- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
بيسان عدوان تكتب: طوفان الاقصي وسون تزوي .. غزة وحرب السابع من تشرين الأول 2023
بيسان عدوان تكتب: طوفان الاقصي وسون تزوي .. غزة وحرب السابع من تشرين الأول 2023
- 9 أكتوبر 2023, 1:04:35 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
استطاع "سون تزوي" أن يؤكد من خلال كتابه: "فن الحرب" بأن من الأمور المستحيلة؛ هي التكهن مسبقا بمصير المعركة، وتوقع ما قد يتخللها من أحداث؛ أو ما قد يظهر فيها من مفاجآت؛ وهذا يدعو القائد بالضرورة إلى اعتماد استراتيجيات وخطط حربية مرنة ".
في الساعات الاولي من السابع من تشرين الاول 2023، في بقعة صغيرة من العالم ومن منطقة الشرق الاوسط تسمي غزة، انطلقت المفاجاة بشن الهجوم الأول من بضع من المقاتلين الفلسطينيين علي دولة الاحتلال الاسرائيلي هي الاولي من نوعها منذ نكبة 1948 وهزيمة الجيوش العربية امام العصابات الصهيونية.
ما بين الامس واليوم فارق زمني كبير هو نفسه الفارق الذي جعل المقاومة الفلسطينية تشن الحرب علي الجيش الاسرائيلي الئي يعد من اكبر خمسة جيوش في العالم واكثرهم قوة وعتاد. بل يكون للقوي المقاومة مبادرة الطلقة الاولي، بل وتشن هجوم علي مساحة 40 كيلو في العمق فلسطين المحتلة بل وتحتل مستوطنات ومعسكرات للجيش الإسرائيلي، بما فيها مقر قيادة فرقة غزة، وتأسر جنودا إسرائيليين عديدين، وتقتل المئات وتجرح آلاف من المستوطنين.
علي مدار يومين متتاليين تستمر المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب القسام بالسيطرة علي ارض المعركة والهجوم المستمر داخل المستوطنات المحازية لقطاع غزة واحكام سيطرتها علي العمق الذي سيطرت عليه في اول يوم مسافة 40 كم شرق قطاع غزة، بل تواصل التقدم حتي وصلت الي المدخل الجنوبي لمدينة الخليل في الضفة الغربية. بجانب المعارك المستمرة ووابل الصواريخ التي تطلقها علي المدن الكبيرة في الداخل المحتل كمدينة عسقلا ومدينة سيدروت ومدينة تل ابيب، لتثبت مدى ضعف جيش الاحتلال وترهله، ليس فقط على مستوى القدرات الاستخبارية، بل أيضا على مستوى القدرات القيادية وتقدير الموقف.
من الواضح ان هناك تغييرات استراتيجية لدي المقاومة الفلسطينية خاصة لدي كتائب القسام، وأنها على مدار سنوات كانت تقوم بتطوير الياتها وعتادها وخططها العسكرية، وخلال سنتين كاملين اوحت حركة حماس في قطاع غزة لجميع الاطراف الاقليمية والدولية انه تم تدجينها خاصة بعدما جري التوصل إلى اتفاق يقضي بزيادة تصاريح العمل، وإدخال أصناف من السلع، وتمديد المعونة القطرية. ساد الهدوء، وانهالت معه الانتقادات لحركة حماس، ولم يتوقع أحد أن هذا الهدوء سيتبعه طوفان حرب اشعلته المقاومة ولا تزال تتحكم في مجرياته.
من الصعب التكهن بنتائج الحرب لكن المقاومة الفلسطينية تملك من المفاجأت الكثير، فقد حرر القائد محمد الضيف في كلمته المارد الفلسطيني ليس في قطاع غزة فحسب، بل في الضفة الغربية وفي الداخل المحتل، وفي الخارج، وتلك ليست رسائل دعائية فقد كان من الممكن لآن يتركها للناطق الاعلامي لكتائب القسام كما هو متعارف عليه، لكن هناك رسائل عليها لآن تصل ليس للفصائل المقاومة كمجموعات منظمة، بل كل فرد فلسطيني بالداخل او الخارج. بل لكل الاحرار في العالم.
الجميع يعلم بانه ليس هناك حربا مستمرة، كل حرب يعقبها الجلوس على المائدة المستديرة لبدء عملية التفاوض، كان واضحا منذ البداية، أن القسام تسعا لحصول علي اكبر عدد من الاسري الاسرائيلين، وحيازة مساحات اكبر من الارض واخلائها من المستوطنين. وهذا الهدف الصلب العملي الذي حددته عملية طوفان الأقصى منذ اليوم الأول، بجانب دفاعها عن القدس مما يكسبها شرعية وتاييدا كاسحا لدي قطاعات كبيرة من الشعب الفلسطيني، وعليه تفرض الحرب نتائجها واولي تلك النتائج، هي أن المقاومة هي الناطق الرسمي للشعب الفلسطيني، وان حركة حماس هي الطرف الفلسطيني الوحيد في الصراع العربي- الفلسطيني.
ساعات من بدء الحرب تنبئنا بفشل القيادة الاسرائيلية وارتباكاتها، اعلانها عن التعبئة العامة بمعناها الواسع واعلان رئيس الحكومة نتنياهو الحرب بمعناها الشامل، وهذا يعني تطورات تتجاوز أي معركة أو عملية سابقة، بجانب اعتراف صريح بانت المقاومة الفلسطينية هي ليست جماعات ارهابية بل هي دولة في مواجهة دولة. اي ان ذلك يضاف لرصيد المقاومة الفلسطينية الطرف الوحيد الذي يمكن ان يمثل الشعب الفلسطيني.
من نتائجها تلك الحرب- أيضا- وفي ساعاتها الماضية، أن أي تنازل من المقاومة الفلسطينية لن يكون سهلا، فعلي الاطراف الاقليمية ان تعي ذلك الامر، وأنه من الصعوبة العمل من قبل الاطراف الدولية او الاقليمية تصفية المقاومة التي تخوض معركتها الرئيسة الحالية، كما أن استمرار التنسيق الامني مع السلطة الفلسطينية القديمة في رام الله لم يعد يجدي نفع. وسيكون من الصعب تمرير التطبيع العربي الاسرائيلي.
ما قبل طوفان الاقصي ليس كما بعده، وهذه الحرب ستترك بصمتها ليس علي فلسطين فحسب بل علي المنطقة ككل. وسيظل الفلسطينيون الرقم الصعب والعقبة الوحيدة امام التغييرات في منطقة الشرق الاوسط مهما حاولت القوي الكبرى رسم خارطة جديدة وشرق أوسط جديد. والساعات القادمة كفيلة علي منح واشنطن الاجابات.