- ℃ 11 تركيا
- 23 نوفمبر 2024
تحليل: 5 أسئلة مهمة يثيرها الهجوم الإرهابي في موسكو
تحليل: 5 أسئلة مهمة يثيرها الهجوم الإرهابي في موسكو
- 24 مارس 2024, 9:34:00 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
طرح المحلل السياسي والعسكري المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، محمد صالح الفتيح، مجموعة أسئلة ونقاط، تعقيبا على الهجوم الإرهابي على قاعة للحفلات الموسيقية في ضاحية موسكو، الذي تبناه تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".
وقال "الفتيح"، في منشور عبر حسابه بمنصة "فيسبوك"، إن أغلب النقاش على وسائل التواصل الاجتماعي العربية حول الهجوم الإرهابي في موسكو، ركز على مسألتين: علاقة أوكرانيا بما حصل، وعلاقة الولايات المتحدة بالتحضر للهجوم.
وأشار إلى أنه من الضروري والمفيد جداً تحليل هجوم موسكو بشكل موضوعي فهذا التحليل يمكن أن يسلط الضوء على عدة نقاط مهمة.
وأوضح "الفتيح" أن أول نقطة يجب أخذها في الاعتبار، هي حرص القيادة الروسية على إظهار دور لأوكرانيا فيما حصله – أقله عبر كونها الوجهة النهائية لهروب المنفذين – هو محاولة للفت النظر بعيداً عن السؤال الأكثر أهمية وهو حجم التهديد الإرهابي الإسلامي في داخل الاتحاد الروسي، وفي محيطه المباشر، للكرملين ومدى قدرة الأخير على التعامل معه.
ولفت إلى أن أغلب النقاشات لم تطرح السؤال المهم حول كيفية تمكن المهاجمين من دخول روسيا وقطع أكثر من 3,000 كيلومتر (من طاجيكستان) وصولاً لقلب العاصمة موسكو علماً أن أياً من المهاجمين – بحسب ما يبدو – لا يتحدث الروسية.
وتساءل "الفتيح": "فكيف تمكن هؤلاء من قطع هذه المسافة، مع سلاحهم وذخيرتهم، بأمان وبدون عراقيل؟"
"في الصيف الماضي أظهرت قوات «فاغنر» أن الطريق لموسكو سالك من جهة الجنوب الغربي ويمكن لأي قوة مسلحة، بدون غطاء جوي، قطع مئات الكيلومترات خلال ساعات. فهل الطريق لموسكو من الشرق أو الجنوب الشرقي هو مفتوح بدون عوائق؟" وفقا لـ"الفتيح".
النقطة الثانية التي تناولها تحليل "الفتيح"، تتعلق بالتدخل الروسي إبان الهجوم، فحسب ما يبدو، احتاجت القوات الخاصة الروسية لحوالي 45 دقيقة للوصول للمسرح الذي تعرض للهجوم. كما أن كل مقاطع الفيديو تظهر أن المهاجمين كانوا يتحركون بهدوء وبدون عجلة ويأخذون وقتهم في قنص أهدافهم وملاحقتهم في أرجاء المسرح قبل أن يشعلوا النار فيه، ويغادروا.
وأشار المحلل السياسي إلى أن عدد المهاجمين صغير جداً قياساً بحجم الهدف وحجم الخسائر التي حققوها. وظهر أيضاً أنه لم يحصل أي اشتباك في المسرح نفسه أو محيطه.
وركز "الفتيح" في تحليله للهجوم الإرهابي، الدور المحوري للقوات الخاصة الشيشانية في ملاحقة المهاجمين والقبض عليهم. ولفت أنه يذكر بدور القوات الشيشانية في التحرك لصد هجوم مقاتلي «فاغنر».
ويطرح هذا الدور، وفق "الفتيح" تساؤلا مهما: "هذا يعني أن أمن موسكو لا يزال هشاً بعد قرابة 9 أشهر على هجوم قوات «فاغنر». فهل سيبقى الطريق لموسكو مفتوحاً لمرة ثالثة مستقبلاً؟"
وتطرق التحليل في نقطته الثالثة إلى وضع المسلمين في الاتحاد الروسي، وهل المسلمون مع الكرملين أم ضده؟ وهل يمثل رمضان قاديروف فعلاً أغلب المسلمين في الاتحاد الروسي أم يمثل قلة متضائلة؟
وشدد "الفتيح" على أن العلاقة بين الكرملين والمسلمين في الاتحاد الروسي هي أحد أكثر الأسئلة إلحاحاً لمن سيجلس في الكرملين في السنوات المقبلة.
وتابع: "العرق الروسي في انكماش ومعدلات الزيادة السكانية الأسرع هي لدى الأقلية المسلمة. التناغم بين الكرملين وهذه الأقلية سيتراجع مع ضعف الكرملين الاقتصادي والسياسي والعسكري ومع تركيزه على الهوية السلافية-الأرثوذكسية وعلى الصراع مع الغرب الأوروبي".
في النقطة الرابعة، انتقل تحليل "الفتيح" إلى مناقشة الوضع الأمني في دول آسيا الوسطى الخمس – كازاخستان وطاجيكستان وقرغيزستان وتركمانستان وأوزبكستان – عبر طرح التساؤل: هل هذا الوضع مستقر أم يمكن أن ينفجر في وجه موسكو؟
ووفق المحلل السياسي، يجب التذكير هنا بأن روسيا عززت وجودها العسكري والأمني في طاجيكستان، في أواخر 2021، في أعقاب سيطرة طالبان على الحكم في أفغانستان. ولكن القوات الخاصة الروسية التي نشرت هناك سحب أغلبها في سبتمبر 2022 وانتقلت للقتال في أوكرانيا.
التساؤل الأهم في هذه النقطة هو: الآن إلى أين ستتجه دول وسط آسيا المسلمة الخمس لتعويض الغياب الروسي؟ لتركيا؟ للصين؟ للولايات المتحدة؟ حرب أذربيجان وأرمينيا في أكتوبر 2020، وجولاتها التالية، أظهرت لهذه الدول تراجع قدرة روسيا السياسية والعسكرية على التدخل في خواصرها الرخوة. والهجوم الإرهابي في موسكو هو تذكير ثاني مهم لهذه الدول.
وألقى "الفتيح" في تحليله الضوء على تحذير الولايات المتحدة في 7 مارس من احتمال حصول هجوم إرهابي في موسكو. وبعيد الهجوم، أعلنت مصادر أميركية أنها كانت تمتلك معلومات حول تحضيرات تنظيم «ولاية خراسان» في أفغانستان لتنفيذ هجوم إرهابي في روسيا.
وأشار إلى أن هذه هي المرة الثانية هذا العام التي تكشف فيها الولايات المتحدة أنها تمتلك معلومات مسبقة حول الخطط الإرهابية لهذا التنظيم. في شهر يناير، زعمت مصادر أميركية أنها حذرت إيران من وجود تحضيرات لهجوم إرهابي والذي ظهر لاحقاً أنه الهجوم على ضريح قاسم سليماني.
وشدد التحليل على أن الرواية الأميركية الآن حول امتلاكها معلومات حول تحضيرات الهجوم في روسيا تدعم مصداقية سرديتها السابقة حول امتلاكها معلومات مسبقة حول الهجوم في إيران.
الرواية الأمريكية ومدى صدقها حدت بالمختص بشؤون الشرق الأوسط أن يطرح السؤال: "لكن ماذا يعني هذا؟"
يجيب "الفتيح" على السؤال قائلا: "يعني أن الولايات المتحدة تمتلك داخل أفغانستان مصادر معلومات لا تمتلكها دول الجوار المباشر – أي إيران – أو غير المباشر – أي روسيا. هذه النقطة جوهرية وتفند التقديرات التي تزعم بأن الولايات المتحدة قد تحتاج للحوار حول الملف الأفغاني مع إيران أو روسيا – أو حتى باكستان أو الصين".
ولفت إلى أن كشف الولايات المتحدة علناً علمها بتحضيرات هذا الهجوم الإرهابي يعني أنها لا تخشى خسارة أو انكشاف مصادر معلوماتها، وهذا يعني أنها لا تعتمد على مصادر بشرية داخل التنظيم.
هذه الخطوة تطرح عدة تساؤلات: "هل تمتلك مصدراً آخر – أو طريقةً أخرى – للحصول على المعلومات؟ وماذا يعني هذا التفصيل بالنسبة للأنظمة التي طالما راهنت على اختراقاتها البشرية للتنظيمات الإرهابية ستدفع الدول الغربية للتعاون معها أمنياً للحصول على هذه المعلومات الثمينة؟"
ويختم "الفتيح تحليله بالتأكيد على أهمية هذه التساؤلات لمن لا يزال يعيش في عصور التعذيب والوشاية فيما غيره يستخدم الذكاء الصناعي والأنظمة الذاتية القيادة وغيرها من التقنيات التي لا تنام.