- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
توران قشلاقجي يكتب: نداء إلى الدول الإسلامية من أجل القدس
توران قشلاقجي يكتب: نداء إلى الدول الإسلامية من أجل القدس
- 6 أبريل 2023, 3:07:41 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
كما هو الحال في كل شهر رمضان، دنّس جنود الاحتلال هذا العام أيضا المسجد الأقصى بأحذيتهم. لقد هاجموا وعنّفوا وجرحوا العديد من مسلمي القدس الذين دخلوا للاعتكاف في الأقصى، رجالا ونساء. ويتعرض المسجد الأقصى لهذه الاعتداءات الدنيئة خلال كل شهر رمضان. وفي معرض انتقاده لإسرائيل على خلفية الاعتداءات الأخيرة، قال نعمان كورتولموش نائب رئيس حزب العدالة والتنمية: «حان الوقت لإيقاف هذه الهجمات التي تمارس بحق المسلمين الذين يصلون في المسجد الأقصى كل عام، خاصة خلال شهر رمضان، ويجب محاسبة المسؤولين الإسرائيليين الفاشيين على كل روح أزهقت هناك».
يعبّر جميع المسلمين، من جاكرتا وحتى طنجة، عن غضبهم الشديد إزاء ممارسات قوات الاحتلال وينشرون في مواقع التواصل الاجتماعي رسائل حول تضامنهم مع المسلمين الفلسطينيين. أمّا الدول الإسلامية، فإنها كما جرت العادة لا تتجاوز مواقفها وردود أفعالها حدود الإدانة ضد قوات الاحتلال المارقة. أصبح لزاما على العالم الإسلامي اليوم أن يتخذ خطوات ملموسة ضد العدوان الإسرائيلي الفاشي الذي يفسد هذه الأجواء المقدسة بالنسبة للأمة في كل رمضان. ويجب على منظمة المؤتمر الإسلامي الآن أن تعود إلى مهمتها الأساسية وتتخذ إجراءات من أجل القدس.
ندائي إلى الدول والشعوب الإسلامية هو؛ دعونا نعلن يوم فتح القدس على يد سيدنا عمر (رضي الله عنه) وكذلك صلاح الدين الأيوبي، «يوم القدس». دعونا نحيي هذين اليومين بفعاليات متنوعة ونحافظ على حيوية قضية القدس في أذهان الشعوب المسلمة، يصادف شهر رمضان الحالي ذكرى فتح القدس من قبل الجيش الإسلامي بقيادة سيدنا عمر في 15 أبريل/نيسان 637، وتم فتحها أيضا في 2 أكتوبر/تشرين الأول 1187 بقيادة صلاح الدين الأيوبي. آمل أن تعلن منظمة المؤتمر الإسلامي والدول الإسلامية يوم 15 أبريل «يوم القدس» للعالم أجمع.
دنّس جنود الاحتلال المسجد الأقصى بأحذيتهم. لقد هاجموا وعنّفوا وجرحوا العديد من مسلمي القدس الذين دخلوا للاعتكاف في الأقصى، رجالا ونساء
يعتبر دخول نحو 4 آلاف صحابي القدس بقيادة سيدنا عمر من أكبر وأهم الأحداث التاريخية. ولا شك في أن هذا الفتح يتوافق مع صفة السلام التي تحملها القدس «دار السلام». وتشير الروايات إلى أن سيدنا عمر دخل القدس مشيا فيما كان خادمه فوق الدابة. والقدس هي المدينة الوحيدة التي استلم عمر مفاتيحها بنفسه. قال المؤرخ المسلم الشهير البلاذري، إن هذا الفتح «كان فتحا يسيرا». كما وصف المؤرخون من أهل الكتاب فتح القدس على يد سيدنا عمر بأنه كان الفتح الأكثر سلمية وعدلا في التاريخ. عندما دخل عمر القدس، أدى الصلاة في محراب داود (عليه السلام)، وقرأ سورة «ص»، ولدى وصوله إلى آية السجدة، سجد مثل سجود داود. أمّا في الركعة الثانية قرأ سورة الإسراء التي تتحدث عن حادثة الإسراء، وكيف أن الله سبحانه وتعالى جعل الأراضي الفلسطينية مباركة، وأن بني إسرائيل سيفسدون في الأرض مرتين لكن المؤمنين سوف يتغلبون عليهم.
ولاحقا، سأل عمر رضي الله عنه، عن مكان الصخرة المشرفة التي وضع النبي صلى الله عليه وسلم قدمه عليها في رحلة المعراج، لأن المكان الذي يقع فيه المسجد الأقصى كان يستخدمه المسيحيون لإلقاء نفاياتهم. وعندما بدأ عمر في تنظيف المكان من الأوساخ هبّ الآلاف من الصحابة وسكان المدينة لمساعدته. وبعد ذلك أدى صلاة الجمعة هناك. ورفع بلال الحبشي رضي الله عنه الأذان تلبية لطلب عمر لأول مرة، بعدما كان قد توقف عن رفعه منذ وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام. أجهش المسلمون وأهل الكتاب الذين كانوا يتابعون ما يجري في القدس بالبكاء على إثر ذلك. وبناء على أمر من سيدنا عمر، تم بناء مسجد من الخشب يتسع لنحو 3 آلاف شخص في المكان نفسه. كان عمر قد ترك علي رضي الله عنه في المدينة لكي ينوب عنه إبان فتح القدس. وعندما انتهى الفتح واستلم المفاتيح، حرص عمر على عدم المساس بأي شخص من سكان المدينة غير المسلمين، بل إنه تعهد بمنحهم مزايا متنوعة. ونلاحظ أن القادة المسلمين الذين حكموا القدس بعد عمر حافظوا على هذا العهد وتمسكوا به بشدة. وعندما فتح صلاح الدين الأيوبي القدس في 1187 وحررها من الصليبيين بعد معارك طويلة لم يمس إطلاقا بالسكان غير المسلمين في المدينة. وكذلك فعل سلاطين الدولة العثمانية حيث ساروا على خطى سيدنا عمر وحافظوا على التركيبة العرقية والدينية الغنية وأسسوا أجواء السلام والطمأنينة لسنوات طويلة.
خلاصة الكلام؛ أظهر التاريخ أن القدس غرقت دائما بالدماء والدموع طيلة فترة خضوعها لسيطرة الصليبيين المسيحيين والإسرائيليين المحتلين. في حين كانت تنعم بالسلام والوئام في ظل الحكم الإسلامي مثلما حدث في فترة داود وسليمان لأكثر من ألف عام، ولهذا السبب أطلق عليها اسم «دار السلام». ما ذكرناه يكفي لأن يحيي المسلمون اليوم بكل فخر ذكرى فتح القدس على يد عمر وصلاح الدين تحت مسمى «اليوم العالمي للسلام في القدس». وعلينا في هذا الصدد أن ندرج يومي 2 أكتوبر و15 أبريل ضمن أيامنا الوطنية.