- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
تناقضات "صارخة" في سياسة واشنطن بين أوكرانيا والشرق الأوسط
تناقضات "صارخة" في سياسة واشنطن بين أوكرانيا والشرق الأوسط
- 28 أبريل 2022, 12:47:32 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
نشر موقع ريسبونسبول ستايتكرافت الأمريكي، مقالا لأستاذ العلوم السياسية في جامعة نيومكسيكو، إميل نخلة، تحدث فيه عن تناقضات إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بين دعمها لأوكرانيا أمام القوة الروسية بحجة الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان، وبين موقفها المناصر للأنظمة الديكتاتورية في الشرق الأوسط.
وذكر الموقع أن الحرب الروسية على أوكرانيا أثرت على الشرق الأوسط اقتصاديا وسياسيا، كما أفرزت العديد من التناقضات في كيفية تعامل الرئيس بايدن مع المنطقتين.
وعلق كاتب المقال بالقول إن الولايات المتحدة أنفقت في أوكرانيا مليارات الدولارات على أسلحة من جميع الأنواع لمساعدة الرئيس فولوديمير زيلينسكي في الدفاع عن بلاده، في معركتها من أجل الديمقراطية والحرية ورفض دكتاتورية بوتين وحربه اللاإنسانية،
وفي تناقض تام، باعت واشنطن أسلحة للديكتاتوريين العرب بمليارات الدولارات، على الرغم من سجلهم الفظيع في مجال حقوق الإنسان، وقمع الحريات المدنية لشعوبهم.
وأضاف أن إدارة بايدن تبرر دعمها لحرية الاختيار في أوكرانيا والقيم التي تدافع عنها في السياق العالمي للقيم العالمية، لكنها امتنعت في الوقت ذاته، لحسابات سياسية، عن مد المساعدة لدعم الحريات إلى الشرق الأوسط.
ولفت الموقع إلى أن الرئيس بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكين حاولا بشدة إقناع أقرب حلفاء واشنطن وأكبر المتلقين للأسلحة الأمريكية في المنطقة بإدانة أعمال بوتين الإرهابية في أوكرانيا علنا وبقوة، وكمكافأة على دعمهم، غضت إدارة بايدن الطرف عن مطالب الشعوب العربية بالعدالة والحرية.
لكن هذه الجهود الدبلوماسية أظهرت نجاحا ضئيلا، حيث رفضت السعودية والإمارات وإسرائيل ودول أخرى حملة الولايات المتحدة ضد بوتين في المنطقة، بينما لا تزال دبي ساحة لعب المليارديرات الروس، فيما ترحب تركيا باليخوت ذات المواصفات الفائقة المملوكة لروسيا في موانئها.
وأصبحت العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية السعودية الروسية أكثر وضوحا على الساحة العالمية، على الرغم من المواقف الأمريكية الرافضة.
ونوه كاتب المقال إلى إن الوعد الذي قطعه الرئيس بايدن في حفل تنصيبه في أوائل العام الماضي حول مركزية حقوق الإنسان في جدول أعماله قد تلاشى، حيث إنه يواصل دعم دكتاتوريي الشرق الأوسط دون أي اعتبار ملموس، خلافا للخطاب الداعم لحقوق الإنسان والحريات المدنية والديمقراطية.
وقال الكاتب إن شعوب الشرق الأوسط قد لا تكون غنية أو مؤثرة، لكنها ذكية بما يكفي لمعرفة ما يحدث، حيث نقل عن صديق له من الشرق الأوسط، قوله إنه لا يرى هو ورفاقه اختلافا كبيرا في الموقف تجاه الطغاة العرب بين رئاستي ترامب وبايدن.
واستخدم ترامب كلا من الخطاب والأفعال للتقرب من المستبدين العرب، بينما استعمل بايدن القوة الناعمة (الخطاب) لتمجيد فضائل القيم الديمقراطية، لكنه قدم القوة الحقيقية لهؤلاء الدكتاتوريين.
كما تستمر مبيعات الأسلحة والمساعدات العسكرية التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات في التدفق إلى السعودية والإمارات والبحرين ومصر ودول عربية وغير عربية أخرى في المنطقة، مع القليل من الاهتمام لانتهاكاتها المتسلسلة لحقوق الإنسان، سواء في السعودية أو مصر أو الإمارات أو في الضفة الغربية وقطاع غزة.
والمأساة الإنسانية المستمرة في اليمن ليست سوى مثال واحد على التناقضات الصارخة في نهج واشنطن تجاه المنطقتين.
وأوضح الموقع أن الضخ المستمر للأسلحة الأمريكية في أوكرانيا سيساعد الجيش الأوكراني على هزيمة العدوان الروسي، بينما ستعمل مبيعات الأسلحة الأمريكية الضخمة والمساعدات للدول العربية على تمكين المستبدين العرب من هزيمة نضال شعوبهم من أجل الحرية والكرامة الإنسانية.
واعتبر كاتب المقال أن الغضب الأخلاقي من وحشية بوتين في أوكرانيا يصب لصالح تقوية موقف بايدن، ويعزز إحساسا عالميا بالأمل في أن يفوز زيلينسكي المنهك من الحرب على جار لا يرحم.
وذكر أن الجماهير العربية والناشطين المؤيدين للحرية لا يرون أي أمل على الإطلاق في أن الانتصار في أوكرانيا سيدعمهم أمام قمع حكوماتهم المستمر، فالانتصار الأوكراني بمساعدة أمريكية من المرجح أن يخلق معضلة أخلاقية لإدارة بايدن بشأن موقف واشنطن من حقوق الإنسان في العالم العربي.
وصحيح أن أوكرانيا تتعرض للغزو من قبل قوة أجنبية، وأن الدول العربية تتعرض للانتهاك من قبل أنظمتها الخاصة، لكن لا فرق فيما إذا كانت حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية تتعرض للدهس من قبل ديكتاتور أجنبي، أو من قبل ديكتاتور محلي.
واستدرك بالقول إنه ينبغي ألا تفسد هذه الازدواجية على القادة الأمريكيين الذين يسعون لبلورة نموذج استراتيجي جديد في الشرق الأوسط بعد حرب أوكرانيا، كتلك التي أطلق عليها اتفاقات أبراهام والتقارب المتطور بين إسرائيل وأنظمة دول الخليج العربية، فلا يمكن ولا ينبغي أن يمحو ذلك التناقض بين التزام الولايات المتحدة المكلف والعميق بحقوق الإنسان في أوكرانيا والتزامها اللطيف (الخطابي في الغالب) في مناصرة القيم الديمقراطية في الدول العربية.
وبينما تفقد الأنظمة العربية مكانتها كفاعلين رئيسيين في المنطقة، حيث تستبدل بها ثلاث دول غير عربية، وهي إسرائيل وتركيا وإيران، فإنها تميل إلى سن قوانين وممارسات أكثر قمعية لقمع شعوبها.
وتساوي هذه الأنظمة بين خسارة نفوذها الإقليمي والقمع المتزايد في الداخل، حيث تقوم بقمع شعوبها وكبت إبداعهم وتوقهم إلى الحرية، ما يحد من قدرتها على النمو اقتصاديا والابتكار التكنولوجي.
وفي حال سمح للشعوب بالإبداع والابتكار، فيمكن للمجتمعات العربية أن تتقدم، حيث تعيش الشعوب العربية، من لبنان إلى الجزائر، في أزمات اقتصادية لا توفر سوى فرص قليلة للوصول إلى الأعمال والتكنولوجيا والابتكار العلمي وتحقيق النمو.
وإذا أصبحت تلك الشعوب جزءا من الحكم، فيمكنهم مساعدة قادتهم على استعادة نفوذهم وهيبتهم الإقليمية المفقودة، لكن لا يمكن استعادة هذا التأثير من خلال الاستبداد المستشري.
كما يعكس التجمع الأخير لوزراء الخارجية العرب كجزء من القمة السداسية مع وزير الخارجية الأمريكية، ووزير الخارجية الإسرائيلي في جنوب إسرائيل، انحيازا ضد هدف معين أو بلد ما، على سبيل المثال، إيران والحوثيين، ولكن ليس من أجل هدف استراتيجي محدد يمكن أن يفيد شعوب المنطقة.
ولم يمثل التجمع دولا عربية أكبر مثل العراق أو السعودية أو الجزائر على سبيل المثال، كما أنه من المثير أن نلاحظ أن حضور مصر للقمة جاء متأخرا؛ خشية تهميشها بسبب هرج التقارب الإسرائيلي العربي.
ولم يتطرق اجتماع وزراء الخارجية العرب للصفقة إلى مطالب واشنطن بتبني موقف أقوى ضد حرب بوتين في أوكرانيا، أو الكارثة الإنسانية في اليمن وسوريا وغزة.
وختم بالقول إنه بفضل الدعم العسكري الأمريكي، تتمتع أوكرانيا بفرصة جيدة لمقاومة العدوان الروسي، وربما هزيمته، حيث يجب التمسك بالمثل العالمية العليا للحرية والديمقراطية التي يطمح إليها الناس في جميع أنحاء العالم، سواء في أوكرانيا أو ميانمار أو تايوان أو السعودية أو مصر أو فلسطين، والدفاع عنها من حيث المبدأ، وليس وفقا لحسابات سياسية ساخرة.
فهذه المثل غير قابلة للتجزئة، وليست انتقائية، وهي كونية لا إقليمية، وقائمة على المبادئ التي لا تخضع للمساومة السياسية، ويجب أن يصبح الطريق الأخلاقي الرفيع الذي اتبعته إدارة بايدن في أوكرانيا هو المبدأ الموجه لعلاقات أمريكا مع أنظمة الشرق الأوسط، فالسعي وراء المصالح السياسية ينبغي ألا يتفوق على التزام الإدارة الحقيقي بالمثل الديمقراطية في العلاقات مع الأنظمة العربية.