- ℃ 11 تركيا
- 25 نوفمبر 2024
تصاعد دعوات رحيل قيس سعيد.. أبرز تداعيات ضعف الإقبال في انتخابات تونس
تصاعد دعوات رحيل قيس سعيد.. أبرز تداعيات ضعف الإقبال في انتخابات تونس
- 30 يناير 2023, 10:27:15 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سجّلت الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية، لاختيار أعضاء برلمان محدود الصلاحيات إقبالًا ضعيفًا للناخبين التونسيين الأحد، لا يتجاوز 11.3%، في خطوة جددت على إثرها المعارضة الدعوة للتوحد من أجل رحيل الرئيس "قيس سعيد".
وقال رئيس هيئة الانتخابات التونسية "فاروق بوعسكر" في مؤتمر صحفي إن الأرقام الأولية أظهرت أن نسبة المشاركة بلغت 11.3%، وهي نسبة مقاربة لما أعلته ذات اللجنة للجولة الأولى والتي ناهزت 11,2% فقط من الناخبين، وهي أضعف نسبة تصويت منذ بداية الانتقال الديموقراطي عام 2011 بعد انهيار نظام الرئيس الراحل "زين العابدين بن علي".
وتعد نسبة المشاركة في الانتخابات المقياس الأساسي لنجاحها، وتقاطع المعارضة معها في ظل أزمة سياسية واقتصادية تعصف بالبلاد.
ونأت هيئة الانتخابات بنفسها عن سبب هذا التراجع في المشاركة التي كانت تبلغ في الانتخابات السابقة 30%، مبينة أنها قامت بكل ما في وسعها بإعلام الناس بموعد الانتخابات والتعريف بالمرشحين وبرامجهم.
فيما عزا منتقدو الرئيس "قيس سعيد" مشاهد مراكز الاقتراع شبه الفارغة من الناخبين إلى استياء الرأي العام من سيطرته على سلطات واسعة، منذ منتصف عام 2021.
ويرى الباحث في مركز كولومبيا "يوسف الشريف" أنه "بالنظر إلى عدم الاهتمام التام للتونسيين" بالحياة السياسة، فإن "هذا البرلمان لن يتمتع بشرعية كبيرة. وبفضل دستور 2022 سيتمكن الرئيس القوي من الهيمنة عليه كما يشاء".
وسيكون للمجلس النيابي الجديد صلاحيات محدودة، إذ لا يمكنه على سبيل المثال، عزل الرئيس ولا مساءلته. ويتمتّع الرئيس بالأولوية في اقتراح مشاريع القوانين. كما لا يشترط الدستور الجديد أن تنال الحكومة التي يُعيّنها الرئيس، ثقة البرلمان.
من جانبه، وصف رئيس شبكة التونسيين الموحدة "منجي الذوادي"، الذي تتابع منظمته الانتخابات من واشنطن بقلق على مستقبل بلاده، ما تشهده مراكز الاقتراع "الخاوية على عروشها" بـ"المهزلة".
واعتبر أن "المشاركة الضعيفة دليل على أن الشعب غير معني بهذه العملية السياسية، ولا يرى في تغيير الدستور والانتخابات الجديدة أملا في إصلاح حالة البلاد المتأزمة بعد عام ونصف امتلك فيها الرئيس كل السلطات في يده دون رقيب ولا حسيب، وراهن على هذه العملية السياسية، التي اتضح أنها فاشلة".
ومن المنتظر أن يتم الإعلان عن النتائج الأولية للدور الثاني في أجلٍ أقصاه 1 فبراير/شباط، على أن يتم إعلان النتائج النهائية عقب غلق ملفات الطعون بما لا يتجاوز 4 مارس/آذار المقبل.
وأفرز الدور الأول في 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي، حسم 23 مقعداً بالبرلمان (20 رجلاً و3 نساء) من 154 مقعداً في ظل غياب مترشحين في 7 دوائر انتخابية بالخارج يُتوقّع إجراء انتخابات جزئية فيها لاحقاً لاستكمالها بعد تشكيل البرلمان.
ومع مقاطعة معظم الأحزاب للانتخابات، من المتوقع أن تذهب معظم المقاعد إلى المستقلين.
ويمثل تكرر سيناريو العزوف عن المشاركة في الانتخابات التشريعية، التي دعا لها "سعيد" بعد نحو عام ونصف العام من إعلانه التدابير الاستثنائية، ضربة قاصمة له.
ودعت جبهة "الخلاص الوطني" أكبر الكتل المعارضة في تونس، مختلف الأحزاب والمنظمات الاجتماعية الى توحيد موقفها من أجل "رحيل قيس سعيّد"، وتنظيم انتخابات مبكرة.
وقال رئيس الجبهة "أحمد نجيب الشابي"، في مؤتمر صحفي: "أطلب من الحركة السياسية والمدنية ان نضع اليد في اليد لكي نحدث التغيير، وهو رحيل قيس سعيّد والذهاب إلى انتخابات رئاسية مبكرة".
ووصف "الشابي" الانتخابات البرلمانية الجارية "بالمسخ والفشل الذريع لسعيّد"، مضيفا: "لن نعترف بها".
وتابع: "نحاول رأب الصدع بين مكونات الطبقة السياسية ونعمل على بناء وحدة الصف".
وتوجه للاتحاد العام التونسي للشغل وعمادة المحامين ورابطة حقوق الإنسان، بالقول: "نحن في مركب واحد والحل يكون في قيادة سياسية جديدة".
والجمعة، أطلق الاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة التونسية لحقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمحامين والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، "مبادرة الإنقاذ" من أجل تقديم مقترحات ستعرضها على "سعيّد" للخروج من الأزمة.
ولا تزال المعارضة في تونس منقسمة إلى ثلاث كتل مختلفة التوجّهات، هي "جبهة الخلاص الوطني" التي يتزعّمها حزب النهضة، والحزب الدستوري الحرّ بقيادة "عبير موسي" التي تدافع عن خيارات نظام "بن علي"، والأحزاب اليساريّة.
ودأبت أحزاب المعارضة على تنظيم تظاهرات للتنديد بقرارات "سعيّد" منذ أن أقرّها، ويلاحق القضاء العديد من نشطائها
من جانبها، قالت القيادية بالمعارضة "شيماء عيسى"، إن الشعب التونسي حشر الرئيس في الزاوية ولفظه.
واعتبرت أن عزوف الناخبين "صفعة للرئيس بأن مشروعه الانقلابي فشل في حشد الشارع خلفه"، مشيرة إلى أن "إصرار الرئيس على الهروب إلى الأمام لتنصيب برلمان تابع له دون صلاحيات، سيزيد في تخبط البلاد في أزمات ساحقة".
وفي الأثناء، طالبت خمسة أحزاب تونسية، هي التيار والقطب والجمهوري والعمال والتكتل، بالوقف الفوري لما سمته الانقلاب.
وقالت في بيان مشترك إن البرلمان المنبثق عما وصفتها بمهزلة الانتخابات فاقد للشرعية وعنوان من عناوين الأزمة.
وأضافت أن برلمانا صوريا بلا صلاحيات تشريعية ولا رقابية فعلية لن يكون إلا ديكورا بلا تأثير على السياسات العامة، حسب نص البيان.
ودعت الأحزاب الخمسة سائر القوى الديمقراطية والتقدمية التونسية إلى مواصلة العمل المشترك للخروج من الأزمة.
ويرسم الخبير السياسي "حمادي الرديسي" صورة قاتمة عن حال تونس، قائلا إنّ "الوضع الاقتصادي مأسوي والبلاد على وشك الانهيار".
ومن مظاهر الأزمة الاقتصادية تباطؤ النمو إلى أقل من 3%، وارتفاع البطالة إلى أكثر من 15%، فيما تزداد مستويات الفقر الذي دفع 32 ألف تونسي إلى الهجرة بحرًا نحو إيطاليا بشكل غير قانوني عام 2022.
ووفق وكالة "بلومبرج" فإن كثير من التونسيين يشعرون بالإحباط، بسبب الانحدار في مستوى المعيشة منذ ثورة عام 2011، ونقص في المواد الغذائية الأساسية، وهو ما أدى إلى سعي الحكومة للحصول على دعم مالي دولي.
في هذا السياق، أعلنت وكالة التصنيف الائتماني الأمريكية "موديز" السبت، خفض تقييم ديون تونس الطويلة الأجل درجة أخرى إلى "Caa2" مع نظرة مستقبلية "سلبية"، مشيرة إلى وجود "مخاطر أكبر" فيما يتعلق بقدرتها على سداد مستحقاتها.
وتعيش تونس على وقع أزمات سياسية متلاحقة منذ "ثورة الياسمين"، احتدت مع وصول الرئيس "قيس سعيد" إلى السلطة، وإقراره في 25 يوليو/تموز 2021، مجموعة من التدابير الاستثنائية التي بدأها بإقالة حكومة "هشام المشيشي"، وتعويضها بأخرى وحل مجلسي القضاء والبرلمان ثم وضع دستور جديد، قبل الإعلان عن تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة.