- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
توران قشلاقجي يكتب: الإعلام الغربي وانتخابات تركيا التاريخية
توران قشلاقجي يكتب: الإعلام الغربي وانتخابات تركيا التاريخية
- 11 مايو 2023, 4:11:04 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بدأت وسائل الإعلام الغربية تكشف انحيازها علنا للمعارضة التركية بأخبارها وأغلفتها المضللة، قبيل أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية والتشريعية. ومن الواضح أن النخب السياسية في العالم الغربي متحمسة مرة أخرى لتشجيع طرف ضد آخر بطريقة مباشرة والتأثير في الانتخابات من خلال وسائل الإعلام الرئيسية. فقد أطلقت كبرى الصحف والمجلات الغربية حملة مناهضة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في الآونة الأخيرة، بما في ذلك «بي بي سي»، و»إيكونوميست»، و»فورين بوليسي»، و»لوموند»، و»واشنطن بوست»، و»فاينانشال تايمز». وتحاول هذه الوسائل إظهار أردوغان بصورة «السلطان» و»الخليفة»، كاشفة عن النظرة الاستشرافية اللاشعورية لديها.
وعلى سبيل المثال؛ نشرت مجلة «إيكونوميست» البريطانية قبل أيام غلافا خاصا حول الانتخابات التركية، ولم تكتف بذلك، بل وضعت على خلفية صفحتها على تويتر صورة تتضمن عبارة «يجب أن يرحل أردوغان، احموا الديمقراطية». أمّا مجلة «دير شبيغل» الألمانية، فقد وضعت صورة أردوغان على غلاف عددها الأخير، وكشفت عداءها لديننا المبين بإظهار الهلال الذي يرمز للإسلام محطما في إطار محاولتها تضليل الرأي العام والتلميح إلى خسارة الرئيس التركي.
بدورها نشرت صحيفة «لوبوان» الفرنسية غلافا كتبت عليه «أردوغان.. بوتين الآخر». وقالت في محتوى تقريرها بعبارات من الكراهية، إن «الرئيس الإسلامي يسعى مثل بوتين لتحقيق حلمه بالإمبراطورية، وإظهار ميوله الأوتوقراطية بشكل أوضح. والعالم يحبس أنفاسه، عشية الانتخابات». من جهتها نشرت مجلة «ليكسبرس» الفرنسية غلافها بعنوان «أردوغان، خطر الفوضى»، وكتبت عليه عبارات «أوروبا، اللاجئون، الشرق الأوسط»، واستخدمت جملا استفزازية في نص التقرير من قبيل «تركيا: انتخابات جميع المخاطر، صفقة مع بوتين».
يحرص الأتراك دائما على الوقوف بجانب السياسيين الذين يفكرون بمستقبل بلدهم ضد جميع أشكال التدخلات الخارجية
الحكومات الملكية في الغرب، التي تستخدم كلمة الديمقراطية كالعصا، غير مهتمة إلى هذا الحد بالطغمات العسكرية التي تقتل شعوبها ولا حتى بالدول التي لا تجري فيها انتخابات بالأساس. واعتاد الشعب التركي على رؤية هذه المشاهد بشكل متكرر مع اقتراب كل انتخابات في بلاده، وحتما سيعطي الرد اللازم في 14 مايو 2023 على محاولات توجيه السياسة الداخلية في تركيا، كما فعل في الانتخابات السابقة. ويحرص الأتراك دائما على الوقوف بجانب السياسيين الذين يفكرون بمستقبل بلدهم ضد جميع أشكال التدخلات الخارجية. وردا على موقف الإعلام الغربي، أصدر رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون، بيانا قال فيه: «نأسف للكراهية التي أصبحت كالمرض لدى وسائل الإعلام الغربية تجاه تركيا وعدائها لأردوغان قبل انتخابات 14 مايو، ونتابع باستغراب التغطيات التي تستهدف إرادة شعبنا. نلاحظ أن عنف الهجمات الغربية يزداد حدة كلما تخلصت تركيا من أغلالها. وكلما أعطى رئيسنا رجب طيب أردوغان الأولوية لمصالح شعبنا ورفض ما يحاولون فرضه على تركيا، فإنهم يتجهون إلى التضليل ويتجاهلون مبدأ الحياد في الإعلام». وأضاف ألطون: «نؤمن بكل صدق أن شعبنا العزيز الذي يعرف جيدا الممثلين ومن يكتب لهم السيناريوهات والمؤامرات، سيقف إلى جانب دولتنا ورئيسنا كما فعل في السابق». وختم المسؤول التركي بيانه بالقول: «إذا كان هناك من يحلم بعرقلة نهوض تركيا، فإننا ننصحهم بالتخلي عن هذا الحلم».
خلاصة الكلام؛ تعرضت تركيا دائما لانتقادات وسائل الإعلام الغربية باعتبارها مصدر إلهام لشعوب المنطقة من حيث نضالها للتخلص من الوصاية منذ عام 2002 (تاريخ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم)، وتذكير العالم بقوتها من جديد، وإعادة الديناميكيات الداخلية والخارجية إلى طبيعتها. ويعلم الجميع أن الغرب عمل منذ الماضي على دعم الطغمات العسكرية من أجل عرقلة حملات التطوير والديمقراطية في المنطقة. والآن، بدأ الغرب بانتقاد أردوغان الذي أعلن عام 2023 «قرن تركيا»، عبر رموز مختلفة مثل «السلطان» و»الخليفة». تكشف هذه النظرة الاستشراقية في الواقع عن حقيقة موقفهم ضد الشرق والإسلام. وينبغي أن لا ننسى أن التمايز الكبير في نبرة الكلام والخطاب والنهج السائد لدى الرأي العام الغربي يصادف الفترة ما بعد 2010. لأنه بعد هذه الفترة، بدأت مصالح تركيا مع الغرب تتعارض في العديد من المجالات.
لا يقتصر انشغال الغرب منذ فترة طويلة بإعادة إحياء القرن التاسع عشر، بل إن الأمر متعلق في الواقع بتأخير وتخفيف خطر خسارته في القرن الحادي والعشرين، والأعراض النفسية الناجمة عن ذلك. فلا يوجد عداء وكراهية ضد الغرب على المستوى السياسي أو المؤسسي لدى تركيا وأردوغان. المشكلة تكمن في أن القراءة السياسية السائدة للغرب تتعاطى مع التوازن السياسي الجديد في العالم، والمعادلة الإقليمية العالمية الجديدة الناشئة بمشاعر انعدام الأمن، تتعلق بوجوده، وعدم قدرته على التخلص من والأفكار والأفعال والممارسات التي تنبع من العواقب البنيوية لهذه الحالة النفسية.
كاتب تركي