تقرير استخباري : تحديات هائلة أمام الوحدة الليبية رغم تشكيل الحكومة الجديدة

profile
  • clock 16 مارس 2021, 5:43:50 م
  • eye 1024
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

ان حكومة الوحدة الوطنية الليبية الجديدة سوف تكافح لتوحيد البلاد بعد ما يقرب من 7 أعوام من الحرب الأهلية، حيث يقوم الفاعلون المختلفون بتأجيج الانقسامات لحماية مصالحهم. وفي 10 مارس/آذار، وافق مجلس النواب الليبي بأغلبية ساحقة على حكومة رئيس الوزراء المكلف “عبد الحميد الدبيبة”، بعد 3 أيام من النقاش والعديد من التغييرات في حكومة “الدبيبة”.


وأعطى فرع طبرق من مجلس النواب ثقته لحكومة الوحدة الوطنية، وهو أمر لم يمنحه أبدا لحكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس مقرا لها. وقال رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني “فايز السراج” بعد الموافقة إنه مستعد لتسليم السلطة إلى حكومة الوحدة الجديدة. وتمثل الحكومة الجديدة أول حكومة موحدة في ليبيا منذ أغسطس/آب 2014.

وكأحد الركائز الأساسية لعملية السلام الليبية المدعومة من الأمم المتحدة ينضم للحكومة الجديدة مجلس رئاسي مكون من 3 أشخاص، برئاسة الرئيس “محمد يونس منفي”، على رأس السلطة التنفيذية التي ستحكم مع حكومة الوحدة الوطنية.

وتم تصميم حكومة الوحدة الوطنية لتكون حكومة مؤقتة لإدارة البلاد والتحضير للانتخابات المقررة في 24 ديسمبر/كانون الأول، والتي ستكون أول انتخابات وطنية في البلاد منذ عام 2014.

وسوف تتألف الحكومة الجديدة من 33 وزيرا ونائبين للوزراء في محاولة للحصول على دعم واسع من خلال حكومة شاملة تمتلك فيها الفصائل المختلفة حصصا. لكن في الوقت الحالي، سيبقى منصب وزير الدفاع المثير للجدل شاغرا وتحت وصاية “الدبيبة” حتى ظهور مرشح توافقي.

وستكافح حكومة الوحدة الوطنية لتنفيذ سياساتها الخاصة لأن مجلس النواب والجيش الوطني الليبي والميليشيات المختلفة والمؤسسات الأخرى ستحاول الاحتفاظ بنفوذها، ما يعني أن المصالحة الوطنية والتوحيد ستبقى اسمية فقط إلى حد كبير.

وجاءت الموافقة على حكومة الوحدة الوطنية بعد تنويع مجلس الوزراء ليشمل الفصائل الأساسية من زجل توزيع المزايا التي تأتي مع التمثيل الرسمي في نظام المحاصصة الحكومي القائم على النفط في عهد “القذافي”، والذي لا يزال قائما إلى حد كبير.

ويتمتع “الدبيبة” وعائلته بسمعة طويلة تعود إلى فساد نظام “القذافي” الذي ساعد في بناء إمبراطوريتهم التجارية الهائلة، وقد تم انتقاد حكومة “الدبيبة” باعتبارها تعكس تلك الأصول. ولا يزال مجلس النواب يحتفظ بسلطة كبيرة، وسيواصل العمل كهيئة تشريعية في البلاد، ما يمنحه حق النقض على أي تشريع يقترحه “الدبيبة”.

ويجب أن توافق الهيئة التشريعية على العديد من الخطوات التالية في عملية السلام، بما في ذلك قانون الموازنة، وقانون الاستفتاء الدستوري، وقانون الانتخابات. ويفتقر “الدبيبة” إلى قاعدة قوة مستقلة، الأمر الذي سيجبر الحكومة الجديدة على العمل عن كثب مع الفصائل والميليشيات الليبية المختلفة، ومنحهم رأيا قويا في صناعة السياسة.

ويبقى أن نرى مدى سرعة الحكومة الجديدة في تمرير ميزانية موحدة. وقد بدأت المفاوضات بالفعل، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي، حيث ينتظر المفاوضون تشكيل الحكومة الجديدة. ومن المرجح أيضا أن يحتل العمل المضني من أجل توحيد المؤسسات الليبية، بما في ذلك البنك المركزي ومختلف الوزارات والشركات المملوكة للدولة، مركز الصدارة.

وسيكون توحيد تلك المؤسسات صعبا؛ حيث يحاول السياسيون والشخصيات المحلية الحفاظ على السلطة التي بنوها في ظل انقسام هذه المؤسسات. وسيكون السؤال الرئيسي الآخر الذي ستطرحه حكومة “الدبيبة” هو كيفية التعامل مع جهود تسريح الميليشيات.

وأثبت وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني “فتحي باشاغا”، المنافس الرئيسي لـ” الدبيبة” على منصب رئيس الوزراء الجديد، أنه مثير للجدل باعتباره مهندسا رئيسيا لجهود التكامل المخطط لها في ليبيا. وسيواجه “الدبيبة” بعضا من المعارضة نفسها التي واجهها “باشاغا” إذا أيد بقوة مثل هذه الخطط. وقد عارضت بعض ميليشيات طرابلس إصلاحات “باشاغا” لقطاع الأمن كما يتضح من محاولة اغتياله في فبراير/شباط.


ويعني ضعف “الدبيبة” أيضا أن جيش طبرق، بقيادة “خليفة حفتر”، من المحتمل أن يتصرف دون عوائق إلى حد كبير من قبل الحكومة الجديدة. وتوجد اختلافات واضحة في السياسات والأيديولوجيا بين “حفتر” والحكومة بقيادة “الدبيبة والمنفي”، حيث يُنظر إلى “الدبيبة” على أنه قريب من تركيا و”المنفي” على أنه مقرب من جماعة الإخوان المسلمين.


ومع ذلك، تضاءلت قوة “حفتر” منذ هجومه الفاشل على طرابلس بالرغم أنه والإمارات سيعارضان وجود حكومة قريبة من جماعة الإخوان المسلمين وتركيا.

وبينما تدعم الإمارات رسميا حكومة الوحدة الوطنية الجديدة، فإنها ستعارض أي روابط بينها وبين جماعة الإخوان المسلمين وتركيا. ولمواجهة هذه التطورات، ستوجه الإمارات الدعم إلى “حفتر” وشخصيات ذات تفكير مماثل يمكن أن تظهر كمرشحين محتملين في انتخابات ديسمبر/كانون الأول.

ومن المرجح أن يظل إنتاج النفط والغاز في ليبيا مستقرا وأن تظل احتمالات نشوب صراع واسع منخفضة، ما لم يتجه “الدبيبة” إلى تهميش “حفتر” أو الميليشيات في غرب ليبيا.

ومن المرجح أن يظل انتعاش إنتاج النفط في ليبيا، الذي يبلغ الآن نحو 1.3 مليون برميل في اليوم، مرتفعا على المدى القصير نظرا لعدم وجود دعم لـ”حفتر” في محاولة إغلاق صادرات النفط في شرق ليبيا. ولكن إذا حاول “حفتر” أن يلعب دور مفسد الحفلة بشكل أكبر، فقد يجد أن استخدام السيطرة على موانئ النفط الشرقية أفضل من بدء نزاع مسلح كبير ضد غرب ليبيا.


وقد يكون التهديد الأمني الأكبر على المدى القصير نابعا من أي تحرك من قبل “الدبيبة” ضد الميليشيات القوية في غرب ليبيا، لا سيما في طرابلس. وسوف تواجه أي محاولات منه لتكرار محاولات “باشاغا” دمج بعض الميليشيات فقط في جهاز الأمن الرسمي معارضة من قبل الميليشيات الأخرى التي تحتفظ بقوة عسكرية كبيرة.


التعليقات (0)