- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
تعرف على مدينة المقاومة تحت أرض غزة ودورها في معركة سيف القدس
تعرف على مدينة المقاومة تحت أرض غزة ودورها في معركة سيف القدس
- 28 مايو 2021, 5:52:44 م
- 97440
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
عندما تحدث حرب بين طرفين أحدهما قوي والأخر ضعيف فان معيار الانتصار يتمثل في فشل القوي في تحقيق
أهدافه ونجاح الضعيف في الصمود والثبات واجبار القوي على الخضوع او الهروب ولكن لكي ينجح
الضعيف في التغلب على خصمه القوي لا بد له من الاعداد والاستعداد وتسخير كل الامكانيات المتوفرة
لديه وضمن محيطه ليحقق أهدافه ويستغلها في توجيه ضربات موجعة الى عدوه وذلك بهدف تقليل الفجوة بين الطرفين في ميزان القوة..
الأنفاق عمل استراتيجي لأن أغلب أدوات المقاومة الفلسطينية أصبحت تعتمد على هذه الأنفاق بشكل كبير جداً في عملها ،
أي أن أي عملية هجومية أو اطلاق صواريخ أو انتقال مجاهدين
أو إنزال تحتاج بشكل أساسي إلى الأنفاق وبذلك أصبحت استراتيجية من جانب الاعتماد عليها في كل هذه الأمور ،
ووصولها إلى مناطق حيوية واستراتيجية داخل أراضينا المحتلة.
منظومة انفاق المقاومة سلاح استراتيجي نوعي بني بحرفية عالیة حيث یتمتع بسریه عالیه،
فقد تم إعدادها بحیث یستطیع المقاتلین إطلاق الصواریخ من خلالها
أو استخدامها في الهجوم من خلف صفوف العدو ومن ثم الاختفاء كالأشباح والنیل من أعدائهم وتكبیدهم الخسائر،
وتحیید سلاح الطیران في المعركة إذا هو سلاح استراتيجي نوعي أبدعت المقاومة في التواري فیه عن الأنظار وعن عیون عملاء الاحتلال .
في غزة، شكلت الأنفاق دورا محوريا في صمود المقاومة، رغم الحروب المتتالية التي شنها الاحتلال على القطاع،
وخرجت المقاومة في كل مرة بأقل الخسائر في صفوفها، كما تمكنت من الحفاظ على قدرتها العسكرية،
في معركة سيف القدس مع اضطراب القيادة الإسرائيلية في تعيين أهداف محددة لحرب غزة،
يمكنها التباهي بتحقيقها مثل اغتيال قائد الجناح العسكري لـ"حماس" محمد الضيف،
ركزت بعض المصادر الإسرائيلية على تأكيد نجاح تل أبيب في إلحاق ضرر جسيم بشبكة أنفاق المقاومة في غزة، التي تسميها "مترو حماس".
ليخرج يحيى السنوار قائد حماس بغزة يؤكد أن الضرر الموجود في شبكة الأنفاق لم يصل إلى 5%،
وسيعالج خلال أيام معدودة، مشيرا إلى أن ورش التصنيع، ومخازن الاسلحة، وغرف إدارة العمليات، تعمل بكفاءة تزيد على 95%.
انواع ومهام الأنفاق:
هناك أنواع رئيسة للأنفاق ذات الاستخدام العسكري والتي يتم استخدامها في قطاع غزة، نستعرضها على النحو التالي :
الأنفاق الاستراتيجية :
هو نفق مجهز بتجهيزات كبيرة، للهجوم والدفاع، مكون من أكثر من خط (نفق) وله مخارج ومداخل متعددة، بداخله غرف قتالية مجهزة لاستراحة المقاومين،
بها جميع احتياجاتهم من طعام وشراب للبقاء بها لأطول فترة ممكنة، تحتوي على بوابات حديدية بين تفريعة وأخرى،
هذه البوابات مجهزة في حال تم تفجيرها تقوم بكسر الموجة الانفجارية، حتى لا يتأثر باقي النفق من هذا الانفجار وحماية للعناصر بداخله.
فالأنفاق الاستراتيجية عبارة عن مدينة مصغرة تحت الأرض يمكن المناورة فيها لأطول فترة ممكنة وتكون للمهمات الكبيرة .
الأنفاق الهجومية:
والتي تستخدمها القوات لتنفيذ عمليات احتكاك مباشر مع العدو من مسافة صفر، تستخدم الأنفاق الهجومية خلال العمليات الهجومية،
حيث تتيح للمهاجم التسلل خلف دفاعات العدو، والغرض منها هو شل حركة العدو
وتعطيل دفاعه وعرقلة سبل انسحابه إلى خط دفاعي أمامي وقد استخدمت
في حرب غزة 2014 وكان لها دور رئيس في الحرب من خلال بعث المقاتلين الفلسطينيين من عمق الأرض
للهجوم والقيام بعمليات إنزال خلف خطوط العدو كما حدث في اقتحام موقع "ناحل عوز"،
وإنزال شرق رفح، وآخر شرق محافظة الوسطى في موقع "أبو مطيبق العسكري"، وإنزال شمال بيت حانون.
صورة تظهر كيفية حفر الأنفاق الهجومية من غزة إلى المواقع العسكرية الإسرائيلية
الأنفاق الدفاعية :
تتواجد هذه الأنفاق داخل حدود قطاع غزة وعلى أطراف المناطق السكنية،
ويتفرع منها عشرات العيون (فتحات) وتستخدم للتصدي للاجتياحات البرية ونصب الكمائن ووضع القوات المتوغلة بين فكي كماشة،
مجاهدين يشتبكون من الأمام ومجاهدين يخرجون من خلف الجنود الصهاينة،
هذه الأنفاق نتج عنها تكبيد قوات الاحتلال الإسرائيلية البرية المتقدمة الكثير من الخسائر،
كما تشترك في الأنفاق الدفاعية أغلب فصائل المقاومة الفلسطينية العاملة في الميدان
أنفاق المدفعية والصواريخ :
وهي حفر في الأرض تكون مجهزة بمدافع هاون أو راجمات صواريخ مغطاة من الأعلى بباب فولاذي قابل للسحب أو الرفع،
ومهمة الباب منع الطائرات الصهيونية من كشف الموقع وأيضاً حماية المدفع أو الراجمة من القصف المضاد،
وهذه الحفر أو الآبار مجهزة بفتحة من الداخل تربطها بشبكة الأنفاق الاستراتيجية وتستخدم هذه الفتحات من قبل
المجاهدين لإعادة التلقيم والتذخير أو لصيانة المدافع أو لاستهداف مواقع معينة، حيث تم إعدادها كمنصات للإطلاق،
وذلك نتيجة لعدم قدرة المقاومة الفلسطينية على التحرك وإطلاق الصواريخ والقذائف من فوق الأرض،
لتمكن العدو من رصد كل ما هو متحرك على الأرض، وهذا كان له الأثر الكبير في استمرارية إطلاق الصواريخ والقذائف بشكل مستمر.
صورة توضح أنفاق المدفعية والصواريخ
أنفاق الإمداد والاتصالات :
لا يمكن لأي جيش التقدم والصمود في الميدان دون عمليات الإمداد بالطعام والشراب والعتاد العسكري،
وإن من شروط نجاح المقاومة الفلسطينية في أي حرب استمرار عمليات الإمداد والاتصال والتواصل بين قوات المقاومة وبين القيادة والجند في الميدان.
ومهمة هذه الأنفاق نقل الإمدادات من ذخائر وصواريخ ومقاتلين ومؤونة إلى مواقع الرباط، وإلى منصات ومرابض المدفعية (الهاون والصواريخ)،
فمهمة الإمداد والتموين الأساسية هي إسناد الوحدات المقاتلة ووحدات
إسناد القتال باحتياجاتها في المكان والزمان المناسبين، وحينها تسمى أنفاق الإمداد الداخلية.
أما أنفاق الإمداد الخارجية فيتم من خلالها إدخال السلاح المهرب إلى قطاع غزة،
ويتم تمرير هذا السلاح بواسطة شبكات تهريب معقدة تجلبه من مصادره ثم إلى سيناء،
وأخيراً إلى القطاع. ويتم تهريب كافة أنواع السلاح التي يمكن جلبها من صواريخ موجهة مضادة
للدبابات والطائرات والقذائف والصواريخ والبنادق والذخيرة وقطع الغيار والسيارات ومواد وأدوات التصنيع.
وفي حالة المقاومة الفلسطينية فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي يسعى جاهداً لقطع خطوط
إمدادها وهي الوسيلة الوحيدة لهزيمة مجموعات المقاومة المقاتلة في الميدان من خلال حصارها،
لذلك كان لابد من التفكير في كيفية إمداد المقاومة الفلسطينية باحتياجاتها، وفتح خطوط إمداد أثناء العمليات العسكرية،
وهذا ما قامت به المقاومة الفلسطينية من خلال استمرار تزويد
المقاتلين في مسارح العمليات باحتياجاتهم اللوجستية والتموينية من ذخائر وقذائف صاروخية وتموين دون انقطاع،
واستمرار الاتصال والتواصل، والرقابة على المخزون الاستراتيجي ودعمه من خلال شبكة الأنفاق الاستراتيجية التي أعدتها لهذا الغرض.
أنفاق القيادة والمعيشة :
وهي أنفاق تشبه الغرف متسعة يتوفر فيها وسائل المعيشة والاتصال والتواصل، ووقت الحرب تتواجد فيها قيادة المقاومة المهددة بالاغتيال،
كما تحوي مراكز قيادة لإدارة العمليات العسكرية وتوزيع المهام على المجاهدين .
دور الانفاق في معركة سيف القدس:
إذاً قرار قيادة المقاومة الفلسطينية في الاعتماد على استراتيجية الأنفاق هو بالتأكيد قرار منطقي ومفهوم،
لأن واضعي الاستراتيجية لدى المقاومة الفلسطينية يعرفون أنهم سيجدون صعوبة في القتال أمام الجيش الإسرائيلي على سطح الأرض،
لما يمتلكه من تطور تكنولوجي، بمقابل ذلك يتمتع الجيش الإسرائيلي بمزايا محدودة في التعامل مع الأنفاق،
هذه الاستراتيجية التي تتبعها المقاومة الفلسطينية خصصت لتمكين
المقاومة من تحويل التفوق العسكري للجيش الإسرائيلي فوق الأرض أمام مقاومتها إلى أفضلية وميزة لصالحها تحت الأرض .
فكان للأنفاق دور رئيس في معركة سيف القدس وأعطت المقاومين حرية لتنقل "الوحدات الفلسطينية المقاتلة"،
واستُخدمت كمرابض لإطلاق الصواريخ، وساهمت في حماية قيادة المقاومة، وشكلت هاجسًا مرعبًا لجيش الاحتلال لحظة محاولته التقدم نحو قطاع غزة.
استخدمت الأنفاق لإطلاق الصواريخ وقذائف الهاون، حيث تم إعدادها كمنصات للإطلاق،
وذلك نتيجة لعدم قدرة المقاومة الفلسطينية على التحرك وإطلاق الصواريخ والقذائف من فوق الأرض، لتمكن العدو من رصد كل ما هو متحرك على الأرض،
وهذا كان له الأثر الكبير في استمرارية إطلاق الصواريخ والقذائف بشكل مستمر، وباتت المقاومة لا تستغني عن الأنفاق في عمليات إطلاق الصواريخ والقذائف.
إن المقاومة الفلسطينية اتبعت تكتيكات واستراتيجيات عسكرية ادت الى إفشال المنظومة الهجومية الجوية في تعقب منصات إطلاق الصواريخ وتحديدها أثناء المواجهة،
فمنصات إطلاق الصواريخ أصبحت تتواجد أغلبها في أنفاقٍ تحت الأرض، وهذا ما شل من قدرة العدو على تعقب ورصد أماكن إطلاق الصواريخ .
فالعدو لديه منظومات ترصد مكان إطلاق الصواريخ في زمن قدره "15 ثانية" عندها يحدد المكان ثم يقصف أو يصفي الكوادر القائمة بعملية الإطلاق،
فالمقاومة الفلسطينية من خلال الأنفاق تستطيع إنجاز المهمة في ثوان عدة "لحظة الإطلاق"
فالأنفاق منحت الأطقم التي تطلق الصواريخ القيام بمهماتها من خلال أماكن آمنة وبعيدة تماماً عن منصات الصواريخ،
وبذلك نجحت الأنفاق في تحييد القوة الجوية الإسرائيلية وتفادي خطرها.
أحدثت الأنفاق التي أنشأتها المقاومة الفلسطينية نقلة نوعية في تاريخ الصراع مع جيش الاحتلال
الإسرائيلي من خلال تحييد التفوق التكنولوجي وقوة النار التدميرية المدعومة من الولايات الأمريكية المتحدة عن ساحة المعركة،
وقد بنيت تلك الأنفاق بسواعد ذاتية فأحدثت صخبًا كبيرًا وأربكت حسابات الجيش الإسرائيلي وفشل في
الوصول اليها والحد من قدراتها التي مازالت تشكل هاجس رعب وخوف لقيادة الاحتلال.