- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
مع “تطبيع نتفلكس”.. إسرائيل والإمارات تبحثان نصب منظومة ضد الصواريخ الإيرانية
مع “تطبيع نتفلكس”.. إسرائيل والإمارات تبحثان نصب منظومة ضد الصواريخ الإيرانية
- 17 ديسمبر 2021, 5:41:17 م
- 550
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تفاصيل قليلة تضمنها البيان الرسمي الذي نشر عقب زيارة رئيس الحكومة نفتالي بينيت للإمارات. بينيت حصل على هدية من السماء: سلفه نتنياهو ضمن له اختراق العلاقات مع دول الخليج، بفضل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. ولكن نتنياهو لم ينجح في قطف الثمار، على شكل زيارة مغطاة إعلامياً في الإمارات بسبب تضافر الظروف في الأشهر الأخيرة من ولايته: التوتر الأمني وتفشي كورونا وفي النهاية أزمة مع الأردن، التي منعت طائرته من الطيران عبر أراضيها متوجهة إلى الخليج. لذلك، اضطر إلى الاكتفاء بتسريب متعمد عن زيارة سرية للسعودية، التي لم تترك أي انطباع كبير على الناخبين الإسرائيليين.
نظر نتنياهو لزيارة بينيت بحسد، ومر عليه أسبوع صعب في الداخل والخارج، بعد إلغاء الحماية لأبناء عائلته وما كشفه كتاب الصحافي براك رفيد عن تغيير كبير في نظرة ترامب تجاهه، منذ أن اضطر إلى تهنئة جو بايدن بفوزه الشرعي في الانتخابات الرئاسية. بالمقابل، يبدو أن الجمهور الإسرائيلي لم يتأثر من الاستقبال المحترم الذي حظي به بينيت في الخليج. فقلق عودة كورونا احتل عناوين أكثر. تحدث بينيت مع مضيفه ولي العهد الأمير محمد بن زايد حول تطور المفاوضات النووية مع إيران، لكن الإمارات، التي يمر فيها مؤخراً قطار جوي من الزيارات لزعماء من العالم، كانت حذرة من اتخاذ موقف علني بخصوص الجارة التي تهددها من الشرق.
إضافة إلى ذلك، تحرص على تحسين علاقاتها مع طهران. بل وقام مستشار بن زايد للأمن القومي بزيارتها بصورة نادرة عشية قدوم بينيت. قبل سنتين تقريباً، بعد أن قدمت إيران نموذجاً على قدرتها الهجومية بواسطة الطائرات المسيرة، التي دمرت منشآت نفط في السعودية، اهتمت الإمارات بنفسها وتنازلت عن الحرب الدموية التي تشنها الرياض ضد المتمردين الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران.
كُشف عن جزء من سياق زيارة بينيت، الشهر الماضي، بالأقوال التي لم تحصل حتى الآن على الاهتمام المطلوب. فقد تطرق قائد سلاح الجو، الجنرال عميكام نوركين، في لقاء بجامعة رايخمان في هرتسليا، لتهديد الطائرات المسيرة المتطورة، القادم بالأساس من إيران. قال: “تكمن فرصة استراتيجية في اشتداد التهديد الجوي. وعن طريق تطوير برامج دفاع إقليمية للردع، واكتشاف واعتراض الطائرات المسيرة، قد تتحول إسرائيل إلى لاعب مركزي مهم للدول التي تتعرض لتهديد المسيرات الإيرانية، وقد تطور عمقاً استراتيجياً مطلوباً في معركة متواصلة أمام إيران”.
يبدو أن نوركين قد أشار بذلك إلى احتمالية نشر وسائل الكشف (الحساسات) من منظومات إسرائيلية في المستقبل في الشرق ودول الخليج، وستوفر لها ولإسرائيل إنذاراً مبكراً من هجمات الطائرات المسيرة، لكن هذا الحل يمكن استخدامه أيضاً ضد تهديد بعيد المدى وأكثر خطورة، وهو الصواريخ البالستية. وهذا يوجه الأمريكيين ويمكنهم الاندماج فيه، وقد تطرق إليه بينيت في السابق عندما تحدث عن إقامة منظومات دفاع جوية قبل بضعة أشهر. ورغم أنه لا يوجد هجوم إسرائيلي ضد إيران في الأجواء الآن، ولكن يبدو أن هناك من يحاولون إعادة بناء التهديد بأي ثمن. وهكذا تستمر معركة الاتهامات بين بينيت ونتنياهو حول مسألة ما إذا تم التنازل عن الاستعداد للخيار العسكري في السنوات الثلاث الأخيرة من ولاية نتنياهو، رغم أنه كان ملتزماً ظاهرياً باستئنافها بعد أن أقنع ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي في أيار 2018.
رد نتنياهو على انتقاد بينيت بصورة مترددة بدرجة ما، هذا الأسبوع، عندما قال في قائمة الليكود بأنه يأمل أن “هذه الإحاطات التي أسمعها مؤخراً لم تستهدف تهيئة الرأي العام لعجز الحكومة بالقيام بما يجب فعله”. رئيس المعارضة لم يوفر بعد التفسير المقنع لتصرفه. وجر رئيس الأركان أفيف كوخافي إلى هذا الخلاف أيضاً. في “أخبار 13” نشر أن كوخافي، الذي بدأ يلتقي قبل سنته الرابعة في منصبه مع محللين سياسيين ومع منظومات إعلامية، طلباً من نتنياهو عدة مرات إضافة خاصة لاستئناف الاستعدادات لمهاجمة المنشآت النووية، لكن لم يستجب له عقب جمود الميزانية الذي فرضته أربع جولات انتخابية.
هذا ادعاء غريب إلى حد ما. إذا كان مهماً لرئيس الأركان الاستعداد إزاء إيران، فيمكنه أن يضرب على الطاولة قبل وقت أبكر، أو يهتم بتحويل ميزانيات داخلية من موارد الجيش الإسرائيلي مثلما فعل بخصوص البنود العزيزة عليه من الخطة متعددة السنوات “تنوفاه”. كان رد الليكود أكثر غرابة؛ فقد حذر من مهاجمة كوخافي مباشرة، لكن حزبه أعلن بأن “الإحاطة التي جاءت في القناة 13 مضحكة وكاذبة. خلافاً لما تم الادعاء به، كان رئيس الحكومة نتنياهو هو الذي طلب ميزانية إضافية لمهاجمة إيران، ورد عليه الجيش بالسلب”. هذا رد غريب يقول بأن في إسرائيل هرماً مقلوباً. رئيس الحكومة، المسكين جداً، أراد ذلك، لكن الجيش، المسؤول عنه كما هو معروف، منع ذلك. فقط تم إجباره مرة أخرى على النوم جائعاً.
ملخص للقارئ المشوش: نتنياهو وكوخافي لم يهتما باستئناف الخيار العسكري إزاء إيران، لأن لا أحد منهما اعتبره سيناريو عملياً في حينه. أمل نتنياهو أن يقوم ترامب بذلك من أجله، باتباع استراتيجية الضغط بالحد الأعلى والعقوبات التي تؤدي إلى الشلل، ويجعل إيران تركع وربما يؤدي إلى انهيار النظام. كوخافي مثل سلفه، غادي آيزنكوت، لم يؤمن بواقعية الهجوم، وفضل توجيه موارد الجيش لأغراض أخرى. وفي كانون الثاني الماضي، حيث كان تحت إمرة نتنياهو، تعرض رئيس الأركان للانتقاد لأن موقفه تلاءم مع المستوى السياسي وحذر إدارة بايدن، التي تسلمت للتو مسؤولياتها، من تداعيات استعدادها للخضوع في المفاوضات مع إيران. الآن يتم إطلاق اتهامات متبادلة من خلال تضليل الجمهور.
لا وقت لدينا
تم الكشف عن كثير من أفكار القيادة الإسرائيلية بشأن إيران خلال زيارة وزير الدفاع، بني غانتس، لواشنطن في نهاية الأسبوع الماضي، خاصة في لقاء أجراه مع ممثلي معاهد الأبحاث الكبيرة في العاصمة الأمريكية. غانتس، مثل كثيرين ممن تحدث معهم هناك، تقلقه تداعيات محتملة لاستمرار الانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط ووسط آسيا. وفي محادثات مع شخصيات رفيعة في الإدارة الأمريكية، سمع أنه من غير المتوقع في القريب إخلاء قوات أخرى، بعد الصدمة التي أثارها الانسحاب من أفغانستان الصيف الماضي. الوجود العسكري المحدود في سوريا والعراق سيبقى، وكذا القواعد التي في الخليج.
لمقاربة الإدارة الجديدة محاولة للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران والتركيز على الصين وشرق آسيا، وتداعيات كثيرة على المنطقة. تخاف قطر من إخلاء قواعد سلاح الجو الأمريكية، وتغازل إيران. على هذه الخلفية، أوقفت السعودية تقدم خطوات التطبيع مع إسرائيل. عبر غانتس عن دعم كبير لخطوات التقارب بين السعودية والإمارات وبين نظام الأسد في سوريا، رغم الأعمال الفظيعة التي ارتكبها في الحرب الأهلية، على أمل أن يساعد ذلك في تقييد تحركات إيران في الدولة. وقال إن الولايات المتحدة مجبرة على إثبات دعمها؛ لتشجيع دول الخليج.
غانتس، بادعاء أن الإدارة الديمقراطية لن تستقبله بحماسة، يعتقد أن استقرار الشرق الأوسط عامل حاسم أكثر من الحرص على حقوق الإنسان. ودعا الأمريكيين إلى تعزيز الدول السنية المعتدلة حتى لو كان سجلها في هذا المجال متدنياً. إن تحسين حقوق الإنسان، قال، لن يتحقق إلا بعد ضمان الاستقرار الداخلي. أما حول النووي الإيراني، فحذر من سباق تسلح إقليمي إذا تم السماح لإيران بإنتاج القنبلة، وذكر بأن الرئيس التركي أردوغان سيختار هو أيضاً هذا المسار.
وقال غانتس لكبار الشخصيات في الإدارة الأمريكية، بأن الوضع الاقتصادي في إيران أسوأ مما تعرضه، وأن استئناف ضغط العقوبات الاقتصادية عليها قد يؤدي إلى زيادة المرونة في مواقفها. سمع وزير الدفاع خيبة أمل واشنطن من التشدد الإيراني، الذي قد ينزلق لاحقاً إلى خطوات فعلية بدون تقدم في المحادثات النووية. إسرائيل تريد ذلك بالطبع، لكن شكاً يساورها حول ما إذا كانت ستحصل على ما تريده بالكامل. عندما شق غانتس طريقه عائداً من الولايات المتحدة، سافر بينيت إلى الخليج (الاثنان كانا بحاجة إلى فحوصات كورونا كثيرة بسبب أعضاء الطاقم الذين أصيبوا بكورونا). ومثلما جرى في اللقاءات الأولى السابقة له مع حكام مصر والأردن، كان قد نشر في أبو ظبي عن خلق كيمياء متبادلة جيدة، وتم التحدث عن الدفع بالمصالح المشتركة. بالمقارنة مع إدارة ترامب، تبدو إدارة بايدن أقل تدخلاً في العلاقة بين إسرائيل والإمارات.
تدرك إسرائيل حساسية الخليج حول الجيران الإيرانيين، لذلك كانوا حذرين من رسائل علنية فظة. بينيت عمل أثناء زيارته على توسيع مجالات التعاون بين الدولتين. إضافة إلى التوقيع على اتفاق تجاري، تم الحديث عن مشاريع مشتركة نحو الطاقة المتجددة (الإمارات، كمنتجة نفط كبيرة، لها مصلحة كبيرة في تحسين صورتها بواسطة عمليات تعتبر خضراء). وطرح في المحادثات إمكانيات أخرى لاستثمارات من الخليج في إسرائيل، من “الهايتيك” وحتى صناعة المضامين والتلفزيون. سبق وألصق بينيت بهذا شعار “تطبيع الـنتفليكس”.
بقلم: عاموس هرئيل
هآرتس 17/12/2021