتحدة وصراع الأطراف علي الشرق الأوسط باعتباره مساحة شديدة التعقيد للاصطفافات الدولية وبناء جبهة عالمية موحدة في مواجهة الولايات المتحدة الاميريكة وربيبتها إسرائيل.
ورغم أنهم استخدما الفيتو ضد مشروع القرار الأمريكي بشأن غزة في مجلس الأمن اليوم الأربعاء 24 أكتوبر/ تشرين الذي يعطي ضوء أخضر للوحشية الإسرائيلية بحجة الدفاع عن النفس ويصف المقاتلون الفلسطينيون بالإرهابيين. وبهذا الفيتو تسعى كلتا الدولتين لمواجهة الصلف الأميريكي ودعمها اللامشروط للإبادة التي تمارسها إسرائيل، وجر المنطقة لحرب تتسرعين لتشمل مناطق مختلفة يكون شرارتها غزة، وتصل إلى بحر الصين الجنوبي.
صحيح بالطبع أن روسيا والصين ليستا مثليتين أو نزهتين في احترامهن لحقوق الإنسان أو القانون الدولي، لكن تعاملهن في ملف الحرب علي غزة يتماشى مع توجهاتهما في بناء محاور استقطاب عالمية موازية للولايات المتحدة الأميريكية. ففكرة إصرارهما علي على رفض استخدام توصيف «الإرهاب» بحق المقاومة الفلسطينية، أو حرص موسكو على تشبيه القصف الإسرائيلي لقطاع غزة بما شهدته لينينغراد الروسية لا يعني أنهما معنيان حقيقيان بذلك، وأن يكن ورغم أي اصطفافات أو معارك، هذا يصب في صالح المقاومة والشعب الفلسطيني ومعركة وجوده.
هل المعركة بين الاقتطاب المتناحرة فقط في ساحة القانون الدولي والشرعية الدولية، أم أن التناحر بينهما يتعدى البساط البحري الأزرق المسمى البحر المتوسط.
نعلم جيدا القواعد الأميريكية العسكرية في منطقة الشرق الأوسط، ونعرف التحركات الأميريكية في المنطقة ونفوذها عبر ربيبتها إسرائيل بدءا من خلقها كما صرح بايدن في بداية الحرب أمام منظمة إيباك اللوبي اليهودي "إن لم تكن هناك إسرائيل، لخلقنا إسرائيل" وصولا لاتفاقيات التطبيع العربية – الإسرائيلية، لكن في الحرب نسمع ونشاهد، أطرافا ولاعبين أشداء ليس دفاعا عن الحق الفلسطيني ولكن للاستحواذ علي مساحات أخرى في المنطقة كغنائم كاستعراض للقوي معلن في مواجهة الولايات المتحدة الايريكية، ريما يتطور إلى حرب عالمية ثالثة.
علي أعتاب الحرب العالمية الثالثة، الجميع يحاول تفادي ذلك التصعيد بما فيهم واشنطن نفسها، رغم استعراضها للقوة وتحريك أساطيلها العسكرية البحرية صوب سواحل إسرائيل المحتلة، وإرسال قوات مارينز للتعامل مع حرب المدن في غزة لتحرير الرهائن وعدم التورط في حرب برية لأنها ستكون شرارة لتدخل أطراف خارجية كلبنان وإيران في الحرب الأمر الذي يعني تدخل روسيا والصين فيها.
الحرب بدأت شرارتها في غزة لكنها هدفها بحر الصين الجنوبي، تلك الساحة مركزية في الحرب، فللحرب ساحات متعددة لكنها ساحات يمكن أن نسميها أطرافا أو ثغورا، كمنطقة البحر المتوسط، والبحر الأسود. رغم سيطرة أمريكا علي البحر المتوسط بقواعدها العسكرية ومدمراتها وبوارجها الأكثر قوة وتطورا وتقنية، لكن لا يمكن أن نتجاهل تواجد بكين في ممرات لشحن الرئيسة عبر العالم، لا سيما المحيط الهندي (ميناء هامبانتوتا، سريلانكا)، والبحر الأحمر (ميناء جيبوتي)، وقناة السويس (ميناء السخنة، مصر، وتركيا)، والبحر الأبيض المتوسط (ميناء حيفا، إسرائيل، وبيرايوس، اليونان)، وعدة مناطق أخرى. كما أن بكين تدير قاعدة بحرية أجنبية واحدة فقط – في جيبوتي – مقارنة بالشبكة العالمية الواسعة للبحرية الأميركية من المواني المخصصة والقواعد المشتركة.
من المعلوم أن المواني التجارية الصينية تستضيف بشكل روتيني السفن العسكرية الصينية ويمكن أن تكون بمثابة نقاط إعادة إمداد مهمة أو مرافق إصلاح في أي صراع. كما ألغت بكين التمييز بين الأنشطة التجارية والعسكرية، بل على العكس من ذلك، فكل المواني المدنية التي تم بناؤها بمساعدة صينية في الخارج مصممة للاستخدام المحتمل من قبل السفن الحربية الصينية. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب القانون الصيني أن تقدم جميع الأصول والعمليات المملوكة للمدنيين الدعم للجيش الصيني في حالة نشوب صراع.
وحذر تقرير أمريكي تم نشره في أغسطس الماضي أي قبيل الحرب في غزة ينص بالقول "نظرا للقرار المتعمد الذي اتخذته الصين بمعاملة جميع الأصول المدنية باعتبارها امتدادا لجيشها القوي، فإن العواقب المترتبة على هذه السيطرة في زمن الحرب قد تكون كارثية".
ويضيف التقرير الأميريكي "وإذا نجحت هذه الاستراتيجية، فيمكن أن تمنح بكين القدرة على خنق الاقتصاد الدولي بشكل كلي، ليس من خلال الاستيلاء على المواني أو إغلاق قناة السويس مثلا، ولكن ببساطة عن طريق السيطرة على البنية التحتية والمعلومات، وعليه ينبغي على الولايات المتحدة وحلفائها اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة هذه الجهود".
اليوم اللعب ليس بالوكلاء كما كان سابقا والمسالة تعدت دخول إيران وقواتها في حزب الله الحرب، لكن إذا اشتدت الحرب على غزة عبر اجتياحها بريا، فيتحول المسار التصادمي بين الصين والولايات المتحدة الأميركية إلى حرب فعليه ساخنة، شرارتها انطلقت من أصغر ثغر في المتوسط إلى تايوان ولن يجني العالم غير عواقب كارثية.
هذه الحرب قادمة لا محال، لكن السؤال هو من سيبدأ الحرب، فالمعروف استراتيجيا أن من يبدأ الحرب لا يمكن أن ينهيها. هكذا تعلمنا من التاريخ.
لكن على ما يبدو أن إدارة النظام العالمي لم يعد يهيمن عليه القرار الأميركي وحده... هناك لاعبين جدد.