- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
تركيا تعيد التفكير في سياستها تجاه ليبيا.. باشاغا أم الدبيبة؟
تركيا تعيد التفكير في سياستها تجاه ليبيا.. باشاغا أم الدبيبة؟
- 15 فبراير 2022, 2:38:58 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعاون خصوم وحلفاء تركيا في ليبيا للإطاحة برئيس الوزراء المؤقت "عبد الحميد دبيبة" المقرب من تركيا. وفي 10 فبراير/شباط، اختار برلمان طبرق وزير الداخلية السابق "فتحي باشاغا" لتشكيل حكومة مؤقتة جديدة على أساس أن ولاية "الدبيبة" انتهت في 24 ديسمبر/كانون الأول، وهو التاريخ الذي كان من المفترض أن تجري فيه انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة.
وقد أعلن الجنرال "خليفة حفتر" تأييده لـ"باشاغا" الذي من المتوقع أن يشكل حكومة جديدة في غضون أسبوعين.
وفي وقت سابق، وافق مجلس النواب على خارطة طريق لإجراء الانتخابات في غضون 14 شهرًا. وسعت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا "ستيفاني ويليامز" إلى إقناع كافة الأطراف بإجراء الانتخابات بحلول يونيو/حزيران.
وكان "باشاغا" حليفًا بارزًا لتركيا في عامي 2019 و 2020، عندما شنت قوات "حفتر" حملة عسكرية ضد طرابلس، بدعم من مصر وروسيا والإمارات. لكن مع انطلاق العملية السياسية التي رعتها الأمم المتحدة، انخرط "باشاغا" في حوار وثيق مع مصر وفرنسا والولايات المتحدة.
وكان "باشاغا" معارضا صريحا لترشيح "الدبيبة" للرئاسة خلال الاستعدادات للانتخابات. وفي النهاية، تحالف "باشاغا" مع "حفتر" ورئيس البرلمان "عقيلة صالح" لتمهيد الطريق لتحرك 10 فبراير/شباط ضد "الدبيبة". وقد تتسبب تحولات "باشاغا" في ضرر كبير بمصداقيته في نظر تركيا، لكن أنقرة امتنعت عن أي رد فعل صريح حتى الآن.
وبالاعتماد على دعم تركيا والولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية، تحدى "الدبيبة" تحرك البرلمان باعتبار أن هذه الخطوة تعرقل الجهود المبذولة لتوحيد ليبيا. وتعهد "الدبيبة" بعدم تسليم التفويض إلا إلى حكومة منتخبة، وسعى إلى إبقاء القوات العسكرية في طرابلس إلى جانبه. وعقد "فوزي النويري"، نائب رئيس البرلمان الذي يبدو أنه متحالف مع أنقرة، اجتماعاً مع 40 برلمانياً في طرابلس في 7 فبراير/شباط في محاولة لتشكيل كتلة ضد "صالح". كما قدمت العديد من الجماعات المدنية الدعم لـ"الدبيبة".
وعشية التصويت في مجلس النواب، ورد أن "الدبيبة" نجا من محاولة اغتيال في طرابلس.
وتعتمد المدة التي يمكن أن تستمر فيها مقاومة "الدبيبة" على حجم القوى الأجنبية التي تعترف بالقيادة الجديدة. وحثت "ويليامز" الأحزاب الليبية على التركيز على إجراء الانتخابات بدلاً من تشكيل حكومة مؤقتة جديدة. لكن الفاعلين الدوليين الذين يؤيدون "الدبيبة" الآن قد يغيرون مواقفهم في مواجهة التطورات على الأرض.
وسيكون العامل الرئيسي الآخر هو القوات العسكرية والميليشيات في طرابلس. وقد تتسبب القوات الحكومية وبعض الميليشيات المتنافسة في مشاكل لـ"باشاغا"، وقد يتسبب الموالون لـ"باشاغا" في طرابلس ومصراتة في مشاكل لـ"الدبيبة". ويزعم البعض أنه لا يمكن لأي رئيس وزراء أن يتولى مهامه في طرابلس دون مباركة تركيا.
ويرى الكثيرون أن موقف "الدبيبة" سيؤدي إلى إدارة موازية، وعكس مسار عملية توحيد المؤسسات الليبية وحتى إعادة إشعال الصراع المسلح. ومع ذلك، فإن مجموعات مصراتة، ألد خصوم "صالح" و"حفتر"، ليست متجانسة. ويُزعم أن "أحمد معيتيق"، أحد الشخصيات البارزة من مصراتة والنائب السابق لرئيس المجلس الرئاسي، أبرم صفقة مع "حفتر" و"صالح" للانسحاب من المنافسة على رئاسة الوزراء لصالح "باشاغا".
في الواقع، أدركت أنقرة بالفعل أن معسكر طرابلس مصراتة أصبح غير مستقر ولا يمكن الاعتماد عليه. وكان الانتقاد الرئيسي الذي واجهته الحكومة التركية داخليا بشأن ليبيا هو أنها أصبحت طرفًا في الحرب ووضعت كل بيضها في سلة واحدة، مما يعرض المصالح الوطنية للخطر.
وقد فشلت أنقرة في أخذ ضمانات حول الاتفاقيتين المهمتين بشأن التعاون العسكري والحدود البحرية التي وقعتها مع حكومة "السراج"، وحاليا لم تعد طرابلس مكانًا يمكن لتركيا أن تؤثر فيه على مجرى الأحداث.
ويبدو أن "خالد المشري"، رئيس المجلس الأعلى للدولة المقرب من أنقرة، يعيد صياغة موقفه أيضًا. وفي حديثه بعد اجتماع سري مع "صالح" في المغرب في أوائل فبراير/شباط، حذر من أن أي حكومة جديدة يتم تشكيلها من جانب واحد من قبل مجلس النواب ستكون "ميتة" وغير قادرة على العمل في طرابلس، لكنه أضاف: "اتفقنا من حيث المبدأ على استبدال الحكومة رغم أن ذلك ليس من أولوياتنا".
وفي 8 فبراير/شباط، انضم "الدبيبة" إلى قادة أتراك لحضور حفل تخرج عسكري في طرابلس، مما يعطي الانطباع بأنه يحتفظ بدعم تركيا. وفي نفس الوقت، ورد أنه توجه في رحلة سرية إلى القاهرة لتأمين دعمها لكن ورد أنه عاد خالي الوفاض. وبحسب "أفريكا إنتليجنس"، التقى "الدبيبة" بنظيره المصري لكن طلباته للقاء وزير الخارجية ورئيس المخابرات ظلت دون رد.
وبعد يوم من إعطاء الضوء الأخضر لتغيير الحكومة، أجرى "المشري" محادثات مع وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو" في إشارة محتملة إلى أن أنقرة مرنة بشأن خيارات الحكومة. وقد قرر مجلس النواب، في جلسته في 10 فبراير/شباط، تشكيل لجنة لصياغة التعديلات الدستورية، في خطوة تتماشى مع دعوة "المشري" لإجراء تعديلات دستورية قبل الانتخابات.
وقد أصبح الحوار مع المعسكر الشرقي أمرًا لا مفر منه بالنسبة لأنقرة وسط الديناميكيات المتغيرة في ليبيا. وبالفعل، التقى سفير تركيا في طرابلس مع "صالح" في 19 يناير/كانون الثاني ثم زار بنغازي، معقل "حفتر"، برفقة أعضاء من مجموعات الأعمال التركية الليبية. ورحب رئيس بلدية بنغازي بالضيوف.
وقد زار وفد برلماني ليبي بقيادة "النويري" أنقرة في ديسمبر/كانون الأول، والتقى بالرئيس "رجب طيب أردوغان"، ورئيس البرلمان "مصطفى شنطوب"، و"تشاوش أوغلو". وضم الوفد برلمانيين قيل إنهما مقربان من "حفتر". واتفق الجانبان على تشكيل مجموعة صداقة برلمانية.
ويعد ذوبان الجليد بين أنقرة وشرق ليبيا مهما لمعالجة الانقسامات الليبية وتوسيع فرص المناورة أمام تركيا في ليبيا ما بعد الحرب.
وقد يبرز النفوذ السياسي والعسكري التركي في طرابلس، لكن أنقرة تسعى أيضًا إلى إنقاذ العلاقات الاقتصادية مع الشرق، بما في ذلك مشاريع البناء الكثيرة في بنغازي، والتي أجبر المقاولون الأتراك على التخلي عنها بسبب الصراع. وحاليل، تجري استعدادات لاستئناف الرحلات الجوية إلى بنغازي.
وقد زادت الصادرات التركية إلى ليبيا بنحو 65% لتصل إلى 2.4 مليار دولار العام الماضي، وفقًا لمجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي. ومع استعادة العلاقات الودية مع الشرق يمكن أن يزداد هذا الرقم بشكل كبير.
وقد تأمل أنقرة في أن يهتم "باشاغا" بمصالحها، لكن لا يمكن ضمان أي من حساباتها في معادلة حكومية جديدة تشمل "حفتر".
والسؤال الحاسم الآن هو: هل ستحمي تركيا "الدبيبة" أم ستشجع "باشاغا" على المضي قدمًا؟ أم أنها ستترك الأمور تنزلق؟ في الوقت الحالي، تبدو أنقرة بعيدة عن موقفها المتشدد والمتدخل كما في عام 2019. إذا ثبت أن حماية "الدبيبة" مكلفة، فقد تختار الذهاب مع "باشاغا" وعقد السلام مع الشرق.
المصدر | فهيم تستكين/ المونيتور