- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
حسن مدبولي يكتب : اهو ده اللي صار يا سيد
حسن مدبولي يكتب : اهو ده اللي صار يا سيد
- 10 مايو 2021, 12:18:49 م
- 2620
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
رغم إرتباط صوت أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وغيرهم من الفنانين بالعديد من الأغانى الوطنية والثورية التى كانت ولا تزال تحتل موقع لا بأس به فى وجدان العرب والمصريين ،
إلا أن ما يقلل من قيمة غالبية تلك الأعمال رغم مصداقيتها وحماسها وجمالها،
هو أنها جائت فى إطار وظيفى رسمى وتحت رعاية حكومية وبمقابل مالى مجزى فى الغالب،
على العكس من أعمال الفنان خالد الذكر سيد درويش والتى تعتبر الأروع والأفضل من حيث الأهمية الفنية والوطنية والشعبية والتراثية، لإنها كلها أغانى تلقائية صادقة،
تم إبداعها بمبادرات تعود إلى إرادة الفنان وحده مع شركائه فى تلك الأعمال ، ولم تأتى بتكليف حكومى رسمى، ولا تم إنجازها بمقابل مادى أو حتى معنوى ،
وبالعكس كانت غالبية اعمال سيد درويش تجلب له ولشركائه المتاعب والأضرار ، فجل أعماله كانت موجهة لرفعة وتنوير شعبنا المصرى،
ودعما لقضاياه الوطنية والإجتماعية والإقتصادية، بعيدا عن تدخل أو رغبات الأنظمة السياسية والسلطوية،
كما تمتعت تلك الأعمال ايضا بإطار إبداعى رائع وملتزم بالإيقاعات الفنية المتطورة جدا بمقاييس عصرها،
فلم تكن أعمالا عشوائية أو ضالة،لذلك يستحق الفنان العظيم سيد درويش لقب فنان الشعب الأول والأوحد وخالد الذكر ،
ويكفيه فخرا أن أحد أهم أعماله أصبح هو النشيد الوطنى المصرى الحالى ،
ومن الغنى عن الذكر أن إبداعاته وروائعه لا تزال تعيش معنا ونستمتع بها حتى ولو بحناجر فنانين أخرين ،
مثل رائعة أهو ده اللى صار التى غناها خالد الذكر سيد درويش من ألحانه وكلمات بديع خيرى ، كما غنتها الفنانة فيروز أيضا وغيرها من الفنانين ،
و هى أغنية وطنية متفردة تمتلئ بالكثير من المعانى المؤلمة التى تواجه الوطنيين والمناضلين من أجل وطنهم الغالى مصر ؟
ففى بداية هذه الأغنية، يبدو واضحا أن الشاعر بديع خيرى والفنان سيد درويش كانا متأثرين بسبب مهاجمة البعض لهما لمواقفهما السياسيةو الوطنية،
فبدلا من أن يجد الشرفاء المساندة والدعم، إذا بهم يواجهون بالإساءات والإتهامات التى وصفها المؤلف والمطرب من فرط أدبهما بأنها ( لوم ) كما جاء فى مطلع الأغنية :-
اهو ده اللي صار،،،
وادي اللي كان !
ملكش حق !
ملكش حق تلوم عليا،،
تلوم عليا إزاي يا سيدنا؟
وخير بلادنا مهوش في ايدنا!
قولي عن اشياء تفيدنا !
و بعدها إبقي لوم عليا !!
ثم يتوجه الفنان سيد درويش بحديثه إلى مصر نفسها لائما ومعاتبا وشارحا بمرارة بديهيات، يفترض أنها معلومة للكافة،
مثل أن الخصم الفاسد (المحتل ) هو المجرم ، وهو العايب ، وليس أولئك الشرفاء الذين يتصدون له ؟
كما ينصح درويش فى أغنيته بأن تأخذ مصر "بالها من الحبايب" فهم أنصارها والمدافعون عن حقوقها ؟
مصر يا أم العجايب !!
شعبك أصيل !!
والخصم عايب !؟
خلي بالك من الحبايب ،،
دولا انصار القضيه ،،،
ثم تأتى ثالثة الأثافى وأم الكوارث المستديمة، وهى تفشى الصراعات والإنقسامات بين الوطنيين ،
فينبههم سيد درويش إلى ضرورة الحرص والحذر من المتربصين الشامتين، وينصحهم بالترابط حتى ينتصر الحق المقهور بالأيادى المجاهدة الموحدة؟
و بدال ما يشمت فينا حاسد !!
إيدك في إيدي
وقوم نجاهد !!
وإحنا نبقي الكل واحد !!
والأيادي
تصير قويه !!
و اهو ده اللي صار
وادي اللي كان
ملكش حق
تلوم عليا ؟؟
ولم ينسى سيد درويش فى خضم ثوريته وحماسه الوطنى الطامح لاستقلال مصر وحريتها ،
لم ينس أن يغنى ويبدع للفئات المهمشة من أبناء الشعب المصرى، فهناك أغنيته الشهيرة للصنايعية التى يقول مطلعها : صبح الصباح فتاح ياعليم ،
والجيب مافهش ولا مليم ،
إحنا الصنايعية المظاليم !
كما غنى أيضا للفلاحين أغنية طلعت يا محلا نورها ، شمس الشموسة ،
ياللا بنا نملا ونحلب ، لبن الجاموسة !!
أيضا غنى للعمال اغنيةشد الحزام على وسطك :-
" شد الحزام على وسطك
غيره مايفيدك
لابد عن يوم برضه
ويعدلها سيدك"
وايضا القلل القناوى وغيرها من الروائع !
انتهت حياة هذا الفنان الخالد يوم 10 سبتمبر من عام 1923 ، صغيرا لا يتجاوز واحد وثلاثين عاما ،
فقيرا ، رغم فنه العظيم وأعماله الخالدة التى وهبها للوطن وللناس بدون مقابل ، وقد أشاع البعض أن وفاته كانت بسبب جرعة مخدرات زائدة ،
بينما من وجهة نظرى أرى أن الإحتمال الأكبر والأقرب لوفاته المفجعة والمبكرة هو وجود فعل إجرامى تم تدبيره للتخلص منه بطريقة أو بأخرى ؟
وقد نفت أسرة سيد درويش وأحفاده الرواية التى تزعم وفاته بسبب المخدرات ،
مستندين على خطاب بخط يده يقول فيه لأحد اصدقائه بأنه اقلع عن السهر وكل ما يصاحبه ،وينصحه بالتخلي عنهما،
واستندت الأسرة أيضا على ما ورد في مذكرات الفنان القدير بديع خيري من أن الشيخ سيد درويش أقلع عن المخدرات قبل وفاته بمدة ،
وأكدوا أن سبب الوفاة هو إما تسمم مدبر من الإنجليز، أو من الملك فؤاد،
بسبب أغانى درويش الوطنية الحماسية التي كانت تحث الشعب على الثورة والإستقلال، عليه رحمة الله تعالى