- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
تحليل نتائج الانتخابات الإسرائيلية : مفتاح حل أزمة نتنياهو في يد حزب عربي
تحليل نتائج الانتخابات الإسرائيلية : مفتاح حل أزمة نتنياهو في يد حزب عربي
- 1 أبريل 2021, 4:13:26 م
- 941
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
أفرزت نتائج الانتخابات، التي أُجريت أخيرًا في كيان الاحتلال، فشل المعسكرين الرئيسيين في الحصول على الأغلبية المطلقة المطلوبة لتمرير الحكومة الجديدة، ولم ينجح أي منهما في الحصول على نسبة 50%+1 (61 مقعدًا من أصل 120)
حصل معسكر بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الحالي، والمكون من أحزاب “الليكود” و”شاس” و”يهودوت هتوراه” و”الصهيونية الدينية”، على 52 مقعدًا، بينما حقق المعسكر المناهض لنتنياهو 57 مقعدًا، وهو يضم أحزاب: “هناك مستقبل” و”أزرق أبيض” و”العمل” و”إسرائيل بيتنا” و”أمل جديد” و”القائمة المشتركة” العربية و”ميرتس”.
النتيجة الأكثر ترويعًا بالنسبة للقراءة الدقيقة لنتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، تشي بأننا إزاء مجتمع مزقته الانقسامات، عدد كبير من الأحزاب، لكل منهما خلفيته وأجندته السياسية والاجتماعية، يحتدم بينها الصراع بشكل كبير وعميق، وهنا يكون السؤال المنطقى: “هل سيبقى النظام السياسي الإسرائيلي يعمل بهذا الشكل مع تكرار هكذا نتائج؟”.
هذه النتائج والاضطراب الشامل، وحالة التشظي في الشارع السياسي بتل أبيب، والتي فضحتها الانتخابات، دفعت الصحافة الصهيونية إلى طرح أسئلة كالقنابل على صدر صفحاتها الأولى، "هل يمكن لحزب عربي أن يكون صانعا للقيادة ، أيأتي العرب برئيس للوزراء الإسرائيلي؟".
وتتنافس صحف العدو في العناوين الأكثر سخونة وإثارة، مثل "هل يحدد حزبي “يمينا” و”القائمة العربية الموحدة”، أيا من المعسكرين سيدعمان ليؤتى به رئيسا للحكومة؟".
المخاوف التي انفجرت جراء النتائج، على الشارع والصحافة، والمشهد السياسي لكيان الاحتلال بكامله، جاءت جراء حقيقة إن هذه النتائج لن تمكن أي حزب من تشكيل حكومة تستمر لشهور قلائل فقط,
أي أننا، وببساطة أمام حكومة قادمة لا تمتلك شعبية وظهير يؤهلها لاتخاذ قرار، أي قرار، حكومة مكبلة مقدمًا، في وقت يشعر فيه الإسرائيلي بحالة من الذعر في بيئة لم تعد آمنة.
ومع الوضع الملتهب بين الأحزاب الصهيونية، بزغ نجم جديد للمرحلة الملتهبة الحالية، هو منصور عباس، رئيس القائمة العربية الموحدة، صاحبة المقاعد الأربعة في الكنيست.
دخل منصور عباس إلى دائرة الضوء بكيان العدو مع نجاحه في انتزاع أصوات فئة مهمشة داخل الكيان، لها مطالب اجتماعية واسعة، وبناء على مواقفه من حزمة حقوق مدنية فضفاضة، فهو متبن لحملة ضد العنف المتفشي في المجتمع العربي، وضده أيضًا، ويعرض رؤى إصلاح في التخطيط والبناء، وحدود الولاية، والميزانيات، والاعتراف بالقرى البدوية غير المعترف بها في النقب.
والأهم بالنسبة لنتنياهو في الشريك العربي المحتمل، أنه لا يلوح بالعلم الفلسطيني، ولم يضع الحديث الوطني الفلسطيني أصلًا على أجندته، وبقدر ما تبعد عنه الناخبين، بقدر ما تمنحه القبول بالنسبة للساسة في تل أبيب.
ومع ذلك، يبقى السؤال: هل هذا قابل للتحقيق؟ هل الأحزاب السياسية الصهيونية، وبعد أن عانت من الشروخ الحادة التي تسبب بها بنيامين نتنياهو خلال العقد الماضي، مستعدة أصلًا للتعاون مع مواطنيها العرب؟ من هم ليسوا أعضاء في حزب صهيوني؟ الجواب الأكيد هو أن هذا أمر مشكوك فيه ، ليس في الواقع السائد لهذا الكيان العدواني.
لكن هناك إجابة أخرى تتعلق برئيس الوزراء الذي لا يزال قائما ، ومصلحته الأساسية، وهي بقائه السياسي والتي يبدو إنها ستبرر أي تحالفات بالنسبة له، وتكسيها شرعية.
فرضت نتائج الانتخابات على نتنياهو سيناريوهين قد يكون لا ثالث لهما، الأول: الشروع بالتفاوض مع القائمة العربية والتي تملك 4 مقاعد، لضمان تأييدها له في الكنيست، وهو ما يصطدم بمعارضة أحد أهم حلفائه “الصهيونية الدينية”، والذي يرفض مبدأ انضمام حزب ذي توجه عربي أو إسلامي، ويبرر حزب “الصهيونية الدينية” معارضته للقائمة العربية بعرقلتها للحرب على غزة إذا ما حدثت، ومعارضة الاستيطان ومشاريعه، ومحاولة الدفع بتحسين الخدمات للمجتمع العربي.
أما السيناريو الثاني فيتمثل بسعي معسكر نتنياهو إلى ضمان انشقاق عضوين من المعسكر الآخر وانضمامهما لنتنياهو، بأي ثمن.
فيما سيناريو المعسكر المناهض يعمل حاليًا على جبهتين، الأولى تتمثل في السعي لتأمين الأغلبية الكافية في الكنيست والتصويت لمنع نتنياهو من تشكيل الحكومة بدافع أنه متهم وسيمثل أمام المحكمة في 5 إبريل الجاري.
والثاني السعي بقوة لتشكيل الحكومة، وهذا أمر يصعب تحقيقه بسبب انه لضمان أن يحصل على الأغلبية سيحتاج إلى ضم أحزاب مختلفة أيديولوجيا من أقصى اليمين المتطرف، وهذه ليست بالمهمة السهلة.
لكن ستبقى ورقة الترجيح في كل الأحوال مرهونة بيد النجم الجديد منصور عباس، الذي دخل الانتخابات واضعًا رهانه على فرض تقبل وجوده داخل الشارع الصهيوني، وتحويله إلى حقيقة واقعة بالنسبة للجميع، وهو ما حقق جزءاً كبيرًا منه بالفعل، فطرفي عملية الصراع على كرسي رئاسة الوزراء لن يستطيعا تمرير أي خيار بدونه، أصبح الجزء الأهم من الحل بالنسبة للجميع.
سيكون من الخطأ المنطقي تصور أن منصور عباس يضع عينيه فقط على التواجد في حكومة يقودها الليكود.
هو يكرر وناخبيه أنهم ليسوا ساذجين، هناك باب مفتوح لليكود ، لكن باب آخر لـ "يش عتيد"، أو لأي شخص يستمع إلى قائمة المطالب ويبدي استعداد ويعطي تعهدات للعمل من أجل تنفيذها.
الوضع الجديد افرز المزيد من التشققات في المجتمع العربي، وهذا هو بيت القصيد، ممن وضعوا رهانهم على تحسين أحوالهم بالربط مع دولة الاحتلال، وقبول الوجود بشروطها، وخاصة ناخبي القائمة العربية الموحدة (UAL)، فهم لم يكن لهم قبل أقل من عام وحد، عندما كانوا جزءًا من القائمة المشتركة، التي كان لديها حينها 15 مقعدًا في الكنيست.
ليس منصور عباس وناخبيه وحدهم من يرون بعض الفاكهة الناضجة جاهزة للقطف، فاليسار الصهيوني متحمس هو الآخر، بفعل إرث رابين الذي كان يلقى دعمًا كاملًا من الأحزاب العربية والنواب العرب من خارج ائتلافه الحاكم.
لكن تغيرت أشياء كثيرة في داخل المجتمع الصهيونبي منذ ذلك الحين، وهناك مؤشرات مختلفة لتعاون تاريخي بين اليسار والأحزاب العربية، حيث لا يتم تصنيف المنتمين للقائمة العربية المتحدة تلقائيًا على أنهم "يسار جذري"، فهم لا يتحدثون عن الاحتلال أو المستوطنات، وقد يفعلون أي شيء، ويقبلون بأي ثمن، بحيث يصبح الحديث في الشأن العربي المدني جزءًا من الخطاب الإسرائيلي وليس شيئًا معاديًا له.
حلم التواجد والمشاركة بالنسبة للقائمة العربية الموحدة، لن يأتي بالقبول داخل الكيان فقط، لكنه سيأتي بالأموال والموارد والدعم الوفير لأعضائه، ستصل الميزانيات من الولايات المتحدة وأوروبا، وستتوالد المزيد من منظمات المجتمع المدني، الباحثة عن الأموال هي الأخرى، لدفع المجتمعات في الدول العربية المكشوفة للضغط الأمريكي إلى القبول بالتطبيع.
ما زلنا لا نستطيع التكهن من سيشكل الحكومة المقبلة، أو حتى أن يفرض الواقع انتخابات أخرى، لكن في هذه المرحلة من الواضح أن التيار الجديد قد ربح ما أراده على الجانب العربي.
وهذه هي النتيجة الأكثر ترويعًا لحديث التطبيع السيال من حكومات عربية مؤخرًا، جعلت من تيار متزايد داخل عرب 1948 يراها فرصة سانحة تجبر الأحزاب الصهيونية والمجتمع الصهيوني للقبول بوجود فاعل لهم.