جلال نشوان يكتب: هل يعود ترامب مجدداً ممتطياً حصان الشعوبية ؟

profile
جلال نشوان كاتب صحفي
  • clock 23 أكتوبر 2021, 2:54:04 م
  • eye 618
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لن ينسى قراء المشهد السياسي الأمريكي ، وكل المتابعين والمراقبين للشأن الأمريكي (حادثة الكابيتول الشهيرة )  وكيف حاول الغوغاء الشعوبيون  تحطيم أيقونة الديمقراطية في العالم ( الكونغرس ) وإذا  مرت الحادثة ، فإن ارتداداتها  مازالت تضرب المجتمع الأمريكي والعالمي 

فتوحش الأقليات وخاصة العنصريين البيض الذين يبلغ عددهم (١٠٪ )  من سكان الولايات المتحدة الأمريكية  ، هي عناصر ساعدت في إحياء  (الشعوبية ) ومعاداة العرب،وكافة الشرائح الأخرى 

 وبطبيعة الحال فكل ذلك جاء عبر تراكمات تاريخية وثقافية واجتماعية ودينية وسياسية دفعت بهذه جميعاً إلى مشروعٍ متكاملٍ في معاداة العرب دولاً وشعوباً، لغة وحضارة، وباكتمال مشروعها السياسي في العقود الأخيرة وجدت لها نصيراً غربياً حديثاً في العديد من التيارات والقوي الاجتماعية الفاعلة  في المقابل  هناك تياراً  ونصيراً معاصراً في تيار “اليسار الليبرالي” في أمريكا وأوروبا،ويبقى  السؤال الذي كان يحير  الكثيرون 

لماذا كان أُوباما  يكره العرب ؟

كانت  تصريحات الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما عن الفرس و”العرب ماثلة للعيان  فأحد أهم مستشاريه   يقول عنه: أن( أوباما يكره العرب بشكل غريب، ويعشق إيران حد العمى ) ، والأهم من عواطف أوباما قراراته الاستراتيجية في الانحياز للمشروع الإيراني "الاتفاق النووي"، والإضرار بالدول العربية (الربيع العربي) ، لاكتشاف هذا البعد بسهولة ويسرٍ.

الفريق الذي يفاوض النظام الإيراني في فيينا هو فريقٌ يصدر عن رؤية أوباما، وهو جزء من صناعتها وتنفيذها سابقاً، ويسعى لإعادة إحيائها مجدداً، ومن هنا لا يُستغرب الإصرار على رفض دخول الدول العربية، ودول الخليج العربي تحديداً، في مفاوضات النووي الإيراني 

وفي الحقيقة يرى بعض المفكرين  أن (العثمانيون  الأتراك لديهم تراثٌ طويلٌ من هذا القبيل، وسياساتهم ضد  الأقليات وشعوبٍ تسوّد صفحات طويلة من تاريخهم القديم والحديث والمعاصر، وأبعاد العرق والهوية واللغة يستحضرها (الشعوبيون الجدد) في صراعاتهم 

توحش الأقليات  هو تعبيرٌ عن هذا ( الاصطفاف الشعوبي ) 

فالشعوبيون الجدد يكرهون  كافة الشرائح في المجتمع الإمريكي  ويحاولون بشتى الطرق الانصهار  في المجتمع الأمريكي لتشكيل قوة مهمة بهدف الوصول إلى الكونغرس 

لقد بات المشهد الأمريكي يعج بالكثير من المتغيرات وعلى رأسها  (صعود القوميات) وبخاصة (الانجيليين المسيحيين البروتستانت) فالتاريخ المعاصر تعرض  ،  لمرحلة  “القوميات” مركزاً للصراع الدولي في أوروبا، إبان الحرب العالمية الأولى، والتي تأثرت بشعوب كثيرة حول العالم بحيث أحيا أو عزَّز لديها الشعور القومي، وجل اهتمامهم أن أمريكا فقط للأمريكيين  ، وخير دليل على ذلك شاهد العالم كله كيف خرجت المليشيات من العنصريين البيض  في الولايات الأمريكية مشهرين سلاحهم  أمام مراكز الاقتراع 

وفي الواقع  إن البحث العميق والتناول العلمي والموضوعي لمسائل ذات حساسية، مثل الطائفية والمذهبية والعرقية والقومية، لا يعني الانسياق خلفها، بل يعني فهمها بدقة ورصد تأثيراتها المعاصرة سياسياً وثقافياً واجتماعياً؛ ما يمنح رؤية أوسع لما يجري،في المجتمع الإمريكي  فـ”الشعوبيون الجدد” وتحالفهم مع  بعض التيارات   والحركات  السياسية   ، هم يستهدفون التيارات الليبرالية التقدمية في الحزب الديمقراطي ، والدليل على ذلك ، ترامب فى إحدى تصريحاته : ( لن نترك أمريكا  للديمقراطيين الليبراليين   وهذا يدل على إن الرجل امتطي صهوة الشعوبية ، ويبدو إنه وجد من يسمعه ويؤيده .

وهنا أضع القارئ الكريم  في صورة  ، من هم  الانجيلون ؟

كلمة "إنجيلي" هي الترجمة العربية الشائعة لمصطلح "إيفانجيليكل"، ويُقصد بها في الولايات المتحدة كل الطوائف المسيحية البروتستانتية التي تميزت عن البروتستانت التقليديين بعدد من المعتقدات، أبرزها إيمانها بمفهوم "الولادة الثانية" أو ولادة الروح، ويُعتقد أنهم يشكلون نحو ربع سكان الولايات المتحدة.

يرجع تاريخ الإنجيليين إلى القرن الثامن عشر حين كانت أميركا مجموعة من المستعمرات، لكن هذه الطائفة مرت بتحولات عديدة حتى صارت مشهورة في يومنا هذا بنشاطها السياسي وانخراط كثير من أتباعها في صفوف "اليمين المسيحي"، وتقاطعها فكريا وسياسيا مع إسرائيل والحركة الصهيونية.

و في الحقيقة  ، يختلف الباحثون  في عدد هؤلاء ، حيث 

لا يوجد إحصاء دقيق للإنجيليين في الولايات المتحدة، وهو ما قد يرجع إلى تنوع التسميات التي يتخذونها لأنفسهم وإلى تعدد فرقهم وكنائسهم، لكنهم بوجه عام يشكلون أكبر كتلة مسيحية في البلاد،، وهم من صوتوا لترامب ووقفوا لجانبه بقوة 

 قبل 4 سنوات، صوت 81% من الناخبين الإنجيليين لصالح المرشح الجمهوري -حينها- دونالد ترامب، ويستعد الملايين منهم لتكرار نفس نمط التصويت خلال االانتخاباتةالقادمة 

وفي الواقع يحظى الرئيس ترامب بدعم قوي من الإنجيليين المحافظين رغم اختلافه في سلوكياته وأخلاقه عنهم، ولم يتأثر هذا الدعم بحملات الديمقراطيين ضد ترامب، ولا حتى بالشهادات السلبية التي يقدمها مسؤولون كبار ممن عملوا معه في البيت الأبيض, فترامب أصبح بمثابة في قوة سياسية كبيرة ومن الصعب أبعاده عن المشهد 

ولمعرفة أسباب هذا الدعم القوي،فان  احدى المؤرخات  المتخصصات في علاقة التيارات المسيحية الأميركية بالشؤون السياسية، وهي تدرس حاليا بجامعة كافين، إحدى أهم الجامعات المسيحية بالولايات المتحدة الأمريكية  التي ذهبت باتجاه عودته إلى الحكم وهنا  يداهمنا سؤال : 

لماذا يتمتع الرئيس ترامب بتأييد ساحق بين الناخبين الإنجيليين؟

لقد حير دعم الإنجيليين البيض للرئيس ترامب العديد من المراقبين، فلطالما ربط الإنجيليون أنفسهم كحماة "للقيم العائلية والأسرية" واعتبروا أنفسهم "الأغلبية الأخلاقية". لكن ترامب لا يكاد يكون نموذجا لهذه القيم الأخلاقية أو الأسرية.

ويبدو للكثيرين أن العلاقة كانت نفعية تقليدية، فترامب حاول اللعب على وتر  القضاة المحافظين في المحاكم المختلفة خاصة المحكمة العليا، وسيدافع عن "حريتهم الدينية" وينهض بمصالحهم، وفي المقابل سيقدمون له دعمهم وكل ذلك في الانتخابات القادمة ، فهل ينجح باستغلال الشعوبية وباقي الشرائح ؟

خلاصة القول كافة المؤشرات تعطينا صورة  واضحة عما يدور خلف الستار ، فترامب يرقص على أنغام الشعوبية وهي من ستوصله إلى الحكم مجدداً ،فالانجيليون الذين يبلغ عددهم أكثر من تسعين مليوناً وكذلك العنصريين البيض ، والحزب الجمهوري ، رغم انتقاده إلا أنهم لن يتخلوا عنه ، وإذا كانت نانسي بيلوسي المرإة الحديدية  من انجحت بايدن في كل مراحل الانتخابات ، فهل سنجد بيلوسي جديدة في الانتخابات القادمة ؟

التعليقات (0)