- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
تحليل: هذه أبعاد العلاقة بين أمريكا والصين من منظور نفسي
تحليل: هذه أبعاد العلاقة بين أمريكا والصين من منظور نفسي
- 14 فبراير 2023, 10:14:18 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية تحليلا تحدثت فيه عن أبعاد العلاقة الثنائية بين الولايات المتحدة والصين، خاصة من الناحية الاقتصادية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه يمكن تحليل التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين من منظور نفسي. وبحسب عالم الاقتصاد السلوكي روبرت شيلر، فإن مثل هذه الأحداث مدفوعة "بمدى انتشار وتأثير قصص معينة، وليس ردود الفعل البحتة".
وفي عمله على الاقتصاد السردي يستكشف شيلر كيف أن أحداثًا مثل تصحيح السوق من 1920 إلى 1921، وهي الأكثر حدة في التاريخ، كانت مدفوعة بروايات مقلقة عن صعود الشيوعية والإنفلونزا وأعمال الشغب العرقية بقدر ما كانت مدفوعة بسياسة أسعار الفائدة المعيبة. لذلك، فإن القصص لها تأثير نفسي على الرأي العام الذي يمكن أن يغير العالم.
وأشارت الصحيفة إلى أن ذلك يتجلّى بوضوح في العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. وفي كتابه الأخير بعنوان "الصراع العرضي"، حلل رئيس شركة "مورغان ستانلي إيجا" السابق والأستاذ في جامعة ييل ستيفن روتش، من منظور نفسي الاحتكاك المتزايد بين البلدين الذي بلغ ذروته بإلغاء وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن زيارته الدبلوماسية إلى بكين بعد اكتشاف منطاد صيني في المجال الجوي الأمريكي.
ويشبّه روتش رد الفعل الأمريكي، وكذلك التصعيد العام للتوترات الدبلوماسية بين البلدين على مدى السنوات القليلة الماضية، برد فعل ثنائي من عدم الشعور بالأمان في عمق مرحلة صراع من الاعتماد المشترك. هذا الثنائي ـ في هذه الحالة الصين والولايات المتحدة ـ يحتاجان لبعضهما البعض لأسباب لا يرغبان في التعبير عنها. وحيال ذلك كتب روتش: "الاقتصاد الأمريكي الذي يفتقر إلى المدخرات ينقصه إحساس بالذات الاقتصادية"، وهو قلق بشأن أهداف التنمية في الصين التي تتضمن استخدام فائض مدخراتها بطرق قد تنقل رأس المال بعيدًا عن الدولار. في الأثناء، تشعر "الصين التي تفتقر إلى الدعم الداخلي للنمو الذي يقوده المستهلك" بالقلق من الرسوم الجمركية الأمريكية.
وذكرت الصحيفة أن السياسيين الأمريكيين من كلا الحزبين يحبون إلقاء اللوم على الصين في "سرقة" الوظائف، في حين أن أمريكا هي التي اختارت بناء اقتصاد يعتمد على تضخم الأصول أكثر من نمو الدخل. وساعد رأس المال الأجنبي في تمكين الإسراف، وارتفع الدين الأمريكي بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 95 بالمئة منذ سنة 2000، وهو الآن أعلى مما كان عليه قبل الأزمة المالية.
في غضون ذلك، نما الدين الحكومي بمعدل 0.7 مرة مقارنةً بالناتج المحلي الإجمالي.
وكان ذلك في الغالب نتيجة للأزمة المتبوعة بجائحة كوفيد-19، والآن تعد ديون الأسر المعيشية وديون القطاع المالي أقل مما كانت عليه قبل سنة 2008، لكنها لا تزال أعلى مما كانت عليه قبل سنة 2000، وذلك وفقًا لبيانات معهد ماكينزي العالمي. كل هذا سيكون أقل استدامة بكثير إذا توقفت الصين عن شراء ديون الولايات المتحدة.
في المقابل، تشير الصين بأصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة بسبب الحروب التجارية، لكنها اتبعت لسنوات سياسة اقتصادية تجارية ولم تُثبِت بعد أنه يمكنها أن تحصد ما يكفي من الثقة السياسية المحلية لحمل الناس على التخلي عن أموالهم النقدية، أو التعامل مع المشاكل الهيكلية للرافعة المالية المفرطة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالعقارات. وإذا استمر النموذج الحالي، فسوف تشيخ الصين قبل أن تصبح دولة غنية.
ونقلت الصحيفة عن روتش أن مشكلة هذا الاعتماد الاقتصادي المشترك هو أنه تفاعلي بطبيعته، موضحا أن "أدنى اضطراب يتم تضخيمه، ويُرد الاعتداء بالمثل ويترتب عن ذلك سلسلة من التوترات المتصاعدة. وقد فجّر منطاد الصين ردًا دبلوماسيًا من بلينكن يذكرنا بشكل لافت بأحداث الحرب الباردة الأولى في سنة 1960، عندما أسقط الاتحاد السوفييتي طائرة التجسس الأمريكية يو-2. كان هذا بالطبع إيذانًا ببدء الحرب الباردة الأولى، التي بلغت ذروتها في أزمة الصواريخ الكوبية". وأضاف أنه "لا توجد ثقة في الاعتماد المتبادل المتضارب، ما يجعل من الصعب إعادة ترميم أجزاء العلاقة التي كانت سليمة". ومع توجه رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي إلى تايوان قريبًا، فقد نتساءل عن ما إذا كانت تلك الدولة ستكون كوبا التالية.
لمنع الطرفين من الوصول إلى مثل هذه النتيجة الكارثية، يحتاج صانعو السياسة الأمريكيون إلى الاعتراف بأن مسألة الديون مهمة، ويجب على الولايات المتحدة أن تبدأ العيش بما يتوافق مع إمكانياتها، وادّخار المزيد واستخدام تلك المدخرات لتمويل المشاريع التي تغذّي النمو الحقيقي - البنية التحتية والتعليم والبحث والتطوير الأساسي - بدلاً من التركيز على النمو المالي. كانت بداية البيت الأبيض جيدة مع خطة الإنقاذ الأمريكية وقانون الرقائق، لكن الأمر سيستغرق سنوات ـ إن لم يكن عقودًا ـ لسد فجوة الاستثمار في الشارع الرئيسي في أمريكا.
ومن جانبها، تحتاج الصين إلى أن تكافح لمعرفة كيف ولماذا فقدت ثقة العالم. فمن عمليات الإغلاق إلى الهجمات السياسية على القطاع الخاص إلى رأسمالية المراقبة، هناك سبب في أن المستهلكين الصينيين لا يزالون يحتفظون بهذا القدر الكبير من الأموال تحت وساداتهم. ولا يحتاج الأمر إلى بالون لنرى أنه ليس خطأ الولايات المتحدة.