تحليل: أمريكا وإيران تقتربان من اتفاق ضرورة غير محقق دون سقف 2015

profile
  • clock 13 يوليو 2023, 4:26:15 ص
  • eye 343
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

سلط تحليل مطول نشرته وحدة الدراسات السياسة بالمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، على التقارب المتزايد خلال الأسابيع الماضية بين إيران والغرب وخصوصا الولايات المتحدة الساعية لحل أزمة الاتفاق النووي.

ولفت التحليل إلى أن الحراك الدبلوماسي النشط الجاري بين الأطراف المذكورة يظهر أن طهران وواشنطن تسيران في اتجاه عقد اتفاق مؤقت أو محدود تمليه الضرورة.

وأوضح التحليل أن الاتفاق المحتمل سيكون دون سقف اتفاق عام 2015 المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة الذي وقعته طهران مع الدول الغربية، إلا أن ذلك لا يعني أن الاتفاق صار محققًا.

وكشف التحليل أن الاتفاق المطروح حاليا بين طهران وواشنطن يتضمن قيودًا أقل مما كان عليه الحال في اتفاق عام 2015، وقد يشمل تقييد صادرات السلاح الإيرانية إلى روسيا، مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية الأمريكية على طهران وعدم العمل ضدها في المؤسسات الدولية.

خلافات سابقة

وكانت المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة لإحياء الاتفاق النووي قد انتهت بالفشل في خريف عام 2022.

وكان أبرز نقاط الخلاف بين الجانبين هو رفض إيران العودة إلى نسبة تخصيب اليورانيوم التي حددها الاتفاق النووي لعام 2015 بـ 3.67%، ورفعتها هي إلى 60%؛ على أساس أن الولايات المتحدة هي التي أخلّت بشروط الاتفاق بانسحابها منه عام 2018 وإعادة فرض عقوبات على إيران.

في المقابل كانت واشنطن ترى واشنطن أن هذه النسبة (أي الـ 60%) تعني، نظريًا، تقليص ما يُعرف بفترة "الاختراق" لصناعة سلاح نووي خلال فترة تراوح بين سنة وبضعة أسابيع فقط.

وتطالب إيران أيضًا برفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، بعد أن أدرجته إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالقائمة في 2019 بغية تعقيد قدرة أي إدارة مقبلة على إحياء الاتفاق النووي.

إضافةً إلى ذلك، تطالب إيران واشنطن بضمانات بعدم الانسحاب من الاتفاق مستقبلًا، وفرض عقوبات جديدة عليها من جانب أي إدارة أمريكية.

في المقابل، تصر إدارة الرئيس جو بايدن على أنه لا يمكنها الوفاء بذلك؛ فالاتفاق النووي ليس "معاهدة" ملزمة لأي إدارة مقبلة؛ وإقرار المعاهدات يتطلب موافقة مجلس الشيوخ الأميركي؛ وهو أمر غير ممكن في ظل تشكيلة المجلس الحالية.  ومن ثمَّ، فإن قرارًا تنفيذيًا من رئيسٍ يكون قابلًا للنقض بقرار تنفيذي من رئيس آخر.

دوافع الطرفين

ينطلق المفاوضان الأمريكي والإيراني حاليا من أن إمكانية العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 غير ممكنة عمليًا؛ فإيران تشغّل حاليًا أنظمة طرد مركزي أكثر تقدمًا من تلك التي سمحت لها بها خطة العمل الشاملة المشتركة، فضلًا عن أنها تخصب اليورانيوم بدرجات عالية (60%) تجعلها أقرب إلى النسبة التي تمكّنها من صناعة قنبلة نووية (90%). وليس في نيتها التنازل عن هذه المكتسبات.

 وفي المقابل، لا يبدو أن إدارة بايدن تنوي الدخول في مواجهة مع الكونجرس من خلال رفعها العقوبات عن إيران، من دون تنازلات كبيرة لا تبدو طهران مستعدة لها.

وفي الوقت نفسه، تسعى إيران لتجنب مواجهة مع الولايات المتحدة، خصوصًا مع تهديدها بأن بلوغ طهران نسبة 90 % من تخصيب اليورانيوم سيتطلب ردًا أمريكيًا، قد يتضمن بعدًا عسكريًا

وعلى هذا الأساس، فإن اتفاقًا محدودًا أو مؤقتًا، على شكل تفاهمات محددة واتخاذ تدابير بناء ثقة متبادلة، بدلًا من محاولة إحياء الاتفاق النووي الأصلي، يمثل مخرجًا معقولًا

خطوط عامة

على الرغم من أن واشنطن وطهران لم تعلنا عن اتفاق وشيك، فإن خطوطًا عامة يجري تداولها لاتفاق محتمل، يمكن تلخيصها في التالي:

تلتزم إيران بعدم تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز 60%، وهو أكثر بكثير مما نص عليه اتفاق عام 2015، والذي حدد النسبة بـ 3.67%

وبحسب رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، مارك ميلي، فإن تخصيبًا لليورانيوم بهذه النسبة (60 %) يعني أن إيران قد تحتاج إلى "عدة أشهر" فقط لصنع قنبلة نووية.

لكنّ تقديرات عسكرية إسرائيلية ترى أن الأمر قد يتطلب من إيران قرابة عامين لتحقيق ذلك، وأن تصريحات ميلي ربما هدفها إعطاء الكونغرس شعورًا بالإلحاح بضرورة دعم اتفاق جديد.

توسع إيران تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والسماح لها بإجراء عمليات تفتيش مشددة في مواقعها النووية.

توقف إيران هجمات وكلائها في المنطقة على القوات الأمريكية أو المتعاقدين الأمريكيين، من مدنيين وعسكريين.

تمتنع إيران عن تزويد روسيا بالسلاح، وخصوصًا الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية.

تطلق إيران سراح ثلاثة رجال أعمال أمريكيين، من أصل إيراني، تعتقلهم بتهم تجسس، وهو ما تنفيه الولايات المتحدة، وتكشف عن مصير ضابط متقاعد من مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي)، هو روبرت ليفنسون، الذي عمل بعد ذلك متعاقدًا مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، واختفى في إيران في ظروف غامضة عام 2007.

في المقابل، تخفف الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية على إيران، وتتوقف عن مصادرة الناقلات التي تحمل نفطها، وتمتنع عن دفع الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لاتخاذ إجراءات عقابية ضدها.

ترفع الولايات المتحدة التجميد عن بعض أموال إيران في البنوك الدولية، شرط أن تذهب تلك الأموال إلى أطراف ثالثة وتُستخدم في مقابل مشتريات إنسانية لا تخضع للعقوبات، مثل الغذاء والدواء، وهو مسار استخدمته الهند وغيرها لدفع ثمن شحنات النفط الإيرانية.

 الخلاصة

المحادثات الإيرانية الأمريكية هذه المرة، تركز على قيود محددة أو مؤقتة على البرنامج النووي الإيراني والإفراج عن معتقلين وأموال محجوزة.

وقد يفسر هذا تصريحات المرشد الإيراني، علي خامنئي، في حزيران/ يونيو 2023، حينما قال إنه "لا ضير" في التوصل إلى اتفاق مع الغرب بشرط "الحفاظ" على البنية التحتية النووية لإيران.

إضافة إلى ذلك، لا توجد معارضة إقليمية قوية لاتفاق أمريكي - إيراني، كما كان عليه الحال في اتفاق عام 2015، خاصة في ضوء التقارب الحاصل بين إيران ودول عربية في الخليج (السعودية والإمارات تحديدًا).

فحتى إسرائيل التي عارضت بشدة اتفاق عام 2015 لا تبدي هذه المرة المستوى نفسه من المقاومة؛ لأسباب منها أن الاتفاق المحدود لا يرفع العقوبات المفروضة على إيران، وبنيامين نتنياهو لا يملك اليوم التأثير الذي كان له قبل ثماني سنوات في واشنطن، خاصة في ظل تهميش إدارة بايدن له، ولحكومة اليمين المتطرف التي يقودها، ورغبة العديد من أعضاء الكونغرس في إبقاء مسافة تفصلهم عنه للسبب نفسه.

 

التعليقات (0)