بيسان عدوان تكتب : فرار من الموت ضم سيناء إلى دولة غزة

profile
بيسان عدوان كاتبة فلسطينية
  • clock 5 ديسمبر 2023, 7:23:46 م
  • eye 407
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

ذكر تقرير للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بعد انقضاء الهدنة المؤقتة بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي أن "خطط التهجير عادت بعنف بعد انتهاء الهدنة المؤقتة بغزة وإسرائيل سحقت كل أشكال الحياة المدنية في غزة وأعادت السكان إلى مرحلة ما قبل النهضة الصناعية" الشكوك حول قيام دولة بين غزة وسيناء ليست جديدة، وهناك أدلة قوية على أن“ إسرائيل ”كانت تسعى بقوة، جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة، لإنشاء دولة فلسطينية في سيناء منذ سحبت جنودها ومستوطنيها من قطاع غزة قبل أكثر من عقد من الزمان، فهل من الممكن أن تؤدي الخطط التي نوقشت منذ فترة طويلة إلى أن ينتهي الأمر بمعظم سكان غزة في سيناء إلى جانب ملايين اللاجئين الفلسطينيين؟

ورغم رفض القاهرة أي اقتراح بحدوث نزوح جماعي من غزة إلى سيناء، إلا أنها لا تزال“ تتعرض لضغوط من الدول الغربية التي تقدم أيضا حوافز اقتصادية في محاولة منها للوصول إلى اتفاق”، لكن كل الشواهد وبعض المصادر تشير إلى أن هناك ميلا لقبول القاهرة بتدفق تدفق أعداد كبيرة من الفلسطينيين إلى سيناء داخل دوائر صنع القرار في مصر، ولعل الشواهد التي يمكن ذكرها تلك التي تنشر كشذرات في بعض الصحف الدولية يمكن الاعتماد عليها كمؤشرات تدلل على قبول مصر بذلك تحت شعار "الحالات الإنسانية". خاصة مع اشتداد القصف والمذابح التي ترتكبها إسرائيل الآن في جنوب قطاع غزة، الأمر الذي سيجبر الفلسطينيون علي النزوح إلى رفح المصرية والعريش فرارا من الموت. وسيكون عن طريق كسر الحدود بين مصر وفلسطين، الأمر الذي ستستدعي عدم تدخل قوات الأمن المصرية للتصدي لجموع الفارين ولكن عليهم احتواء التدفق ومنعه من الاستمرار في منطقة جنوب العريش وقبيل منطقة القنال مع إغلاق تام للجيري البري الذي يصل سيناء بالسويس ثم القاهرة.

سيناريو الفرار من الموت

قبيل الهدنة ذكرت مجلة“ ذي إيكونوميست ”إن مصر تحتاج إلى تطمينات بأنها لن تترك لتتعامل مع لاجئي غزة بمفردها، ويتمثل القلق بشأن السماح لمئات الآلاف بعبور الحدود، والذين سيحتاجون إلى التعليم والرعاية الصحية والإسكان، في أنهم سيبقون، وهناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن متى ستسمح“ إسرائيل ”لسكان غزة بالعودة، وما الذي سيتبقى لهم عندما يعودون.

شهد معبر رفح بداية التهجير الطوعي منذ توقف الهدنة التي امتدت ل 7 أيام واستئناف الحرب، حيث عبر المعبر- حسب المتحدث باسم معبر رفح في الجانب ‏الفلسطيني وائل أبو ‏عمر إلى سكاي نيوز- من أصحاب الجنسية ‏الفلسطينية وغيرها من الجنسيات الأخرى كالآتي: 142 شخصا من المتجهين إلى الولايات المتحدة، و115 شخصا ‏سينطلقون إلى روسيا، ‏ و152 شخصا إلى تركيا، و98 نحو قطر، و47 للسويد، فضلا عن 46 ‏شخصا لألمانيا، و6 أشخاص لبريطانيا و4 فقط إلى سويسرا، وأضاف وائل أبو ‏عمر: "شهد يوم السبت انتقال حافلات ‏تحمل مسافرين من ‏حملة الجوازات الأجنبية والمصرية والإقامات القطرية، بالتزامن مع استقبال عشرات من ‏شاحنات المساعدات الإنسانية، كما أكد أن عدد المغادرين الجمعة من قطاع غزة عن طريق معبر رفح الحدودي وصل إلى 210، ‏شمل 63 من المواطنين و79 مريضا و40 مرافقا، بجانب وفد أردني مكون من 28 شخصا، وقد حصل نحو 619 شخصا من جنسيات مختلفة على الموافقات اللازمة من أجل الرحيل عن ‏قطاع غزة من خلال معبر رفح، وأن الخطوة التالية هي سفرهم إلى دول عديدة من بينها أميركا ‏وروسيا وألمانيا"... أي أن من وافق هو مجلس الحرب الصهيوني الذي استأنف قصف المدنيين وتدمير مربعات سكنية بالكامل بهدف القضاء على (حماس).

بعد عملية طوفان الأقصى حتى الهدنة وجد الصهاينة أن مخطط التهجير الذين أعدوا له خاصة بتهجير أهالي شمال غزة باتجاه الجنوب ثم إلى مصر واجه تعنت شديد ومقاومة من قبل الفلسطينيين أنفسهم، فكان على حكومة الاحتلال الضغط بقوة على سكان مناطق الجنوب والنازحين عبر القصف الشديد والتدمير لإجبار الناس للفرار إلى مصر.

نشر الاحتلال بعد الهدنة خرائط لقطاع غزة مقسمة إلى أكثر من 2300 بلوك صغير- طلب الجيش من أهالي غزة معرفة رقم البلوك الذي يسكنون فيه من خلال الخارطة، سيعتمد الاحتلال لاحقا إخبار سكان بلوك رقم (X) بالانتقال إلى البلوك رقم (Z) وبالتالي تنفيذ تهجير جديد بمنهجه أكثر دقة.

يأتي هذا التقسيم بعد طلب الولايات المتحدة من الاحتلال عدم استئناف الحرب، قبل أن يضعوا خطة لحماية المدنيين، * هذه التقسيمة ستستخدم مبررا للموت الجماعي كما تم استخدام صواريخ الاستطلاع كرسالة تحذيرية قبل تدمير المنازل الخلاصة، أن "إسرائيل" في القسم الثاني من الحرب مستمرة في القتل والتهجير لكن بطريقة احترافية أكثر هذه المرة حتى يكون على أهل غزة أما الموت بمحض إرادتهم لأنهم لم يمتثلوا للتحذيرات أو الفرار من الموت إلى مصر.

ضم سيناء لغزة: وتوطين الفلسطينيين

هل هذا بجديد يعني بناء علي مجريات الحرب، في الحقيقة تلك الخطة التي بدأ تنفيذها بعد الهدنة، كان جسورا آيلاند، الذي ترأس مجلس الأمن القومي في الفترة 2004-2006، قد رسمها في 2014 ملخصا خطته في القول "عندما تتعامل مع دولة ما، عليك أن تخلق هامشا أقصى بين الثمن الذي يدفعونه عندما يطلقون النار وبين سعادتهم الكبيرة بأنهم لا يطلقون النار"

وعليها شرح أيلاند في عام 2020 خطته ذات النقاط السبع حول كيفية تهجير سكان غزة بالخرائط والخطوات تلك المطروحة اليوم على طاولة المفاوضات بين إسرائيل والدول الغربية ومصر خاصة منذ ما سمي بالحرب على الإرهاب في سيناء إي منذ عام 2018. تلك التي قامت في خطوتها الأولى بتهجير سكان رفح المصرية ومصادرة أراض كثيرة من البدو في سيناء وفرض قوانين متساهلة للاستثمار الأجنبي والتملك للأجانب في سيناء، ثم بناء مدينة متكاملة في المنطقة ما بين رفح والعريش.

بجانب قرارات عسكرية اتخذت في الفترة السابقة تمهيدا لاستقبال الفلسطينيين في سيناء خاصة فيما يخص منطقة (ج) طبقا للملاحق الأمنية لاتفاقية السلام كامب ديفيد مع دولة الاحتلال في 1978. مثل قرار يحدد إحداثيات المنطقة الممنوعة التي تم تفريغها من السكان والمتاخمة لحدود شمال سيناء مع قطاع غزة، أصدره مجلس الوزراء برقم 1957 بتاريخ 29 نوفمبر 2014م، هي ذاتها منطقة تمركز قوات الاحتلال المسماة m. f. o حسب خريطة تقسيم المناطق محدودة التسليح في سيناء، ولكن تسارعت كل القرارات خلال عام واحد عام 2021م، وهذا ما يتوافق مع خطة إيلاند عام 2020م، فهذه المنطقة بمساحة 79كم2 الفارغة أصبحت جزءا من منطقة أكبر مساحتها 2655كم2 (المعدة سلفا لاستقبال الفلسطينيين) صدرت بقرار رئاسي رقم 420 لسنة 2021م في يوم 23 سبتمبر 2021م.

وتفصل الخطة عدد سكان“ غزة”؛ الذين ستستقبلهم كل دولة: مليون في“ مصر”؛ (أي: 0.9 في المئة من السكان هناك)، ونصف مليون في“ تركيا”؛ (0.6 في المئة من الأتراك)، و250 ألفا في“ العراق”؛ (0.6 في المئة)، و250 ألفا آخرين ل ”اليمن”: (0.75 في المئة من اليمنيين). وتستدعي الخطة تجارب سابقة في النزوح من الحرب، وقال:“ هذه لن تكون المرة الأولى التي تستقبل فيها دول أخرى لاجئين. ووفقا لقاعدة بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، على سبيل المثال، فر أكثر من: (06) ملايين أوكراني من البلاد. واستقبلت بولندا ما يقرب من: (1.2) مليون أوكراني، واستقبلت ألمانيا ما يقرب من مليون لاجئ”.

وأضافت الخطة:“ منذ عام 2011؛ والحرب الأهلية السورية المستمرة، فر: (6.7) مليون سوري من سورية في جميع أنحاء البلدان المحيطة، وتم نقل: (3.2) مليون لاجئ سوري إلى تركيا، (789) ألف إلى لبنان، و (653) ألفا إلى الأردن، و (150) ألفا إلى مصر، فيما استقبلت بلدانا أخرى في الشرق الأوسط وأوروبا مئات الآلاف”.

وحرضت الخطة على دور (الأونروا)، قائلة؛ إن: "(الأونروا) هي عامل إشكالي يديم الصراع، هذه المنظمة تنشر قصة اللاجئين، وقد أعاقت إعادة تأهيل اللاجئين الفلسطينيين لأكثر من سبعين عاما، وفي الواقع عمقت أزمة اللاجئين، وبالتالي يجب إغلاقها".

وكانت وزيرة الاستخبارات في حكومة الاحتلال؛ طالبت المجتمع الدولي بإعادة توطين أهل"غزة "في دولة أخرى. وقالت "جيلا غمليئيل"؛ في مقال نشرته صحيفة (جيروزاليم بوست): "إنه يجب على المجتمع الدولي دعم إعادة التوطين الطوعي ”للفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة المحاصر في بلدان أخرى. واعتبرت الوزيرة أن أحد الخيارات أمام غزة ؛ بعد الحرب: "تشجيع التوطين الطوعي للفلسطينيين خارج قطاع غزة لأسباب إنسانية".

ورغم تأكيد المسؤولين المصريين أن مصر ترفض تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، لكن مشاهد الموت والدمار هذه تعيدنا إلى مشهد اجتياز الحدود التي قام به الفلسطينيون عام 2008 حين عبر آلاف الفلسطينيين معبر رفح نحو الأراضي المصرية بعد تدمير جزء من الجدار الحدودي، لتأمين احتياجاتهم من الطعام والوقود وغيرها من المؤن التي أصبحت نادرة في القطاع الذي يتعرض لحصار خانق من أكثر من شهر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي. ولم تتخذ قوات حرس الحدود المصري وقوات الأمن الفلسطينية أي إجراء لمنع الفلسطينيين من العبور. بسبب الحصار الممنهج علي قطاع غزة وتجويعه كعقاب جماعي من قبل دولة الاحتلال جعل الناس تجتاز الحدود من أجل الحصول على طعام، فهل ستجتاز الحدود هذه المرة من أجل النجاة؟ هذا ما سيتم بدعاو إنسانية.

 

 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)