- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
حامد ابو العز يكتب: هل ستصمد السعودية والكويت أمام الضغوط الأمريكية للتطبيع مع إسرائيل؟
حامد ابو العز يكتب: هل ستصمد السعودية والكويت أمام الضغوط الأمريكية للتطبيع مع إسرائيل؟
- 28 مايو 2023, 3:36:28 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في الآونة الأخيرة جرى الترويج بشكل كبير لقرب تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، وكانت مصادر هذه الأخبار هي الإدارة الأمريكية. ليعود المسؤولون الأمريكيون أنفسهم إلى نفي هذه التقارير عبر صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، وتحديداً عبر شخص "إيتمار آيخنر" المراسل السياسي للصحيفة.
استراتيجية أمريكية لدفع السعودية للتطبيع
وصف المسؤولون الأمريكيون التقارير التي تحدثت عن تطبيع العلاقات مع السعودية بأنها مبالغ فيها بشكل كبير. إلا أنهم في الوقت ذاته أشاروا إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق مع الرياض بشأن الرحلات الجوية المباشرة من تل أبيب إلى جدة لحجاج فلسطينيي 48 لأداء الحج في مكة.
لقد أزاح محمد بن سلمان أحد أهم الأسباب التي كانت من الممكن أن تدفعه إلى التطبيع مع إسرائيل عندما اعتمد "الواقعية السياسية" كمحرك للسياسات الخارجية السعودية. لطالما صورت إسرائيل والولايات المتحدة إيران بأنها خطر يهدد الوجود السعودي في المنطقة، وعليه "ووفق الرواية الأمريكية والإسرائيلية" فإن تشكيل تحالف سعودي-إسرائيلي قد يمنع إيران من المغامرة بشن حرب ضد السعودية.
ما أثبتته السياسة السعودية الجديدة هي أن مشكلة إيران تم حلها من خلال التفاوض والحوار، خصوصاً بأن السعودية استفادت من علاقات طهران مع الحوثيين وعملت على إقرار هدنة طويلة الأجل في اليمن.
عند فشل عملية الضغوط تقوم الولايات المتحدة بتسريب بعض المعلومات التي تتحدث عن قرب تطبيع للعلاقات بين السعودية وإسرائيل أو نية السعودية إعطاء الموافقة للطائرات الإسرائيلية بالسفر مباشرة إلى السعودية، يمكن القول إن هذه الاستراتيجية باتت مكشوفة للجميع، حيث إن الولايات المتحدة تقوم بممارسة ضغوط على السعودية للتطبيع مع تل أبيب. خصوصاً أن إدارة بايدن لم تنجح إلى هذه اللحظة في المضي قدماً بما بدأه الرئيس السابق دونالد ترامب من دفع الدول العربية إلى التطبيع.
في الحقيقة ما يحول دون تطبيع الدول العربية مع إسرائيل ليس الظروف السياسية أو ضعف الإدارة الأمريكية، بل يعود ذلك إلى المقاومة الشعبية الكبيرة لهذا المد من التطبيع المجاني مع إسرائيل. لقد وصلت واشنطن إلى قناعة تامة بأن إدراج دولة جديدة على قائمة التطبيع أمر بالغ الصعوبة خصوصاً بعد فشل الضغوط المكثفة على الكويت للانخراط في التطبيع مع إسرائيل.
الكويت حكومة وشعباً يرفضان التطبيع
مواقف الكويت من التطبيع كانت لافتة للانتباه إلى حد أن الإدارة الأميركية وصفتها بـ"المنحازة للفلسطينيين"، و"المتشددة" و"غير البنَّاءة"، وهذا ما دفع واشنطن إلى ممارسة ضغوط غير مسبوقة على الكويت لقبول التطبيع مع إسرائيل لم تكن آخر هذه الجهود هي إصرار واشنطن على محاكمة أحد الدبلوماسيين الكويتيين بجريمة الاتجار وتهريب البشر على الرغم من اعتداد الكويت بالحصانة الدبلوماسية وفقدان الأدلة إلا أن الولايات المتحدة ترفض الاستجابة.
وكما تحدثنا أعلاه فإن هناك جمهوراً عريضاً في الكويت يرفض التطبيع مع إسرائيل.
وتشير نتائج استطلاع رأي أجراه مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث إلى أن 95% من الشعب الكويتي يرفضون التطبيع بشكل مطلق، و70% يرفضون بشدة التعامل مع إسرائيل. كما أن هناك شريحة كبيرة من المجتمع الكويتي ترفض أي نوع من التطبيع مع إسرائيل من منطلق ديني وأيديولوجي، وتعلن موقفها هذا صراحة وعلانية ومن موقع حضور قوي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. وبالتالي فإن أي قبول بأي نوع من التطبيع مع إسرائيل سيؤدي إلى تشقق داخلي. كما أن البرلمان يمتلك سلطة مراقبة الحكومة والتحكّم في سياساتها ومواقفها عبر آلية الاستجواب وسحب الثقة من أعضائها.
اللافت في الملف الكويتي هو أن موقف الدولة لم يتغير بتغير حاكمها وهناك شبه توافق بين النخبة السياسية الحاكمة وبين القواعد الشعبية بأنه لا تطبيع مع إسرائيل ولا رضوخ للضغوط الأمريكية في مسألة التطبيع طالما أن القضية الفلسطينية قائمة وطالما أن إسرائيل تضرب بالحقوق الفلسطينية عرض الحائط.
ختاماً، وفق معيار المصالح الوطنية وضرورة حكم الشعب نفسه بنفسه، فلا مصالح ولا منافع قومية يمكن تحقيقها من خلال الرضوخ للضغوط الأمريكية أو المساعي الإسرائيلية للتطبيع مع الدول العربية خصوصاً السعودية والكويت. ومن هنا تظهر أهمية الوعي الشعبي للشعوب العربية الرافضة للتطبيع من حيث إنها تدافع عن قضية تحرر عربية عادلة ومحقة ولا مجال للتراجع عن ذلك.