جلال نشوان يكتب: التمييز العنصري (الابرتهايد) وأوهام القوة

profile
جلال نشوان كاتب صحفي
  • clock 17 أكتوبر 2021, 8:18:21 ص
  • eye 593
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

إذا ذكر التمييز العنصري الأبرتهايد ، ذُكر. (الكيان الغاصب) ، الذي أرسى دعائمه ، نظراً للعلاقة الاستراتيجية التي ربطت الكيان الغاصب ، بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا منذ أربعينيات القرن الماضي ، حيث ساد نظام الفصل العنصري ، وحكمت من خلاله الأقلية البيضاء ، الأغلبية السوداء وفق منهج إقصائي بشع ، ولعل الخطورة في هذا النظام أنه يحمل في طياته النبذ والتهميش والإقصاء والإلغاء ، وقد أُقر في عام ٤٨ وانتهي عام ١٩٩٠ وهنا نتساءل :

كيف حكمت الأقلية البيضاء التي تبلغ نسبة سكانها / ٢٠ %) من الأصول الأُوربية باقي السكان الأفارقة المنحدرين من جذور أفريقية وهندية وهنا يداهمنا السؤال الأكثر إلحاحاً: ماهي العوامل التي أدت إلى ظهور التمييز العنصري؟

لقد مهد لظهور نظام الفصل العنصري فوز (الحزب الوطني المتطرف في تشريعيات 1948) ، حيث بدأ هذا الحزب تنفيذ مشروعه السياسي بقانون سُمي (سجل السكان ) أُقر في 1950، وقسّم سكان البلاد رسميا إلى مجموعات عرقية حدد أماكن وجودها في أماكن معينة من البلاد. ومهد هذا القانون لتفرقة شاملة أنتجت مجتمعين يتباينان في كل شيء

ووفق هذا المعطيات القاسية ، تصدر( الحزب الوطني المتطرف التبشير والدعاية) لأنموذج الحكم هذا، تدفعه إلى ذلك مرجعيته الأيديولوجية القائمة على الدفاع عن الوجود الأبيض في جنوب أفريقيا، وحماية مصالح البيض ومكاسبهم الاقتصادية الكبيرة التي بنوها على مدى ثلاثة قرون من الاستعمار، وعلى حساب الأغلبية السوداء.

نضال مرير وقاسي خاضه الأفارقة، استشهد خلال ذلك النضال آلاف الشهداء والجرحى ، ونظراً لتدخل المجتمع الدولي

الزعيم الأممي نيلسون مانديلا ودوكليرك ,( زعيم الأقلية البيضاء ) أجريا مفاوضات مضنية لإنهاء نظام التمييز العنصري والذي يتضمن في مضمونه ومحتواه ، شكلاً من أشكال العنصرية و طبيعته المؤسسية والرسمية، إذ يُضمّن في القوانين والنظم المعمول بها وتجعله الدولة أساسا للسياسات العمومية في مختلف مناحي الحياة علنا وبلا مداراة، حتى إنها لا تتحرج من الحديث عن (شعبين مختلفين ) كل له ثقافته واجندته وهذا ما طبق في جنوب أفريقيا لعقود قبل نهايته

"وفي الحقيقة إن المجتمع الدولي لا يعتبر (الأبارتهايد ) جريمة مقتصرة على جنوب أفريقيا؛ بل هي جريمة يمكن أن ترتكبها أي دولة، وبالتالي فإن دور المجتمع الدولي في حالة أنه وجدت دولة ترتكب هذه الجريمة أن يتخذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية والاقتصادية مثل فرض العقوبات والمقاطعة الشاملة ومحاكمة الجناة، حتى ينتهي ارتكاب الجريمة

ويبقى السؤال ماذا عن الكيان الصهيوني مؤسس الأبرنهايد في العالم كله؟

لقد ضاق المجتمع الدولي ذرعاً بالانتهاكات الصهيونية البشعة، ضد أبناء شعبنا في فلسطين وبدأت الرواية الصهيونية بالانهيار لأن العالم بات مؤمناً بحقوق شعبنا وإقامة دولته على ترابه. 


وفي الآونة الأخيرة، أخذت أصوات عديدة تصف دولة الكيان الغاصب بأنها نظام أبارتهايد وعلى سبيل المثال ألف الرئيس الأميركي الأسبق (جيمي كارتر) كتاباً بعنوان (فلسطين: السلام لا الأبارتهايد ) مع أنه لم يصف صراحة. الكيان الغاصب ( بالأبارتهايد) ، لكنه أشار للعلاقة بين الاحتلال والفصل العنصري بالإضافة إلى ذلك قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص بفلسطين المحتلة السابق (جون دوغارد) إن إلكيان الغاصب يرتكب ثلاثة انتهاكات تتعارض مع المجتمع الدولي، وهي( الاستعمار والاحتلال والأبارتهايد ) وفي يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني (29 تشرين الثاني (نوفمبر) من كل عام) قال رئيس الهيئة العامة للأمم المتحدة الأب (ميغيل ديسكوتو) أن واجبات المجتمع الدولي أن يعترف بحقيقة الأمر وينظر للكيان الغاصب كدولة أبارتهايد

بالرغم من تباين التوجهات الأيديولوجية والخيارات السياسية بين كل من الكيان الغاصب وحكومة جنوب أفريقيا ،( زمن الفصل العنصري ) إلا أنهما كمشروعين استعماريين يتشابهان إلى حد ما ، كما أن ممارسات النظامين تكررت فيهما مظاهر الأبارتهايد، وتبدو في أكثر من واقعة محاولات لتقليد بعضهما البعض، وتبادل الإعجاب. وقد تميزت العلاقات بينهما واستمرت حتى في الأوقات التي كان العالم بأسره يقاطع بريتوريا، بل إن إسرائيل الدولة الوحيدة التي اعترفت بنظام (البانتوستونات) وتبادلت التمثيل الدبلوماسي مع البانتوستان المسمى آنذاك بوفوتانسوانا، وافتتحت له سفارة داخل الكيان

المنظمات الدولية والحقوقية تتابع عن كثب حجم الانتهاكات الصهيونية وبخاصة. (منظمة هيومن رايس ووتش الحقوقية الدولية) أكدت في إحدى التقارير التي أصدرتها أن السلطات الصهيونية ترتكب الجريمتين ضد الإنسانية المتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد في فلسطين المحتلة وجريمة أخرى ضد الإنسانية بحق ابناء شعبنا في الداخل الفلسطيني المحتل عام ٤٨ وتتمثل بالتمييز الشديد بحقهم. وتستند هذه النتائج إلى سياسة الحكومة الصهيونية الشاملة، للإبقاء على هيمنة الصهاينة اليهود على أبناء شعبنا وكذلك الانتهاكات الجسيمة التي تُرتكب ضد ابناء شعبنا الذين يعيشون في الأراضي المحتلة، بما فيها القدس عاصمة دولة فلسطين

وربما سائل يسأل ماهي الانتهاكات يمارسها الكيان والتي جعلت العالم يصفه بنظام الابرتهايد ؟

وبناء على سنوات من التوثيق الحقوقي، ودراسة الحالات، ومراجعة. كافة الوثائق والممارسات على الأرض، وتقارير المنظمات الدولية نستنتج ما يلي:

السياسات والممارسات تجاه أبناء شعبنا في الداخل المحتل والكيان والمتعلقة باليهود الصهاينة، فإن الذين يعيشون في نفس المناطق يتعرضون لتمييز عنصري بشع وذلك من أجل الإبقاء على الهيمنة، تميّز السلطات الصهيونية منهجيا ضد الفلسطينيين. والتمييز المؤسسي الذي يواجهه الفلسطينيون في الكيان يشمل قوانين تسمح لمئات البلدات اليهودية الصغيرة فعليا باستبعاد الفلسطينيين، ووضع ميزانيات تخصص جزءاً ضئيلاً من الموارد للمدارس الفلسطينية، مقارنة بتلك التي تخدم الأطفال اليهود. وفي الأراضي المحتلة، فإن شدة القمع ترقى إلى القمع الممنهج، وهو شرط ليتحقق الفصل العنصري. ويشمل هذا القمع فرض حكم عسكري شديد القسوة على أبناء شعبنا، مع منح اليهود الذين يعيشون بشكل منفصل في نفس المنطقة حقوقهم الكاملة بموجب القانون المدني الإسرائيلي، الذي يحترم الحقوق.

وفي الواقع ارتكبت السلطات الإسرائيلية مجموعة من الانتهاكات ضد أبناء شعبنا، والعديد من الجرائم في الأراضي المحتلة والتي تشكل خرقاً جسيماً للحقوق الأساسية وأعمالاً لا إنسانية، وهي شرط لتحقُّق الفصل العنصري. وتشمل هذه الانتهاكات: القيود المشددة على التنقل، المتمثلة في إغلاق غزة ونظام التصاريح؛ مصادرة أكثر من ثلث أراضي الضفة الغربية؛ الظروف القاسية في أجزاء من الضفة الغربية التي أدت إلى الترحيل القسري لآلاف الفلسطينيين عن ديارهم؛ حرمان مئات آلاف الفلسطينيين وأقاربهم من حق الإقامة؛ وتعليق الحقوق المدنية الأساسية لملايين الفلسطينيين.

القضية يا سادة أن هناك انتهاكات خطيرة منها:

ان جوهر ارتكاب هذه الجرائم، مثل الرفض شبه القاطع لمنح أبناء شعبنا تصاريح بناء وهدم آلاف المنازل بحجة غياب التصاريح، لا تستند إلى أي مبرر أمني. وبعض الانتهاكات الأخرى، مثل قيام سلطات الغاصب، فعليا بتجميد سجل السكان الذي تديره في الأراضي المحتلة، تستخدم الأمن ذريعةً لتحقيق مآرب ديموغرافية أخرى، وتمنع لم شمل العائلات الفلسطينية التي تعيش هناك بشكل شبه تام، وتمنع سكان المحافظات الجنوبية، (غزة) من العيش في المحافظات الشمالية (الضفة)

إن أبناء شعبنا محرومون من حقوقهم الأساسية، دون مبرر وفقط لكونهم فلسطينيين وليسوا يهود، ليس مجرد مسألة احتلال تعسفي. وهذه السياسات التي تمنح اليهود الصهاينة نفس الحقوق والامتيازات أينما كانوا يعيشون، وتُميّز ضد ابناء شعبنا،

إن صمت المجتمع الدولي شجع الكيان الغاصب على ممارسات بشعة ترقى إلى جرائم حرب وجعلها تمارس أبشع سياسات "الابارتهايد" ضد أبناء شعبنا


وان ما تقوم به اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني من اعدامات ميدانية، واعتقالات يومية للعشرات من أبناء الشعب الفلسطيني وتحويل جزء منهم للاعتقال الاداري دون اي تهمة كانت، بالرغم من أن كل تهمهم باطلة أصلا، وهدم البيوت وتشريد العائلات والأطفال والنساء، ومصادرة وسرقة الأرض الفلسطينية وبناء المستوطنات عليها لجلب الغرباء من وراء البحار للسكن فيها على حساب أصحاب الارض الأصليين، وعزل المدن والقرى ضمن كانتونات منفصلة، وبناء جدار الفصل العنصري، الذي يقطع أوصال المدن والقرى، وسياسة الخنق الاقتصادي التي تقوم به حكومة الاحتلال، ضمن سياسة مبرمجة وممنهجة، ما هي إلا أبشع أشكال نظام الابارتهايد ونظام الفصل العنصري الذي تمارسه اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.

وأن كل ما يطالب به الشعب الفلسطيني الحرية والاستقلال من خلال إنهاء الاحتلال الصهيوني للأراضي المحتلة عام 67، وتطبيق الشرعية الدولية والقرارات ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، ومن هذا المنطلق لا يجوز أن يبقى الكيان الغاصب الوحيد في العالم يتحدى القانون والشرعية الدولية، ويستمر في احتلال أرض الدولة الفلسطينية ويستعبد شعبا أصيلا يعيش فوق أرضه وفي وطنه فلسطين منذ آلاف السنين.

وهنا. نقول ٱن الأوان من المجتمع الدولي أن يترجم مواقفه المنددة بالاستيطان والاحتلال ونظام الابارتهايد، الى خطوات عملية تحمي شعبنا وذلك بتوفير حماية دولية وتطبيق القانون الدولي، وذلك من خلال الاعتراف أولاً بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس كما جاء في قرار الأمم المتحدة في نوفمبر 2013، ومن ثم اتخاذ المواقف والخطوات الكفيلة بإرغام دولة الاحتلال الصهيوني على الإذعان للقانون الدولي وانهاء نظام الفصل العنصري الابرتهايد وأن الحقيقة الماثلة للعيان أن أوهام القوة ومساندة أمريكا ودول الغرب ستسقط طال الزمان إم قصر

الكاتب الصحفى جلال نشوان


التعليقات (0)