- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
تجارب كوريا الشمالية.. تحدٍّ لواشنطن أم مسرحية سياسية؟
تجارب كوريا الشمالية.. تحدٍّ لواشنطن أم مسرحية سياسية؟
- 7 يناير 2023, 3:04:25 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
احتفل زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون بالعام الجديد بعرض للقوة العسكرية يستهدف بلا شك الولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية، واليابان.
وفي آخر اجتماع لحزب العمال الكوري الشمالي في عام 2022، تعهد كيم "بزيادة كبيرة" في إنتاج الأسلحة النووية، إلى جانب تطوير "منظومة أخرى جديدة من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات"، وفقا لصحيفة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية.
ونقلت وسائل الإعلام الكورية الشمالية صور كيم وابنته في أثناء تفقدهما صفوفا من الصواريخ متوسطة المدى والناقلات المتحركة، وهي أسلحة يمكن أن تضرب اليابان والقواعد الأمريكية هناك وفي غوام.
كما توج العام باختبار منظومة إطلاق صواريخ متعددة جديد ذات قدرات نووية، والمصممة لشن ضربات نووية تكتيكية على كوريا الجنوبية.
ورأى الباحث الأمريكي والمحاضر بجامعة ستانفورد، دانيال سنايدر، خلال تحليل منشور بمجلة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية، أن زيادة كوريا الشمالية المطردة للتجارب الصاروخية والاستعدادات لتجربة سابعة وشيكة لرأس حربي نووي أثارت جزع حكومات المنطقة والولايات المتحدة.
وصور بعض المحللين عمليات الإطلاق بأنها مسرحية سياسية، ومحاولة للتعبير عن تحد غاضب أو صرخة يائسة لجذب الانتباه ودعوة للمفاوضات.
ومع ذلك، اعتبر سنايدر أن التجارب والتصريحات الصادرة عن كيم ونظامه لا تختلف عن التصرفات السابقة، بل هي استمرار لجهود كوريا الشمالية طويلة الأمد لامتلاك أسلحة نووية يمكنها تحمل ضربة أمريكية، والتغلب على المنظومات الدفاعية الصاروخية الحالية، وبلوغ أهداف رئيسية في كوريا الجنوبية، واليابان، وغرب المحيط الهادئ، وربما الولايات المتحدة القارية.
ورأى الباحث الأمريكي أن برنامج التجارب الذي تم إجراؤه على مدار العامين الماضيين يعكس مجموعة من أهداف منظومات الأسلحة التي حددها كيم في يناير/كانون الثاني عام 2021 خلال المؤتمر الثامن لحزب العمال الكوري الشمالي.
وفي خطابه أمام المؤتمر، دعا كيم لتطوير الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، والصواريخ التي يتم إطلاقها من الغواصات، والأسلحة النووية المصغرة، والصواريخ متعددة الرؤوس الحربية، بالإضافة إلى مجموعة من المنظومات الأخرى.
ورأى سنايدر أن البرامج الصاروخية والنووية مدفوعة بالتأكيد بشعور كوريا الشمالية بالضعف والعرضة للخطر، كما أنها مظهر من مظاهر الهدف الذي ما زالت تتمسك به بقوة والمتمثل في توحيد شبه الجزيرة الكورية تحت قيادة كوريا الشمالية.
ويستهدف الموقف العدائي الحالي، بحسب الباحث الأمريكي، جزئيا "دق أسافين" بين شعب كوريا الجنوبية وحليفها الأمني.
ونقل الباحث الأمريكي عن المسؤول الكبير السابق بوزارة الخارجية الأمريكية والخبير في الشؤون الكورية، ديفيد ستراوب: "لطالما حاول الكوريون الشماليون تخويف الولايات المتحدة، وإن كان لأهداف مختلفة وفي أوقات مختلفة."
وقال ستراوب إن الكوريين الشماليين، على مدار عقدين، كانوا يحاولون دفع الولايات المتحدة، لقبولهم كدولة نووية، مضيفا: "بعبارة أخرى، لرفع العقوبات عنهم، وتطبيع العلاقات معهم، بينما يواصلون تطوير الأسلحة النووية".
وتابع: "بالنظر إلى أنهم لم ينجحوا بعد في هذا الهدف الأساسي، يواصلون الآن محاولة تخويف الولايات المتحدة بشكل مباشر أكثر لدفعنا للتخلي عن كوريا الجنوبية".
وخلال السنوات الأخيرة، أصبح هذا الهدف قابلا للتحقيق من منظور النظام الكوري الشمالي؛ حيث شاهد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، وفشلها في العراق وسوريا، واقترابها من الانسحاب من كوريا الجنوبية في عهد إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.
إدارة بايدن وتجارب كوريا الشمالية
لكن عكست إدارة الرئيس جو بايدن هذا الاتجاه، وأعادت الالتزام بالتحالفات الأمنية مع كوريا الجنوبية واليابان، حيث عزز ذلك عودة القيادة المحافظة في سول. لكن في ذهن كيم وكبار مسؤوليه قد يكون هذا وضع مؤقتاً.
واعتبر سنايدر أن دعوات المسؤولين الأمريكيين السابقين وغيرهم من الخبراء لقبول بيونغ يانغ كدولة مسلحة نوويا، وهو هدف رئيسي بدبلوماسيتها، يجب أن تكون بمثابة تشجيع لقيادة كوريا الشمالية، فضلًا عن الحرب في أوكرانيا والتي وضعت الصين وروسيا بجانب كوريا الشمالية أكثر من أي آخر خلال العقود الثلاثة الماضية.
وفي ظل تلك الظروف، ستسفر أي مفاوضات مع كوريا الشمالية، في أفضل الأحوال، عن تجميد مؤقت في تجاربها، ومن شبه المؤكد أن يأتي ذلك عقب استكمال التجارب التي تحقق أهداف النظام الحالية في التطوير الصاروخي والنووي.
ورأى الباحث الأمريكي، أنه يجب على واشنطن أن تكون مستعدة دائما لعرض مقايضة مألوفة لنزع السلاح النووي بطريقة يمكن التحقق منها بخطوات مرئية مقابل اعتراف دبلوماسي كامل، واتفاق سلام لإنهاء الحرب الكورية، وعلاقات اقتصادية شاملة.
لكن تعثرت جميع مفاوضات تحقيق تلك الأهداف لنفس السبب – أنها ببساطة ليست في مصلحة كوريا الشمالية.
ولا يترك ذلك سوى رد واحد قابل للتطبيق، وهو الذي تتابعه إدارة بايدن بدعم من كوريا الجنوبية واليابان: استراتيجية ردع واحتواء، والتي تستند إلى الدروس المستفادة من الحرب الباردة، بحسب سنايدر.
ورأى "سنايدر" أن إجراء كوريا الشمالية لتجربة نووية سابعة، مصحوبا بمزيد من التطوير في التكنولوجيا الصاروخية، يتطلب تعزيز كبير لاستراتيجية الردع، لافتا إلى أنه من غير المرجح زيادة الاحتواء، والذي يضم بشكل عام جميع أشكال العقوبات والضغط الاقتصادي، بالنظر إلى قرار كل من الصين وروسيا بإنهاء مشاركتهما بشكل فعال في إجراءات العقوبات التي تم إرساؤها بموجب قرارات مجلس الأمن التابع لأمم المتحدة.
ومن ثم، بحسب سنايدر، يجب الاعتماد على الردع، لكن هيكله في المنطقة، من عدة جوانب، غير كاف.
وعمليا، يجب أن يقتنع الخصوم بأن الاستخدام المحتمل لقدراته النووية لشن هجوم على الولايات المتحدة وحلفائها في أزمة أو في وقت حرب، أو حتى استفزازات لا ترقى للحرب، سيخاطر ببقائها. لكن من غير الواضح ما إذا كان كيم وجنرالاته توصلوا لهذا التقدير. وعمليا، يجب أن يقتنع الخصوم بأن الاستخدام المحتمل لقدراته النووية لشن هجوم على الولايات المتحدة وحلفائها في أزمة أو في وقت حرب، أو حتى استفزازات لا ترقى للحرب، سيخاطر ببقائها. لكن من غير الواضح ما إذا كان كيم وجنرالاته توصلوا لهذا التقدير.
وقال سنايدر إن هناك عدة سبل يمكن للردع من خلالها إقناع نظام بيونغ يانغ بذلك، وحتى يرفع تكلفة مواصلته تطوير الأنظمة النووية والصاروخية لمستوى غير مقبول، وتنطوي كل تلك السبل على تشديد واضح للتعاون الأمني بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، وهو ما سيجذب اهتمام بيونغ يانغ بالإضافة إلى داعميها في بكين وموسكو.