جلال نشوان يكتب : لبنان الجريح وحسابات السياسة

profile
جلال نشوان كاتب صحفي
  • clock 13 يناير 2022, 9:11:03 م
  • eye 630
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لم يقتنع أي مواطن عربي من المحيط الى الخليج بالأزمة التي إفتعلتها  دول الخليج مع لبنان ( أزمة جورج قرداحي ) ، فالمملكة العربية السعودية عندما قطعت العلاقات الدبلوماسية واستدعت سفيرها ، وحذت حذوها كل دول الخليج كان هدفها مزيداً من الضغوط لإخراج لبنان من وحل التدخل الإقليمي الذي يظل حاضراً في كل تفاصيل المشهد اللبناني 

وفي الحقيقة :

 أرادت السعودية  أن توجه عدة رسائل ، ومنها ( لبنان بدون حزب الله ) لأن حزب الله يؤيد وبقوة الحوثيين في اليمن هذا من جانب ، من جانب ٱخر  هناك العديد من الأمور  التي  تخص الترتيبات في  الإقليم  

 الحكومة الجديدة ( حكومة ميقاتي ) ولدت من رحم المعاناة ،  بعد عامِ من الإنتظار، فى ولادة عسيرة لدولةٍ عانى شعبها ما لا يستحق، وهنا نتساءل : 

هل هذا  لبنان الذي  كان  قبلة السائحين والذي  أطلق عليه (سويسرا الشرق ) ؟

 يكاد المرء أن يفقد صوابه عندما يرى الإنهيار السريع لكل مكونات الدولة ، فلبنان بدون وقود ودواء .....الخ  

لك الله يا لبنان الحبيب ، وانت تعانى من  الصراعات المتواصلة والخلافات المحتدمة بين طبقةٍ من السياسيين يمتد تأثيرها لما يقرب من نصف قرن ولبنان ينزف دمًا ووجعاً وألماً ،  فالحرب الأهلية ، وجحيمها مازال حاضراً في أذهان اللبنانيين ، تلك الحرب التي أنتجت إمراء حرب ومليشيات متعددة 

 جاء إنفجار بيروت الذي يشبه القنبلة النووية  فى ميناء بيروت فى خريف 2020 والذى كان بمثابة زلزال هائل ، ضرب وبقوة  الشعب اللبنانى ، حتى يستيقظ الجميع من التيه الذي أصاب الجميع  لكى يقول للجميع يكفى ما جرى وأنه لابد من وقفة وطنية شريفة تعيد الأمور إلى نصابها وتأخذ بيد المواطن اللبنانى العادى إلى حياة مدنية يسود فيها العدل والمساواة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي استقل طائرته واتجه للسعودية لعله يحدث انفراجاً في جدار الأزمة   بين لبنان من جهة ودول الخليج والسعودية من جهة ثانية.

ويبقى السؤال الأكثر إلحاحاً : 

هل شكلت زيارة ماكرون بداية لمرحلة جديدة ، بالنسبة لبيروت، لكن  الأزمة اللبنانية أعمق بكثير من مجرد استقالة وزير في الحكومة الحالية، حيث تحتاج إلى مزيد من الوقت، ومراقبة أداء الحكومة اللبنانية و ضرورة تلمس دول  الخليج مدى جدية الحكومة اللبنانية في ترميم الوضع الداخلي ، ثم تطبيق ما جرت مطالبتهم به خاصة وضع السلاح تحت سلطة الدولة. 

قوى سياسية فاعلة في المشهد اللبناني تبدي حساسية مفرطة من التدخل الفرنسي في الشؤون اللبنانية ،  متيقنة بأن فرنسا لها الكثير من الأجندة ، ومنها وضع لبنان تحت العباءة الفرنسية ، التي تطالب بمصادرة سلاح حزب الله والعودة إلى مدنية الدولة ولكن على مقاس الفرنسيين 

والشيئ بالشيئ يذكر ، العديد من الأطراف على الساحة اللبناتية   تطالب بمصادرة  سلاح حزب الله لإن  سلاحه بات  أداة لتدمير الحياد  وجعل هذا البلد العربي رهينة في يد إيران.

اللافت للنظر أن  ماكرون قبيل مغادرته السعودية في ختام جولة خليجية، أوضح  إن السعودية ولبنان يريدان الإنخراط بشكل كامل من أجل إعادة تواصل العلاقة بين البلدين في أعقاب الخلاف الدبلوماسي الأخير.وهذا كان أم الملأ ، حيث 

جاء في  البيان المشترك الفرنسي والسعودي  ليضع النقاط على الحروف بتشديده على ضرورة حصر السلاح بمؤسسات الدولة الشرعية، وألا يكون لبنان منطلقا لأي أعمال  تزعزع أمن واستقرار المنطقة

الأزمة اللبنانية أعمق بكثير من مجرد استقالة الوزير قرداحي  في الحكومة الحالية، وأن الأزمة تحتاج لمزيد من الوقت، 

حتى يذوب الجليد ، لكن لبنان أصبح موطناً لصراع قوى إقليمية ودولية ، حيث تسعى  باريس إلى الاستحواذ على دور قيادي في الشرق الأوسط في ظل تعديل واشنطن لبوصلة إهتماماتها

لن يستطيع لبنان الخروج من أزمته ، لأن حسابات السياسة تطغى على المشهد اللبناني ، وهنا وفي هذا السياق يجب إجراء حوار وطني بين مختلف القوى اللبنانية ، وعلى قاعدة إحترام الٱخر ، وهذا لن يتأتى إلا بإجراء انتخابات حرة نزيهة في مراقبة عربية ودولية والعودة إلى اتفاق الطائف الذي أجمع عليه كافة الفرقاء اللبنانيين 

ونحن فلسطين نتمنى للبنان الشقيق  الإستقرار والتطلع إلى تخفيف  معاناة الشعب اللبناني الذي يطمح في حياة كريمة بعيداً عن حسابات السياسة والحزبية والطائفية 


التعليقات (0)